تثير بعض الفتاوى التي توصف بالشاذة حفيظة شريحة واسعة في العالم الإسلامي، ناهيك عن السعوديين، ويستند بعضها إلى نصوص من التراث؛ منها ما يجيز أكل لحم تارك الصلاة والزاني والمرتد، ومنها ما يطالب بتغيير اسم نادي “الباطن” الرياضي، بحجة أنه أحد أسماء الله الحسنى.
موقع الاجتهاد: بين الحين والآخر تنتشر في المملكة العربية السعودية، مطالبات يطلقها أكاديميون ومثقفون وبعض الدعاة بضبط الفتوى وفق معايير محددة، درءًا لشذوذات فقهية غزت في الآونة الأخيرة المجتمع السعودي وغيره من المجتمعات الإسلامية، لتحجز لنفسها مكانًا في الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي.
“كيف نضبط الفتوى؟”.. سؤال جدلي يطرحه الباحث الشرعي السعودي ومؤلف كتاب “تجديد الإسلام”، عبد الله العلويط ، في محاولة لمنع نشر بعض الشطحات الدعوية التي يطلقها بعض الدخلاء على العلم الشرعي.
وللكاتب دعوات سابقة مثيرة للسجال في الأوساط الثقافية والشرعية؛ ومنها دعوة أطلقها العام المنصرم، لتجديد الأحكام الفقهية.
لا مجاملة في العلم
ويقول العلويط ، إن “الشذوذات الفقهية أو ما يعرف بالفتاوى الشاذة (بدأت) في غزو المجتمعات والبلدان الإسلامية، بسبب كثرة الدخلاء على العلم الشرعي، وسهولة نشر شطحاتهم خلال الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، واستمرارها المحتمل إن لم يوضع لها حد، لأن المجاملة على حساب العلم هو ما يبعث على انتشار الفقه الضعيف، فالمعالجة على مستوى العلم هي الوسيلة الأنجع”.
ويقترح العلويط ، كحل فرعي أو مؤقت للمشكلة أن “نقوم بوضع تنظيم للفتوى حفاظًا على الإسلام نفسه، وحفاظًا على سمعة الدولة والمجتمع، بل حفاظًا على المسلمين في الغرب، حتى لا تسنّ أنظمة ضدهم هناك بسبب فتوى ساذجة في دولة عربية، فهم لا يفرقون بين بلد وبلد في اختلاف الفتوى، وإنما يعتبرونها دينًا واحدًا”.
الخلاف وارد
ولا تلقى دعوة العلويط، آذانًا صاغية لدى شريحة واسعة من المتدينين، ممن لا يرون حاجة لوضع نظام، ويعتبرون أن تنظيم الفتوى قد يفتح بابًا لمحاربة الاجتهاد؛ أحد مصادر التشريع الإسلامي.
ويشير معارضو تنظيم الفتوى إلى أنه من غير الممكن حصرها في جهة بعينها، أو علماء محددين، ولو كانوا معتبرين أو كثيرين من حيث العدد، ولذلك فالأنسب أن يكون المنع بنوع الفتوى وليس بنوع المفتي.
فتاوى محرضة على القتل والتكفير
وفي هذا السياق يرى الكاتب العلويط أن “الفتاوى التي يجب أن تُمنع -إلا من الجهات المخولة بالفتوى فقط ولا تشمل حتى من تأذن لهم هي بالفتاوى- هي ما يتعلق بالأحكام التي تصدر في سياق القتل أو القتال، أو الجهاد والولاء والبراء، أو التكفير ولو كان تكفيرًا للعام أي غير المعين إلا لجماعات انقرضت، أو الفتاوى التي ترد في سياق المذهبية والحزبية، أو تؤدي إلى الإقصاء أو تحمل إساءات لأي فرد أو مجموعة، وكذلك فتاوى التأديب الجسدي أو إيقاع العقوبة الجسدية أو المالية، فكل هذه الصور تُسند للجهات الرسمية”.
ويقول العلويط ، إن هناك نوعًا آخر من الفتاوى الواجب منعها؛ وهي “التي لا تندرج ضمن الاجتهاد أو الإضافة إلى العلم نفسه، بحيث لو انتشر مثيلها لقلنا إن هذا العصر عصر اجتهاد، ولا تحمل الطابع الفكري العلمي، وإنما مربوطة بتحريض أو تقييم أشخاص أو جماعات أو توصيف لهم، أو حث على إلغاء نظام أو المطالبة به، أو تحوي استنفارًا وجلبة للقيام بعمل معين، أو ذات طابع نكوصي تتسبب في الإساءة إلى الإسلام أو الدولة، وغالب هذا النوع يحمل أمثلة أو مفردات سطحية أو توصيفات ساذجة”.
ويضيف، أن من الضروري كذلك “منع فتاوى المطالبة بإقامة حد الردة على فرد بعينه سواء خلال القضاء الرسمي أم غيره، من خلال المنابر أو سائل التواصل الاجتماعي، فالقضاء لا يحتاج إلى التنبيه الإعلامي على كفر شخص أو زندقته، وإنما خلال إقامة الدعوى كأي قضية جنائية”.
ضبط الدعوة
وحظي مقال العلويط بردود على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، الذي يحظى بشعبية واسعة في المملكة، لتعلن إحدى المغردات تأييدها لطرح الكاتب، متمنية “ضبط الدعوة أيضًا، حتى المحشش يقدر يصير داعية في ظل هذه الفوضى”.
فتاوى مثير للجدل
وتثير بعض الفتاوى التي توصف بالشاذة حفيظة شريحة واسعة في العالم الإسلامي، ناهيك عن السعوديين، ويستند بعضها إلى نصوص من التراث؛ منها ما يجيز أكل لحم تارك الصلاة والزاني والمرتد، ومنها ما يطالب بتغيير اسم نادي “الباطن” الرياضي، بحجة أنه أحد أسماء الله الحسنى.
ووصل الأمر ببعض دعاة المملكة إلى التشهير بالمواطنين واتهامهم بالكفر والردة والدياثة، كقذف أحد الدعاة للعاملات في القطاع الطبي والمبتعثات، ووصف أهلهم بالدياثة وتحريم السماح لهن بذلك، بالإضافة إلى تكفير بعض الدعاة لبعض أهل الفن، في قضايا تثير الكثير من اللغط في المجتمع السعودي، أكثر المجتمعات العربية والإسلامية محافظة.
المصدر: إرم نيوز