الاجتهاد: تكرس هذه المقالة لإثبات استحباب شعيرة زيارة الأربعين، وإثبات عظمة ثواب مَن يقيم هذه الشعيرة بالدليل القاطع من السنّة المباركة، ثمَّ بعد ذلك تذكر الشبهات التي يحاول البعض بثّها حول هذه الشعيرة، وأخيراً تختم الكلام ببعض آداب الزيارة التي ينبغي للزائر أن يتحلّى بها خلال سيره إلى زيارة الإمام الحسين(ع). بقلم: الشيخ حبيب عبد الواحد الساعدي.
إنّ تلك الجموع التي تسير كلّ عام لزيارة الأربعين مشياً على الأقدم وبمرأى من العالم بأسره ومن كلِّ مكان لهي من أبرز مظاهر الولاء لأهل البيت عليهم السلام، وهي تُظهر بحقٍّ انتصار الإمام الحسين عليه السلام على الطُغاة، على مدى التاريخ وإلى يوم القيامة، وإنّ تلك الشعيرة التي تتجلّى في كلّ عام قد أدهشت وحيَّرت عقول المخالفين، وأدخلت السرور والبهجة على قلوب الموالين.
قد حاول البعض السعي بشتّى الطرق والوسائل للوقوف ضدّ هذه الشعيرة العظيمة التي تمثّل شوكة في عيون الظالمين، ففي كلّ عام تصدر من أولئك المخالفين حملات دعائية وأفكار باطلة وشبهات مغرضة؛ لأجل الوقوف أمام هذه الشعيرة العظيمة، فتراهم في كلّ عام يتهيّؤون ويستعدّون لبثّ الحجج الواهية، والحيل المبتكرة والإشكاليات التي لا أساس لها سوى تضليل وإيهام الناس الذين ليس لهم حظّ من العلم.
ومن هذا المنطلق، نجد من اللازم والضروري الإجابة عن كل شبهةٍ أُثيرت أو قد تثار في وجه هذه الشعيرة المباركة أيّاً كان مُثيرها، عن قصدٍ أو مِن دون قصد. وهذه المقالة مكرسة لإثبات استحباب هذه الشعيرة، وإثبات عظمة ثواب مَن يقيم هذه الشعيرة بالدليل القاطع من السنّة المباركة، ثمَّ بعد ذلك نعرّج على تزييف الشبهات التي يحاول المغرضون بثّها لضعاف القلوب، ونقوم بدحرها وردها بحجّة دامغة، ثمَّ نختم الكلام ببعض آداب الزيارة التي ينبغي للزائر أن يتحلّى بها خلال سيره إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام، والثواب الذي يترتّب عليها، حتى تعطي هذه الشعيرة ثمارها ونتائجها الحسنة.
إذن؛ فيقع الكلام في تمهيد وثلاث جهات:
الجهة الأُولى: إثبات استحباب المشي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام وسائر الأئمّة عليهم السلام.
الجهة الثانية: الإشكاليات والشبهات المثارة حول المشي، والجواب عنها.
الجهة الثالثة: بعض آداب الزيارة مشياً، وثواب السير مشياً إلى الإمام الحسين عليه السلام.
تمهيد
قبل الولوج إلى البحث ينبغي أن نمهّد لبعض الأمور المهمّة، وهي:
1ـ نبذة تاريخية عن المشي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام والأئمّة عليهم السلام
ترجع شعيرة المشي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام تاريخياً ـ كما جاء في بعض الروايات ـ إلى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريرضي الله عنه حيث إنّه زار الحسين عليه السلام في يوم الأربعين مشياً على الأقدام، وكان جائياً من المدينة[1].
وكانت هذه الشعيرة ـ وهي المشي لزيارة الحسين عليه السلام ـ موجودة منذ زمن الأئمّة عليهم السلام؛ وذلك لأنّ وسائل النقل الدارجة في زمنهم عليهم السلام كانت عبارة عن أمرين:
الأول: ركوب الخيل والجمال والبغال والحمير.
الثاني: المشي على الأقدام.
لا شكّ في أنّ جملة من الناس لا يمتلك تلك الوسائل، فينتقل من مكان إلى آخر عن طريق المشي على الأقدام؛ ولذا كان الأئمّة يقولون: مَن أتى قبر الحسين فإن كان ماشياً فله كذا وإن كان راكباً فله كذا. فهذا التقسيم يكشف عن وجود المشي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام في تلك الفترة أيضاً.
وكان الناس في العراق منذ القدم يقصدون الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام في مناسبات معينة إلى يومنا هذا، وأوضح تلك المناسبات هي زيارة الأربعين، إلى أن جاء نظام البعث البائد فمنع هذه الشعيرة طيلة حكمه، ولم يترك الناسُ هذه الشعيرة، فكانوا يمشون إلى زيارته عليه السلام بالخفاء، وبسبب الاضطهاد والظلم في العراق انتقلت هذه الشعيرة بشكل واضح إلى الأضرحة المقدّسة في إيران وسوريا.
أمّا في إيران، فكان الناس يمشون من مدينة قمّ المقدّسة إلى مشهد المقدّسة، أو من مدينة نيشابور إلى مرقد الإمام الرضا عليه السلام في خراسان.
وأمّا في سوريا، فكانوا يمشون من مرقد السيدة زينب إلى مرقد السيدة رقية أو بالعكس.
والأيام التي تُقام فيها هذه الشعيرة عادة هي العاشر من المحرَّم، ويوم الأربعين 20 من شهر صفر وهو أبرزها، وأيام شهادة الزهراء عليها السلام، ويوم النصف من شعبان، ويوم عرفة 9 ذي الحجّة.
2ـ السرّ في اختصاص المشي بيوم الأربعين
تبرز شعيرة المشي على الأقدام بشكل واضح في زيارة يوم الأربعين يوم العشرين من شهر صفر، حيث يمشي الموالون على الأقدام قاصدين مرقد أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام، بالرغم من أنّ هذه الشعيرة لا تختص بهذا اليوم؛ إذ سيأتي أنّ استحباب زيارة الحسين مشياً لا يختصّ بزيارة الأربعين، بل يُستحب في كل وقت،
إذاً؛ فما هو السرّ فيما نراه اليوم من اختصاص المشي بزيارة الحسين يوم الأربعين؟ ولعل ذلك يرجع إلى أمرين:
الأول: إنّ أول مَن زار مرقد الإمام الحسين عليه السلام يوم الأربعين مشياً على الأقدام هو الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري رحمه الله فالناس يزورون الحسين عليه السلام في هذا اليوم تأسّياً بهذا الصحابي الجليل، هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد حثّ الأئمّة عليهم السلام على الزيارة في هذا اليوم وجعلوها من علامات المؤمن، قال الإمام العسكري عليه السلام: «علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم»[2]. وبضميمة الروايات الآتية الواردة في استحباب المشي لزيارة الحسين عليه السلام.
