الاجتهاد: أكد رئيس الهيئة الإدارية لتجمع العلماء المسلمين في لبنان، “الشيخ حسان عبد الله” أنه لقد تركت الجماعات التكفيرية في المجتمعات الغربية آثاراً سلبية جداً على الدعوة الإسلامية حيث قد شوهت صورة الإسلام المحمدي الأصيل وبات الغربي البعيد عن الدين يظن أن هذه الأفعال التي تحصل هي من صلب معتقداتنا.
وقال ذلك، رجل الدين اللبناني ورئيس الهيئة الإدارية لـ”تجمع العلماء المسلمين” في لبنان، “سماحة الشيخ حسان عبد الله” في حوار خاص له مع وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا).
فيما يلي النص الكامل للمقابلة:
ما هي أهم الاستراتيجيات والآليات لمواجهة الحركات التكفيرية في العالم الإسلامي؟
لمواجهة الحركات التكفيرية في العالم الإسلامي نحتاج إلى عدة آليات ومراعاة الكثير من الضوابط وتفهم العقبات التي تقف في وجه الدعوة الإسلامية الحقة، في البداية لا بد من إيضاح الخلفيات السياسية التي انطلقت منها هذه الحركات التكفيرية وخاصة تاريخ نشأة هذه الحركات وبالرجوع إلى التاريخ نجد أن الاستعمار الغربي وخاصة البريطاني عندما ترك بلادنا خلَّف ورائه عاملي تفجير وحماية لمصالحه في المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية خاصة النفط فغرس خنجراً مسموماً في قلب الأمة هو الكيان الصهيوني،
وعلى الصعيد الفكري زرع لنا الحركة الوهابية التي هي أصل هذه الحركات التكفيرية وبذلك يكون الاستعمار البريطاني والذي ورثته الولايات المتحدة الأمريكية قد تركت في منطقتنا بذور تدميرها من خلال تحريف ارتباطاتها بالإسلام المحمدي الأصيل باتجاه إسلام تكفيري هو في الحقيقة أبعد ما يكون عن الإسلام، بل أن الإسلام منه براء فديننا دين رحمة أكد على ذلك القرآن الكريم بخطابه لنبي الأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)
وإذا ما فهمت الأمة الخلفيات الاستخباراتية والاستعمارية لهذه الحركات فإنها ستبتعد عنها وتفهم مقاصدها وهي تساعد على نفسها أيضاً من خلال ممارساتها الفظيعة من القتل والسبي وحرق البشر وهم أحياء وأكل الأكباد مستعيدين ما كان يحصل في الجاهلية قبل الإسلام، الذي جاء للنهوض بالمجتمع من التخلف ليبني حضارة سامية راقية رفعت الأمة لتكون خير أمة أخرجت للناس.
هذا من جهة ومن جهة أخرى لا بد من مناقشة أفكارهم وتبيان عدم مطابقتها لأحكام الشرع الإسلامي الحنيف وهذا من خلال تبيان مفاهيم وأحكام الإسلام المحمدي الأصيل ثم عرض ما يؤمنون به ليتضح للأمة أن هذه الحركات هي حركات لا علاقة للإسلام بها وهو بعيد عنها كل البعد وفي سبيل ذلك لا بد من تضافر جهود العلماء وأهل الفكر والمثقفين والإعلام والاستفادة من وسائط التواصل الإجتماعي للبلوغ للغايات التي قدمناها.
كيف تقيمون أثر انتشار الفكر الوهابي في المجتمعات الغربية في تقديم صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين؟
لقد تركت الجماعات التكفيرية في المجتمعات الغربية آثاراً سلبية جداً على الدعوة الإسلامية فمن جهة شوهت صورة الإسلام المحمدي الأصيل وبات الغربي البعيد عن الدين يظن أن هذه الأفعال التي تحصل هي من صلب معتقداتنا في حين أنها كما بينا لا علاقة للإسلام بها ومن جهة أخرى بات المجتمع الغربي حذراً من الاستماع إلى العلماء الربانيين الذين يعبرون عن الدين الأصيل ظناً منهم أنهم على نفس خط هؤلاء
ولعل الانعكاس الأخطر هو الحصار الذي فُرِض على المسلمين والجاليات المسلمة في المجتمع الغربي بحيث باتوا منعزلين في المجتمع فانعدم تأثيرهم وباتت حياتهم صعبة وعلاقاتهم مع المجتمع في شبه قطيعة كاملة ومن الآثار السيئة أن رحلات التبليغ التي كان يقوم بها علماء الدين إلى الجاليات الإسلامية في المجتمع الغربي انقطعت انقطاعاً شبه كامل ما أثر على تلقي هذه الجاليات لتعاليم الإسلام والاستفادة من المناسبات الدينية كشهر رمضان المبارك وإحياء عاشوراء والأعياد الإسلامية، ولعل هذا هو ما أراده الغرب من خلال إطلاق هذه الجماعات الإرهابية التكفيرية.
