الاجتهاد: إن لعلم أصول الفقه من أهمية باعتبار الدور الذي يلعبه في عملية استنباط الإحكام الشرعية، فعلم الأصول هو أساس الفقه، والركن الركين في الاجتهاد، وعلى هذا الأساس أهتم علماء الشيعة الأمامية بعلم اصول الفقه وبذلوا جهوداً مظنية واعتنوا عناية فائقة بدراسة هذا العلم وتشييد قواعده ورسم مناهجه. ومن جملة الأمور التي أهتموا بها هو مسألة تقسيم مباحث علم الأصول وتبويب مسائله، فبحثوا عن تحديد المعيار والاساس الذي ينبغي أنْ تصنّف على اساسه مباحث هذا العلم من جهة، وترتيب مسائل العلم بعضها على البعض الآخر في البحث من جهة ثانية.
الباحثان: أ م د بلاسم عزيز شبيب – م.م جبار محارب عبدالله
استيفاء البحث في هذا الموضوع يقع في تمهيد ومطلبين: أمّا التمهيد فنتناول فيه تحديد المفردات الواردة في العنوان، وتوضيح محل البحث، وأمّا المطلب الأوَّل فالحديث فيه يقع عن تصنيف مباحث العلم وتبويبها بشكل عام، وأهم الأُسس المعتمدة في ذلك، وأمّا المطلب الثَّانِي فيكون الحديث فيه عن ترتيب مسائل العلم بعضها على البعض الآخر في البحث والتحقيق على أساس الترابط بينها، ومراعاة التقدُّم الرُّتبي، بمعنى أنَّ بَعْض المسائل تتفرّع عَلَى بَعْض آخر في تصوراتها، بحيث يكون هُنَاك ارتباط بين تلك المسائل بعضها ببعض، ثم نختم ذلك بخاتمة نتعرض فيها لأهم النتائج، وثم فهرست المصادر والمراجع.
فهرست الموضوعات
1- العنوان.
2- فهرست الموضوعات.
3- المقدمة.
4- التمهيد.
5- المطلب الاول: تقسيم المباحث الاصولية.
6- التقسيم التقليدي.
7- تقسيم الشيخ الانصاري.
8- المطلب الثاني: ترتيب المسائل الاصولية.
9- بعض التطبيقات.
10- نتائج البحث.
11- فهرست المصادر والمراجع.
ليس خافياً على احد ما لعلم أصول الفقه من أهمية باعتبار الدور الذي يلعبه في عملية استنباط الإحكام الشرعية، فعلم الأصول هو أساس الفقه، والركن الركين في الاجتهاد، إذ الهدف من هذا العلم هو منح الفقيه القدرة الكافية على استنباط الأحكام الشرعية،
فإنّ علم الفقه يحتاج الى صناعة وقواعد لتنقيح حجية الادلة الفقهية، حتى يجوز الاستناد إليها في مقام استنباط الاحكام الشرعية، وذلك إنّما يتم في علم اصول الفقه، فـعلم اصول الفقه هو المفتاح والباب الرئيسي لعلم الفقه، ومن دونه لا يمكن للفقيه معرفة طرق الاستنباط الشرعي.
وعلى هذا الأساس أهتم علماء الشيعة الأمامية بعلم اصول الفقه وبذلوا جهوداً مظنية واعتنوا عناية فائقة بدراسة هذا العلم وتشييد قواعده ورسم مناهجه، فالأصوليون طيلة تأريخ علم الأصول لم يتماهلوا في الفحص والتدقيق والتتبع في سبيل التعرف على الأمور واستكناه الحقائق، فراحوا يسبرون أغوار الفكر بتأملاتهم ورياضاتهم الفكرية، فلم يدّخروا جهداً على طول الخط، ولم يتوانوا في البحث والتفكير في قواعد هذا العلم، فكانوا ولا زالوا متواصلين في رفد المسار العلمي والمعرفي في سبيل الارتقاء بهذا العلم.
ومن جملة الأمور التي أهتموا بها هو مسألة تصنيف مباحث العلم وتبويب مسائله، فبحثوا عن تحديد المعيار والاساس الذي ينبغي أنْ تصنّف على اساسه مباحث هذا العلم من جهة، وترتيب مسائل العلم بعضها على البعض الآخر في البحث من جهة ثانية.
واستيفاء البحث في هذا الموضوع يقع في تمهيد ومطلبين: أمّا التمهيد فنتناول فيه تحديد المفردات الواردة في العنوان، وتوضيح محل البحث، وأمّا المطلب الأوَّل فالحديث فيه يقع عن تصنيف مباحث العلم وتبويبها بشكل عام، وأهم الأُسس المعتمدة في ذلك، وأمّا المطلب الثَّانِي فيكون الحديث فيه عن ترتيب مسائل العلم بعضها على البعض الآخر في البحث والتحقيق على أساس الترابط بينها، ومراعاة التقدُّم الرُّتبي، بمعنى أنَّ بَعْض المسائل تتفرّع عَلَى بَعْض آخر في تصوراتها، بحيث يكون هُنَاك ارتباط بين تلك المسائل بعضها ببعض، ثم نختم ذلك بخاتمة نتعرض فيها لأهم النتائج، وثم فهرست المصادر والمراجع.
يقول المؤلف في الفصل الأول من بحثه و هو تصنيف وتبويب المباحث الأصولية: المعروف أنَّ تصنيف المباحث في أيّ علم كَانَ لصيق بالعلم لا ينفكّ عنه؛ ولهذا عُدَّ تقسيم العلم أو الكتاب مِنْ الرؤوس الثمانية الَّتِي تذكر في بداية الكتاب، على أنَّها مِنْ المقدمات.