الثاني: إنّ هذا اليوم قد رجع فيه أهل بيت الإمام الحسين عليه السلام من الشام إلى كربلاء، بعد ما لاقوا العذاب والعناء الشديد والظلم، وفي هذا اليوم حصل لقاء الإمام زين العابدين عليه السلام بالصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري الذي جاء لزيارة الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام، فالموالون من الشيعة إنّما يزورن الإمام الحسين عليه السلام في هذا اليوم مشياً على الأقدام مواساة لما جرى على عيال الحسين عليه السلام.
3ـ علّة استحباب زيارة الأربعين ووجه التسمية
قال العلّامة المجلسي رحمه الله: «اعلم أنّه ليس في الأخبار ما العلّة في استحباب زيارة الحسين صلوات الله عليه في هذا اليوم، والمشهور بين الأصحاب أنّ العلّة في ذلك رجوع حرم الحسين صلوات الله عليه في مثل ذلك اليوم إلى كربلاء عند رجوعهم من الشام، وإلحاق عليّ بن الحسين صلوات الله عليه الرؤوس بالأجساد… ولعل العلة في استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أنّه جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى قبره الشريف وزاره، فكان أول زائر له من الإنس ظاهراً؛ فلذلك يُستحب التأسي به»[3].
أمّا وجه التسمية، فقال الشيخ الكفعمي: إنّما سمّيت بزيارة الأربعين لأنّ وقتها يوم العشرين من صفر، وذلك لأربعين يوماً من مقتل [الإمام] الحسين عليه السلام، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب النبي رحمه الله من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين، فكان أول مَن زاره من الناس، وفي هذا اليوم كان رجوع حرم الحسين عليهم السلام من الشام إلى المدينة[4].
وهذا تمام الكلام في التمهيد، وأما الجهات الثلاث فهي:
الجهة الأُولى: استحباب المشي لزيارة الحسين وسائر الأئمّة عليهم السلام
قد ورد في الشريعة الإسلامية استحباب المشي حافياً أو غير حافٍ في مواضع عديدة، فيُستحب المشي للمسجد[5]، ويستحب للإمام أن يمشي حافياً عندما يخرج لصلاة العيد[6]، ويُستحب تشييع الجنازة ماشياً[7]، ويستحب المشي للحجّ والعمرة[8]، كما يُستحب عند رمي الجمرات[9]، ويُستحبّ المشي لزيارة المؤمن[10]، فليس استحباب المشي أمراً غريباً عن الفقه، بل له نظائر، ومن جملة الموارد التي يُستحبّ فيها المشي هي زيارة مراقد الأئمّة عليهم السلام،
وفي ما يلي نذكر بعض الأدلّة لإثبات استحباب المشي لزيارة الحسين عليه السلام، وسائر مراقد الأئمّة، وأنّ ثوابه يكون أكثر من ثواب الركوب، كما سنرى أنّ بعض الروايات تنصّ على استحباب التحفّي عند المشي، وأنّ استحباب المشي لا يختصّ بيوم الأربعين، بل يُستحبّ المشي في بقية المناسبات وبقية الأيام أيضاً.
الدليل الأول: الروايات الواردة في ثواب المشي لزيارة الحسين عليه السلام وسائر مراقد الأئمّة عليهم السلام
سنتكلّم في هذا الدليل عن الروايات الكثيرة الدالة على استحباب المشي لزيارة الحسين عليه السلام، ثمَّ نتعرّض للروايات الدالّة على استحباب المشي لزيارة سائر الأئمّة عليهم السلام، فيقع البحث في نقطتين:
أ. الروايات الدالّة على استحباب المشي لزيارة الحسين عليه السلام
أمّا الروايات التي تنصّ على استحباب المشي لزيارة الحسين فهي:
1ـ «محمّد بن الحسن بإسناده، عن سعد بن عبد الله ومحمّد بن يحيى وعبد الله بن جعفرٍ وأحمد بن إدريس جميعاً، عن الحسين بن عبيد الله، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن عبد الجبّار النّهاونديّ، عن أبي إسماعيل، عن الحسين بن عليّ بن ثوير بن أبي فاختة، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا حسين، من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن عليّ بن أبي طالبٍ عليهما السلام إن كان ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ حسنةً وحطّ بها عنه سيّئةً، وإن كان راكباً كتب الله له بكلّ حافرٍ حسنةً وحطّ عنه بها سيّئةً حتّى إذا صار بالحائر كتبه الله من الصّالحين، وإذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين حتّى إذا أراد الانصراف أتاه ملكٌ، فقال له: أنا رسول الله، ربّك يقرئك السّلام، ويقول لك: استأنف فقد غفر لك ما مضى»[11].
2ـ «وعن أبيه عن سعدٍ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن بشيرٍ الدّهّان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إنّ الرّجل ليخرج إلى قبر الحسين عليه السلام فله إذا خرج من أهله بأوّل خطوةٍ مغفرة ذنبه، ثمّ لم يزل يقدّس بكلّ خطوةٍ حتّى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله فقال: عبدي سلني أعطك، ادعني أجبك»[12].
3ـ «وعن عليّ بن الحسين بن بابويه وجماعةٍ، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامرٍ، عن جابرٍ المكفوف، عن أبي الصّامت، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام وهو يقول: من أتى قبر الحسين ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ الف حسنةٍ ومحا عنه الف سيّئةٍ، ورفع له الف درجةٍ، فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً وامش مشي العبد الذّليل، فإذا أتيت باب الحائر فكبّر أربعاً، ثمّ امش قليلاً، ثمّ كبّر أربعاً، ثمّ ائت رأسه فقف عليه، فكبّر أربعاً وصلّ عنده وسل الله حاجتك»[13].
4ـ «وعن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبانٍ، عن محمّد بن أورمة، عن رجلٍ، عن عليّ بن ميمونٍ الصّائغ، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: يا عليّ، زر الحسين ولا تدعه. قلت: ما لمن زاره من الثّواب؟ قال: من أتاه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ حسنةً، ومحا عنه سيّئةً وترفع له درجةٌ»[14]، وفي رواية أُخرى: «فإذا أتاه وكّل الله به ملكين يكتبان ما يخرج من فيه من خير، ولا يكتبان ما يخرج من فيه من شرّ ولا غير ذلك، فإذا انصرفوا ودّعوه، وقالوا: يا وليّ الله، مغفور لك، أنت من حزب الله وحزب رسوله وحزب أهل بيت رسوله، والله، لا ترى النار بعينك أبداً، ولا تراك ولا تطعمك أبداً»[15].
