الاجتهاد: الحوزة العلمية، بستان كبير، ذو ورود مختلفة وأزهار متنوعة. وربما تُشبه بالبحر، فإن المسير فيها طويل عريض، وحقولها متعددة وعميقة ودقيقة، وعليه فالطالب إن لم يكن له مرشد وموجّه في مسيرته فإن أمامه ضياع شيء من العمر وقلة الفائدة المرجوة على الأقل، وربما كان مصيره الغرق!
وكيفما كان فمن الأمور التي تواجه طلاب العلم في هذا الزمان بالخصوص، هو اختلاف المناهج والبرامج، فتجد جماعة متمسكين بالمنهج القديم لوجوه: إما لأجل قدمه عند بعض!، أو لعدم ثبوت إيصال المنهج الجديد للمطلوب عند بعض آخر، وغير ذلك من الوجوه والأسباب، وترى في قبالهم جماعة آخرين من دعاة التجديد إلى أعلى مستوياته، والقائمة تطول إزاء موقف المنتمين إلى الحوزة تجاه مناهجها، فإن الكثير قد يقبل شيئاً ويرفض آخر ، وفي قباله من يقبل ما يرفضه ويرفض ما يقبله.
وفي العقود الأخيرة واجه كتابان أصوليان صراعاً في البقاء على سلّم الجدول الدراسي، وهما كتابا (معالم الدين) و (فرائد الأصول) أما الثاني فلم تزله الرياح وبقي صامداً ثابتاً بشكل عام، نعم في حوزة النجف الأشرف قل دارسوه مقارنة بالزمن الماضي. وأما الأول فباعتباره أقدم تأليفاً وقد تطوّر بعده علم الأصول تطوّراً هائلاً جداً فقد تُرك تقريباً إلا من القلة.
وكنتُ في أثناء دراستي قد واجهت آراء مختلفة بالنسبة لدراسة المعالم، فسمعتُ عن بعض العلماء والفضلاء آراءهم في ذلك وسألتُ بعضاً آخر، وكنت أدوّن تلك الآراء – كعادتي الغالبة -، وقد صادف في مرات متعددة أن أتحدث مع زميل لي أو طالب متأخر عني زماناً- حول ما يبدئ به في الأصول وحول دراسة المعالم بالخصوص، فكنت أذكر أن فلاناً يقول كذا وفلاناً يقول كذا، وذكرت لبعضهم أني سجلت ذلك في مكتوب.
وعلى إثر ذلك حثني بعض الأعزاء على نشر هذا المكتوب كي يطلع الطلاب على آراء تلك الثلة من العلماء والفضلاء فيستفيدوا من ذلك ويكون عوناً لهم في اتخاذ قرارهم. وكنت أعتذر عن ذلك بأسباب عدة، منها: ولعله أهمها – أنه ربما يحصل للبعض زيادة التردد ويعسر عليه اتخاذ الموقف، نظراً لوجود آراء متناقضة لأكابر وأعاظم في الحوزة العلمية، فيبقى الطالب متحيراً يعمل برأي هذا العلم أو برأي ذلك العيلم؟!
ولكن بدا لي مؤخراً أن أضع القائمة بين يدي الجميع لتعميم الفائدة، وكل طالب على
نفسه بصيرة.
وأود قبل ذلك التنبيه على أمور:
الأول: أن بعض الطلاب مع الأسف الشديد يبحثون عن الرخص وكل ما يختصر الطريق من ناحية الزمان وإن لم يكن المنهج صادراً عن أهله أو واقعاً في محله بأن لم يكن مناسباً للطالب بشخصه، كما أن بعضاً آخر يقفز من تلقاء نفسه تلبية لهواه، ولكنه يستفيد من كلمات بعض العلماء لاحقاً وتكون بالنسبة له كـ التعليل بعد الوقوع.
لذا فإني أؤكد بأن هذه الفئة ليست مقصودة من هذا المنشور ولا كلام لي معهم.
الثاني: أن هذا قسماً من هذا المكتوب يرجع إلى أكثر من عقد من الزمان، ولعل بعض الأعلام ممن وردت أسماؤهم قد تغيّر رأيه في الموضوع، لذا اقتضى التنويه.
الثالث: أني أنتمي لمجتمع معين فكانت بعض الأسماء مثبتة لارتباطي بها أو بمن يرتبط بها، وليس ذلك تهميشاً لغيرهم أدام الله بركات جميع العلماء العاملين.
