درس الباحثان في المبحث الأول من المقالة وهو بعنوان: النظرة الفقهية لفقه الدارين.. مطلبين وهما: “حقيقة دار الإسلام ودار الكفر” وكذلك “الأدلة الفقهية للتقسيم”. وفي المطلب الأول يتطرق الباحثان الى التعريف اللغوي والإصطلاحي لكلمة الدار وكذلك تعريف دار الإسلام عند جمهور فقهاء الإسلام. وكذلك التعريف الاصطلاحي لكلمة دارالعهد والآراء في مسألة دار الإسلام ودار الكفر. و في المطلب الثاني يناقشان مستند ومشروعية هذا التقسيم على ضوء الآيات والروايات. بقلم: أ.د. عبد الأمير كاظم زاهد* م.م. حيدر شوكان سعيد**
الاجتهاد:
المقدمة
ان السياسات الخارجية للدول تبرز صورة مهمة عن المبادئ والأسس النظرية لأي دولة أو مجتمع من البشر يظلها نظام جامع مؤلف. وقد عرضنا بفصل الجهاد الابتدائي لطبيعة العلاقة المتصورة في الفهم الإسلامي للأخر غير المسلم ورجحنا المقولة المتأخرة لبعض العلماء المعاصرين وهي أن الأصل في الإسلام هو البر والقسط والسلام والتعاون، وأن الحرب هي عنوان طارئ يخضع لقانون رد الاعتداء بمدلوله السياسي الواسع الذي يشمل العدوان الواقع أو المتوقع .
إلا أن مشهور فقهاء المسلمين قالوا أن من مقاصد الجهاد المهمة هو أسلمة العالم على مقولة “ان يكون الدين كله لله” .
ومن آثار هذه المقولة تقسيمهم بلدان وأقاليم العالم قسمة ثنائية قائمة على أساس الإيمان بالإسلام أو عدمه، وعليه كانت دار الإسلام ودار الكفر، وهو مصطلح فقهي استعمله الفقهاء للدلالة على الجانب الجيوسياسي للأمة الإسلامية.
وإذ يتغير وصف الدار تبعا لحالة الانتصار أو الهزيمة بين المسلمين وغيرهم. وأول تحديد تقريبي لمعنى هذا المصطلح يعود إلى الإمام أبي حنيفة (ت۱۵۰ه) كما يرى رضوان السيد(۱).
وأما من قال بأن الأصل في الإسلام السلم والأمان وتحقق العصمة وأن الحرب تقع بعنوان الاستجابة لحماية المجتمع السياسي الإسلامي من العدوان فقد قسم العالم على دار الإسلام ودار الحرب ودار العهد، ثم الحق البعض دار رابعة وهي دار الحياد، فالوصف هنا متغيير تبعا لطبيعة الرؤية الحاكمة بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى.
وتكمن أهمية دراسة وبحث هذا الموضوع بالنقاط الآتية :
أولا: أن أهمية أرض الإسلام تكمن في علاقتها بالأمة والدعوة الإسلامية، ووفق المنظور السياسي الإسلامي فالأمة الإسلامية تكونت على أساس الاعتقاد بالإسلام عقيدة وشريعة مما يجعلها كيانا منفتحاٌ ومتسعاٌ بامتداد الأمة والدعوة، فحيثما وجدالإسلام كأمة ونظام ذي قوة ومنعة وجدت أرض الإسلام، فالمجتمع الذي يؤمن أفراده بعقيدة ودعوة الإسلام فانه يدخل أرضه معه تحت عنوان دار الإسلام التي تتمدد حيث توجد وتعمل الأمة الإسلامية، وهذا يعني أن دار الإسلام هي في حركة مستمرة وغير ثابتة.
ثانيا: من دواعي أهمية البحث ودراسة خلفية هذا التقسيم وواقعيته وتاريخيته ومتابعة اثر المتغيرات الفقهية المعاصرة فيه بسبب الأوضاع العالمية الجديدة ودخول العالم في هيئة الأمم المتحدة بعقد سلام عالمي.
ثالثا: البحث في استثمار السلفية “الجهادية” لهذا التقسيم واستحضاره في الواقع العملي بعد القول بإمكانية ان تصبح دار الإسلام دار كفر، وان الفيصل الحقيقي بين الدارين هو الحاكمية، ومن ثم فان أكثر بلاد العالم الإسلامي – كما ترى السلفية الجهادية – في الوقت الراهن هي ديار كفر وحرب؛ لأن الشريعة الإسلامية ليست حاكمة وان السلطة بيد المرتدين والكفرة والمنافقين.
وأما مشكلة البحث الكشف عن الموقف الشرعي إزاء تقسيم العالم إلى دار الإسلام ودار الكفر بأبعاده الجغرافية للاجتماع السياسي الإسلامي. وهل هو من ثوابت الدين المستلة من معطيات النص (القرآن والسنة)، أم انه فقط وقائع واجتهادات استندت إلى المصالح والمفاسد وجاءت استجابة لتموضعات العصر وانعكاسا لها على جدلية التأثر والتأثير؟
وينبغي أن نشير إلى أن هذا التقسيم للبلدان والأقاليم ترتب عليه أحكام شرعية كثيرة تمس حياة الإنسان المسلم بمختلف المجالات، ومنها: أثره في الفرقة بين الزوجين، وأثره في نكاح الكتابية بدار الحرب، وأثره بالتعامل بالربا، وتطبيق الحدود على الجرائم المرتكبة بدار الحرب.
ومن آثار هذا التقسيم في الجهاد وجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام الغرض التمكن من أداء الشعائر التي لا يتمكن من أدائها في تلك الدار، وقسمة الغنيمة في دار الكفر، وغير ذلك من القضايا المتراكمة التي عالجها الفقهاء تبعا لاختلاف الدارين، ولن تتعرض لها وإنما يكون البحث في مشروعية هذا التقسيم وتوصيفه القانوني واثر المتغيرات المعاصرة فيه ولإيضاح هذه المسألة بإبعادها استعرضها بمبحثين:
المبحث الأول : النظرة الفقهية لفقه الدارين..
المطلب الأول : حقيقة دار الإسلام ودار الكفر
المطلب الثاني : الأدلة الفقهية للتقسيم
المبحث الثاني : مدى الانسجام بين فقه الدارين والمتغيرات المعاصرة (آراء الفقهاء)
المطلب الأول : موقف الفقهاء المحدثين من فقه الدارين
المطلب الثاني : موقف السلفية الجهادية» من فقه الدارين
المبحث الأول : النظرة الفقهية لفقه الدارين .
إن المعيار المعتبر والثقل الأساسي في الإسلام للدين قبل الأرض ، والعلاقة الروحية تكون قائمة لكل من قال (لا اله إلا الله محمد رسول الله)، أيا كانت أرضه في المغرب أو المشرق لكن الاجتماع السياسي الإسلامي الذي عبر عنه بدار الإسلام له ثقل أيضا، فقد شرع الجهاد على نحو الوجوب العيني للدفاع عن دار الإسلام فيما إذا تعرضت لعدوان استهدف وجودها ومجتمعها، وعلى نحو الوجوب الكفائي إذا كان الجهاد خارج دار الإسلام”(2).
ومن هنا فمن كان من المسلمين خارجاً عنها وغير منتمي لها بوجودها السياسي ، فإن الالتزام يبقى روحية فقط. بمعنى أن من يقيم خارج دار الإسلام وغير مكتسب لجنسيتها إذا تعرض لاعتداء واضطهاد من قبل الدولة أو المجتمع غير الإسلامي فان على المسلمين نجدته ورفع الحيف عنه، ولكن هذا الوجوب ليس مطلقا بل موقوفا على حالة ما إذا لم يكن بين هؤلاء الخصوم غير المسلمين وبين المجتمع السياسي الإسلامي ميثاق ومعاهدات تقضي امتناع المسلمين من شن الحرب عليهم، وكان هؤلاء أوفياء ، ملتزمين بميثاقهم.
فالملاحظ هنا أن هؤلاء المظلومين من غير رعايا الدولة الإسلامية ترتب الأثر الحقوقی عليهم وهو عدم إمكانية الدفاع عنهم لأنهم خارج دار الإسلام، فانتمائهم لأرض الإسلام هو انتماء حقاندي فقط، دون التمتع بحقوق المواطنة (۳).
وهذا ما سنتعرض له في موضوع وجوب الهجرة في نصوص القرآن والسنة وبعد هذه الآثار المهمة ينبغي التعرف على مقصود الفقهاء المسلمين بدار الإسلام، ودار الكفر، ثم موقفهم من التقسيم لهذه الدور، ومدى مشروعيته، وايضاحه يتم بالفرعين الأتيين:
المطلب الأول : حقيقة دار الإسلام ودارالكفر .
عندما تتعرض لأراء الفقهاء في ثنائية (دار الإسلام ودار الكفر ) هذا لا يعني أنه التقسيم النهائي والمجمع عليه ، بل هو التقسيم الشائع والمشهور ، فقد تلته تقسيمات وإضافات أخرى، وزادته إلى ثلاثة (دار الإسلام ودار الكفر ودار العهد) و هو تقسيم أرجعه البعض (۴) إلى التقسيم الثنائي إذ الحق دار العهد بدار الإسلام ، وتلی تلك تقسيمات قال بها العلماء المعاصرون تبعا لظروفهم وحيثيات عصرهم كرباعية التقسيم ( دار الإسلام ودار الكفر ودار العهد ودار الحياد) الذي سنوضحه في المبحث الثاني.
و تكليفنا في البحث ، يستدعي التعرف على هذه المصطلحات والمناط فيها لأنها المحور الأساس في موضوع البحث ، ثم نعرج على تقسيم الفقهاء الدور قسمة ثلاثية ببيان المراد من دار العهد ، ومع ذكر أراء الفقهاء في إمكانية تحول دار الإسلام إلى دار کفر) ودار حرب».