5ـ «وعن أبيه، عن سعدٍ والحميريّ، عن أحمد بن محمّد بن خالدٍ، عن أبيه، عن عبد العظيم الحسنيّ، عن الحسين بن الحكم النّخعيّ، عن أبي حمّادٍ الأعرابيّ، عن سديرٍ الصّيرفيّ، عن أبي جعفرٍ عليه السلام في زيارة الحسين عليه السلام، قال: ما أتاه عبدٌ فخطا خطوةً إلّا كتب الله له حسنةً وحطّ عنه سيّئةً»[16].
6ـ «وعن محمّد بن جعفرٍ الرّزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أحمد بن بشيرٍ، عن أبي سعيدٍ القاضي، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام في غرفةٍ له فسمعته يقول: من أتى قبر الحسين ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ وبكلّ قدمٍ يرفعها ويضعها عتق رقبةٍ من ولد إسماعيل»[17].
7ـ «عن جعفر بن محمد عليهما السلام: أنّه سُئل عن الزائر لقبر الحسين عليه السلام، فقال: مَن اغتسل في الفرات، ثمَّ مشى إلى قبر الحسين عليه السلام كان له بكلّ قدم يرفعها ويضعها حجّة متقبَّلة بمناسكها».[18]
وكثرة هذه الروايات وتعدّد طرقها يُغنينا عن البحث في سندها، فإنّ ذلك يوجب الاطمئنان بصدورها، وتدلّ هذه الروايات على أنّ مَن زار الحسين ماشياً فله من الثواب ما يأتي:
1ـ تُكتب له بكلِّ خطوة حسنة، وتُمحا عنه سيئة، ويُرفع له درجة.
2ـ يُكتب له بكلِّ خطوة ألف حسنة، وتُمحا عنه ألف سيئة، ويُرفع له ألف درجة.
3ـ يُكتب له بكلِّ خطوة ثواب حجّة متقبَّلة بمناسكها.
4ـ يُكتب له بكلِّ خطوة عتق رقبة من وُلد إسماعيل.
والعمل الذي له هذا المقدار من الثواب لا شكّ في أنّه من المستحبّات المؤكّدة.
ب. الروايات الدالة على استحباب المشي لزيارة سائر الأئمّة عليهم السلام:
1ـ يدلّ على استحباب المشي لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام بالخصوص ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: «من زار قبر أمير المؤمنين عليه السلام ماشياً، كتب الله له بكلّ خطوةٍ حجّةً وعمرةً، فإن رجع ماشياً، كتب الله له بكلّ خطوةٍ حجّتين وعمرتين»[19].
2ـ ويدلّ على استحباب المشي لزيارة الأئمّة بشكل عامّ ما رواه الصدوق قدس سره في ثواب الأعمال والمشهدي قدس سره في كتاب المزار، والسند صحيح في كليهما.
«قال: قلت للرضا عليه السلام: ما لِـمَن أتى قبر أحد من الأئمّة عليهم السلام؟ قال عليه السلام: له مثل ما لِـمَن أتى قبر أبي عبدالله عليه السلام. قلت: ما لِـمَن زار قبر أبي الحسن عليه السلام؟ قال: مثل ما لِـمَن زار قبر أبي عبدالله عليه السلام»[20].
وتقريب الاستدلال بها:
إنّ قول الراوي: «ما لمَن أتى قبر أحد من الأئمّة؟». يشمل بإطلاقه جميع الأئمّة عليهم السلام، وقد أجابه الإمام: «له مثل ما لمَن أتى قبر أبي عبد الله عليه السلام». وهذا يعني أنّ زيارة الأئمّة الباقين مستحبّة كاستحباب زيارة الحسين عليه السلام، هذا بالنسبة إلى أصل الزيارة.
وأمّا استحباب المشي إلى زيارة سائر الأئمّة عليهم السلام، فيقال فيه: بعد ما ثبت استحباب زيارة سائر الأئمة عليهم السلام وإنّ زيارتهم كزيارة الإمام الحسين عليه السلام. وبضميمة الروايات الأُخرى الدالة على أفضليّة المشي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام على الركوب لزيارته، حينئذٍ يثبت أفضليّة المشي واستحبابه لزيارة بقية الأئمة عليهم السلام. كما في التفصيل المتقدم في زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
قال التبريزي: «وظاهر هذه الرواية ـ القريب من التصريح ـ أنّ السؤال الأول راجع إلى ثواب الإتيان، فإذا كان المشي في الإتيان لزيارة أبي عبد الله عليه السلام أفضل من الركوب لزيارته، كما أشرنا إلى الروايات فيه؛ فيكون الثواب في الإتيان لزيارة سائر الأئمّة عليهم السلام مشياً وركوباً كالإتيان لزيارة أبي عبد الله عليه السلام»[21].
وقال السيد الحائري: «وردت روايات عديدة في زيارة الإمام الحسين عليه السلام ماشياً، ولكنّي لم أجد ذلك في المشي في زيارة الإمام الرضا عليه السلام، نعم الروايات في أصل الثواب في زيارة الإمام الرضا عليه السلام كثيرة، من دون فرق بين المشي والركوب»[22].
الدليل الثاني: قول النبي الاكرم صلى الله عليه وآله: «أفضل الأعمال أحمزها»
الرواية الواردة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: «أفضل الأعمال أحمزها»[23]، وهي من الروايات الصحيحة، بل المستفيضة، كما قال الشهيد الثاني[24]، وقد عبَّر صاحب البحار عن الحديث بالمشتهر بين العامّة والخاصّة[25]، والمراد من أحمزها: أي أشدّها وأمتنها وأكثرها مشقّة، ومعنى الحديث: أنّه إذا ثبت كون العمل عبادة لله تعالى، فكلّما كان امتثال تلك العبادة بنحو أصعب وأشدّ كان الثواب أكثر، فالأجر على مقدار المشقّة، فمثلاً الصوم في الحرّ يكون ثوابه أكثر من الصوم في البرد؛ لأنّه أشقّ وأصعب.
وكذا الكلام في زيارة الحسين عليه السلام، وزيارة سائر مراقد الأئمّة عليهم السلام، فلا شكّ في أنّ زيارة مراقدهم عبادة؛ لأنّها مستحبّة إن لم نقل: واجبة، فكلّما جاء الإنسان بالعبادة بنحو أشدّ تعباً، وأكثر مشقّة كان مقدار ثوابها أكثر وأعظم، فالمشي لزيارة مراقد الأئمّة عليهم السلام أشدّ من الركوب، وكلّما كانت المسافة أطول، والوضع الأمني أخطر كان الثواب والأجر أكبر وأعظم، فهذا يدلّ على أنّ المشي لزيارة الأئمّة عليهم السلام أفضل من الركوب، وأجره أكثر من ثواب الركوب بلا شكّ.