جدول أسماء المؤيدين والمعارضين والمحايدين لدراسة المعالم
المؤيدون والمشجعون على دراسته:
الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله:
حيث سمعت من نجله الشيخ محسن أنه أوصاه بدراسة المعالم وحواشيها. بل سمعت منه دام ظله مباشرة التشجيع على دراسة القوانين.
السيد محمد صادق الروحاني: حيث أجاب عن سؤال حول الكتب الأصولية التي على الطالب دراستها وعد المعالم من ضمنها.
السيد محمد مهدي الخلخالي “ره”:
حيث سألته عن دراسة الكتاب فشجع على ذلك.
الشيخ علي الجزيري الأحسائي: قال هو كتاب نافع ودراسته مفيدة جداً، وكنت درسته وانتفعت به وقد عزمت أن أدرس كتاب القوانين بعده، واستشرت السيد الخوئي في ذلك، فقال: إن كتاب القوانين كتاب عتيق، وآراؤه مخدوشة، فادرس كتاب أصول الفقه للشيخ المظفر.
الشيخ موفق الجنوبي القطيفي:
دراسته مهمة جداً، لكن ثمرة الحلقات أسرع قطفاً، والمعالم ثمرته متأخرة ولا يستغنى عنها
الشيخ نادر الصادق القطيفي يرى فائدته العالية خصوصاً إن درس كما ينبغي.
الشيخ جعفر الغروي النائيني
الشيخ عباس العنكي القطيفي
المعارضون ومن لايشجع على دراسته:
الشيخ الفياض دام ظله حيث أخبرني بعض الطلاب بمعارضة سماحته عندما أراد ذلك الطالب دراسة المعالم.
وسمعت منه دام ظله ما يصب في هذا المصب، وأن المعالم أصبح كتاباً متروكاً.
السيد حسين الشمس الخراساني :
إنه أصول قديمة، وهناك الكثير من النظريات الجديدة التي ينبغي للطالب أن يصرف عمره في فهمها، لا أنه يصرف عمره فيها هو أقل أهمية. ولا أن يكرر دراسة المطالب الموجودة في الكتب القديمة والحديثة.
الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته، حيث ألف الموجز بدلاً عن المعالم.
الشيخ بشير النجفي دام ظله حيث ألف كتاباً بدل المعالم وهو المرقاة، وذكر في مقدمته بعض المشاكل التي تواجه الطالب في بداية دراسته للأصول وبعض المشكلات الموجودة في كتاب المعالم.
ولكن بعض المنقولات عن الشيخ يظهر منها تشجيعه على دراسته.
السيد منير الخباز القطيفي: لا داعي لدراسته، وقال إن الأصول يتطور، فينبغي الاهتمام بآخر النظريات، وفي الكفاية والرسائل، الكفاية لشحذ الأذهان.
الشيخ حسن الرميتي العاملي وهو يرى أن الابتداء في دراسة الأصول تكون بأصول المظفر بشرط أن يكون عند أستاذ ماهر.
الشيخ علي المروجي القزويني
المحايدون ومن لهم نظر خاص في طريقة دراسته:
السيد السيستاني “دام ظله” وكذلك نجله السيد الرضا كما نقل لي بعض الأعزاء، وحاصله: من الجيد دراسة المعالم والاطلاع على المنهج الأصولي القديم، ولكن لا ينبغي التعمق والإطالة فيه كثيراً لأن العمر قصير.
الشيخ نزار آل سنبل القطيفي: لا ضرورة في دراسته، وعليه فمن درس مثل الموجز في أصول الفقه للشيخ جعفر السبحاني يمكنه الشروع في أصول المظفر.
الشيخ عباس آل سباع القطيفي “ره” لا يرى ضرورة في دراسته.
الشيخ عبد العزيز السليم القطيفي يرى أن دراسته تفيد وتركه لا يضر. وعندما أخبرته بما نقل عن السيد السيستاني مجرداً من ذكر رأي غيره من الأعلام- قال: ونعم الرأي رأي سيد، سيد الآراء.
الشيخ محمد موسى حيدر العاملي: يُدرس بشرط أن لا يطيل فيه الطالب، أما إذا كان عزمه على التطويل فليدرس أصول المظفر ويتقنه ولو أطال فيه؛ لأنه العمدة لما بعده.
السيد ضياء الخباز القطيفي، لايرى له أهمية وضرورة، وإن أراد الطالب دراسته فليجعله درساً جانبياً.
الشيخ حجي السلطان الأحسائي
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
محمد جعفر الزاكي