خاص الاجتهاد: دراسة نقدية في مشروع قانون الأحوال الشخصية المدني وفقاً لفقه الشيعة الإمامية، هو موضوع كتاب ( الأحوال الشخصية بين الشرع والقانون) لمؤلّفه الشيخ إسماعيل حريري، الذي يقول في مقدّمته: «لقد رغّبني بعض الإخوة الأفاضل من أهل العلم بإبداء ملاحظات نقدية طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء على ما يُتداول من مشروع أحوال شخصية مدنية، يعمل كاتبوه ومروّجوه على تشريعه طبقاً للقانون اللبناني.
وقد كان الرأي، بدايةً، أن أنظر فيه نظرة سريعة وإعطاء ملاحظات سريعة ومبدئية أيضاً، إلّا أنّه وبعد اطّلاعي على نصوص موادّ القانون المذكور رأيتُ أنّ أخْذَ الوقت في دراستها وإبداء الرأي الشرعي فيها أَولى وأولى، خصوصاً أنّي لم أجد فيما كُتب حول هذا الموضوع، مع قلّته، مَن استوفاه بجميع موادّه وبالنظرة الشرعية التفصيلية غالباً، مع أهمّية ذلك لاشتماله على موادّ تناقض أحكام الشريعة الإسلامية مناقضة تامّة».
يضيف: «مشروع القانون المذكور مؤلّف من 244 مادّة موزّعة على 32 عنواناً، وتبحث في تفاصيل الأحوال الشخصية للإنسان؛ من زواج، وطلاق، وإرث، ووصيّة، وأحكام أولاد، وما يتعلّق بكلّ ذلك من حقوق وواجبات».
من خلاصة مباحث الكتاب:
*) إنّ هذا المشروع (مشروع قانون الأحوال الشخصية المدني) كُتب على خلفية رفض الدين وأحكامه خصوصاً الدين الإسلامي، لأنّه في أغلب موادّه مخالف لأحكامه وتشريعاته.
*) أغلب موادّ هذا المشروع، إن لم تكن كلّها، موافقة للقوانين الغربية المتّبعة في الغرب في نطاق الأحوال الشخصية.
*) اعتمد مقترحو هذا المشروع للترويج له على طرح شعارات العدل، والمساواة، ونحوها لجذب الناس المنخدعين إليه.
*) تسمية أحكام الدين بقوانين الطوائف إنّما هو تعمية من قبل أصحاب هذا المشروع لإبعاد المسلمين عن دينهم، ولإظهار الأمر وكأنّه صراع أو مواجهة بين قانونَين؛ أحدهما قديم من مئات السنين، والآخر جديد حديث يناسب متطلّبات العصر والحضارة، وكأنّها حرب بين واضعَين بشرييِّن!!!
*) ليست المسألة فقط زواج مدني، بل تتعدّى إلى ما هو أعمق وأخطر من ذلك، حيث يلغي هذا القانون ارتباط المسلم بدينه ابتداءً من عقد الزواج الذي يُعقد بكيفية غير مقرّة شرعاً، ولا تنتهي بأحكام الأولاد والزوجة وحقوقهم والوصية والإرث بكلّ تفاصيلها، المخالفة عموماً لأحكام الدين الإسلامي الحنيف.
*) إنّ على المسلمين أن لا ينخدعوا بهكذا مشروع اعتقاداً منهم بصلاحه، وهو في الواقع يبعدهم عن دينهم، وليفهموا أنّ أحكام الدين الإسلامي هي أحكام مستفادة من أدلّة شرعية، عُمدتها كتاب الله وسنّة نبيّه (وسيرة) خلفائه من أهل بيته الطاهرين…
*) قد ثبت بالدليل الشرعي عند المسلمين جميعاً أن المسلمة لا يجوز لها أن تتزوج بغير المسلم ولو كان من أهل الكتاب (النصاری واليهود – والمجوس والصابئة عند بعض الفقهاء -)، ومشروع الأحوال الشخصية هذا يتيح للمسلمة هذا الزواج بحجة حرية الإختيار، وأن الاختلاف في الدين لا يمنع من هكذا ارتباط، فيكون بذلك مخالفا لشرع الله تعالى، وتكون المسلمة بهذا الزواج عاصية آثمة إذا أوقعته عن علم وعمد، وهو باطل، ومع علمها بذلك تكون علاقتها الجنسية بل مطلق ملامسة مع الطرف الآخر غير المسلم محرمة.