الدليل الثالث: قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرَّمها على النّار
لا شكّ في أنّ زيارة مراقد الأئمّة عليهم السلام من أهمّ السبل المؤدّية إلى الله تعالى، فهي من أوضح مصاديق سبيل الله، كما أنّ من أوضح مصاديق اغبرار القدمين هو أن يقصد الإنسان زيارة مراقد الأئمّة عليهم السلام ماشياً؛ فإنّ ركوب السيارة قد لا يتحقق معه اغبرار القدمين؛ وحينئذٍ فزيارة الأئمّة عليهم السلام ماشياً من أوضح مصاديق هذا الحديث، وهذا يدلّ على الثواب العظيم في المشي.
قال المحقق الأردبيلي: «عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: مَن اغبرّت قدماه في سبيل الله حرّمهما على النّار. ويمكن الاستدلال بها على الحفاة في الحرم، وعلى صلاة الجنازة. بل مطلق العبادة، مثل زيارة الحسين عليه السلام وغيرها»[26].
الدليل الرابع: إن المشي فيه إظهار للخضوع والتذلل لله تعالى وتعظيم لشعائره
إنّ في المشي لزيارة الأئمّة عليهم السلام جانبين:
1ـ إظهار الخضوع والتذلل لله تعالى، ولا سيما إذا كان حافياً، ويمكن أن يستأنس لهذا الحكم بعدة أُمور:
منها: عدم جواز الصلاة بالنعل لمنافاته الخضوع والاحترام.
ومنها: قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾[27].
فمن ذلك يُستأنس أن للتحفّي مدخلية في إظهار الخضوع والتذلّل لله تعالى.
ومنها: استحباب المشي حافياً لصلاة العيد والمشي إلى المسجد؛ ولذا استُدلّ على استحباب المشي في الطواف بأنّه أنسب بالخضوع والاستكانة[28].
2ـ إظهار التعظيم والاحترام لشعائر الله تعالى؛ ومن هنا يُستحب المشي في الحجّ والعمرة، وعند السعي بين الصفا والمروة، وعند رمي الجمرات، ويمكن أن يقال: إنّ المشي حافياً وراء الجنازة أيضاً فيه جنبة تعظيم لشعائر الله تعالى، واحترام للميت، والملائكة الذين يحفّون به، وكذا المشي لزيارة المؤمن.
وعليه؛ فإذا مشى المؤمن لزيارة الأئمّة عليهم السلام يكون قد أدّى ثلاث عبادات، الأُولى زيارة الأئمّة عليهم السلام، والثانية: الخضوع والتذلل لله تعالى، والثالثة: تعظيم شعائر الله تعالى؛ ومن هنا يتضاعف ثواب الزائر.
الدليل الخامس: الاستدلال برواية زيارة المؤمن
إنّه يُستحب المشي لزيارة المؤمن، وللماشي بكلّ خطوة حتى يرجع إلى أهله عتق مائة رقبة، وقد جاءت الروايات في استحباب ذلكَ، قالَ النبي صلى الله عليه وآله: «مَنْ مَشَى زَائِراً لِأَخِيهِ، فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ إلى أَهْلِهِ عِتْقُ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَيُرْفَعُ لَهُ مِائَةُ الفِ دَرَجَةٍ، وَيُمْحَا عَنْهُ مِائَةُ الفِ سَيِّئَةٍ»[29].
فإذا كان المشي إلى زيارة المؤمن مستحباً وله بكلّ خطوة عتق رقبة، فما بالك بالمشي إلى زيارة الأئمّة المعصومين وسادات المؤمنين وحجج الله في الأرضين عليهم السلام؟! فيكون المشي لزيارتهم مستحبّاً بطريق أولى.
فإن قيل: إنّ هذا يختصّ فيما لو كان الأئمّة أحياءً؛ فيكون المشي لزيارتهم فيه الثواب والأجر، وأمّا في حالة الموت فلا يتحقق الثواب في الزيارة.
فالجواب: إنّ الأئمّة عليهم السلام ليسوا أمواتاً، بل هم أحياء عند ربهم؛ طبقاً لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾[30]، وقد جاء في زيارة الأربعين: «أشهد أنّك تسمع الكلام وترد الجواب»[31].
الجهة الثانية: الإشكالات والشبهات والجواب عنها
هناك عدّة إشكالات وشبهات طرحها بعض العامّة من المخالفين أو غيرهم، وهي لا تعدو عن كونها شبهات لا تصمد أمام الحقائق العلميّة النيّرة، ولكن لمّا كان هناك جملة من الناس ممّن قد يقع تحت تأثير هذه الأباطيل والحملات الدعائية؛ لذا كان من الضروري طرحها لأجل ردّها ودحرها بالدليل القاطع والحجّة الدامغة.
الإشكال الأول: قطع المسافات يستلزم الضرر
إنّه لو سلَّمنا أنّ المشي على الأقدام مستحبّ وفيه ثواب، لكن ذلك إذا لم يترتّب عليه ضرر، فإنّه إذا ترتّب عليه الضرر فلا يستحبّ، بل يحرم، فمثلاً: لو كان المشي لزيارة الحسين عليه السلام يسبب تورّم القدمين أو يسبّب أمراضاً يطول بُرؤها، وقد لا تبرأ، فهنا من الواضح لا يجوز المشي حينئذٍ؛ لاستلزامه إضرار النفس والإعانة عليها.
الجواب: إنّ الضرر على قسمين:
1ـ أن يعلم أو يحتمل المكلَّف بأنّ في هذا العمل ضرراً يؤدّي إلى هلاك نفسه، أو قطع عضو من أعضائه مثلاً.
2ـ أن يعلم بأنّ هذا العمل فيه ضرر، ولكن هذا الضرر لا يؤدّي لا إلى هلاك النفس ولا إلى قطع عضو من أعضائه.
ومن المعلوم أنّ المشي لزيارة الحسين عليه السلام ـ لو سلَّمنا بوجود الضرر فيه ـ فإنّه لا يؤدّي إلى هلاك الإنسان عادة، أو قطع عضو من أعضائه فهو ضرر لا يُعتدّ به، بل إنّ في المشي منافع كثيرة، فإنّه يبعث على حيوية الإنسان ونشاطه، خصوصاً وأنّ الإنسان في عصرنا الحاضر أصبح قليل الحركة لتوفّر جميع مستلزمات النقل والانتقال الحديثة.