أولا : تعريف الدار لغة واصطلاحا:
عرف أهل اللغة الدار بتعاريف عدة، ومنها: ان الدار للمحل الذي يجمع البناء والساحة(۵) قال الراغب الاصفهاني: (الدار المنزل اعتبار بدورانها الذي له بالحائط) (۶) وقال ابن الأثير ( الدور جمع دار وهي المنازل المسكونة والمحال) (۷). وقال ابن جني (ت ۳۹۲ه) : (من دار يدور لكثرة حركات الناس فيها ) (۸).
وقال الأزهري (كل موضع حل به قوم فهو دارهم، والدنيا دار الفناء ، والأخرة دار البقاء والقرار(۹).
وتطلق النار على القبيلة، فالدور جمع دار، وهي المنازل المسكونة ، والمحال، وأراد بها هاهنا القبائل، اجتمعت القبيلة في محلة، فسميت المحلة دارا ، وسمي ساكنوها بها مجازا على حذف المضاف أي أهل الدور(۱۰)
ومنه الحديث عن النبي (ص): (ما بقیت دار إلا بني فيها مسجد) (۱۱) أي قبيلة وقال بعض العلماء: (الدار لغة المنزل والموضع والمثوى، والديار ساكن الدار، وقد وردت كلمة دار بصيغة المفرد والجمع المجرد و مضافة في ثمانية وأربعين موضعا من القران الكريم(۱۲).
وجمع الدار دیار، ودور في جمع الكثرة وأدوار بالهمزة وتركه في القلة، وتجمع أيضا على أدار مقلوب ادوار، وعلى دوران، وديران، وادورة، وديارات، وأديار، ودوران، ودورات، ودارات (۱۳).
وصاحب الدار يسمى دیارة، ومنه قوله تعالى: (قال نوح رب لا تدر على الأرض من الكافرين ديّارا (۱۴) . فتكون الدار قد جاءت في اللغة بمعنى المحل، والمنزل، والقبيلة، و الموضع، و المثوى .
وأما في الاصطلاح : فهي عبارة عن البلد أو الإقليم، أو المنطقة التي تكون تحت سلطة معينة(۱۵) و عرفها نعمان عبد الرزاق السامرائي : (بأنها الإقليم أو الأرض التي تخضع لسيادة دولة معينة ويدخل فيها الأرض والبحر والجو). (۱۶) وبعبارة بديلة الدار هي : ( الوطن أو الدولة، من جمهورية أو مملكة أو سلطة أو إمارة) (۱۷)
ثانيا : تعريف جمهور الفقهاء
الدار الإسلام ودار الكفر
نعرض في البدء تعريف الفقهاء للدار المضافة إلى الإسلام وهي الشطر الأول والمساحة الأولى في هذا التقسيم ؛ لأنه من خلال التعريف سنتعرف على طريقتهم في تحديد هذه الدار ؛ لعدم ورود تحديد ظاهر لها في الآيات والروايات ؛ لأنها ليست مثل الصلاة والصوم وغيرهما مما ورد له تحديد شرعي (۱۸(.
وان أي تعريف مذکور لدار الإسلام يقابله بالضبط تعريف لدار الكفر(الحرب) لطبيعة التقابل بين الإسلام والكفر.
یعرف مشهور الإمامية دار الإسلام بأنها الدار التي ينفذ فيها حكم الإسلام. وان دار الكفر هي الدار التي ينفذ فيها حكم الكفر (۱۹)
فيكون الملاك في التقسيم هو السيادة الأحكام الإسلام؛ لان الأحكام لا تنفذ إلا إذا كانت الأرض تحت أيدي المسلمين وسلطانهم..
ورأي أبو حنيفة(۲۰) وبعض الزيدية(۲۱) ان دار الإسلام وهي كل إقليم يتوفر فيه للمسلم الأمن على نفسه وماله وعرضه، ويتمكن من ممارسة شعائره الدينية.
فيكون المعيار في التوصيف القانوني على أساسين:
الأول : البعد العقائدي.
الثاني: الحريات الدينية المتاحة.
ووجه الكاساني (ت ۵۸۷ه) قول أبي حنيفة فقال :(قول أبي حنيفة «رحمه الله» ان المقصود من إضافة الدار إلى الإسلام والكفر ليس هو عين الإسلام والكفر وإنما المقصود هو الأمن والخوف ومعناه أن الأمان إن كان للمسلمين فيها على الإطلاق والخوف للكفرة على الإطلاق فهي دار الإسلام وإن كان الأمان فيها الكفرة على الإطلاق والخوف للمسلمين على الإطلاق فهي دار الكفر والأحكام مبنية على الأمان والخوف لا على الإسلام والكفر). (۲۲)
ومن هنا، فالمناط ليس الإسلام أو الكفر بل خوف الإنسان على نفسه، وعدم قدرته على ممارسة شعائره، فمتی خاف المسلم ووجل من أداء شعائره فان إقليمه لا يكون دارا للإسلام.
أما محمد بن الحسن الشيباني (ت۱۸۴ه) وأبو يوسف القاضي (ت ۱۸۲ه) من الأحناف فقد جاء التعريف عندهما، بأن دار الإسلام هي التي تطبق فيها شرائع الإسلام، فإذا ظهرت فيها أحكام الإسلام فهي دار الإسلام وإذا ظهرت فيها أحكام الشرك فهي دار حرب (۲۳).
ووجه قولهما أبو بكر الكاساني (ت ۵۸۷ ه) فقال: (وجه) قولهما ان قولنا دار الإسلام ودار الكفر إضافة دار إلى الإسلام والى الكفر وإنما تضاف الدار إلى الإسلام أو إلى الكفر لظهور الإسلام أو الكفر فيها كما تسمى الجنة دار السلام والنار دار البوار لوجود السلامة في الجنة والبوار في النار وظهور الإسلام والكفر بظهور أحكامهما فإذا ظهرت أحكام الكفر في دار فقد صارت دار کفر فصحت الإضافة ولهذا صارت الدار دار الإسلام بظهور أحكام الإسلام(۲۴).
فالمعتبر هذا التشريع المطبق، فإن كانت شرائع الإسلام هي الحاكمة والجارية، فالأرض أو الإقليم دار للإسلام ، وان كان هنالك بلد من بلاد المسلمین یعمل بشرائع لاپتحکمها الشریعه الإسلامية ، ويسود حكم الكفر فيه يصنف هذا البلد على وفق هذا الملاك – دار کفر نعم تطبيق الأحكام يستبطن السيادة والقوة والمنعة لتنفيذ الأحكام.
وقال ابن يحيى المرتضى الزيدي: (دار الإسلام ما ظهرت فيها الشهادتان، والصلاة ولم تظهر فيها خصلة كفرية ولو تأويلا إلا بجوار أو بالذمة والأمان من المسلمين (۲۵).
وأما الفقه المالكي، فتحديد الدار يكون بجريان الأحكام فيها، جاء في المدونة الكبرى (كانت – مكة- دار حرب لان أحكام الجاهلية کانت ظاهرة يومئذ) (۲۶)
وعرفها ابن حجر الهيتمي الشافعي (۹۷۳ ه) 🙁 بأنها ما كانت تحت استيلاء رئيس الدولة وان لم يكن فيها مسلم.) (۲۷).
ويرى الماوردي (ت. ۴۵ه) أن المسلم في دار الكفر إذا كان في منعة وحماية ، فيعد مكان حمايته ومنعته دار إسلام ، بغض النظر عن قدرته للدعوة .
فالمدار والاعتبار في تقسيم الدار هو حرية الإنسان في إظهار دينه، دون خوف، بل يرى ان الإقامة مع القدرة على الدعوة أفضل من الهجرة .
وفي هذا المعنى یقول: ( وإن قدر على الامتناع والاعتزال في دار الحرب، وقدر على الدعاء والقتال فهذا یجب أن يقيم في دار الحرب؛ لأنها صارت بإسلامه واعتزاله دار إسلام، وإن قدر على الامتناع والاعتزال ولم يقدر على الدعاء والقتال فهذا يجب عليه أن يقيم ولا يهاجر؛لأن داره قد صارت باعتزاله دار إسلام، وإن قدر على الامتناع، ولم يقدر على الاعتزال، ولا على الدعاء والقتال فلا تصير داره دار إسلام، ولا تجب عليه الهجرة، وله أحوال فإن رجا ظهور الإسلام بمقامه فالأولى أن يقيم ولايهاجر(۲۸)
وتلحظ مما سبق أن الماوردي وضع معیاراً يعتمد على ثلاثة أمور:
۱- القدرة على الامتناع.
۲-القدرة على الاعتزال.
۳-والقدرة على الدعوة ، وبتوفر الأول والثاني (الامتناع والاعتزال) تعد الدار دار إسلام ، وبتوفر الأول دون الثاني ( الامتناع من غير قادرة على الاعتزال ولا الثالث) فيبقى اسم دار الحرب ولكن الأولى البقاء إن رجي انتشار الإسلام ببقاته (۲۹).
ومن هذا الرأي أفاد الدكتور عبد الله إبراهيم الكيلاني تقسيمه للعالم قسمة ثنائية هي ( دار الاستجابة ودار دعوة )(3۰) وهو ما سنعرضه في المبحث الثاني.
ومذهب الحنابلة المعتبر في التحديد تطبيق شرائع الإسلام ، قال أبو يعلى الحنبلي (ت ۴۵۸ه): (وكل دار كانت الغلبة فيها لأحكام الإسلام دون أحكام الكفر فهي دار إسلام، وكل دار كانت الغلبة فيها لأحكام الكفر دون أحكام الإسلام فهي دار كفر. وان الدار لا تخلو من أن تكون دار كفر أو دار إسلام .(۳۱) وقال البهوتي (ت ۱۰۵۱ه): (ودار الحرب وهي ما يغلب فيها حكم الكفر) (۳۲).
وقال ابن القيم (ت ۷۰۱ ه): (الدار التي نزلها المسلمون وجرت عليها أحكام الإسلام وما لم تجي عليها أحكام الإسلام لم تكن دار الإسلام وان لاصقها. (۳۳)
وقال ابن سعدي (ت ۱۳۷۶ه) : (دار الإسلام هي التي يحكمها المسلمون وتجري فيها الأحكام الإسلامية ويكون النفوذ فيها للمسلمين ولو كان جمهور أهلها كفاراً) (۳۴) .
وعرفها ابن حزم الظاهري (ت ۴۵۶ه) : ودارهم – أهل الذمة. دار إسلام لا دار شرك لان الدار إنما تنسب للغالب عليها والحاكم فيها والمالك لها) (۳۵).
وقد لخص الصنعاني الآراء في مسألة دار الإسلام ودار الكفر ، فقال :
أولا : إن دار الإسلام ما ظهرت فيها الشهادتان والصلاة ولم تظهر فيها خصلة كفر، ولو تأويلا إلا بجوار من المسلمين وذمة .
ثانيا : إن دار الإسلام ما ظهرت فيها الشهادتان والصلاة ولو ظهرت فيها خصلة كفر من غير جوار ولا ذمة من المسلمين.
ثالثا : العبرة في الدار بالغلبة والقوة، فان كانت القوة للكفار، من سلطان او رعية، كانت الدار دار كفر. وان كانت القوة للمسلمين كانت دار إسلام.
رابعا : العبرة بالكثرة. فان كان الأكثر مسلمين فهي دار إسلام، وان كان الأكثر كفارا فهي دار کفر
خامسا : الحكم للسلطان « أي صاحب السلطة ، الحاكم على البلاد « فان كان كافرا كانت الدار دار کفر ، ولو كانت الرعية كلهم مؤمنين . وان كان مسلما كانت الدار دار إسلام ولو كانت الرعية كلهم كفارا. (۳۶)
ثم يقرر الصنعاني بصدد الجواب عن سؤال وجه إليه عن بلاد عدن التي احتلها المستعمرون البريطانيون (۳۷)، واظهروا فيها أحكام الكفر – اما مركزها من حيث كونها دار كفر أو دار إسلام؟ فيقول الصنعاني: (بلاد عدن، والهند دار إسلام أي على ما فيها من ظهور الخصال الكفرية، وغلبة (لإفرنج) ثم يؤكد ذلك فيقول : ( عدن ، وما والاها ، أن ظهرت فيها الشهادتان والصلوات ، ولو ظهرت فيها الخصال الكفرية بغیر جواز فهي دار إسلام. وإلا فدار حرب.
ويرى في هذا الصدد: (متى علمنا يقينا أن الكفار استولوا على بلد من بلاد الإسلام التي تليهم، وغلبوا عليها، وقهروا أهلها بحيث لا يتم لهم ايراز كلمة الإسلام إلا بجواز من الكفار صارت دار حرب، وان أقيمت فيها الصلاة. (۳۸).
ويلحظ من مجموع الأقوال أن الوصف المميز لهذه الدور يتراوح بين تحقیق السیادة والسلطة السياسية وغلبة الأحكام على الأرض، وبين الكثرة وتمتع المسلمين بالأمن ، وهذه المعايير والمناطات مترابطة بعضها مع بعض، والناظر في هذه التعريفات يتبين لديه أن أغلب الفقهاء لاحظوا غلبة الأحكام وتحقق القوة والمنعة وهما تعبيران يماثلان عنوان السيادة المعاصرة(۳۹)، وان كان بعضهم قد اكتفى بشرط غلبة وظهور الأحكام الشرعية.
ثالثا: دارالعهد.
انتهى الحديث عن قسمين رئيسين من الدور والأقاليم، وهما دار الإسلام ودار الكفر، والآن يقع الكلام عن دار العهد.
فقد قسم جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والزيدية والظاهرية والشيخ الطوسي (ت۴۶۰ه) من الإمامية بلاد العالم إلى دار إسلام ودار كفر «حرب»(۴۰). وزاد بعض الإمامية(۴۱) وأصحاب الشافعي وبعض الحنابلة (۴۲) قسما ثالثا وهو دار العهد..
ويقصد بدار العهد: هي التي لم يظهر عليها المسلمون ، وعقد أهلها الصلح بينهم وبين المسلمين بعوض أو بغير عوض بحسب المصلحة ، والعوض هو شيء يؤدونه من أرضهم يسمى خراجا دون أن تؤخذ منهم جزية رقابهم لأنهم في غير دار الإسلام فهذه الدار لم يستول عليها المسلمون حتی يطبقوا فيها شريعتهم ، ولكن أهلها دخلوا في عقد المسلمين وعهدهم على شرائط اشترطت وقواعد عينت، تحفظ بما فيها من شريعة وأحكام ، وتكون شبيهة بالدول التي لم تتمتع بكامل استقلالها الوجود معاهدة معقودة (۴۳).
فتوجد دار العهد، إما بصورة عجز المسلمون عن فتحها وضمها لسلطانهم فيعقدون معها معاهدة أو يكون التعاقد خیار دولة ما بالانضمام التعاقدي إلى السيادة الإسلامية بدرجة ما(۴۴) ، ومثال دار العهد « مكة » في أثناء مدة صلح الحديبية ثم تحولت بعد فتحها إلى دار الإسلام « وبلاد النوبة ونجران وأرمينية (۴۵) ,
وقد ظهر عند الفقهاء المسلمين أختلاف في الطبيعة القانونية لهذه الدار، وهم في ذلك على قولين :
القول الأول: أن دار العهد قسم خاص مقابل دار الإسلام ودار الكفر، وله أحكامه وأثاره، و هو قول بعض الأمامية والشافعي وبعض الحنابلة.
القول الثاني: إنه طالما حصلت اتفاقية سلام مع دولة المسلمين فان دار الصلح تدخل ضمن دار الإسلام، لوجوب حمايتها من المسلمين، وبهذا قال فقهاء التقسيم الثنائي (۴۶).
وثمرة الخلاف بين دار العهد ودار الإسلام بحسب هذا التقسيم هو في اخذ الجزية، قال الماوردي (ت ۴۵۰ه): (وإن صالحوا على أن تقر الأرض بأيديهم والأرض لهم، ويضرب عليها خراج فهذا الخراج في حكم الجزية متى أسلموا سقط عنهم، ولا تصير دار هم دار إسلام ولا تؤخذ جزية رقابهم لأنهم في غير دار الإسلام ، وقال أبو حنيفة قد صارت دارهم بالصلح دار إسلام وصاروا أهل ذمة تؤخذ جزية رقابهم ) (۴۷).
ولا خلاف في أن دار العهد وان كانت فيها السيادة للكفار إلا أنها سيادة يحترمها المسلمون بموجب الاتفاق، وانها سيادة أما جزء من دار الإسلام أو منطقة لا تكون الحرب هي الصلة بينها وبين المسلمين فالسيادة تارة تكون غير ذات حرمة، وهي سيادة دار الحرب، وتارة تكون ذات حرمة، وهي سيادة دار العهد. والملاك في هذا التقسيم الثلاثي هوالسيادة ومدى احترامها و عدمه (۴۸)
ويرجح عدد من العلماء المعاصرين (۴۹) القول الأول ويروه أصلا للعلاقات الدولية الراهنة والطريق للتبادل التجاري والمصالح الاقتصادية. وان منشأ فكرة دار العهد هو تطور علاقة الدولة الإسلامية بغيرها.
فحينما كانت الحروب هي الوضع الطبيعي آنذاك كان التقسيم الثنائي هو الراجح، والتقسيم الثلاثي هو نتاج الفتوحات والهجمات المتبادلة بين دولتي الفرس والروم التي امتدت حتى عصر الاجتهاد الفقهي، وما بعده في المدونات الفقهية، وجعلت ذلك مناطا للعلاقات.
رابعا : آراء الفقهاء في شروط انقلاب صفة الدار
في هذا العنوان نعرض لسؤال مهم وهو : إذا ثبت لإقليم وبلد معين صفة دار إسلام فهل بالإمكان أن تزول هذه الصفة عنه نتيجة الظروف طارئة، ويتحول هذا الإقليم والبلد إلى دار کفر ؟ ثم متى يتم الحكم بذلك ؟
وقد ناقش الفقهاء إمكانية تحول دار الإسلام الي دار الكفر، والشروط لذلك، ولكنهم اختلفوا ، وجاءت آراؤهم على ستة أقوال :
القول الأول: تصير دار حرب بظهور أحكام الكفر فيها: وهذا قول أبي يوسف (ت ۱۸۲ه) ومحمد بن الحسن الشيباني (ت ۱۸۴ه) ، والحنابلة وبعض والزيدية.
واحتجوا بأنهم لا يعنونون الدار التي نحن بصددها بدار المسلمين بل يعنونونها بدار الإسلام وإضافة الدار إلى الإسلام تفيد ظهوره فيها، وظهوره بظهور أحكامه، والمسلمون هم من يقع عليهم الحكم فإذا زالت منها هذه الأحكام بظهور أحكام الكفر فيها لم تبق دار إسلام فمتى ظهرت أحكام الكفر في بلد أو إقليم فلا وجه لوصفه بدار الإسلام.
وكما أن دار الحرب صارت دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها، من غير اشتراط شروط أخرى، فكذلك تصير دار کفر بظهور أحكامه فيها، من دون شروط (۵۰)
ويترتب عليه أن الحكومات العلمانية برؤيتها القانونية النافذة في بلاد المسلمين تجعل منها دارا للكفر ، وإن الحكومة الإسلامية إذا استحکمت وأنفذت سلطانها على بلد كله غير مسلمين أصبحت دار هم دارا للإسلام.
القول الثاني : تصير دار حرب باستيلاء العدو عليها.
إن دار الإسلام تصير دار حرب بمجرد استيلاء الكفار عليها ، وذلك بأن يغزوها جيش الأعداء، يحتل أرضها ، كما احتل الإنجليز مصر والعراق، واحتلت إيطاليا ليبيا، واحتلت فرنسا تونس والجزائر والمغرب، واحتلت هولندا إندونيسيا. إلخ حتى لو بقي أهلها مسلمون مؤمنون.
فمذهب بعض الشافعية : أنها تتحول من دار إسلام إلى دار حرب بمجرد احتلالها، والتحكم فيها.
