الاجتهاد: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يعش بعد حديث الغدير أكثر من 81 يوماً، وهذا يعني أن هذه الوصية هي وصية مهمة للأمة، فقد أراد النبي أن يبلغهم أن الوصي و الخليفة بعده هو الإمام علي.
قال الله تبارك وتعالى: (يا أيها الرســـول بلغ ما أنـــزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).
البيعة لأمير المؤمنين
لما قضى رسول الله مناسكه وانصرف راجعاً إلى المدينة ومعه من كان من الجموع الغفيرة ووصل إلى غدير خم من الجحفة التي تتشعب فيها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة نزل إليه جبرائيل الأمين عن الله بقوله: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك).
وأمره أن يقيم علياً علماً للناس ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كل أحد، وكان أوائل القوم قريباً من الجحفة فأمر رسول الله أن يرد من تقدم منهم، ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ونهى عن سمرات خمس متقاربات دوحات عظام أن لا ينزل تحتهن أحد، حتى إذا أخذ القوم منازلهم فقم (كنس) ما تحتهن حتى إذا نودي بالصلاة صلاة الظهر عمد إليهن فصلى بالناس تحتهن، وكان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض رداءه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء، وظلل لرسول الله بثوب على شجرة سمرة من الشمس، فلما انصرف الرسول (صلّى الله عليه وآله) من صلاته قام خطيباً وسط القوم على اقتاب الإبل وأسمع الجميع رافعاً عقيرته فقال: الحمد لله ونستعينه ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن ضل، ولا مضل لمن هدى وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله ـ أما بعد ـ : أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني أُوشك أن أُدعى فأُجيب، وإني مسؤول وانتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً.
قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق وناره حق وأن الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك، قال: اللهم أشهد ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون؟ قالوا نعم قال: فإني فرط علي الحوض، وانتم واردون علي الحوض، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة فصصس من صانظروا كيف تخلفوني في الثقلين.
فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا، والآخر الأصغر عترتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ـ ثم أخذ بيد علي فرفعها حتى رئي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون ـ ، فقال: أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: الله ورسوله أعلم .
قال: إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ،
فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلاث مرات، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرات ثم قال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من بغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب.
فتهافت عليه الناس يبايعونه، وجاء الشيخان: أبو بكر وعمر إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقالا: هذا أمر منك أم من الله؟ فقال النبي: وهل يكون هذا عن غير أمر الله؟ نعم أمر من الله ورسوله فقاما وبايعا، فقال عمر: السلام عليك يا أمير المؤمنين بخ بخ لك لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة!!
ولما انتهت البيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام) هبط جبرائيل على النبي (صلّى الله عليه وآله) بهذه الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً).
حقائق حول حادثة عيد الغدير
1 ) أن النبي لم يعش بعد حديث الغدير أكثر من 81 يوماً وهذا يعني أن هذه الوصية هي وصية مهمة للأمة، فقد أراد النبي أن يبلغهم أن الوصي و الخليفة بعده هو الإمام علي .
2 ) رواة حديث الغدير من الصحابة بلغوا 110 صحابياً .
3 ) رواة حديث الغدير من التابعين بلغوا 84 تابعياً.
4 ) رواة حديث الغدير من أئمة الحديث وحفاظهم بلغوا 360 عالماً.
5 ) الذين أصابتهم دعوة الإمام علي لإخفائهم حديث الغدير بلغوا 6 أشخاص .
ما هي أهمية الإمامة؟
1 ) الإمامة أصل من أصول الدين
هي ضرورة من ضرورات المذهب، و من ينكر إمامة أهل البيت فهو مسلم و لكنه ليس شيعياً. وأن سلامة العقيدة شرط في قبول الأعمال، ولابد وأن تكون عقيدة الإنسان صحيحة و سليمة لأن العقيدة هي جوهر الإسلام، فإذا كانت عقيدة الإنسان ليست صحيحة كما أمر الله و رسوله فإن ذلك يخدش في إسلام الإنسان و تدينه، كما أن سلامة العقيدة يترتب عليها قبول الإعمال.
2 ) الإمامة امتداد للنبوة
ولاشك و لا ريب أن رسالة النبي هي الرسالة الخاتمة، و أن النبي هو النبي الخاتم و لكن الإمامة هي امتداد للنبوة، و هذا يعني أن النبي عاش فترة من الزمن أوضح فيها معالم الدين و الفكر الإسلامي و لكن هذه الفترة غير كافية لتوضيح كل تفاصيل الأحكام، و هذا لا يعني أن الدين ناقص، فقد أكمل الرسول الرسالة و إنما المقصود أن الإمام هو من يوضح تفاصيل العقيدة وهو من يفصل الأحكام و التشريعات.
كما أن الإمام المعصوم يملك مؤهلات وصلاحيات الرسول باستثناء النبوة و الرسالة.
3 ) الإمامة ضرورة دينية و اجتماعية وسياسية.
فلا يمكن أن يستقيم مجتمع ما دون قيادة أو زعامة، و الإمامة هي التي حفظت التوازن، وهي التي تعطي للناس الفيض الإلهي و كما جاء في الحديث : ” لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها” فوجود الإمام يعطي للناس الوجود و الحياة .
يقول الإمام علي عن أهل البيت : “قد جعلهم الله تعالى حياة للأنام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للإسلام “.
واجبنا تجاه الإمامة في هذا العصر
1 ) اتباع الأئمة قولاً وفعلاً وسلوكاً
فلا يكفي القول بإمامة الأئمة دون السير على نهجهم، ولا يكفي القول بحب أهل البيت دون الإقتداء بسيرتهم . و إنما ينبغي حب أهل البيت ، و موالاتهم و السير على نهجهم و التبري من أعدائهم.
2 ) نشر فضائل أهل البيت ( ع)
أراد أعداء أهل البيت أن يطمسوا فضائل أهل البيت ، و يذكر العلامة الأميني في كتابه الغدير أن هناك أكثر من 700 من وضاعي الحديث الذين وظفوا أنفسهم لطمس فضائل أهل البيت، و لكن و مع كل تلك المحاولات فقد ظهرت فضائل أهل البيت في الخافقين، و جميع كتب الحديث تحوي فضائل أهل البيت.
وكل فرد منا مسئول أمام الله تعالى عن نشر هذه الفضائل حسب قدراته و إمكانياته ، كما يمكن الاستفادة من الكتب المعتمدة عند عموم المسلمين كمسند الإمام أحمد بن حنبل الذي يحوي على الشيء الكثير من فضائل أهل البيت، و كذلك كتاب خصائص أمير المؤمنين للنسائي، و الصحاح الستة، وغيرها من الكتب الحديثية والتاريخية .
و علينا أن نعلم أطفالنا و إخواننا بمكانة أهل البيت و أن ننشر معارفهم و علومهم بين صفوفنا.
3 ) معرفة القيادة الشرعية
جاء في الحديث : ” من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية” و إمام العصر في هذا الزمان هو الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
والفقهاء المراجع هم الذين يمثلون خط الإمام عليه السلام، و لهذا ينبغي علينا أن نرجع إليهم في سائر أمورنا ومهما كانت ثقافتنا، فلا يمكن القول أننا في عصر لسنا بحاجة للرجوع إلى الفقيه أو ما اشبه .
كما أن من مسئوليتنا تجاه المراجع أن نلتف حولهم و أن ندافع عنهم مما يتعرضون له من حملات معادية للإسلام و أهله .
هذه أهم وظائفنا تجاه أهل البيت .
المصدر: موقع اليوسف