إضافة إلى أن هذه الجاليات التي كانت تفتح مؤسسات دينية ومساجد ونوادي إسلامية باتت غير قادرة على افتتاح مراكز جديدة ما أثر في عملية توسع ونمو هذه الجمعيات وهذه ضربة قاسية للدعوة الإسلامية في الخارج.
ما هو تأثير وحدة الأمة الإسلامية وتجنب الانقسام والفتنة على نجاح المسلمين في مواجهة الأفكار التكفيرية؟
لعل من أبرز الأفكار التي تروج لها الجماعات التكفيرية وهي في ذلك تشبه إلى حد كبير التنظيمات الصهيونية هي عدم الاعتراف بالأخر وهي لا تعتمد التكفير للأخر غير المسلم فحسب بل تكفر مذاهب إسلامية أخرى بل أكثر من ذلك تكفر من هم في نفس المذهب ولكن يختلفون معهم في الرأي حول مفاهيم الإسلام وعقائده وطرق الدعوة للإسلام
وهذا ما يوجب على كل الفرق الإسلامية أن تكون صفاً واحداً في مواجهة هذه الفئة المنحرفة من المجتمع الإسلامي،لأن انتشار التكفير سيؤدي حتماً إلى انتشار الاقتتال داخل المجتمع فينطبق علينا قول رسول الله (ص):”لا ترجعوا من بعدي كفار يضرب بعضكم رقاب بعض” وقول الله:سبحانه وتعالى (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) لذلك فإن وجود هذه الجماعات يجب أن يكون حافزاً لمخلصي الأمة على انتماءاتهم ومذاهبهم كافة أن يكونوا يداً واحدةً في مواجهة هذا الخطر الذي سيعم الجميع ويسيء إلى الإسلام قبل أن يسيء إلى المذهب، إن الوحدة الإسلامية هي ضرورة شرعية وأمر إلهي (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) وبالتالي إذا ما استطعنا نشر الفكر الوحدوي الإسلامي الأصيل سننجح في مواجهة هذه الفئة المنحرفة ونقضي عليها فكرياً ودينياً.
إلى أي مدى تتأثر أفكار وأفعال الجماعات التكفيرية بالفكر الضال للطائفة الوهابية؟
بينا في الأجوبة السابقة أن كل الأفكار التي تتبناها الجماعات التكفيرية أصلها الفكر المنحرف لمحمد بن عبد الوهاب فبنظرة معمقة لما يطرحه هؤلاء لجهة تكفير الأخر وتكفير من يتبرك بالأئمة والأولياء والصالحين وتكفير مذاهب المسلمين واعتبار أن كل من لا يقر بفكر محمد بن عبد الوهاب هو كافر بالإسلام وهذا ما لم يسبقهم إليه أحد من المسلمين، فكل من شهد أن لا إله إلا الله هو مسلم دمه وعرضه وماله حرام.
بعض الخبراء والمحللين يؤكدون أن الوهابية هي سلاح الأمريكان ضد الإخوان المسلمين؟ ما هو تحليلكم؟
الوهابية هي سلاح أنتجته بريطانيا واستخدمته وسيطرت عليه وبعد أفول نجم بريطانيا تبنته الولايات المتحدة الأمريكية وهو سلاح ضد كل ما يهدد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ولا ينحصر بفئة كالإخوان المسلمين الذي وقع بعض قادتهم أو عناصر معهم بشبهة الانتماء إلى هذا الفكر، نسأل الله عز وجل أن يعيدهم إلى جادة الصواب بل يعم كل المسلمين المخالفين لأفكارهم.
كما تعلمون أن أتباع الوهابية لا يعتقدون بالتأويل يتمسكون بظواهر القرآن والروايات، ما هو تأثير هذا النهج الوهابي على تصرفات هذه الجماعة؟
المشكلة الأساسية ليست فقط بعدم اعتقادهم بالتأويل بل بتفسير آيات القرآن الكريم على حسب آرائهم بغض النظر عن ما أجمع عليه علماء الإسلام وقد تجرأ محمد بن عبد الوهاب ونقض الكثير من أحكام أئمة المسلمين عند أهل السنة ونقض الكثير من العقائد وهو ما طبع نهج اتباع هذه المجموعة التي نراها بوضوح من خلال تصرفات المطوعين في الحج الذين يعتبرون من يتبرك بمقام رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم كافر ومن يتوسل إلى الله بالأئمة والصالحين كافر وهم ذهبوا إلى التجسيم للذات الإلهية من خلال والعياذ بالله اعتبار أن لله يد وقدم بتفسير ظاهري يتعارض مع الذات المقدسة لقوله تعالى: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) لذلك فإن عدم الالتزام بالتأويل يؤدي بهذه الجماعات لتصبح جماعات متحجرة لا تتطور على الصعيد الفكري خاصة مع إغلاق باب الاجتهاد أمام أتباعها.