فنقل عبد الكريم الرافعي (ت ۶۲۳ ه) عن إمام الحرمین ذلك في (فتح العزيز) فقال: (يجوز أن تجري هذه الدار مجرى دار الكفر ؛ لغلبة الكفار عليها ) (۵۱). ومن المعاصرين قال الشيخ ناصر الدين الألباني في فتوى مسجلة سمع صوته بها يوجب فيها على أهل فلسطين الهجرة منها ، لإستيلاء الكفار عليها وتحكمهم فيها (۵۲) .
وقد أنكر عليه العلماء في البلاد الإسلامية هذه الفتوى، لأن:( أن ما أفتى به هو أقصى ما يتمناه الإسرائيليون، فهم يجهدون جهدهم لکی يخلوا أهل البلاد منها، ويحلوا محلهم. وهو قول خطير؛ لأن صيرورتها دار حرب يعفي المسلمين من المسؤولية عن الدفاع عنها، مع أن الواجب على الأمة الدفاع عن كل شبر من دار الإسلام (۵۳).
وهذا ما حدثنا به تاریخ الجهاد قديما وحديثا، من قتال الأمة لأعدائها إذا استولوا على ديارها أو جزء منها. ولذا قرر المؤرخون المحدثون: أن الذي قاد حركات التحرير ضد الاستعمار والاحتلال في العالم الإسلامي هو الحركات الإسلامية والجماعات الدينية والزعماء الدينيون، وأن الروح الإسلامية كانت هي المحرك الأول وراء ذلك).
القول الثالث : لا تصير دار الإسلام دار كفر مطلقة.
ذهب بعض علماء الشافعية إلى أن الأرض التي كان المسلمون يتسلطون عليها وتغلب أحكام الإسلام فيها، لا تصير دار كفر أبدا حتى ولو غلبهم الكفار عليها، وظهرت أحكام الكفر فيها ، فالحكم بإسلامها باق، وإن تغير سكانها فلا تتغير حكما وان تغيرت واقعأ كالأندلس سابقا ۔ اسبانيا حاليا. وهذا قول ابن حجر الهيتمي (ت ۹۷۴ه) (۵۴)، وشمس الدين الرملي (۵۵)، والشربيني (ت ۹۷۷ ه) (۵۶).
القول الرابع : تصير دار الإسلام دار كفر بشروط.
فقد ذهب الإمامية (۵۷) وأبو حنيفة(۵۸) ووافقه بعض الزيدية(۵۹) إلى اشتراط أمور لتغير وصف الإسلام عن الدار، وهي:
الأمر الأول ظهور أحكام الكفر فيها، بمعنى أن تجري أحكام الكفر على سبيل الاشتهار والظهور، بان تعطلت أحكام الشريعة الإسلامية على جميع المستويات، قال ابن عابدين (ت ۱۲۵۲ه) : (وظاهرة أنه لو أجريت أحكام المسلمين ، وأحكام أهل الشرك لا تكون دار حرب) (۶۰)
الأمر الثاني : أن تكون الدار متصلة بدار الكفر
وهو ما انفرد به أبو حنيفة ووافقه بعض الزيدية بحيث لا يتخلل بينهما بلد من بلاد الإسلام فيمدهم بالمدد اللازم ، فتكون متاخمة وملاصقة لدار الكفر فيتوقع الاعتداء منها على دار الإسلام. وهذا الشرط ينطبق على اسبانيا دون الكيان الصهيوني « إسرائیل».
وقد فهم بعض المعاصرين أن الإمام أبا حنيفة أفتى بهذا الشرط بحسب الحال والزمان ، وهو مستند في فتواه إلى الوقائع لا إلى معطی النص.
يقول الشيخ محمد أبو زهرة في نقده التاريخية الفقه التداولي في شرط المتاخمة : (أن هذا الشرط أصبح غير ذي موضوع؛ لان ابن الأرض أخذ يتحكم في الأجواء والفضاء .
ولم يعد القتال يحتاج إلى المتاخمة ، بل إن القنابل الفتاكة تصل من أدنى الأرض إلى أقصاها، ولذلك نرى أن هذا الشرط لا موضع له الآن، ولو كان الإمام أبو حنيفة حيا ورأى ما نرى الترك الشرط، والاختلاف بيننا ليس اختلاف حجة وبرهان ، بل اختلاف حال وزمان ) (۶۱)
الأمر الثالث : ألا يبقى فيها مسلم أو ذمي آمنا على نفسه بالأمان الأول.
بمعنى أنه لا وجود للامان الأول الذي كان ثابتا للمسلم بإسلامه والذمي بأمانه قبل الاستيلاء بعبارة بديلة: ( ألا يبقى المسلم أو الذمي مقيم في الديار بالأمان الإسلامي الأول الذي مكن رعية المسلمين من الإقامة فيها، وبتطبيق هذا الشرط تكون البلاد التي استولى عليها المسلمون وامنوا أهلها، ثم اضطروا إلى الجلاء عنها تحت تأثير حرب أو عامل آخر ليست دار حرب ، إذا كان الذين سيطروا عليها أبقوا المسلمين ورعايا الدولة الإسلامية مقيمين فيها بمقتضى الأمان الأول ، وذلك بلا ريب لا يكون إلا إذا سالمت هذه الدولة المسلمين وكان معهم سلام لا تعكره حرب، وأما إذا نقضوا الأمان وحاربوا المسلمين فان الدار دار حرب، ولو أعطوا أولنك أمانا جديدا.) (۶۲)
وعلى هذا إذا غلب أهل الحرب على دار من دورنا، أو ارتدّ أهل مصر من الأمصار، وغلبوا عليه، وأجزوا أحكام الكفر، أو نقض أهل الذمة العهد، وتغلبوا على دارهم ففي كل من هذه الصور لا تصير دارهم دار حرب إلا بهذه الشروط الثلاثة فإذا تخلف واحد منها، بقيت دار إسلام؛ لأن كل شرط منها جزء علّة، فلا يؤثّر إلا مع سائر أجزاء العلة). (۶۳)
القول الخامس: لا تصير دار حرب ما دام سكانها المسلمون يمكنهم البقاء فيها ، وممارسة بعض الشعائر ، مثل الصلاة والحج والأذان وإقامة الجمع والجماعات والأعياد ، وهو قول المالكية(۶۴) ، وبعض المتأخرين من الشافعية (۶۵)
يقول الدسوقي المالكي (ت ۱۲۳۰ ه.) بلاد الإسلام لا تصير دار حرب بمجرد استيلائهم عليها بل حتى تنقطع إقامة شعائر الإسلام عنها، وأما ما دامت شعائر الإسلام أو غالبها قائمة فيها فلا تصير دار حرب) (۶۶)
القول السادس : رأي ابن تيمية (ت ۷۲۸ ه) أن الدور التي زال عنها حكم الإسلام، وغالبية سكانها مسلمين هي دار مركبة من المعنيين، وقد أفتى بأنها لا تبقى دار إسلام، ولا تصير دار کفر ، بل تصير قسما ثالثا.
فقد سئل عن مدينة ماردين (*)، وكان قد زال حكم الإسلام عنها فقال: (أما کونها دار حزب أو سلم فهي کرکبة فيها المعنيان؛ ليست « بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام؛ لكون جندها مسلمين؛ ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها کفار؛ بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه) (۶۷)
المطلب الثاني: الأدلة الفقهية للتقسيم.
لقد وقع البحث في مستند ومشروعية التقسيم، وهل هو من معطيات النص أو انه فقه وقائع جاء استجابة للتحديات القائمة على وقائع الاشتباك الصراعي نتيجة للفتوحات التي امتدت لقرون؟ ومن المهم أن نذكر أن تقسيم العالم على دور أو محاور أو إتجاهات غرف قديما وحديثا، ولاعتبارات شتّی، بعضها مقبول ، وبعضها مرفوض.
فالرومان قديما كان العالم ينقسم عندهم إلى رومان و برابره ، وكل من عداهم همج ، ومنهم من قسم البشر إلى أبيض وأسود، أو أبيض وملوّن، و أن السيادة يجب أن تكون للبيض! وفي بعض الأحيان انقسم العالم إلى شرق وغرب، قال القائل : الشرق شرق والغرب غرب، ولن يلتقيا وفي وقت آخر انقسم العالم إلى معسكرين: المحور والحلفاء وفي وقت آخر انقسم على معسكر «العالم الحر) أو الديمقراطي، والعالم الاشتراكي صاحب النظام الشمولي ، ومن ثم لم يكن التقسيم الفقهي الإسلامي يدعة أو خرقا للمالوف إذا أخذناه بسياقاته الطبيعية (۶۸)
وما نستطيع أن نسجله ان هذا التقسيم أو تعريف الدار وتحديدها لم يرد في القران ولا المينة، كالصلاة والصيام والحج، مما ورد له تحديد شرعي واضح، وإنما هو عنوان متصيد ومنتزع من نصوص أحكام الهجرة إلا أن البعض (۶۹) قد نفي مشروعية الاستدلال بها باعتبار أن الهجرة قد نسخت.
و أما دليل الإجماع فقد حاول البعض أن يستند إليه القول بمشروعية تقسيم العالم على دار الإسلام ودار الكفر من خلال النظر في تعريفات الفقهاء السابقة ، إلا أن هذا الإجماع لم ينعقد، فقد شاهدنا بعضهم قد قسم الدور على ثلاثة بإضافة دار العهد، كما هو قول الشافعية وبعض الإمامية والحنابلة ، وإن تم هذا الإجماع فهو مدركي .
وللبحث عما جاء في مشروعية التقسيم القائم في الأغلب على قضية الهجرة، مع مناقشة القول بالنسخ، أعرضها وبالشكل الأتي :
أولا : القران الكريم .
الآية الأولى : قال تعالى (إن الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين أمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولاييهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير(۷۰)
وجه الاستدلال: أخبر الله تعالى في هذه الآية عن أحوال المؤمنين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، وعن أحوال الأنصار، والهجرة فراق الوطن إلى غيره من البلاد فرارا من المفتنين في الدين.. ثم بين أن الذين آمنوا ولم يهاجروا فان العلاقة بينكم (كمجتمع سياسي إسلامي) هي علاقة روحية فقط، وليست سياسية، بحيث تقتضي التزامات لهم ولأجلهم، إلا في حالة واحدة ، و هي ما إذا اعتدي عليهم وطلبوا النصرة من المجتمع الإسلامي الدولة الإسلامية) بما هم مسلمون، ففي هذه الحالة يجب على المجتمع الإسلامي، أن ينصروهم، ولكن بشرط ان لا يكون بين هؤلاء الخصوم غير المسلمين وبين المجتمع الإسلامي ميثاق يقتضي امتناع المسلمين من شن الحرب عليهم.
