إلغاء قانون الأحوال الشخصية الجائر… ضرورة ملحة لبناء مجتمع عادل ومتماسك

الاجتهاد:  إنَّ فرض قانون يتعارض مع دين الإنسان أو مذهبه في قضاياه الشخصية التي يؤمن بها ويلتزم بأحكامها كالنكاح والطلاق والحضانة والنفقة والمهر والميراث والوصية والوقف و… لا يخرج عن دائرة القبح والظلم، وهو من مظاهر التخلف والرجعية والاستبداد، وهذا ما انتهجته الأنظمة العراقية المتعاقبة منذ تأسيس الدولة في عشرينات القرن الماضي وإلى عصرنا الراهن إلا ما صدر على عهد الحكم الملكي من إقرار القانون الشرعي الجعفري ولكن تم الغاءه بعد ذلك في عام ١٩٤٥م ،

ولمّا وقع انقلاب عام ١٩٥٨م من قبل عبد الكريم قاسم قام بتغيير الدستور وإلغاء الأحوال الشخصية الإسلامية، وبعد توالي الانقلابات العسكرية ووصول النظام البعثي إلى الحكم عام ١٩٦٨م فقد ازداد الوضع سوءاً وظلما وبالأخص أثناء حكم الطاغية صدام حسين حيث اعتمد مقترحات سيئة الصيت لأمين عام اتحاد النساء الوطني منال يونس

وما زالت هذه التشريعات فاعلة في المحاكم العراقية؛ والتي بسببها تفشت المشاكل الزوجية والأسرية وزادت نسبة الطلاق بشكل لا سابقة له حتى أصبحت المحاكم تعج وتضج بالمراجعين لأتفه الأسباب وبدوافع كيدية وبكل جرأة ووقاحة لتحصل المرأة على مكاسب مادية وحقوق قانونية مجحفة وبما تُخالف أحكام الشريعة، فضلاً عن نيل المرأة لامتيازات خاصة بعد وقوع طلاقها حتى تزايد الطلاق لأجل ذلك، بل شجّع الزوجين على التواطؤ لإنشاء طلاق صوري لنيل تلك المكاسب.

ولذا كان من العدل والإنصاف والتمدن والتحضر منح الناس حرية اختيار القانون الموافق لدينهم أو مذهبهم اعتماداً على قاعدة : ” ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم”، و” إقرار العقلاء على أنفسهم جائز” بعيداً عن القوانين الوضعية المستوردة والمفروضة عليهم ظلماً وجورا والصادرة عن القاصرين والمقصرين وأعداء الدين.

ومن هنا نجد الكثير من الدول المجاورة للعراق تُعطي للإنسان إجراء معاملاته الشخصية على وفق اختياره تبعاً لدينه أو مذهبه سواء كان مسلماً أم يهودياً أم نصرانياً أم صابئياً أم مجوسياً و… أم شيعياً أم سنيّاً كما في دولة الكويت وعمان والإمارات والبحرين والسعودية ولبنان، وتجري الأمور عن قناعة وإيمان وبكل سلاسة ورحابة صدر.

ولكن ما يثير التساؤل : لماذا في العراق لا يريد الكثير من الشخصيات والأحزاب والكتل السياسية منح الإنسان حرية الإختيار وتمرير هذا القانون العادل؟!

والجواب بكل أريحية هو أن الرافضين لذلك لا يخلو أمرهم إما عن جهل وإما عن تمرد وعصيان وإما أنهم لا يملكون إرادة مستقلة وحرّة مع تعارض التعديل لمصالحهم الشخصية والحزبية ومعاهداتهم المشبوهة مما يجعلهم يُثيروا الشبهات والخلافات والطعون مع تهربهم عن إقرار هذا القانون الإنساني العادل بذريعة أنّه طائفي!

ولكنهم لا يستشكلون من الدعوة إلى وضع قانون الجندر مع ما يتضمنه من حرية فوضوية ترفع راية الشذوذ والإباحية والدياثة والدعارة والملاهي الليلية والتحول الجنسي وما إلى ذلك.

ومن هنا نؤكد وبكل قوة على ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يتوافق مع حرية إختيار الإنسان واحترام خصوصيته الدينية والمذهبية، وهذا قرار إنساني عادل يبعث على القناعة والإطمئنان والاستقرار وتحديد الواجبات وحفظ الحقوق ولنزع الكثير من أسباب الطلاق والخلافات الأسرية والجرائم المجتمعية.

فاتقوا الله في أنفسكم وفي الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوناته وتحرروا من عبادة الطاغوت وقيود المستكبرين المحتلين.

 

أبو الحسن حميد المُقَدَّس الغريفي
النجف الأشرف
١٧ / محرم الحرام / ١٤٤٦ هجرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky