تناول الشيخ حسن الصفار خلال الندوة الجمعة الأسبوعية في مجلسه الموضوعات التالية: تمييع الالتزام بالأحكام الشرعية / انعكاس شخصية الفقيه في موضوع إصدار الفتوى نحو التيسير أو التشدد/ التشدد الكبير في موضوع أكل الطعام من سوق المسلمين/ علاقة الشباب مع الأحكام الشرعية بين من يرى التسهيل عليهم في بعض الأحكام وبين من يرى التشدد في ذلك.
موقع الاجتهاد: قال الشيخ حسن الصفار أن الناس في هذه المرحلة المهمة من الحياة بحاجة للأخذ بالأحكام الشرعية التي تسهل عليهم واقعهم المعاش.
جاء ذلك خلال الندوة الأسبوعية التي يقيمها في مجلسه الأسبوعي مساء يوم الجمعة، وجاءت تحت عنوان: ”الالتزام الديني بين التشدد والتمييع“
وأضاف: إننا نعيش في بيئة مفتوحة، والضغوط تتكالب على الإنسان المسلم من كل الاتجاهات، وهذا ما يدعونا ان ننحو نحو التيسير والتسهيل على الناس حتى يعيشون منسجمين مع ذواتهم لا يشعرون بوخز ضمير أو تجري على الدين بسبب الأحكام المتشددة.
وأكد أن تمييع الالتزام بالأحكام الشرعية خطأ كبير ولا يجوز، وهو لا يقتصر على الأحكام الدينية، بل ويشمل القوانين العامة. لكنه أشار إلى أن الالتزام بالدين ينبغي أن يكون كما يأمر الدين، والدين لم يأمر بالتشدد، بل بالعكس من ذلك، فهو ينهى عن التشدد، ويأمر باليسر. وأضاف ان التشدد في الالتزام الديني خارج المنهج الديني، وخارج أحكام الدين أمر غير صحيح.
وعن انعكاس شخصية الفقيه في موضوع إصدار الفتوى نحو التيسير أو التشدد اوضح الشيخ الصفار: أن الفقهاء جزء من البيئة التي يعيشون فيها، لذلك هم يتأثرون بها، وبمستواهم العلمي، سواء كان على صعيد العلم بالأدلة أو كان بتشخيص الموضوعات.
وتابع القول: لذلك نجد بعض الفقهاء تنحوا فتاواهم نحو التشدد، والبعض الآخر فتاواهم نحو التيسير والتسهيل، وهذا راجع لعدة أسباب منها الاختلاف في المباني، واختلاف البيئات، فالفقيه الذي يعيش في بيئة يرى فيها المشاكل والضغوط والحرج على الناس تتأثر أرائه الفقهية.
وأستشهد بما نُقل في حياة المرجع الراحل السيد محسن الحكيم انه كان لا يرى طهارة أهل الكتاب، ولكن عندما سافر إلى لبنان للعلاج وعاش فترة من الزمن هناك، ورأى معاناة الناس أمام هذه المسالة، دفعه ذلك لدراسة الأدلة من جديد في هذه المسالة، وحكم بطهارة أهل الكتاب.
وفي موضوع الحرج الذي قد تسببه بعض المسائل الشرعية على المكلفين، وهل يجًوز الشرع لهم التبعيض والرجوع لفقيه آخر؟. بين ان هذا الموضوع يناقش من زاوية التقليد والذي هو قائم على اسءاس واجب تقليد الأعلم عند مشهور العلماء، وبناء لذلك فالمكلف الذي يرجع لمرجع وله في المسالة رأي واضح.
وقال يجب الالتزام بذلك، أما لو كان لديه احتياط وجوبي، أي ليس لدى الفقيه قطع في مسألة ما، فهنى بإمكان المكلف تقليد فقيه آخر بناء على ذلك الاحتياط.
وتناول الشيخ الصفار علاقة الشباب مع الأحكام الشرعية بين من يرى التسهيل عليهم في بعض الأحكام وبين من يرى التشدد في ذلك، مشيرا إلى ان العلماء المنفتحون على الشباب في هذا العصر يميلون في الغالب إلى التسيير والتسهيل.
وأشار ان هذا راجع إلى أن الدين يدعوا إلى التيسير والتسهيل.
وعلق الشيخ حسن الصفار على وجهة النظر المقابلة والتي تؤكد على أهمية التشدد في الأحكام الشرعية، حتى تكون نفسية الشباب اقوي في الالتزام الديني. ولفت إلى ان هذا الاحتمال قد يسبب النفور ولو آجلا عن الدين.
واستغرب الشيخ الصفار التشدد الكبير في موضوع أكل الطعام من سوق المسلمين، خصوصا وان سوق المسلمين محكوم عند كل الفقهاء بالإباحة والحلية ما لم يعلم المكلف ان اللحم غير مذكى فتبني على حليته وإباحته، وهذا ما يقوله الفقهاء بعدم وجوب السؤال والفحص.
وأضاف “ان البعض يتشدد من خلال التأكيد على السؤال وانه قد يسبب آثار واقعية على النفس، وهو منحى لا داعي له ويسبب حرجًا ومشاكل للناس”.
وبين ان الالتزام في الاحتياط في مجال التطبيق ليس شيئا ملزما، ولكن إذا ما أراد شخصا ان يلتزم فهو حر بذلك.
وأضاف الصفار “ان هناك مشكلة لدى بعض من يريد أن يحتاط، فيقوم بإعطاء عنوان شرعي بحرمة اللحوم من المطاعم وفقا لما يراه هو، فيمنع الناس من هذا الأكل بحجة انه حرام، وهذا افتراء لا يصح”.
وتابع “حتى الفقهاء إذا كان الدليل غير واضح عندهم فهم لا يقولون بالحرمة، بل يقولون الاحوط لزوما الاجتناب، فكيف يجيز البعض لأنفسهم ان يمنعوا للناس ويقولون ان هذا حرام”.
وتناول الشيخ الصفار قاعدة سد الذرائع المشهورة، مشيرا ان جمهور علماء أهل السنة يرون ان أي أمر قد يقود للحرام هو حرام. أما علماء الشيعة فيرون ان ما لا ينفك عن الوقوع في الحرام يكون حرام، أما مجرد الاحتمال في الوقوع في الحرام فهذا لا يكون حراما.
وفي معرض إجاباته، تناول الشيخ الصفار ما يسمى الآثار التي تكون على نفس الإنسان بسبب الأكل الحرام واقعاً وان كان حلالاً بحسب الظاهر، حيث أشار إلى ان الكثير من العلماء يناقشون في هذا الموضوع.
ومضى في القول ان الشرع يقول ان الأصل الإباحة والطهارة، فإذا كان الشرع يعلم ان هذا الأمر يضر الإنسان، فكيف يقول بجوازه.
وختم برواية عن رسول ﷺ حينا وقف في حجة الوداع تبين ما هو موجود من تيسير وتسهيل في الأحكام الشرعي، مؤكدا ان هذا المنهج هو المنهج العام الموجود في روايات أهل البيت .
المصدر: جهينة الأخبارية بتصرف