يقول الدكتور جمال قطب رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر إنّه لا يكفي أن يكون مالك من مصدر حلال لا شبهة فيه، فإن المال الحلال يشبه اللحم النيئ لا يمكن أكله قبل إنضاجه وتسويته حتى نستطيع تناوله، وكذلك المال، لا يكفي أن يكون حلالًا فلابد أن يطيب (يستوي) ليكون صالحًا مستساغا.
الاجتهاد: المال الطيب هو المال حلال الأصل، ثم استبعدت منه الحقوق حق الله ثم حق “القربى وأولي الأرحام” ثم الحق المعلوم للسائل والمحروم.
1- فأول ما يجب إخراجه من المال الحلال هو «حق الله» (الزكاة والصدقة). أما الزكاة فهي فريضة غير مقدرة عدا وحسابا، بل هي قربى إلى الله وشكر له سبحانه على ما جد به من الرزق في المال أو الذرية أو الصحة. فالزكاة عطاء دائم غير مقدر حسب كرم النفس. قال تعالى: «…ويسْألونك ماذا ينفقون قل الْعفْو..» أي ما تعفو به النفس. ومما يجب ملاحظته أن القرآن جمع بين الصلاة والزكاة دون شرط. أي دون شرط المال الزائد. فكل مكسب وكل دخل مهما كان حجمه يجب تزكيته لأن هناك حولنا من لا دخل له، ولا قدرة له على الكسب، وهناك من يحاول الكسب ولا يحصل على ما يكفيه، فمثل هؤلاء لهم في كسبنا اليومي قدر ولو ضئيل من باب شكر الله على تجدد الرزق.
وتتأكد من هذا المعنى أن الله جعل الحج مشروطا بالاستطاعة، وجعل الصيام مشروطا بالإقامة والصحة، أما الزكاة (غير المقدرة) فهي كالصلاة فريضة على الجميع مهما كانت الأرزاق ومهما كان الدخل. أما فريضة المال الكثير فهي الصدقة المقدرة 2.5% لقوله تعالى «خذْ منْ أمْوالهمْ صدقة تطهرهمْ وتزكيهم بها وصل عليْهمْ إن صلاتك سكن لهمْ والله سميع عليم»، فيجب الوعي والتفريق بين الفريضة اليومية غير المحددة وغير المقدرة (الزكاة)، وبين الصدقة المفروضة على المال الزائد عن الحاجة، وهى فريضة مقدرة على «وعاء» محسوب، ووقت محدد، ونسبة معينة: 2.5%.
2- أشعر أن المفاجأة شديدة عليك، إذ إنك تسمع كلاما جديدا عليك من ناحية، وترى فريضة قد أصبحت فريضتين هما الزكاة والصدقة. كما أن المفاجأة ثقيلة لأن الزكاة التي أشرت إليها غير مشروطة بالمال الزائد، ولا المال المدخر، بل هي على الجميع مثل الصلاة -كما أزعم- لأن لفظ الزكاة في القرآن دائما مقرون بالصلاة دون شروط فهي على الكبير والصغير، وهي على الكسب اليومي كثيرا أو قليلا، وهي تقدم لكل من هم أقل منك دخلا وأكثر حاجة.
3- كذلك فالمفاجأة المزعومة – في تصورنا – أن لفظ «الصدقة» يعدّه كثير من الناس على اعتباره سنة طوعية من قبيل التبرعات. والحقيقة أن التطوع والتبرع يستحب أن يسمى «نفلا»، فكل ما يزيد عن الفريضة يسمى نافلة حتى لا تتشابه المصطلحات.