ومعنى هذا أن الميثاق أو العهد هنا أقوى من مجد الإيمان مع اختلاف الدار فيؤسس هذا المعنى لقواعد الاحترام المتبادل وعدم السماح في التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى، بعد دخولها في ميثاق و عهد.
ومن ثم، فان الآية تفرق بين حالين ووضعين ودارين من جهة أن المقيم بين المسلمين يعد منتميا إلى المجتمع السياسي، فيتمتع بحقوق العضوية السياسية ، وبين المقيم بين المحاربين (عدو لكم) فلا يعد منتميا العضوية المجتمع السياسي الإسلامي.
وهذا يقتضي التمييز بين الدور بعضها عن بعض بأوصاف ظاهرة حتى يمكن تطبيق هذا الحكم ويكون في وسع المسلمين الالتزام به، مع اشتراط عدم تماثل الدارين في الحكم، إذ لا يتصور من الشارع الأمر بالخروج من دار إلى دار أخرى مع إن الدارين متماثلتان في الصفة (۷١)
الآية الثانية : قال تعالى (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطا فتحریر رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحریر رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد صيام شهرین متتابعين ثوبه من الله وكان الله عليما حكيما) (۷۲)
وجه الاستدلال : ذكرت الآية الكريمة ثلاثة أصناف من المقتولين خطا ، وبينت حكم كل منهم. فهناك من قتل خطأ من المؤمنين بين المؤمنين ، وبعبارة بديلة (في دارهم)، وهو الذي قال الله فيه: ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحریر رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله الا أن يصدقوا)…
وهناك من قتل من المؤمنين خطأ، ولكنه لا يعيش بيننا، ولكنه يعيش في مجتمع أخر: مجتمع معاد لنا ، فهذا تجب في قتله كقارة، وهي حق الله تعالى: (فتحریر رقبة مؤمنة) ولا تجب له دية ؛ لأنه يعيش في دار أخرى، ومجتمع آخر معاد لنا، وبعبارة أخرى في دولة ومجتمع معاد، ولذا قال ( وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحریر رقبة مؤمنة)، ولم تجب له الدية ، لأن المقيم بين المحاربين لا يعد منتميا إلى المجتمع الإسلامي، فلا يتمتع بحقوق المواطنة السياسية، ثم ان إعطاء الدية الأهله وهم في دولة معادية قد يقوي دولتهم ومجتمعهم على المسلمين .
وهناك صنف ثالث نصت عليه الآية، وهو من كان يعيش في مجتمع آخر، ولكنه ليس مجتمعة معادية لنا، ولا محاربا لأمتنا، بل بينه وبيتنا ميثاق و عهد، يقوم على عدم الاعتداء، أو التعايش السلمي، أو التضامن الدفاعي في السلم والحرب أو غير ذلك فهذا فيه ما في الصنف الأول من وجوب الدية والكفارة؛ لأن المقيم بين المعاهدين يعد منتميا إلى المجتمع السياسي الإسلامي، من جهة أنه المقيم في مجتمع معترف به سياسيا من قبل المسلمين ومن ثم، فالآية الكريمة تشير إلى اختلاف الدور، وإن عبرت عنها باختلاف الأقوام (۷۵) .
الآية الثالثة: قال تعالى (إن الذين توفّاهم الملائكه ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأوليك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيله ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا) (٧٦)
وجه الاستدلال: ان تقسيم الدنيا على دارين يعرف من مقصد الشارع بالهجرة ، والآية أوضحت أن تحمل الظلم مع الرضوخ اله ظلم ؛ فالقران سمي هذا التحمل ظلما وسمی صاحبه ظالمة ؛ لأنه تحمل الظلم ولم يقاومه ولم يهاجر عنه فيقع في مقام المحاسبة من رضي بالعيش بين الكافرين والمشركين ، مع عدم تمكنه من تعلم معارف دينه أو أداء شعائره . وقد استثنت من لا حيلة لهم من النساء والرجال والولدان من وجوب الهجرة (۷۷)
فالأرض التي يستضعف فيها المسلم ويغلب فيها على أمره، وتجب عليه الهجرة منها إلى الأرض التي يعلو فيها شأنه ليست دار إسلام، وإنما هي دار كفر (۷۸)
ومن خلال نصوص الهجرة ومقصدها تمايزت الدور ، فالاستضعاف الذي إشارت له الآية ، يشمل الشخص الذي يعاني من الضعف الفكري والبدني والاقتصادي، فيمنعه ويحجبه عن التعرف على الحق والباطل، أو أنه ذلك الذي يستطيع التعرف على العقيدة الصادقة الحقة، إلا أنه ولمعاناته من عجز جسماني أو مالي أو قيود يفرضها عليه المحيط الذي يعيش فيه، يعجز عن أداء واجباته التي كلف بها بصورة كاملة، كما يعجز عن القيام بالهجرة (۷۹) وقد ذهب الدكتور عبد الله إبراهيم الكيلاني إلى تسمية وتقسيم الدور على دار الهجرة ودار الشرك (۸۰)
ودار الإسلام عند بعضهم هي التي يتحقق فيها الأمان، أو التي تحقق السيادة الأحكام الإسلام أو الكثرة المسلمة التي تحقق التأثير في القرار السياسي المجتمعي فتشكل ضمانه للتمتع بالحرية ، أو الدار التي يحكمها السلطان المسلم، وغير ذلك مما تقدم بيانه في تعريف دار الإسلام.
ثانيا : السنة الشريفة
وقد استدل البعض مضافة للإشارات القرآنية بمجموعة من الأحاديث بعضها في مورد الرد على من قال أن حكم الهجرة قد نسخ، ولذا فمن الأفضل أن نذكر الرأي الأخير، مع بیان تعارضه مع نصوص وجوب الهجرة التي بني عليه التقسيم ، وهي في الوقت نفسه موردة للاستدلال على حكم الهجرة وتقسيم الدور .
ذهب بعض العلماء إلى أن حكم الهجرة بعد فتح مكة قد نسخ ، يقول الشيخ وهبة الزحيلي :
والواقع أن استنباط تقسيم الدنيا على دارين من الدعوة إلى الهجرة غير سليم ؛ لأن ذلك قد نسخ بفتح مكة) (۸۱) وقول النبي (ص): ((لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية )) (۸۲) ويستند النسخ أيضا بما جاء عن عمر بن الخطاب أنه قال : (لا هجرة بعد وفاة رسول الله) (۸۳) وما ورد عن السيدة عائشة قولها: (لا هجرة اليوم) (۸۴)
ولكن يزد على ما جاء من روايات النسخ بان الرواية الأولى معارضة للرواية الثانية ، فالأولى جعلت الأمر بوجوب الهجرة ينتهي بفتح مكة فيما الثانية جعلته بعد وفاة رسول الله والرواية الثالثة مجملة في تعيين المراد «باليوم « الذي انتهی به تشريع وجوب الهجرة ومع التعارض ينبغي طرحهما أو تأويلهما على وفق منهج التعارض بين الراويات (۸۵)
وفي قبال ذلك جاءت روايات أخرى صرحت بعدم انقطاع الهجرة ،
ومنها :
الرواية الأولى : ما جاء عن النبي (ص) : ((أيها الناس هاجروا وتمسكوا بالإسلام، فان الهجرة لا تنقطع ما دام الجهاد)) (۸۶)
الرواية الثانية، قال النبي (ص) : ((ولن تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار )) (۸۷)
الرواية الثالثة: وقوله (ص): ((لن تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل)) (۸۸)
الرواية الرابعة: وقوله (ص) : ((لا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة)) (۸۹)
الرواية الخامسة وما جاء عن الإمام علي ( عليه السلام) :(( الهجرة قائمة على حدها الأول ، ما كان له في أهل الأرض حاجة من مستستر الأمة ومعلنها ، لا يقع اسم الهجرة على أحد إلا بمعرفة الحجة في الأرض، فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر ، ولا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجة فسمعتها أذنه ورعاها قلبه) (۹۰)
ومن ثم، فلا بد من حملها على أن المراد : لا هجرة من مكة . وهذا لا ينافي في استمرار وجوب الهجرة إلى المجتمع السياسي الإسلامي « دار الإسلام» (۹۱)
وقد ذهبوا إلى أن الدليل القرأني منسوخ أيضا بما تقدم ذكره من الروايات ،
ولكن الشيخ محمد مهدي شمس الدين عمد إلى رفع هذا الدعوى بما يأتي:
أولا : لو سلمنا بصحة الرواية المذكورة، فمن المعلوم أن القران لا ينسخ بخبر الواحد ، كما لا يثبت بخبر الواحد أيضا.
ثانيا: إن نسخ الآية – لو سلمنا بان النسخ يمكن بخبر الواحد – يتوقف على العلم بكون الخبر المذكور صادر عن النبي (صلى الله عليه واله) بعد نزول الآية المباركة، وهو غير معلوم ، فلعل الآية نزلت بعد الخبر.
