الاجتهاد: لم نكن نتمنى ان تشتري السعودية مرجعية دينية ضخمة مثل الازهر الشريف في مصر ، لتتحول بعد كل هذا التاريخ الطويل والمشرف الى بوق للوهابية ، تكرر مقولاتها الجوفاء حول خطر الشيعة، وملاحقة كل المبدعين في مصر والعالم العربي ، لمحاربة كل فكرة يمكن ان تحرر الانسان المسلم والشرقي من الافكار المتخلفة والمخالفة للطبيعة الانسانية ، والتي اُلصقت بالدين زورا ، كما هي الوهابية الظلامية.
اداء الازهر ، لاسيما خلال السنوات القليلة الماضية ، يؤكد ان هناك ارادة وهابية تسيطر على هذا المعلم التاريخي العريق ، فكل يوم نسمع ان الازهر طارد وطرد ولاحق وحاكم وضيق على هذا المقرىء وهذا العالم وهذا المفكر وهذا الاديب وهذا الشاعر وهذا الفنان ، على مقال او قصيدة او فكرة او قراءة الاذان على “الطريقة الشيعية” ، او الاساءة للصحابي فلان او علان ، بينما الهدف والاول والاخير للوهابية، هو تعطيل العقول عن التفكير او كم الافواه عن الكلام، ونشر الفوضى والشقاق بين ابناء الدين الواحد والهائهم بالتوافه والقشور، لكي يخلو الجو للطغم الحاكمة الفاسدة في سرقت ثروات الشعوب ، براحة بال.
يبدو ان الوهابية نجحت الى حد بعيد في تحقيق اهدافها في الهيمنة على الازهر ، الذي عمي عن انتشار فيروس الوهابية القاتل ، الذي ضرب المجتمع المصري ، فقد طفت على سطح هذا المجتمع ظواهر شاذة عن طبيعة الشخصية المصرية المعروفة بتوازنها وتسامحها ، لم تكن موجودة قبل عقدين من الان ، فهناك حركة نشطة للسلفية الوهابية ، تحت يافطات عريضة مثل الاحزاب والمنظمات والمؤسسات ، كما هناك المئات والعشرات من مشايخ السلفية الوهابية من المصريين ، يطلون على الناس عبر عشرات الفضائيات ، الممولة من السعودية ، ينفثون سمومهم الطائفية في عقول وقلوب المجتمع المصري ، فمسخوا وللاسف الشديد جوانب من شخصية الانسان المصري التي كانت معروفة للقاصي والداني.
في مصر المنكوبة بالوهابية ، وبدلا ان يُثبّت الازهر بوصلة الانسان المصري والعربي والمسلم نحو القدس وفلسطين المحتلة ، وتوحيد صفوف المسلمين ، في الوقت الذي تشتت الوهابية شملهم عبر النفخ بنار الطائفية ، أعلنت مشيخة الأزهر ، عن تنظيم “مسابقة” لطلبة معاهده الدينية حول موضوع “نشر التشيع في المجتمع السُّنِّي ومخاطره”، تبلغ مجموع جوائزها ٤٢ ألف جنيه ، وتهدف المسابقة بحسب الازهر لمجابهة “الخطر الشيعي” وإبراز دور المشيخة في مواجهة ما تسميه “المد الشيعي”!!.
لا نحتاج الى الكثير من الذكاء لنقول ان العقلية الوهابية الظلامية تختفي وراء هذه “المسابقة” ، التي شغلت بها عقول طلبة معاهد الازهر الدينية بقضايا سخيفة كسخف العقلية الوهابية ، بينما القدس تهود وفلسطين تمحى من وجدان وعقل الانسان العربي والمسلم ، وعصابات الوهابية ينفذون المشروع الصهيوامريكي لتقسيم الامة لصالح “اسرائيل”.
مسابقة حول “خطر الشيعة”!!
في الوقت الذي كانت مشيخة الازهر “المتوهبنة ” تُشغل فيها عقل طلابها بالسفاسف ، مثل مسابقة خطر الشيعة ، كانت العصابات الوهابية التكفيرية ، في باكستان تقتل 27 مسلما شيعيا على الأقل، في الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول ، فيما أصيب 47 اخرون بجروح خطيرة بتفجير استهدف سوقا مزدحمة شمالي غرب باكستان ، وفي ذات الوقت كانت بوكوحرام الوهابية ذراع “داعش” في نيجيريا ، تقتل الشيعة ، وعندما يقوم اتباع اهل البيت بتشييع قتلاهم ، يتعرضون لهجوم من قبل الجيش النيجيري ، تحت ذريعة محاولة اغتيال الشيعة لرئيس اركان الجيش النيجيري الذي كان يمر من امام حسينية “بقية الله ” في مدينة “زاريا” التابعة لولاية كادونا شمالي البلاد ، وتبين ان الجيش كان ينوي اعتقال الشيخ ابراهيم الزكزاكي رئيس الحركة الاسلامية، بعد التظاهرات التي قادها بمناسبة يوم القدس العالمي ، والتي اثارت حفيظة “اسرائيل” ، وانتقاداته للحكومة لموقفها من بوكوحرام الوهابية الممولة من السعودية.
فقد الشيخ الزاكزاكي في هجوم الجيش على تظاهرة يوم القدس العالمي، في العام الماضي ثلاثة من ابنائه هم “احمد” و”حميد” و”محمود”، واصيب “علي” الابن الرابع للشيخ بجروح ، كما سقط 33 شهيدا عندما فتح الجيش النار على المتظاهرين المسالمين.
“الملفت ان بوكو حرام الوهّابية ، تشارك الجيش النيجيري في إستهدافه اتباع اهل البيت عليهم السلام ، فقبل أسبوعين فقط هاجمت الجماعة موكباً تابعاً للحركة، مما أدّى إلى إستشهاد 22 شخصاً في ولاية كانو الشمالية، فيما جاء هجوم الاحد من قبل الجيش أثناء تشييع أبناء المدينة لأحد ضحايا بوكوحرام ، فالجيش النيجيري لا يتعامل بجدية مع بوكوحرام الوهّابية التي قتلت أكثر من 20 ألف شخص، وهجّرت أكثر من 3.2 مليون من منازلهم بعد 6 سنوات على بدء هجماتها الإرهابية ، بينما نراه يطارد اتباع اهل البيت عليهم السلام ويضيق عليهم ، ويطلق عليهم النار دون ادنى مبرر ، فحال الجيش النيجيري ، كحال الازهر الذي يترك الوهابية تعبث بمصر واهلها ، فيما يقوم بقتل اتباع اهل البيت معنويا ، عبر التحذير ليل نهار غن “خطر التشيع” ، وهو خطر لا يوجد الا في العقولة الوهابية المريضة.
شفقنا – بقلم: سامح مظهر