عندما تسمع بالشيخ العلامة الأميني ، يستحضر الذهن مباشرة موسوعته المشهورة التي ذاع صيتها في الآفاق، وهي بعنوان “الغدير في الكتاب والسنّة والأدب”، وقد انشغل لأكثر من نصف قرن في تأليفها، محتماً على نفسه الكتابة والمطالعة ستّ عشرة ساعة في اللّيل والنهار، حيث تطلب تأليفها المرور بآلاف من الكتب المطبوعة والمخطوطة
الاجتهاد: ولد العلّامة العلم الشيخ عبد الحسين الأميني من أسرة علمية عريقة في مدينة تبريز الإيرانية، في اليوم الخامس والعشرين من شهر صفر من العام 1320هـ – 1902م، في بمدينة تبريز في إيران .
أبوه الشيخ أحمد بن الشيخ نجف علي الملقّب بأمين الشرع – ومنه لقب الأميني – بدأ حياته العلمية بالتتلمذ على يد والده، ثم على آخرين، من خلال تردّده إلى مدرسة الطالبيّة، وهي من أهمّ مراكز الثقافة ومعاهد العلم المعروفة بتبريز يوم ذاك، وما زالت قائمة حتى الآن، فقرأ مقدِّمات العلوم الإسلاميّة، وأنهى سطوح الفقه والأصول على عدد من نخبة علماء تبريز، منهم آية الله السيّد محمد بن عبد الكريم الموسوي، وآية الله السيد مرتضى بن أحمد بن محمد الحسيني الخسروشاهي، وآية الله الشيخ حسين بن عبد علي التوتني.
بعدها يمّم وجهه إلى النجف الأشرف، واستوطنها لطلب العلم عند علمائها الكبار، وبعد سنوات، عاد إلى مسقط رأسه تبريز واعظاً وأديباً وعالماً ومربياً ومرشداً، مع انشغاله أيضاً في التدقيق والتحقيق والبحث العلمي، وكان تأليفه النفيس (تفسير فاتحة الكتاب) أوّل أعماله وإسهاماته العلمية الكبيرة، ولكنه عاد وقرر التوطن في النجف الأشرف.
كان الشيخ الأميني يتميز بزهده وتقواه وعبادته وورعه، وكان تواضعه في حياته ومعيشته البسيطة، يدلّ على عزوفه عن الدنيا ومظاهرها وتفرغه للتدريس والبحث، ولم ينسه انشغاله العلمي عن السعي إلى قضاء حاجات الفقراء والمعوزين، حيث كان السند والمواسي لهم.
عندما تسمع بالشيخ الأميني، يستحضر الذهن مباشرة موسوعته المشهورة التي ذاع صيتها في الآفاق، وهي بعنوان “الغدير في الكتاب والسنّة والأدب” ، وقد انشغل لأكثر من نصف قرن في تأليفها، محتماً على نفسه الكتابة والمطالعة ستّ عشرة ساعة في اللّيل والنهار،
حيث تطلب تأليفها المرور بآلاف من الكتب المطبوعة والمخطوطة، ومطالعتها والتمحيص والتدقيق فيها، وكذلك السفر للحصول على المصادر والوثائق،فقد سافر إلى بلدان كثيرة، منها بلاد الشام وإيران والهند والحجاز وتركيا، وبذل جلّ جهوده في سبيلها، لذلك ترك البحث والتدريس، وجلس في داره معتكفاً بمكتبته الخاصّة، متفرّغاً للعمل.
وبلغت عدد المصادر التي اعتمدها وأسند إليها نصوص الحديث والوقائع التاريخية ومسائل الشّعر والأدب، آلاف الكتب خطّية ومطبوعة، ما جعل كتابه الموسوعيّ مرجعاً ضخماً ومهمّاً، يسهّل للباحث الوصول بكلّ يسر إلى ما يحتاجه في مجال التأليف والدراسات والأبحاث، ودلّت هذه الموسوعه على صبر المؤلّف ودقّته في أُصول البحث والدراسة والتقصّي، ومدى تضحيته وعزمه وجلادته كعالم محقق مميّز.
ومن مآثره المشهود له بها أيضاً، تأسيسه لمكتبة أمير المؤمنين(ع) العامّة في النجف الأشرف في العام 1373هـ .
كان الشيخ الأميني العالم المتبحّر في آداب اللّغة وعلومها، وقد انعكس ذلك في بعض تراثه، حيث نجد الغنى الموسوعي في استشهاداته وعرضه للقضايا وأدلتها، ولآراء العلماء ورجال الفكر والرأي .
ترك العلامة الأميني مؤلفات كثيرة، ومنها، إضافة إلى السفر الجليل “كتاب الغدير”:
* كتاب شهداء الفضيلة .
* كتاب السجود على التربة الحسينية عند الشيعة.
* كتاب إيمان أبي طالب وسيرته .
* كتاب ثمرات الأسفار .
* تفسير فاتحة الكتاب .
* كتاب كامل الزيارة .
* كتاب أدب الزائر لمن يمم الحائر .
* كتاب سيرتنا وسنتنا .
* تعاليق في أصول الفقه على كتاب “الرسائل” للشيخ الأنصاري .
* تعاليق في الفقه على كتاب “المكاسب” للشيخ الأنصاري .
* كتاب المقاصد العلية في المطالب السنية .
* كتاب رياض الأنس .
* كتاب رجال آذربيجان .
* كتاب ثمرات الأسفار.
* كتاب العترة الطاهرة في الكتاب العزيز .
وقد امتازت مؤلَّفاته بالدقة العلمية وجودة البحث والتحقيق والعرض والاستنتاج.
بعد مسيرة علمية طويلة، وسيرة مشرفة لرجل الدين الباحث والمحقّق والمعطاء، كانت وفاة الشيخ الأميني في اليوم الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر من العام 1390ه / 1971م بمدينة طهران، وشيِّع جثمانه الطاهر في طهران تشييعاً مهيباً، ثم نُقل بالطائرة من طهران إلى بغداد، ثم حُمِل إلى حرم الإمامين الجوادين(ع) في مدينة الكاظمية، ومن ثم إلى مدينة كربلاء المقدَّسة، حرم سيد الشهداء(ع)، وبعدها نقل إلى مثواه الأخير في النّجف الأشرف، بعد زيارة مقام أمير المؤمنين علي(ع)، ودفن في المقبرة التي أعدّها في حياته بجانب مكتبة الإمام أمير المؤمنين(ع) العامّة.
محمد عبدالله فضل الله
المصدر: موقع بينات