جاء في استفتاء قُدِّم للسيد الخوئي قدس سره: «سؤال 1292: الأُمور المستحبّة إذا ترتّب عليها الضرر، فهل يجوز فعلها أم لا؟ مثلاً لو كان الذهاب إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام يؤدّي إلى ورم القدمين أو مرض قد يطول شهراً مثلاً، فهل يجوز في مثل هذه الحالة أم لا؟
الخوئي: ما لم يكن الضرر المؤدّي إليه ممّا يحتمل أن يؤدّي إلى هلاك النفس فلا بأس بالعمل به.
التبريزي: ما لم يكن الضرر الهلاك أو الضرر المحسوب من الجناية على النفس، فلا بأس به، والله العالم»[32].
الإشكال الثاني: استلزامه إيذاء النفس وهو قبيح عقلاً
إنّ المشي لزيارة الحسين عليه السلام يُعدّ لدى العُرف إيذاءً للنفس وإتعاباً لها، والعقل يحكم بقبح إيذاء النفس؛ إذن فيُعدّ هذا العمل قبيحاً في نظر العقل، فلا يجوز؛ للتطابق بين حكم العقل وحكم الشرع.
الجواب: إنّ حكم العقل بقبح إيذاء النفس مسلَّم في الأعمال التي تؤذي النفس ولا يترتّب عليها غرض معتد به، كجرح عضوٍ من أعضاء الجسد من دون غرض، وأمّا الأعمال التي يكون فيها إيذاء للنفس لأجل تحقيق غرض مهم، فلا يحكم العقل بقبحها، والعقلاء يتحمّلون المشاق والمتاعب لأجل الحصول على أغراضهم، وزيارة الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام وإن كان فيها شيءٌ من التعب، إلّا أنّه يترتّب عليها خير الدنيا والآخرة، فهو تعب قليل في قبال نفع وأجر عظيم.
الإشكال الثالث: الاختلاط بين الجنسين
ومن جملة الإشكالات التي تذرّع بها بعضهم أنّ الشعائر الحسينيّة بشكل عام، والمشي لزيارة الحسين عليه السلام بشكل خاص يستلزم الاختلاط بين الجنسين، وهذا الاختلاط محرّم، والزيارة مشياً مستحبّة، فإذا ترتّب عليها مفاسد كالاختلاط بين الجنسين، كان ترك المشي للزيارة أوْلى، والركوب أفضل.
الجواب: الوجه الأول: إنّ هذا الاختلاط المذكور ليس محرماً؛ فليس هناك من الفقهاء مَن أفتى بحرمة الاختلاط بين الجنسين بهذا المعنى المشار إليه؛ لأنّ الاختلاط تارة ينشأ عن الازدحام، كالحجّ وصلاة الجمعة وصلاة العيدين والمشي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام، أو الازدحام داخل الحرم الشريف، فهذا النوع من الاختلاط ليس محرّماً في نفسه، بل أفتى الفقهاء بكراهته بشكل عام.
وأُخرى يكون الاختلاط بمعنى المعاشرة والخلطة من النساء للرجال، وهو ما يحصل عادة في المدارس والدوائر الحكومية والمستشفيات وغيرها؛ بحيث يكون الاختلاط كثيراً ومستمرّاً، فهذا النوع من الاختلاط قد أفتى السيد الخوئي بحرمته[33].
وعلى أية حال، فالمفروض أنّ المشي لزيارة الحسين عليه السلام إن كان فيه اختلاط فهو اختلاط من القسم الأول دون الثاني[34].
الوجه الثاني: لو سلّمنا ـ ونحن لا نسلِّم ذلك ـ أنّ الاختلاط بالمعنى الثاني، أي: المعاشرة، فيحصل أحياناً من بعض ذوي النفوس الضعيفة في المشي لزيارة الحسين عليه السلام، إلّا أنّ ذلك لا يلزم منه تعطيل هذه الشعيرة، ولو كان ذلك صحيحاً للزم تعطيل أكثر العبادات الواجبة التي يكون فيها نوع من الاختلاط أحياناً كالحجّ، وصلاة الجمعة، وصلاة العيد، وصلاة الميت وغير ذلك؛
ولذا ورد عن زُرارة، قال: «حضر أبو جعفرٍ عليه السلام جنازة رجلٍ من قريشٍ وأنا معه وكان فيها عطاءٌ، فصرخت صارخةٌ، فقال عطاءٌ: لتسكتنّ أو لنرجعنّ. قال: فلم تسكت؛ فرجع عطاءٌ. قال: فقلت لأبي جعفرٍ: إنّ عطاءً قد رجع. قال ولم؟ قلت: صرخت هذه الصّارخة. فقال لها: لتسكتنّ أو لنرجعنّ. فلم تسكت؛ فرجع. فقال: امض فلو أنّا إذا رأينا شيئاً من الباطل مع الحقّ تركنا له الحقّ لم نقض حقّ مسلمٍ. قال: فلمّا صلّى على الجنازة قال وليّها لأبي جعفرٍ عليه السلام ارجع مأجوراً رحمك الله؛ فإنّك لا تقوى على المشي. فأبى أن يرجع»[35].
الإشكال الرابع: صرف الأموال الكثيرة مع حاجة الفقراء إليها
من الأُمور الواضحة أنّ الزائر الذي يأتي ماشياً لزيارة الحسين عليه السلام، ويقطع هذه المسافات يحتاج إلى كثير من الخدمات، فهو بحاجة إلى الطعام والشراب، والاستراحة في أثناء الطريق، والمعالجة أحياناً لما يصيبه من التورّمات في الأقدام التي تحصل إثر قطع المسافات الطويلة.
ومن هذا المنطلق؛ يقوم المؤمنون الموالون باستقبال الزوّار، وقضاء حاجاتهم، فينصبون السرادق على الطريق لذلك، وتذكر الإحصائيات أنّ المواكب التي نُصبت في العام الماضي تقرب من ستّة آلاف موكب، وإذا أضفنا إلى ذلك أنّ كلّ موكب يصرف من الأموال ما يقرب من 8 مليون خلال فترة زيارة الأربعين؛ فيخرج الناتج 48 مليار ديناراً كقدر متيقَّن إن لم يكن أكثر.
وهذا الرقم من الأموال يُصرف، وفي الناس مَن يحتاج إلى رغيف الخبز، وكم من المرضى الذين يحتاجون إلى الدواء، ولكنّهم لا يملكون أموال علاجهم، أفليس صرف هذه المبالغ في هذه الموارد أوجب، مع ملاحظة تمكّن الزوّار المشاة عادة من أن يتكفّلوا متاعهم بأنفسهم، مع أنّ ذلك يكون مانعاً عن الإسراف والتبذير.