ثالثا : إن النسخ إنما يصار إليه مع تعذر الجمع العرفي بين الآية والخبر ، أما مع إمكان الجمع العرفي فلا يصار إلى النسخ كما هو معلوم الإمكان العمل بالدليلين . وفي مقامنا يحمل الخبر على أن المراد منه هو نفي وجوب الهجرة إلى خصوص مكة، وهو لا ينافي استمرار وجوب الهجرة إلى دار الإسلام (۹۲) وهذا الجمع العرفي قال به عدد من العلماء أيضة. (۹۳)
ويقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين في معرض الرد على هذه الدعوى ، وما يترتب عليها من آثار كالطعن في أطروحة الدولة الإسلامية من خلال إغفال عنصر الأرض بوصفه أحد مكونات الدولة ( وأما القائلون بنسخ وجوب الهجرة.. فيشكل من الناحية الفقهية القول بوجود «وطن» للمسلم بالمعنى السياسي – الجغرافي، كما يشكل القول بوجود «أوطان للمسلمين» بهذا المعنى بلحاظ تعدد المجتمعات الإسلامية ، فلا ينتمي المسلم إلى وطن وإنما إلى أمة، فقط، ولا يمكن أن يرتبط سياسيا بارض محددة ومجتمع سياسي ذي هوية محددة إقليمية أو قومية. بل تكون أرض أمة الإسلام (دار الإسلام) وطئا لكل المسلمين بالمعنى السياسي – الجغرافي . وينبغي أن يتحمل المسلم على هذا مسؤوليات بالنسبة إلى جميع (دار الإسلام) والى جميع أمة الإسلام). (۹۴)
بقي أن نشير إلى بعض الأحاديث التي فهم منها الدلالة على التقسيم ، ومنها :
الرواية الأولى : ذكر الماوردي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال : ((منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها )) (۹۵)
وجه الاستدلال : إن كلمة «دار الإسلام» ودار الشرك» إنما يدل كل منهما على بلد له وصف خاص ، وبسبب هذا الوصف الخاص للبلد يختلف حكمهما عن حكم غيرها ، في عصمت أهلها أو استباحتهم ، إلا مانع شرعي يحول دون العصمة أو الاستباحة كما يختلف الحكم بين الدارين في منح حقوق الرعية المستوطني هذه الدار دون تلك. (۹۶)
إلا أن هذا الحديث لم نعثر عليه في المصادر الحديثية السنية والشيعية إلا عند الماوردي . وتبقى دلالته تامة وتقسيمه جلي وهو عنوان للاستدلال الحديثي بشرط ثبوته.
الرواية الثانية: ويقرب من هذه الموثقة ما جاء، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه، قال: كان رسول الله (ص) إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا، قال (۹۷): « إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم.
ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين (۹۸) فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون مثل أعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي كان يجري علي المؤمنين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين .
فإن هم أبورا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفت عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم .(۹۹)
ودلالة الحديث تشير إلى أن الأرض داران ، (فهنا عبر عن «دار الإسلام» ب« دار المهاجرين «والمعنى واحد ) (۱۰۰)؛ لأن قوله (صلى الله عليه واله) ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين يدل على أن هنالك دار غير دار الإسلام ، وكما يبين الحديث أن بقاء المسلمين بين أظهر المشركين لا يربطهم بالمسلمين سوي العلاقة الروحية أما العلاقة العضوية الاجتماعية والسياسية فغير متوفرة الا بالدار الاسلامية.
وقد يناقش هذا الحديث بأنه وارد قبل فتح مكة، بدليل الأمر بالتحول والهجرة من دارهم إلى دار المهاجرين ، وان هذا الحكم رفع بنسخ حکم وجوب الهجرة إلا أننا نرجح أن الأمر بالهجرة باقي و غير منسوخ.
الرواية الثالثة: روي عن سلمة بن نفيل الحضرمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم) : (عقر دار الإسلام بالشام)) (۱۰۱). وقد صححه نور الدين الهيثمي (ت ۸۰۷ه) بقوله : (رواه الطبراني ورجاله ثقات).(۱۰۲)
قال ابن الأثير (ت۶۰۶ ه) في شرح الحديث ،(عقر دار الإسلام أي أصله وموضعه ، كأنه أشار به إلى وقت الفتن أي يكون الشام يومئذ آمنا منها ، وأهل الإسلام به أسلم .)(۱۰۳) ویری البعض أن هذا الحديث من أجود ما جاءت به الرواية في إثبات مسمى (دار الإسلام) في كلام النبي (ص).(۱۰۴)
ويناقش الحديث بأن دلالته في مورد الحديث الغيبي ووقوع الفتن وموقع الشام منها، وبالتالي كيف يمكن تأسيس أثر قانوني وتمایز دولي له استحقاقاته الجيو أيديولوجية على مورد غيبي الأخر الزمان غير معلوم ؟
الرواية الرابعة: عن جرير بن عبد الله ، عن النبي (ص) أنه قال : (وقال : أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين « قالوا : یا رسول الله ، لم ؟ قال : «لا تراءي ناراهما) (۱۰۵).
قال الشوكاني (ت ۱۲۵۵ه): (رجال إسناده ثقات ) (۱۰۶) وقال الألباني: (حديث صحيح۱۰۷)
فهذا الحديث ظاهر الدلالة على أن الأرض تنقسم على دار الإسلام ودار الكفر ، لأن النبي برأ من المسلم الذی یقیم مع المشرکین في دارهم، و أمره بالهجره إلی دار الإسلام.(۱۰۸)
وقد أجاز البعض من الفقهاء البقاء في البلاد غير الإسلامية ، مع عدم الخوف من الفتنة في الدين والاضطهاد والمنع من ممارسة الشعائر العبادية بل ، ذهب الماوردي (ت۴۵۰ه) (۱۰۹) إلى أن الإقامة أفضل من الهجرة ، لدعوة غير المسمين للإسلام. (۱۱۰)
وأما ما ورد عن الصحابة: فقد جاء في كتاب الصلح الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة ما نصه: ( .. وجعلت لهم «أي : لأهل الحيرة الذين عقد لهم الذمة « أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيا فافتقر ، وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت عنه جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين، وعياله، ما أقام بدار الهجرة، ودار الإسلام. فإن خرجوا إلى دار غير الهجرة، ودار الإسلام فليس على المسلمين النفقة على عيالهم.) (۱۱۱)
إلا أننا لا نرى في نص خالد وكتابه حجة ملزمة ما لم يكشف عن دليل شرعي، كما تتوقف في قبول الرواية، لأن رجلا مثل خالد نحتاط في روايته، لا أقل لوقوع الاختلاف بين المسلمين في توثيقه، غير أنه نص يرد فيه على من قال أن هذا التقسيم لم يجد له حيزا تداوليا فی العصر الراشدي.
ومما تقدم نرى أن هذه النصوص تؤسس وتقسم الدور على دار الهجرة ودار غير المسلمين التي أطلق عليها الفقهاء بدار الكفر ودار الحرب (۱۱۲)
وهذا التقسيم الذي فهم من نصوص الهجرة واضح إلا أن تحديده يبقى خاضعا لمتغيرات الأحوال وأمور الزمان والمكان، وعلى هذا الفهم وقعت الإضافات التي أجريت على التقسيم بعد ملاحظة نصوص الهدنة في القران ومتابعة موارد الحياد ولاسيما قضية بلاد الحبشة ، إذ صنفت بأنها دار حياد .
ومن هنا نفهم اختلاف الفقهاء وان اتفقوا على وجود دار للمسلمين ودار لغيرهم، غير أن تحديد هذه الدار متحرك وغير ثابت ، فمثلا أبا حنيفة قد اشترط منفردا المتاخمة، وهذا الشرط بلحاظ حاله وزمانه ، وليس تحديدا شرعياً.
الهوامش:
(۱) ینظر: سياسات الإسلام المعاصر ، الطبعة الثانية ۷۱۰. ولكن هذا المصطلح وجد في العهد الراشدي ،وأن أول من استعمله هو خالد بن الوليد في رسالته لأهل الحيرة، كما ستعرض ذلك ينظر: أبو يوسف القاضي ، كتاب الخراج الناشر : دار الميلاد ،المطبعة السلفية ، ۱۴۴.
(۲) ینظر الشيخ محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام ، الناشر: دار الفكر العربي – ۱۴۱۵ه، ۵۶
(۳) ينظر: الشيخ محمد مهدي شمس الدين، في الاجتماع السياسي الإسلامي ، الناشر : المؤسسة الدولية، الطبعة الثانية. ۱۴۱۹ه، ۱۲۶- ۱۲۵. ود. محمد خير هيكل ، الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، ۶۷۵.
(۴) ينظر: الشيخ الطوسي (ت۴۶۰ ه) ، المبسوط، ۳/۳۴۳.
(5) ينظر: ابن منظور (ت۷۱۱ه) ، لسان العرب ،۴/ ۲۹۸. الفيروزأبادي (ت ۸۱۷ه) ، القاموس المحيط ، ۳۲/۲.
(۶) المفردات في غريب القران ، الناشر: دفتر نشر الكتاب ، الطبعة الأولى ۱۴۰۴ه، ۱۷۴.
(۷) النهاية في غريب الحديث والأثر، ۱۳۹/۲.
(۸)ابن منظور، لسان العرب ،۲۹۸/۴.
(۹)ينظر: تهذيب اللغة ۱۴/۱۵۴.
(۱۰) ينظر: ابن الأثير النهاية في غريب الحديث والأثر، ۱۳۹/۲. ابن منظور، لسان العرب ، ۴/ ۲۹۸. والقيومي (ت ۷۷۰ه)، المصباح المنير ، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،۱/ ۲۰۳. الفيروزأبادي ، القاموس المحيط ، ۳۲/۲
(۱۱) الزمخشري (ت ۵۳۸ه) ، الفائق في غریب الحديث ، الناشر دار الكتب العلمية بيروت ، الطبعة الأولى -۱۴۱۷ه، ۱/ ۳۸۵ . والعظيم آبادي (ت ۱۳۲۹ه)، عون المعبود، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت ، الطبعة الثانية ۱۴۱۵ه: ۸۹/۲.
(۱۲)الدكتور سعدي أبو حبيب، القاموس الإسلامية
الناشر: دار الفكر دمشق – سوريا، الطبعة الثانية-۱۴۰۸ه، ۳۱۷/۲
(۱۳) ينظر: الجوهري ، الصحاح ، ۲/ ۲۵۹- ۶۶۰. والفيومي ، المصباح المنير ، ۲۰۲/۱-۲۰۳.
(١٤) نوح ،۲٦٠.
(١٥) ينظر: ابن عابدين (ت ۱۲۳۲ه) ، حاشية رد المحتار، ٤/ ٦٦/ ٦٧.
