الاجتهاد: يكون منهج البحث في كتاب دليل العقل عند الشيعة الإمامية قائمة على أساس المقارنة، وبخاصة في البحث الرئيس في الكتاب، أعني دليل العقل، وطريقته في ذلك أن يعرض للموضوع بشيء من التحديد، يشخّص مدلوله لدى العلماء ثم يستقرئ آراء الأصوليين على إختلاف مدارسهم الفكرية فيه مع عرضه لأدلتهم وما ذكر عليها من نقوض، ويناقش بعد ذلك ما وجد إلى المناقشة سبيلا، ثم يختار ما يختار مستدلاً بما يملكه من أدلة. وأهم ما قدمه هو إحداث نوع من التلاقح الفكري بين أرباب المدارس المختلفة وتصحيح نظرة بعضهم إلى بعض.
يقول المؤلف قد كنت بحكم عملي في العراق، قد اختلطت بكثير من أتباع المذهب الإمامي، وأتيحت لي فرصة الإطلاع على عيون كتبهم. وكان ممّا لفت إنتباهي بقوة، هو جعلهم العقل أحد مدارك الأحكام الشرعية إلى جانب الكتاب والسنة والإجماع.
فعزمت على البحث عن “دليل العقل” لديهم، والكتابة فيه وقصدت مدينة النجف موئل علمائهم، وموطن المجتهدين منهم، والتقيت ببعض الأفاضل منهم، فرحبوا بي وبالفكرة التي عرضتها عليهم، إلا أن أكثرهم، – والحق يقال-، كان مشفقاً علىَّ.
فالموضوع من القوة والمتانة؛ بحيث قد يصعب على مثلي (الخوض فيه): لأنني لست شيعي المذهب، بل شافعية، ولم أدرس أصول الفقه وعقائد الإمامية على علماء المذهب، بل في جامعة الأزهر، وتلافيأ لذلك فقد اتصلت أثناء كتابة هذه الرسالة بالعديد من علماء المذهب، أسألهم عن بعض المسائل وعرض عليهم ما أتوصل إليه من أفكار..”
بهذه الكلمات يقدم الكاتب رسالته التي تكشف عن جهد كبير بذله في إعدادها، وإنصاف علمي مشهود، سواء وافقته في الرأي أم خالفته!
وما أحوجنا في مثل هذه الفترة من تاريخ أمتنا إلى أن يفهم أحدنا الآخر، وُصلَةً إلى تحقيق وحدة لا تلغي التنوّع، بعيدا عن الصّور النمطية التي يغلب عليها الزيف ويثقلها تاريخ من التعصب الناتج عن سوء الفهم أو الغرض الذميم…
يقول آية الله السيد محمد تقي الحكيم”ره” في تقديمه للكتاب: قد كشف المؤلف وهو يلخِّص أو يستدل أو يناقش عن توفّره على هذه الأوّليات، وهذا التوفّر إنما كان نتيجة لجهده الشخصي- فيما اعتقد – لأن كثيرا من المصطلحات التي شاعت في مصادر الإمامية في البحوث التي جدّت، كان فهمها يحتاج إلى مثل ذلك الجهد، لعدم وجود قسم من أوّلياته في مناهج التدريس الجامعية كما نعلم.
أما منهج البحث فقد كان قائمة على أساس المقارنة، وبخاصة في البحث الرئيس في الكتاب، أعني دليل العقل، وطريقته في ذلك أن يعرض للموضوع بشيء من التحديد، يشخّص مدلوله لدى العلماء ثم يستقرئ آراء الأصوليين على إختلاف مدارسهم الفكرية فيه مع عرضه لأدلتهم وما ذكر عليها من نقوض، ويناقش بعد ذلك ما وجد إلى المناقشة سبيلا، ثم يختار ما يختار مستدلاً بما يملكه من أدلة، وهذا النهج كشف عن مقدار ما يملكه من أصالة وإن كنّا نختلف معه في الكثير ممّا إنتهى إليه من آراء.
ويقول المؤلف: ولمّا كان بحث دليل العقل، غير قاصر على المذهب الإمامي بل تناولت فيه – على سبيل المقارنة – آراء المذاهب الأخرى، ولا سيما آراء أهل السنة والجماعة فقد رأيت أن أخصِّص مبحثاً لأدلة الأحكام، عند أهل السنة والجماعة، وذلك لإزدواج شخصية البحث – كما قلت – وحتى تتم الفائدة من المقارنة بين طرق الاستدلال، وطريقتي البحث لدى أهل السنة والإمامية.
وهكذا جاء التمهيد أو (المدخل) كما أطلقت عليه أطول من المعتاد في مثل هذه الرسالة، إذ وقع في ثلاثة مباحث متلاحقة.
المبحث الأول: هي أدلة الأحكام عند أهل السنّة والجماعة، منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى عصر أئمة الاجتهاد.
المبحث الثاني: هي أدلة الأحكام الشرعية عند الشيعة الإمامية، في عصريّ النص والاجتهاد.
المبحث الثالث: في التعريف بالعقل من حيث هو، وموقف المذاهب الإسلامية من مدركاته على سبيل الإجمال، ثم التعريف بالعقل، الذي هو دليل على الأحكام الشرعية عند الإمامية.
ولمّا كان الدليل العقلي قد يستقلّ بإدراك الحكم الشرعي، وقد لا يستقلّ بذلك، بل يستعين بحكم شرعي آخر، فقد وقع بحث الموضوع في مقصدين.
المقصد الأول: في المستقلات العقلية.
المقصد الثاني: في غير المستقلات العقلية.
ولمّا كان استقلال العقل، بالحكم مبنياً على إدراكه، لما في العقل من حُسن أو قبح عقليِّين، وعلى حكمه بالتلازم بين حكمه وحكم الشرع، فقد وقع بحث المستقلات العقلية في مبحثين وخاتمة.
المبحث الأول: في الحُسن والقبح العقليين
المبحث الثاني: في الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع.
أما الخاتمة ففي ځجية دليل العقل
ولمّا كانت أهم موارد غير المستقلات العقلية، والتي صارت موضع للنزاع، خمس مسائل فقد وقع البحث فيها في خمسة مباحث.
المبحث الأول: في الأجزاء.
المبحث الثاني: في مقدمة الواجب.
المبحث الثالث: في الضدّ.
المبحث الرابع: في إجتماع الأمر والنهي.
المبحث الخامس: في إقتضاء النهي الفساد.
وأخيرا ختمت البحث بخاتمة ضمّنتُها أهم ما توصّلت إليه من نتائج.
الكتاب: دليل العقل عند الشيعة الإمامية بحث موضوعي للدليل الرابع من أدلة الأحكام الشرعية مقارن بآراء المذاهب الإسلامية
اسم المؤلف : رشدي محمد عرسان عليان
عدد الصفحات : 472
تاريخ النشر : 1-1-2008
دار النشر : مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي
لتحميل الكتاب أضغط على الصورة