الجواب: إنّ الإنفاق في الشريعة الإسلامية تارة يكون واجباً وأُخرى مستحبّاً، أمّا الإنفاق الواجب فهو يتمثّل بـ: الإنفاق على واجبيّ النفقة، وفي الزكاة، والخمس، والكفارات، والإنفاق الواجب بالنذر. وأمّا الإنفاق المستحبّ: فهو يتمثّل بالصدقة والإنفاق في سبيل الله والتبرعات والأوقاف.
وقد جعلت الشريعة الإسلامية الزكاة وخمس السادة والكفارات من جملة الموارد المالية التي تُسدّ بها حاجة الفقراء والأيتام؛ فيجب تشكيل المؤسسات التي تُعنى بذلك، والدولة تتحمّل قسطاً من المسؤولية لرفع حالة الفقر، فيجب أن تخصص الدولة مؤسسات إغاثة للمحتاجين والمعوزين من خلال تلك الموارد المالية، وهذه الموارد المالية لا يجوز صرفها إلى غير المستحقّ، كما لا يجوز صرفها إلى الشعائر الحسينيّة.
وأمّا بالنسبة إلى النذر الواجب والإنفاق المستحبّ بجميع ألوانه فهو يرجع إلى قصد الناذر أو المنفق، فإن كان الناذر قد نذر ذلك للشعائر الحسينيّة فلا يجوز أن يصرفها في غيرها، فيجب العمل على طبق النذر، وأمّا الإنفاق المستحبّ فالمنفق مخيّر في ذلك يستطيع أن ينفق في ما يشاء من وجوه البرّ.
ومن المعلوم أنّ الأموال التي تصرف للشعائر الحسينيّة كلّها من قبيل النذور التي نُذرت للشعائر الحسينيّة، أو من قبيل الإنفاق المستحبّ الذي يدخل فيه الصدقة والتبرّعات والأوقاف، فأمّا بالنسبة إلى الأموال التي نذرت للشعائر الحسينيّة فلا يجوز أن يصرفها في غيرها، فلا يسقط عنه النذر بذلك، وأمّا بالنسبة إلى الإنفاق فهو مخيّر في ذلك، ولا يجوز لنا إجباره على الإنفاق في جهة معينة، فله أن يصرف أمواله في الشعائر الحسينيّة، كنصب المواكب لضيافة زوار الحسين عليه السلام، وتقديم الخدمات لهم وإطعامهم الطعام وسقيهم الماء، فكلّ ذلك جائز له، بل هو من أعظم المستحبّات ويترتّب عليه الثواب العظيم.
وملخّص الكلام: أنّ كلّ جهة من الجهات قد خصّصت الشريعةُ لها مورداً من الموارد المالية، فالفقراء غير السادة قد خُصّصتْ لهم الزكاة والكفارات، والفقراء من السادة قد خُصّص لهم سهم من الخمس. وأمّا ما يرتبط ببقية الأمور الدينية، كالشعائر الحسينيّة وخدمة زوّار الحسين عليه السلام ووجوه البرّ، فهو يكون من الإنفاق في سبيل الله والنذور المتعلقة بها والتبرّعات والأوقاف، ولا ينبغي خلط أحدهما بالآخر.
الإشكال الخامس: إضاعة الوقت وقطع الطرق على الآخرين
إنّ مجيء تلك الحشود والجموع وخروجهم في الطرق والشوارع مشياً على الأقدام إلى زيارة الحسين عليه السلام يوم الأربعين يسبب أمرين:
1ـ إضاعة الوقت على الزوّار أنفسهم، فبدلاً من أن تستغرق زيارتهم عشرة أيام يمكن أن يختصر أحدهم ذلك ويزور في يوم واحد أو يومين، ثمَّ يرجع إلى عمله ويستغلّ ما تبقّى من وقته في عبادات أُخرى، كالكدِّ على العيال، وقضاء حوائج الناس وما أشبه.
2ـ إعاقة الآخرين عن مواصلة أعمالهم من خلال شلِّ حركة السير في الطرق الخارجية؛ إذ إنّ الزوّار يمشون ويملؤون الشوارع؛ ممّا يسبب توقّف السير في الشوارع، أو شلِّ الحركة وقطع الطرق على الآخرين، وهذا ليس أمراً مطلوباً في الشريعة.
الجواب: قد طرح المستشكل محذورين، والجواب عنهما كما يأتي:
الجواب عن المحذور الأول
أولاً: إنّ إضاعة الوقت تارة تكون من قبيل إضاعة الوقت في شيءٍ لا فائدة فيه، وليس فيه غرض معتدّ به، كاللعب واللهو وما شابه ذلك، فهذا النوع من إضاعة الوقت تذمّه الشريعة الإسلامية.
وأُخرى من قبيل صرف الوقت لأجل أغراض معتدٍّ بها، كالعمل والكدِّ على العيال وقضاء حوائج الآخرين، ومواصلة أعمال اليوم، وأداء العبادات وتعظيم الشعائر، وهذا النوع من صرف الوقت ممدوح ومرغوب ؛ ولذا حثت الشريعة على أداء الواجبات، فلا يُسمّى صرف الوقت في ذلك إضاعة للوقت؛ لأنّه في الواقع لم يضيّع وقته، بل حصل على أمر أكبر من الوقت الذي أتلفه، وهذا أحد معاني الآية الكريمة: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾[36]، أي: إنّ الإنسان قد خسر عمره وأيامه لا محالة، ولكنّه إذا جعل تلك الأيام في طاعة الله تعالى، وعمل الصالحات فلم يخسر عمره، بل ربح شيئاً أكبر.
وزيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام وصرف الوقت فيها من قبيل صرف الوقت في طاعة الله تعالى، وتعظيم شعائره، ونصرة نبيه صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وقضاء الوقت في ذلك مرغوب لدى الشريعة، بل هو من أفضل العبادات.
وثانياً: ورد في بعض الروايات أنّ زائر الحسين عليه السلام لا تحسب أيامه التي صرفها في زيارة الحسين ذاهباً وجائياً من عمره[37]، فمَن ينشغل بعبادات أُخرى، فهو يحصل على الثواب، ولكن يحسب ذلك الوقت من عمره، وأمّا مَن ينشغل بزيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً ذاهباً وجائياً فيحصل على الثواب من دون أن يحسب ذلك الوقت من عمره، وحينئذٍ لا تصدق إضاعة الوقت.
الجواب عن المحذور الثاني
أولاً: يمكن الجمع بين زيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً والحفاظ على حركة السير، بأن يجعل أحد الشوارع للزوّار والآخر للسير، أو يجعل الليل لحركة السيارات والنهار لحركة المشاة لزيارة الإمام الحسين عليه السلام، فهذا من وظائف القائمين على أنظمة المرور العامّة؛ وحينئذٍ نحصل على كلا الأمرين وتكون زيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام متيسّرة، وحركة السيارات أيضاً تكون ممكنة، وبذلك يتمّ المحافظة على النظم العام.