. (١٦) نعمان عبد الرزاق السامرائي ، النظام السياسي في الإسلام ، الطبعة الثانية، ١٤٢١ ه، ۸۷.
(۱۷) د. نصر فريد محمد ، فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية ، الناشر : المكتبة التوفيقية، ٧٤.
(۱۸) ينظر: الشيخ محمد مهدي الأصفية الجهاد ، الناشر: مركز الإعلام الإسلامي ، الطبعة الأولى – ١٤٢١ه، ٢/ ٢٧٥. ود. نعمان السامرائي ، النظام السياسي في الإسلام ، ۸۸.
(١٩) ينظر: العلامة الحلي (ت ۷۲٦ ه) تذکرة الفقهاء (ط ق) ، ۲/ ۲۷۵، والشهيد الأول (ت ۷۸٦ه ) ، الدروس، ۳/ ۷۸، والمحقق الكركي (ت ۹٤٠ ه) ، جامع المقاصد ، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (ع)، الطبعة الأولى ١٤١٠ه، ۱۲۳/٦ . والشيخ محمد حسن النجفي (ت۱۲٦٦ه)، جواهر الكلام ، ٣٨ /١٨٥، ١٨٦. والشيخ محمد مهدي الأصفي، الجهاد، ٤١٢.
(۲۰) ينظر: أبو بكر الكاساني (ت ۵۸۷ه) ، بدائع الصنائع، ٧/ ١٣٠- ١٣١. السرخسي (ت٤٨٣ه) ، المبسوط، ۱۱٤/١٠.
(۲۱) ينظر أحمد بن يحيى المرتضی، البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، الطبعة الأولى، ۳۰۱/۲.
(۲۲) بدائع الصنائع، ۱۳۱/۷.
(۲۳) الشيخ محمد مهدي الآصفي ، الجهاد ،۳۹۶. وينظر : الشيخ محمد حسن النجفي (ت ۱۲٦٦ه)، جواهر الكلام، ٢١/ ٣٥- ۳۶.
(٢٤) السرخسي (ت ٤٨٣ه) ، المبسوط، ١٠/ ١١٤.
(۲٥) بدائع الصنائع، ۱۳۱/۷.
(۲٦) أحمد المرتضی(ت ۸۶۰ ه)، شرح الأزهار، الناشر: مكتبة غمضان – صنعاء – اليمن ، ٤/٥٧١.
(۲۷)الإمام مالك بن انس (ت ۱۷۹ه)، المدونة الكبرى ، ۲۲/۲. وينظر: ابن رشد القرطبي (ت ۵۲۰ه) ، المقدمات الممهدات ، الطبعة الأولى بمطبعة السعادة بمصر – ۱۳۲٥ه، ۲/ ۲۸٥. واحمد بن محمد الصاوي (ت ١٤٢١ه)، بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك ، الناشر: دار المعرفة بيروت – ۱۳۹۸ه، ٢/ ١٦٧.
(۲۸ ) تحقة المحتاج ، الناشر: المكتبة التجارية الكبرى، ٤ /۲۳٠.
(۲۹) الحاوي الكبير، ١٤/ ١٠٤.
(۳۰) ينظر: د. عبد الله إبراهيم الكيلاني، تطور العلاقات بين الدول ، بحث منشور في الموقع الالكتروني اللمسالة القانونية، تم الاطلاع عليه في تاريخ ٢١/ ١٢/ ٢٠١٥م، ١٥.
(۳۱) ينظر: تطور العلاقات بين الدول ،١٥. (۳۲) المعتمد في أصول الدين ، تحقيق : د ونيع زيدان ، الناشر : دار المشرق – بيروت ،۲۷٦.
(۳۳) كشاف القناع ، ٣/ ٤٧.
(٣٤) أحكام أهل الذمة ، ۳۹۹٦٦.
(۳٥) الفتاوى السعدية، ۹۲/۱.
(۳۶) المحلى، ۲۰۰/۱۱.
(۳۷) ينظر احمد بن قاسم العنسي الصنعاني ، البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ، ١/ ٢٥٢.
(۳۸) احتلت بريطانيا «عدن سنة ۱۸۳۹م. ينظر کارل بروکلمان ، تاريخ الشعوب الإسلامية ، ٥٥٦. ترجمة : نييه أمين فارس ومنير العلبكي .
(۳۹ الصنعاني ، البحر الزخار ، ۲٥٤/۱.
(٤٠) كلمة السيادة تعبير يجري في كتب القانون الدولي في العصر الحاضر ومؤدي هذا التعبير أن يكون سلطان الدولة أصيلا غير مستمد من دولة أخرى، وأن يكون ذلك السلطان مبسوطا في كل أجزاء الدولة مهما تتعدد فيها القوميات وتتسع الأراضي وتتباين أجزاؤها ، وان تكون علاقتها بغيرها قائمة على سلطانها ، ولا يكون مستعدا من سلطان آخر إلا أن
يكون تنفيذا لعهد لا يمس الاستقلال، بل يكون منبعثا منه لا من شيء سوى الوفاء بالعهود الذي تقوم عليه العلاقات الدولية الحرة الشيخ محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام ، ۶۰- ۶۱.
(۴۱) ينظر: السرخسي ، الميسوط ،۱۰/ ۱۱۴. والدسوقي، حاشية الدسوقي ، ۱۸۸/۲. والمرتضى اليماني، الأزهار في فقه الأئمة الأطهار ، ۳۲۳ و ابن حزم الظاهري، المحلي ، ۳۵۳/۷ .۲۰۰/۱۱. والشيخ الطوسي (ت۴۶۰ه) ، المبسوط، ۳۴۳/۲.
(۴۲) العلامة الحلي (ت: ۷۲۶ه ) ، تنكرة الققهاء (ط ق)، ۲/ ۲۷۵ – والشيخ محمد مهدي الأصفي ، الجهد ، ۴۱۲.
(۴۳) الشربيني (ت ۹۷۷ ه)، مغني المحتاج ،۴/ ۲۳۲. وابن القاسم الغزي ، شرح ابن القاسم على متن أبي شجاع ، طبعة الحلبي – مصر. ۲۸۹/۱۴۲۳،۲ . و ابن مفلح ، الميدع في شرح المقع ، الناشر : المكتب الإسلامي، طبعة. ۳۷۹/۱۹۸۱،۳. (۴۴) وهبة الزحيلي ، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، ۱۷۵.
(۴۵) د. عبد الأمير كاظم زاهد ، إشكالية فهم النصوص المرجعية لدى الأصوليات الإسلامية المعاصرة ،۳۵۴- ۳۵۵.
(۴۶) لقد صالح النبي (ص) نصارى نجران، فقد أمنهم على أنفسهم وأموالهم من أي اعتداء يقع عليهم، وفي عهد عثمان عقد عبد الله بن سعد بن أبي السراح صلحا مع أهل النوبة ، كان أساسه تأمينهم على أنفسهم ورعاية استقلالهم و مبادلة التجارة معهم، ولم يؤخذ منهم فريضة مالية يؤدونها. وكذلك صنع معاوية مع أهل أرمينية ، فقد عقد معهم صلحا يقرر سیادتهم الداخلية. ينظر: البلاذري (ت ۲۷۹ه)، فتوح البلدان ، الناشر: مكتبة النهضة المصرية .۱۳۷۹ه، ۲۳۶/۲۸۱/۱. وعمر بن شبة النميري (ت ۲۶۲ه) ، تاريخ المدينة، تحقيق : فهیم محمد شلتوت، الناشر: دار الفكر ، الطبعة الثانية .۱۴۱۰ه، ۵۸۴/۲-۸۵ه. ومحمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام،٥٩.
(٤٧) الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ه)، المبسوط ٣/ ١٣٦٣ الماوردي، الأحكام السلطانية، دار الكتب العلمية طبعة. ١٩٨٠، بيروت، ١٧٤ – ١٧٥.
(۴۸) الأحكام السلطانية، ۱۷۰.
(۴۹) الشيخ محمد مهدي الأصفي ، الجهاد ،۴۰۷.
(۵۰) ينظر: وهبة الزحيلي ، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، ۱۷٦. والشيخ محمد مهدي الأصفي ، الجهاد، ٤١٢. والدكتور عبد الأمير زاهد ، إشكالية فهم النصوص المرجعية لدى الأصولية المعاصرة ،۳۵۵.
(٥١) ينظر: الكاساني (ت ٥۸۷ ه) ، بدائع الصنائع، ۷/ ۱۳۰ والسرخسي(٤۸۳ ه) ، المبسوط ،۱۹/۱۰. وابن قدامة (ت٦۲۰ه)، المغني، ١٠/ ٩٥. عبد الرحمن بن قدامة (ت٦۸۲ ه) ، الشرح الكبير ، ۱۰۳/۱۰. وأحمد المرتضى (ت ٨٤٠ ه) ، شرح الأزهار، الناشر: غمضان صنعاء ١٤٠ ه /۰٥۷۱-٥۷٢. (٥٢) فتح العزيز شرح الوجيز، تحقيق : علي محمد معوض و عادل أحمد الموجود ، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت ، الطبعة الأولى -١٤١٧ه، ٤٠٤/۶. (٥٣) محاضرة صوتية بعنوان (دار الإسلام ودار الكفر) منشورة على الانترنت في اليوتيوب . ثم الاستماع
إليها في تاريخ ، ٢٠١٦/۱/٣م .
(٥٤) فقه الجهاد، ۸۸۷.
(٥٥) ينظر: تحفة المحتاج ، ۹/ ۲٦۸-۲٦۹. (٥٦) ينظر: شهاب الدين الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، الناشر: دار الفكر ، الطبعة ۱۹٨٤م ، بیروت ، ۸۲/۸. (٥٧) ينظر: مغني المحتاج ، ۳٦۲/۲.
(٥٨) ينظر: العلامة الحلي (ت ۷۲٦ه)، تذكرة الفقهاء (ط ق)، ۲/ ۲۷۵. والشهيد الأول (ت ۷۸٦ه)، الدروس ، ۳/ ۷۸ والمحقق الكركي (ت ۹٤۰ ه)، جامع المقاصد ۱۲۳/۶ بوالشيخ محمد حسن النجفي (ت ۱۲٦٦ه) ، جواهر الكلام،
٣/ ١٨٦ – ١٨٥ . والشيخ محمد مهدي الأصفي ، الجهاد ، ٤۱۲.