*) لم يثبت أن هناك هجراً بين الزوجين شرعاً دون انفصال بالطلاق، وبالتالي فأي انفصال بينهما بمعنی ابتعادهما عن بعضهما البعض في المسكن لا يترتب عليه آثار الطلاق أبداً، بل لا يجوز في بعض الحالات التي تكون فيه مخالفة لأحكام شرعية، أو تضييع الحقوق الطرف الآخر بدون رضاه.
*) يخالف هذا القانون قاعدة شرعية مسلمة عند المسلمين جميعا وهي قاعدة الفراش لقول النبي محمد “صلى الله عليه آله وسلم”: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، حيث يُلحق ولداً برجل لا يُنسب إليه شرعاً لتولّده منه بفاحشة الزنا – والعياذ بالله – فيجعله ولداً له، له ما للولد الشرعي من حقوق حتى في الإرث، بل حتى مَن لم يكن من ماء الرجل تكوينا وتبنّاه صار إبناً له بالقانون المذكور، له ما للولد من صلبه.
*)- لم يتضح ولن يتضح ما هو مستند أصحاب هذا المشروع وكاتبيه للمواد المذكورة في هذا القانون بحيث اعتمدت هي دون سواها، وما هو المرجح لها على غيرها من مواد قوانين أيضا موجودة في عالم القوانين الوضعية؟ لا نرى مستنداً لها ومرجحاً سوى استحسان هذا القانون دون ذاك بحسب ما اقتنع به کاتبه برأيه.
ومتى كان الرأي الخاص هو الفيصل في بتّ الأمور؟!
في حين نرى بوضوح وإنصاف أن مستند الأحكام الشرعية أساساً: كتاب الله وسنة نبيه وأوصيائه من أهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وإنما الفقيه المجتهد يُعمِل جهده وعلمه ودقته في مراجعة الأدلة الشرعية ليستخرج منها أحكاماً يقدمها لعامة المكلفين لتكون لهم سبيلاً يسلكونه في تفاصيل حياتهم ودنياهم، وهم على ثقة بأن ربهم الذين خلقهم يريد منهم الأخذ بهذه الأحكام ما دام الوصول إلى أحكامه الواقعية غير ممكن بعد انقطاع التواصل بهذه الأحكام لفقد الواسطة وهو النبي، والأئمة الطاهرين عليهم السلام .
*)– لم تكن الملاحظات التي قُدّمت في هذه الدراسة تهدف إلاّ إلى إلفات نظر المسلمين إلى خطورة ما يطرح من مشاريع أحوال شخصية بغية إبعادهم عن دينهم عقيدة وشريعة، واستسهال المخالفة الأحكام الدين الحنيف من خلال تصويرها بصورة قانون الطوائف والمذاهب مما يسقط قدسيتها ومكانتها في نفوس المسلمين وعقولهم.
فمن خلال طروحات معيّنة تمس عقيدة المسلم يعملون على إبعاده عن عقيدة الإسلام الحنيف. ومن خلال طروحات معيّنة أيضاً كمشروع الأحوال الشخصية يعملون على إبعاده عن أحكام الإسلام الحنيف، فكانت هذه الدراسة النقدية والمقارنة ولو بنحو من الأنحاء لبيان مواضع الزلل ونقاط الخلل وما أكثرها في هذا المشروع.
الكتاب: الأحوال الشخصية بين الشرع والقانون.. دراسة نقدية في مشروع قانون الأحوال الشخصية المدني وفقاً لفقه الشيعة الإمامية»
المؤلّف: الشيخ إسماعيل حريري العاملي
الناشر: «دار الولاء»، بيروت 2016م
عدد الصفحات: 252
تحميل الكتاب