ثانياً: من المبادئ الواجبة والأساسية في الشريعة الإسلامية هي الدفاع عن المظلوم والاقتصاص من الظالم، فكلّ إنسان مظلوم يجب على الأُمّة الإسلامية الدفاع عنه ومعاقبة مَن ظلمه طبقاً للآية الكريمة: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[38]، وهذا الأصل مسلّم عند جميع الفرق الإسلامية، بل العالم بأسره؛ ولذا شكّلت أوروبا منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان، فإذا لم يتمكّن الناس من الاقتصاص من الظالم للمظلوم، فلا أقل من إظهار تلك المظلومية للعالم ودعوته للدفاع عن المظلومين الذين قُتلوا وظُلموا من دون أي ذنب.
والمشي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام أحد المصاديق البارزة لمطالبة العالم الإنساني بالدفاع عن حقوق المظلومين الذين انتُهكت حقوقهم وأُريقت دماؤهم وسُلبت أموالهم من دون أي ذنب، وعلى رأسهم الإمام الحسين عليه السلام الغريب المظلوم، الذي خرج هو أيضاً للدفاع عن المظلومين الذين سلبت حقوقهم من قِبل الطغاة والجبابرة في كلّ زمان ومكان، ومن بعده الإمام زين العابدين عليه السلام والسيدة زينب عليها السلام؛ حيث قاما من بعد الإمام الحسين عليه السلام بهذه المهمّة خير قيام، وأبرزا مظلومية الحسين عليه السلام إلى العالم.
إذن، فزيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً هو أجلى وأتمّ مصداقٍ من مصاديق نصرة المظلوم والاصطفاف معه ضد الظلم والظالمين، وهي نصرةٌ لشخصية مثّلت أساس العدل ومعدن الإباء، بل هي مظهر من مظاهر إحياء الدين، وكفى بذلك أهميةً، فتُقدّم حينئذٍ على ما سواها من المصالح الشخصية أو العامّة الأقل منها أهمية قطعاً.
أي إن هذا المورد من قبيل التعارض بين المصالح العامّة، والمصالح الشخصية، وكلّما تعارضت المصلحة العامّة مع المصلحة الشخصية، قُدِّمت الأولى على الثانية.
فالمشي لزيارة الحسين عليه السلام يوم الأربعين أصبح اليوم ذا مصلحة عامّة، وتلك المصلحة العامّة هي عبارة عن الصرخة في وجوه الظالمين، ورفع راية الإسلام، كما أنّ في المشي جنبة تبليغية عظيمة؛ حيث إنّ كلّ مَن يرى هذا الحدث وتلك الجموع الغفيرة التي تسير نحو الحسين عليه السلام يُثار لديه تساؤل: مَن هو الحسين الذي جعل جميع هذه القلوب تهوي إليه؟ ممّا يكون باعثاً على البحث والتحقيق، وكلُّ هذه الأُمور فيها مصلحة عامّة وهي مقدَّمة بلا ريب على المصالح الشخصية، كعرقلة المسير.
الجهة الثالثة: بعض آداب الزيارة وثواب الزائر خلال مسيره إلى زيارة الحسين عليه السلام
أوّلاً: الآداب التي ينبغي للزائر أن يتحلّى بها
هناك جملة من الآداب التي ينبغي لزائر الحسين عليه السلام مشياً التحلّي بها، وهي مستفادة من الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام:
1ـ أن يكون زائر الحسين عليه السلام عارفاً بحقّ الإمام الحسين عليه السلام؛ لأنّ الثواب الجزيل إنّما يترتّب على كون الزائر عارفاً بحقّ الإمام عليه السلام، ولعل التفاوت في الأجر الذي تقدَّم في الروايات يرجع إلى التفاوت في المعرفة، فبعض الزائرين يُعطى بكلّ خطوة حسنة في حين يُعطى الآخر بكلّ خطوة ألف حسنة، ويحصل الآخر بمقدار معرفته على ثواب حجّة متقبَّلة بكلّ خطوة، في حين يحصل العارف بحقّه بكلّ خطوة على عتق رقبة. فالمناسب للزائر أنّ يشتغل طول الطريق بالتعرُّف على شخصية الإمام الحسين عليه السلام وأخلاقه، ويحاول تطبيقها والعمل بها ليحصل على الثواب الجزيل.
2ـ أن يغتسل ويلبس ثياباً نظيفة وطاهرة، ويحافظ على السكينة والوقار، فلا يتصرَّف تصرُّفاً ينافي ذلك، وينبغي مراعاة النظافة بشكل عام طوال الطريق ويتجنَّب رمي النفايات على الأرض، بل ينبغي له رميها في المكان المخصص لها؛ فإنّ الله تعالى يقول: ﴿ نَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾[39]، كما أنّ من المبادئ الأساسية في الإسلام هي النظافة؛ فينبغي لزائر الحسين عليه السلام وسائر الأئمّة عليهم السلام خلال مسيره أن يعمل بهذه المسائل، فإنّه سيُعطي بذلك درساً للآخرين.
3ـ أن يتجنَّب خلال طريقه إلى الحسين عليه السلام كلَّ ما يسيء إلى سمعة وكرامة وعزّة المذهب؛ فإنّ التصرُّفات السلبية لزائر الحسين عليه السلام ستنعكس على سمعة المذهب وكرامته، فعلى الزائر أن يبتعد عمّا يسيء للمذهب، كالتهاون بالصلاة وعدم رعاية الحجاب، كما أنّ عليه أن يحفظ قلبه وسمعه ولسانه وبصره عن الحرام؛ فإنّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[40]. وقد جاء في صحيحة هشام بن الحكم، قوله: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم أن تعملوا عملاً يعيِّرونا ـ أي المخالفون ـ به، فإنّ ولد السوء يُعيَّر والده بعمله، وكونوا لمَن انقطعتم إليه زيناً ولا تكونوا علينا شيناً… ولا يسبقوكم ـ يعني المخالفين ـ إلى شيء من الخير، فأنتم أوْلى به منهم»[41].
4ـ ينبغي لزائر الحسين عليه السلام حال مشيه أن يعمل أفعال الخير، فيرحم الكبير، ويعطف على الصغير، ويساعد المحتاج، ويغيث الملهوف، ويتخلّق بالأخلاق الحسنة، وأن يتكلَّم مع الناس بما هو خير طبقاً لقوله تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾[42]، بحيث يكون متمسِّكاً بأخلاق أهل البيت عليهم السلام وداعية لهم؛ فإنّ التصرُّفات الإيجابية ستنعكس على سمعة المذهب وكرامته؛ ولذا ورد عن سليمان بن مهران، قال: «دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وعنده نفر من الشيعة، فسمعته وهو يقول: معاشر الشيعة، كونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حسناً، واحفظوا ألسنتكم وكفّوها عن الفضول وقبيح القول»[43].