(٥٩) ينظر: السرخسي (ت ٤۸۳ه) ، المبسوط ،١٠/ ١١٤. وأبوبكر الكاساني (ت٥۸۷ ه)، بدائع الصنائع، ۱۳۱/۷. وابن عابدين ، حاشية رد المحتار، ٤/ ٣٥٥.
(٦٠) ينظر: احمد بن يحيى المرتضی، البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، الطبعة الأولى، ۳۰۱/۲.
(٦١) حاشية رد المحتار ، ٤/ ٣٥٥.
(٦۲) العلاقات الدولية في الإسلام ، ۷ه- ٥٨. وينظر: الشيخ وهبة الزحيلي ، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، ۱۷۳.
(٦٣) الشيخ محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام، ٥٧.
(٦٤) الشيخ يوسف القرضاوي : فقه الجهاد ،۸۸۹.
(٦٥) حاشية الدسوقي ، ۱۸۸/۲.
(٦٦) ينظر: الشيخ سليمان البيجر مي ، حاشية البيجر مي علی شرح منهاج الطالبین ، الناشر: دار الكتب العربية بيروت، ٤ / ۲۲۰.
(٦٧) حاشية الدسوقي ، ۱۸۸/۲.
(*) تقع في جنوب تركيا حاليا.
(٦٩) مجموع الفتاوی ، طبعة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم ، ۲٤۱/۲۸.
(۷۰) سورة الأنفال، ۷۲.
(۷۱) ينظر: الشيخ وهبة الزحيلي ، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، ۱۷۰. و د. علي علي منصورة الشريعة الإسلامية والقانون الدولي ، الناشر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة ، ۲۸۰. وحامد سلطان ، أحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية ، الناشر: دار النهضة العربية
– سنة ۱۹٧٤م، ۱٦۵.
(۷۲) النساء، ۹۲.
(۷۳) ينظر: الشيخ الطوسي (ت٤٦٠ه) ، التبيان في تقسير القران ،٠/ ١٦٢. والشيخ الطبرسي (ت ٥٤٨ه) ، مجمع البيان ، -٤/ ٤٩٦ – ٤٩٧. والشيخ محمد مهدي شمس الدين ، في الاجتماع السياسي الإسلامي ، ۱۲۰-۱۲۷ . و د. محمد خير هيكل، والجهاد والقتال في السياسة الشرعية ، ٦۷۵. وعابد بن محمد السفياني ، دار الإسلام ودار الحرب، رسالة ماجستير، ١٤٠١ه، ۳٥. والشيخ يوسف القرضاوي، فقه الجهاد ، ۸۷۱- ۸۷۲.
(٧٤) النساء، ۹۲.
(۷٥) ينظر: الشيخ يوسف القرضاوي ، فقة الجهاد، ۸۷۰، والشيخ محمد مهدي شمس الدين ، في الاجتماع السياسي الإسلامي ، ١٢٥-۱۲٦.
(۷٦) النساء، ۹۷- ۹۸ – ۹۹.
(۷۷) ينظر: الشيخ محمد حسن النجفي،جواهر الكلام، ۳۶/۲٤۔۳٥. والشيخ محمد مهدي الأصفي ، الجهاد، ٤٠٢ – ٤٠٣ .
(۷۸) د. عبد العزيز الأحمدي ، اختلاف الدارين وآثاره في أحكام الشريعة الإسلامية، الطبعة الأولى -١٤٢٤ه – السعودية ، ١/ ٣٠٤.
(۷۹) ينظر: الشيخ ناصر مکارم شیرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل،٣/ ٤١٠.
(۸۰) ينظر: تطور العلاقات بين الدول، ۱۲.
(۸۱) آثار الحرب في الفقه الإسلامي ، ۱۷۱.
(۸۲) البخاري (۲٥٦ه) ، صحيح البخاري، ۲۰۰/۳ ومسلم النيسابوري (ت ٢٦١ ه)، صحیح مسلم،۲۸/٦ واحمد بن حنبل (۲٤۱ ه) ، مسند احمد، ۲۲/۳. والدارمي (۲٥٥ ه)، سنن الدارمي، ۲۳۹/۲.
(۸۳) النسائي (ت ۳۰۳ه) ، السنن الكبرى ، ٤/ ٤٢٧. ٥/ ٢١٦. وأبو يعلى الموصلي (ت ۳۰۷ه) ، مسند أبي يعلى، ۱٦۷/۱. والمتقي الهندي (ت ۹۷٥ ه)، کنز العمال، ١٦/ ١٦٦. (۸۶) البخاري (۲٥۶ه)، صحيح البخاري، ۲٥۳/٤.
(۸٥) ينظر: الشيخ محمد مهدي شمس الدين، في الاجتماع السياسي الإسلامي ، ۱۲۹.
(۸٦) الطبراني (ت۳۶۰ه) ، الأحاديث الطوال، تحقيق : مصطفي عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت ، الطبعة الأولى، ١٤١٢ه، ٣٤. وإسماعيل الأصبهاني (ت ٥٣٥ ه) ، دلائل النبوة، تحقيق : محمد محمد الحداد ، الطبعة الأولى . ١٤٠٩ه، ۱۵۲. والمتقي الهندي (ت ۹۷٥ ه)، کنز العمال :٦٥٦/١٦.٦۱۸/۱۳.
(۸۷) النسائي ، سنن النسائي ١٤٧.١٤٦/۷. (۸۸) الطبراني (ت ۳٦۰ه) ، مسندالشاميين، ٤٣٦.٤٣٥/۲. والمتقي الهندي كنز العمل، ١٦/ ٦٥٩.
(۸۹) احمد بن حنبل ، مسند احمد، ۱۹۲/۱. والطبراني ، المعجم الأوسط، ۲۳/۱. المعجم الكبير ، ۳۸۱/۱۹.
(۹۰) نهج البلاغة ، الخطبة ۱۸۹.
(۹۱) الشيخ محمد مهدي شمس الدين ، في الاجتماع السياسي الإسلامي، ۱۳۰-۱۳۰.
(۹۲) في الاجتماع السياسي الإسلامي ، ۱۳١.
(۹۳) ينظر: الشيخ محمد مهدي الأصفي، الجهاد، ٤٠٦.
ومحيي الدين النووي (تا ٦٧٦ه)، المجموع، ١٩/ ٢٦٤، وابن قدامة (ت٦٢٠ه)، المغني٥١٤.٥١۳/۱۰. والشوكاني (۱۲٥٥ه) ، نيل الأوطار، ۱۷۸/۸ و ابن حجر (ت ۸۵۲ ه)، فتح الباري ٧ /۱۷۹.
(٩٤) المصدر نفسه، ۱۲۸-۱۲۹.
(۹۵) الأحكام السلطانية ، الناشر: نوع دار التعاون للنشر والتوزيع عباس أحمد الباز – مكة المكرمة، الطبعة : الثانية . سنة الطبع : ۱۳۸٦ – ۱۹٦٦م، ٦٠.
(۹٦) ينظر: د. محمد خير هيكل ، الجهاد والقتال فيرالسياسة الشرعية، ٦٦١.
(۹۷) الحر العاملي (ت ١١٠٤ه)، وسائل الشيعة ،١٥/ ٥٩.
(۹۸) الشيخ المنتظري ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، ٣/ ٣٨٤.
(۹۹) مسلم النيسابوري (ت ۲۶۱ه)، صحیح مسلم، ٥ /١٣٩- ١٤٠. وأحمد بن حنبل (ت ۲٤١ه) ، مسند أحمد، ۳٥۲/۵.
(۱۰۰) الشيخ القرضاوي ، فقة الجهاد ، ٨٧٢.
(۱۰۱) الطبراني (ت ۳٦۰ه) ، المعجم الکبیر، ۷/ ٥٣. والمتقي الهندي (ت ۹۷۵ ه) ، كنز العمال ،١٢/ ٢٧٤. وأخرج أحمد بن حنبل حديث سلمة بن نفيل بعبارة (ان عقر دار المؤمنين الشام) ، مسند أحمد ، ٤/١٠٤. (۱۰۲)مجمع الزوائد، ١٠/ ٦٠.
(۱۰۳) النهاية في غريب الحديث والأثر، ۲۷۱/۳.
(١٠٤) الشيخ يوسف القرضاوي، فقه الجهاد، ۸۷۳.
(۱۰۵) سليمان بن الأشعث السجستاني (ت ۲۷٥ه)، سنن أبي داود، ١/ ٥٩٥. والترمذي ، سنن الترمذي، ۸۰/۳.
(١٠٦) نيل الأوطار، ۱٧۶/۸.
(۱۰۷) إرواء الغليل ، ۳۰/۵.
(۱۰۸) عبد العزيز الأحمدي ، اختلاف الدارين واثاره في أحكام الشريعة الإسلامية، ۳۰۹/۱.
(۱۰۹) معالم السنن ، ٣/ ١٠٥.
(۱۱۰) الحاوي الكبير، ١٤/ ١٠٤. الشربيني (ت۹٧۷ ه)، مغني المحتاج ،۲۳۹/٤. شمس الدين الرملي (ت ١٠٠٤ه)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، ۸۲/۸.
(۱۱۱) ابو يوسف، کتاب الخراج، ۱٥٥-۱۵٦. عمر رضا كحالة ، خالد بن الوليد سيف الله ، ٩۳.
(۱۱٢) ينظر عبد الله إبراهيم زيد الكيلاني، تطور العلاقات بين الدول ،۱۲.
المصدر: مجلة ” دراسات الأديان” مجلة نصف سنوية محكمة تصدر عن قسم دراسات الأديان في بيت الحكمة – بغداد العدد ( 31 ) لسنة 1438 هـ / 2016م.
أ.د. عبد الأمير كاظم زاهد* كلية الفقه جامعة كوفة
م.م. حيدر شوكان سعيد كلية الدراسات القرآنية / جامعة بابل