وعلى أساس ذَلِكَ، فَمُجَرَّد وجود مجموعة مِنْ مسائل تنتمي إلى حقل مُعيّن مِنْ حقول المعرفة يلازمها عملية تصنيف تلك المسائل وتبويبها، إذْ أنَّ تقسيم المباحث وتصنيفها يهدف إلى التعرُّف على كيفية ترابط الأبحاث ونكتة تقسيمها، وتحديد المادة العلمية التي يكون البدء والشروع منها، والتعرّف على الطريق الذي يؤدي الى الهدف، وغير ذلك من الفوائد المتوخاة من تقسيم مباحث العلم وتصنيف مسائله.
وَلابُدَّ أنْ تخضع عملية تبويب المباحث وتصنيف المسائل إلى نظام يُعبِّر عنه في علم المنطق بأساس القسمة، فيتمّ تنظيم أبواب العلم وفصوله على أساس ذَلِكَ النظام، ولا ينبغي أنْ تذكر وتعرض أبواب العلم بشكل مشوّش ومشتت.
وعلم أصول الفقه لَمْ يشذّ عَنْ هَذِهِ القاعدة، ولذلك نجد أنَّ عملية تصنيف مباحثه كانت حاضرة مُنْذُ بداياته الأولى، فالتبويب الذي يمكن استخلاصه مِنْ مؤلفات أصول الفقه الشيعية القديمة ـ كالتذكرة بأصول الفقه للشيخ محمَّد بن محمد المفيد، ت: 413هـ، والذريعة إلى أصول الشريعة للسيد علي بن الحسين المرتضى، ت: 436هـ، والعدة في أصول الفقه للشيخ محمَّد بن الحسن الطوسي، ت: 460هـ، وغنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع، للسيد حمزة بن علي بن زهرة، ت: 585هـ ـ هُوَ بِهَذَا الشكل:
الخطاب وأحكامه، مسائل العلم والظن، الأمر، مُقدِّمة الواجب، النهي، النهي عَنْ الضدّ، الإجزاء، العام والخاص، المفاهيم، المجمل والمبين، الناسخ والمنسوخ، الخبر ونقل الخبر، الأفعال، الإجماع، القياس، الاجتهاد، الحضر والإباحة، استصحاب الحال.
وقيل عن هذا التبويب أنّه مقتبس بكليته مِنْ تبويب أصول الفقه السني، مَعَ إضافة بَعْض المواضيع أحياناً.
ثمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظهر تصنيف وتبويب، أُطلق عَلَيْهِ فيما بَعْدَ بالمنهج التقليدي، وهو تقسيم مباحث علم الأصول إلى أربعة أقسام:
1ـ المقدمة في الوضع والاستعمال والصحيح والأعمّ والحقيقة الشرعية والمُشتق ونحوها.
2ـ مباحث الألفاظ، كباب الأوامر والنواهي، والعام والخاص، والمطلق والمقيّد، والمفهوم والمنطوق.
3ـ مباحث الدَّليل، وَهُوَ إمَّا سمعي كالكتاب الذي يبحث عَنْ حجّيّة ظواهره، وَالسَّنَة الَّتِي يبحث عَنْ كيفية ثبوتها، وما يتعلّق به مِنْ تعارض الجرح والتعديل في الرواة، وتحقيق واقعية بَعْض كتب الحديث كفقه الرضا مثلاً، والإجماع وأنواعه مِنْ المحصّل والمنقول، وَإمَّا عقلي ويبحث فيه عَنْ الحسن والقبح العقليين، وقاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع، وأصالة العدم وعدم الدَّليل دليل العدم، ومبحث الاستصحاب والقياس.
4ـ الخاتمة في التعادل والتراجيح.
ولعلَّ أساس هَذَا التقسيم هُوَ ملاحظة موضوع علم الأصول، حَيْثُ إنَّ موضوع علم الأصول هُوَ أدلّة الفقه، «فلما كَانَ محور علم الأصول هُوَ الدَّليل الفقهي كَانَ مدار أبحاثه حول الدَّليل نفسه، وأقسامه مِنْ السمعي والعقلي، وعوارضه الثبوتية كالإطلاق والتقييد، والتعادل والتراجيح، والتضادّ والتلازم، والإثباتية كمباحث الأوامر والنواهي والعام والخاص والمنطوق والمفهوم»
وَقَدْ استمر هذا التصنيف متداولاً الى عصر الشيخ مرتضى الانصاري، ت: 1281هـ تقريباً، واعترض على هَذَا التصنيف بأنَّ هُنَاك جملة مِنْ البحوث أُدرجت في غَيْر بابها المُنَاسِب، فَهُنَاك تداخل في المباحث، «فمثلاً مبحث المشتقّ كَانَ يُعدّ مِنْ المقدمات وينبغي أنْ يُعدّ مِنْ مباحث الألفاظ، ومقدمة الواجب ومسألة الإجزاء ونحوهما كانت تُعدّ مِنْ مباحث الألفاظ، وَهِيَ مِنْ بحث الملازمات العقلية… وهكذا».
وعلى أيّ حال بَعْدَ الاعتراض على التصنيف السائد ما قبل عصر الشَّيْخ الأنصاري برزت عِدَّة تقسيمات لمباحث علم الأصول، وعَلَى أُسس مختلفة، فَكُلّ مدرسة أصولية أو عالم أصولي يذهب إلى تقسيم خاص، نظراً لمعيار معيّن يراه مناسباً في اعتماده.
تحميل المقالة