5ـ عدم الأكل أثناء المشي، بل المناسب أن يجلس ويستريح قليلاً، ثمَّ يأكل، إلّا إذا اضطرّ إلى ذلك، وعدم السرعة في المشي؛ فإنّه من المستحبّات أن يمشي بسكينة ووقار، وسرعة المشي تذهب بالسكينة والوقار وتطفئ نور المؤمن، فعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «لا تأكل وأنت تمشي إلّا أن تضطرّ إلى ذلك»[44]. وقد ورد عن أبي الحسن عليه السلام: «سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن»[45]، وقال عليه السلام: «المشي المستعجل يذهب ببهاء المؤمن ويطفئ نوره»[46].
6ـ أن يتحلّى بآداب المشي، فعليه أن يكون قاصداً في مشيه إلى زيارة الحسين والأئمّة المعصومين عليهم السلام، ويمشي على الأرض هوناً، وبتذلل وخضوع وعلى سكينة ووقار؛ كي يكون ممَّن يمشي سوياً على صراط مستقيم. حيث تشير إلى ذلك الآيات الكريمة، كقوله تعالى:
﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾[47]، و﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾[48] ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾[49] و﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[50].
ثانياً: الثواب الذي يحصل عليه زائر الحسين عليه السلام خلال مشيه لزيارته
اعلم أن ّالثواب الذي يترتّب على زيارة الحسين عليه السلام كثير جدّاً، ولكن نحن نقتصر هنا على المهمّ منه، وسنبدأ بالثواب على حسب الطريق، ابتداء من خروج الزائر من المنزل وحتى وصوله إلى مرقد الإمام الحسين عليه السلام وانتهاء برجوعه إلى منزله؛ فإنّ الله تعالى قد وزّع الثواب على الزائر ابتداءً من الخروج من المنزل إلى حين رجوعه إلى المنزل.
1ـ تتباشر أهل السماء به عند ترتيب متاع السفر
فعن الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ الرجل منكم ليأخذ في جهازه ويتهيأ لزيارته فيتباشر به أهل السماء»[51].
2ـ تُصلّي الملائكة عليه عند الخروج من المنزل وتُشيِّعه وتصحبه
عن الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ الرجل إذا خرج من باب منزله وكّل الله به أربعة آلاف ملك من الملائكة يصلّون عليه حتى يوافي قبر الحسين عليه السلام» [52].
وقال عليه السلام: «إنّ الرجل إذا خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين عليه السلام شيَّعه سبعمائة ملك من فوق رأسه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى يبلغونه مأمنه»[53]، و«صحبه ألف ملك عن يمينه وألف ملك عن يساره»[54].
3ـ عندما يمشي تُكتب له بكلّ خطوة حسنة
«عن الحسين بن عليّ بن ثوير بن أبي فاختة، قال: «قال لي أبو عبد الله عليه السلام يا حسين، من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن عليّ بن أبي طالبٍ عليهما السلام إن كان ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ حسنةً، وحطّ بها عنه سيّئةً» [55].
4ـ إذا مشى في الشمس أكلت ذنوبه كما تأكل النّار الحطب
قال الإمام الصادق عليه السلام: «وإنّ زائر الحسين عليه السلام إذا وقعت الشمس عليه أكلت ذنوبه كما تأكل النار الحطب، وما تبقي الشمس عليه من ذنوبه شيئاً؛ فينصرف وما عليه قتله أنّ الإمامة من ذرّيّته والشّفاء في تربته وإجابة الدّعاء عند قبره ولا تعدّ أيّام زائريه جائياً و راجعاً من عمره»[56].
الهوامش
[1] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص334 ـ 335.
[2] المفيد، محمد بن محمد، المزار: ص53.
[3] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص334 ـ 335.
[4] اُنظر: المصدر السابق.
[5] اُنظر: الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج5، ص201.
[6] اُنظر: المصدر السابق: ج7، ص455.
[7] اُنظر: المصدر السابق، ج3، ص152.
[8] اُنظر: المصدر السابق: ج11، ص79.
[9] المصدر السابق: ج14، ص59.
[10] الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص293.
[11] العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص439.
[12] المصدر السابق: ج14، ص440.
[13] المصدر السابق: ج14، ص440.
[14] المصدر السابق: ج14، ص441.
[15] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص256.
[16] العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص441.
[17] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص257.
[18] العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص485.
[19] المصدر السابق: ج14، ص380.
[20] الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص98. المشهدي، محمد بن جعفر، المزار: ص32.
[21] التبريزي، الميرزا جواد، الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية: ص130.
[22] الحائري، كاظم، الفتاوى المنتخبة: ص127.
[23] لاحظ: السرخسيّ، المبسوط: ج1، ص25. الكاشاني، أبو بكر، بدائع الصنائع: ج1، ص294. ابن الأثير، مجد الدين، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج1، ص440.
[24] اُنظر: الشهيد الثاني، الفوائد الملية لشرح الرسالة النفلية: ص15.
[25] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص229.
[26] الأردبيلي، أحمد، مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان: ج2، ص 408.
[27] طه: آية12.
[28] الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام عن قواعد الأحكام: ج5، ص465.
[29] العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص590.
[30] آل عمران: آية59.
[31] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص330.
[32] الخوئي، أبو القاسم، صراط النجاة: ج2، ص 418.
[33] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، منية السائل: ص219.
[34] اُنظر: مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام: ج51، ص 297 وما بعدها.
[35] العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص140.
[36] العصر: آية1ـ 3.
[37] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص423.
[38] البقرة: آية179.
[39] البقرة: آية222.
[40] الإسراء: آية36.
[41] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص219.
[42] البقرة: آية83.
[43] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص484.
[44] العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج24، ص261.
[45] المصدر السابق: ج11، ص456.
[46] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج75، ص255.
[47] لقمان: آية19.
[48] لقمان: آية18.
[49] الفرقان: آية63.
[50] الملك: آية22.
[51] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص375.
[52] المصدر السابق.
[53] المصدر السابق: ص351.
[54] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجد: ص716.
[55] العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة؛ ج14، ص 439.
[56] المصدر السابق: ج14، ص423.
المصدر: مجلة الإصلاح الحسيني: العدد السادس – مؤسسة وارث الأنبياء