المنبر الحسيني

فاعلية المنبر الحسيني .. السيد فاضل علوي آل درويش

الاجتهاد: كل فكرة وومضة يمكنها أن تمثل إضافة وتقوية لحضور الخطاب الحسيني، وما لا يتلاءم معها يمكن مناقشته و رده، وأما الفقاعات الموسمية الفارغة فلا تستحق التفاتا لها، بل تواجه بمخرجات المنبر الحسيني بإنتاجات ثقافية زاخرة و ثرية بالمعارف .

ما إن تطرح كلمة التجديد حتى تثور ثائرة البعض خوفا على المضمون من التشويه والتلاعب والتمييع كما يدعي، ولذا ينبري بصوت عال يدعو لوأد كل طرح أو مناقشة تقارب هذا الموضوع، وتحاول أن تتناوله ببعض ما يدور في عقول البعض ومنتديات تحضر بمجموعة من الأفكار و الإشكالات، منتظرين أن يسمعوا ما يشفي تساؤلاتهم و يغذي معلوماتهم .

أصل المناقشة والحوار و الأطروحات – مهما شرقت أو غربت – مبدأ قرآني نوقشت فيه أفكار بدهية تتعلق بأصل عقائدي مهم وهو وجود الله تعالى وتدبيره لشئون عباده وغيرها من المدامك العقدية الداخلة في صلب القيم الدينية، أفلا يكون كتاب الله تعالى دستورا في طرح التطوير المنبري على طاولة التداول ، بما يحقق النفع الأكبر للمستمعين ؟!

و في سيرة رسول الله (ص) والأئمة الأطهار والفقهاء العظام ما يؤكد على مبدأ التحاور و الطرح المنطقي ، فلم صد الباب وإغلاقه أمام طرح مجرد تساؤلات أو تعليقات لا يضر الأخذ بما هو صالح منه و ترك الآخر ؟

المنهج الحوزوي و الأكاديمي يتفقان على منشأ التطور والتوسع في العلوم من خلال منهج التساؤل والردود والمناقشات حتى يتم تأصيل مبدأ ما ؛ لينبري العلماء لبرمه و نقضه من جهات معينة و الزيادة عليه و تجود القريحة بمواضيع جديدة ذات صلة بها .

و الإثراء المعرفي والثقافي أحد روافده المهمة هي تلك المناقشات المتداولة حول موضوع ما، يتم من خلالها تأصيل العنوان وتنقيح تقسيماته وعناصره ومتعلقاته، و تخرج لنا من بعدها تلك البحوث الفقهية و العلمية والأصولية والتقنية والفلسفية و غيرها .

هذه النقطة – حق النقاش – لابد من التوقف عندها و الاتفاق حول تشكيلها أحد الحقوق لكل فرد، فالقناعات لا تزع أو تزرع في العقول كرها و جبرا، و تكميم الأفواه وإخراس الأصوات و انقطاع الخطاب لا يتم بممارسة العنف الكلامي، بل هناك طريق منطقي يفصل بين الجميع ألا و هو الاستناد إلى الاستدلال و التوثيق بما هو مجال للعقل البشري و يدركه .

النقطة الثانية : تحرير موضع النزاع و مكمن الخلاف :

ومن يخاف على اللحمة المجتمعية من التفكك والاختلاف بسبب الأفكار من هنا أو هناك، يسد باب أي مناقشة ويدعو للحفاظ على التراث كما نقل إلينا، و الاقتصار على الأسلوب المعتاد المتفرع من قاعدة ( الحسين (ع) عبرة و عبرة ) ،

فيقسم المجلس إلى جانب وجداني يحرك المشاعر العاطفية الواعية، والتي تواسي العترة الطاهرة في مصاب شهادة السبط الحسين وأنصاره في كربلاء، و الجانب المعرفي يتعلق بمحاضرة تتضمن بيان الفضائل و الأهداف و السيرة العطرة للمعصومين ، مع تضمينها شيئا من الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة .

وطرف آخر يريد مراعاة المستمع والمتلقي في زماننا بما يحمله من خلفية علمية وثقافية، ومراعاة فضاء إعلامي و وسائل تواصل، أبرزت الكثير من القضايا و الظواهر و الشبهات و الإثارات الثقافية والاجتماعية المسيسة بعقول الناس وحياتهم، وتحتاج إلى خطاب رصين يعتمد مبدأ التحليل والاستعراض المشوق والتسلسل الجذاب، وفحوى محاضرة تناسب مستواهم الثقافي والتعليمي وتقدر ما تقدمه إليهم وسائل تواصلهم من أفكار و مواضيع .

فمن غير المعقول أن يتم التطرق إلى مواضيع مكررة قد أكل عليها الدهر و شرب، أو يكون موضوع المحاضرة مهلهلا لا يحوي سوى قصة من هنا وحديث مجالس سطحي من هناك، فيكون الجو الثقافي و التواصل الإعلامي بين المستمعين و ما يهمهم من قضايا في جهة ، و الخطيب يسهب في حديث لا يلقى له أذنا صاغية و لا نفوسا تتقبل مستواه الضعيف !!!

وهناك فئة لا تريد سوى تسجيل وجود أو شهرة إعلامية من خلال طرح المثير بأسلوب هجومي لاذع بعيد- كل البعد – عن المنطق والعقل، فيحاول تقزيم واستصغار المنبر والخطباء ورميهم جزافا بالتهم، ويريد أن يقدم نتيجة مفادها منابرنا خاوية عقيمة !!!

بلا شك أن عطاء المنبر الحسيني العظيم الهادف لخلق الشخصية الحسينية عبر الزمان، فيما يحمله (ع) من أهداف و قيم الاستقامة والكرامة و التضحية والشجاعة و الإباء و الفهم الرشيد للأحداث، و المنبر مدرسة يتحلق من حوله المؤمنون لتلقي مثل هذه الدروس و العبر المكونة لجنبة القوة في شخصياتهم و قدراتهم الفكرية و المناعة السلوكية، و هذا بالتأكيد يحتم امتلاك المنبر لمقومات تتناسب مع هذه الأهداف .

وكل فكرة وومضة يمكنها أن تمثل إضافة وتقوية لحضور الخطاب الحسيني، وما لا يتلاءم معها يمكن مناقشته و رده، وأما الفقاعات الموسمية الفارغة فلا تستحق التفاتا لها، بل تواجه بمخرجات المنبر الحسيني بإنتاجات ثقافية زاخرة و ثرية بالمعارف .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky