فقه القضا لحجة الاسلام والمسلمين الدكتور محمد حسين بياتي

فقه القضاء لحجة الاسلام محمد حسين بياتي.. إصدارا جديد عن جامعة عدالت

الاجتهاد: أصدرت جامعة “عدالت” الايرانية كتاباً جديداً تحت عنوان “فقه القضاء” الذي يتناول مسائل قضائية لحجة الاسلام والمسلمين الدكتور محمد حسين بياتي.

أصدرت جامعة “عدالت” الايرانية كتاباً جديداً يتناول مسائل قضائية تحت عنوان “فقه القضاء” للباحث حجة الالسلام والمسلمين الدكتور محمد حسين بياتي رئيس الجامعة.

ويتضمن الكتاب عشرة فصول، تصدرها مقدمة في السياسات العامة في القضاء الاسلامي ثم تأتي الفصول على الترتيب التالي؛ انقسام الدعوى إلى الدعوى الخاصة والدعوى العامة، ملاحقة المتهم وكشف الجريمة، أحكام القضاء وشرائط القاضي، أحكام الدعوى، كيفية الحكم، النيابة العامة، إصدار الحكم، نقض الحكم والاستئناف والتمييز، تنفيذ الأحكام القضائية، أدلة إثبات الدعوى

ويقول الدكتور بياتي حول كتاب فقه القضاء في المقدمة: من الواضح لدي علماء القانون أنّ قانونى العقوبات و أصول المحاكمات يعدّان بعد الدستور كحجر الأساس فى أى نظام قانونى.

فقانون العقوبات يتصدّي لنظم كيفيّة معاقبة المجرم و فرض العقوبة القانونيّة عليه بعد تحديد الأفعال الممنوعة التي تهدد غالباً أمن و سلامة العامّة و مصلحتها و تعرضها للخطر، و من المعلوم أنّ تحديد المصلحة و المفسدة و ما يكون ضماناً لسلامة المجتمع هى أمور قد تختلف فيها النظامات القانونية بمقتضي نظرتها الكونيّة الخاصّة و هى تؤثّر علي كافّة جوانب النظام الجزائى كتعريف الجرم و العقوبة و الهدف من وراء العقوبة و مدي صلاحية السلطات الحاكمة فى وضع الجرائم و فرض العقوبات و ما إلى ذلك من الأمور التى يستوفي البحث عنها في الكتب و المباحث الأكاديمية.

و النظام القانونى الإسلامى ليس استثناء من هذه القاعدة بداهة أنّ الإسلام الحنيف لا يري الدولة و الحكومة مجرّد ظاهرة بشرية قد فرضتها الحاجات المتنوعة علي حياة الإنسان منذ زمان من حياته الاجتماعيّة فتستمرّ طوال التأريخ و تتغيربحسب القالب و المضمون حسب تغيّر الرؤي و تنوّع الحاجات،بل الدولة بحسب نظرة الإسلام الكونيّة صنيعة أنبياء الله العظام.يقول الله عزّ من قائل:« «كانَ النَّاسُ امَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وأنْزل مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِيَحكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيما اختَلَفُوا فيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيه إلّا الّذِينَ اوتُوهُ مِنْ بَعْدِمَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغياً بَيْنَهُمْ فَهَدَي اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اْختَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإذنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلى صِراطٍ مُستقِيم» (البقرة:۲۱۳)
يقول الإمام الشهيد الصدر(رضوان الله تعالي عليه):
«ونلاحظ من خلال هذا النصّ أنّ الناس كانوا امّةً واحدةً في مرحلةٍ تسودها الفطرة، ويوحّد بينها تصوّرات بدائية للحياة وهموم محدّدة وحاجات بسيطة، ثمّ نمت- من خلال الممارسة الاجتماعية للحياة- المواهب والقابليات، وبرزت الإمكانات المتفاوتة، واتّسعت آفاق النظر، وتنوّعت التطلّعات، وتعقّدت الحاجات، فنشأ الاختلاف وبدأ التناقض بين القويّ والضعيف، وأصبحت الحياة الاجتماعية بحاجةٍ إلى موازين تحدِّد الحقّ وتجسّد العدل، وتضمن استمرار وحدة الناس في إطارٍ سليم، وتصبّ كلّ تلك القابليات والإمكانات- التي نمّتها التجربة الاجتماعية- في محورٍ إيجابيّ يعود علي الجميع بالخير والرخاء والاستقرار، بدلًا عن أن يكون مصدراً للتناقض وأساساً للصراع والاستغلال.

وفي هذه المرحلة ظهرت فكرة الدولة علي يد الأنبياء، وقام الأنبياء بدورهم في بناء الدولة السليمة، ووضع اللَّه تعالى للدولة اسسَها وقواعدها، كما لاحظنا في الآية الكريمة المتقدمة الذكر. وظلّ الأنبياء يواصلون بشكلٍ وآخر دورهم العظيم في بناء الدولة الصالحة، وقد تولّي عدد كبير منهم الإشراف المباشر علي الدولة، كداود وسليمان وغيرهما، وقضي بعض الأنبياء كلّ حياته وهو يسعي في هذا السبيل، كما في حالة موسي عليه السلام، واستطاع خاتم الأنبياء صلي الله عليه و آله و سلم أن يتوِّج جهود سلفه الطاهر بإقامة أنظف وأطهر دولةٍ في التأريخ شكّلت بحقٍّ منعطفاً عظيماً في تأريخ الإنسان، وجسّدت مبادئ الدولة الصالحة تجسيداً كاملًا ورائعاً.» (الإسلام يقود الحياة،ص۱۴)

و من البديهى أن الموازين الجزائيّة و القضائيّة من أهمّ ما يتحدّد به الحقّ و يتجسّد به العدل فكان لزاماً علي أيّة دولة إلهيّة إقامتها و ضمانها بأتمّ و أحسن شكل ممكن. و الجمهوريّة الإسلاميّة فى ايران أيضاً كدولة قائمة علي الأسس الشرعيّة و كامتداد لذلك الخطّ النبوى اهتمّت منذ بدايتها إلي تطبيق الفقه الإسلامى في مختلف مجالات الحياة الاجتماعيّة.

فبدأت بتنظيم و تدوين قوانين متعددة و خصوصاً فى مجال الجريمة و العقوبة. الا أنّ هذه المساعى رغم قيمة الجهود الخالصة التي بذلت فيها و ستكون مأجورة لأربابها إن شاء الله تعالي كانت تواجه مشاكل عديدة و لم تواجه النجاح الكامل. و عمدة الدليل لعدم نجاح هذه القوانين أنها كانت بشكل نوعى عبارة عن مجرّد ترجمة لبعض الفصول من الكتب الفقهيّة المشهورة من دون إعمال أى تهذيب و تمحيص و تبويب يفرضها تقنين الشريعة. فإنا لا نجد مثلاً فى تلك القوانين فصلاً يخص بتبيين القواعد العامّة الفقهيّة حول الجريمة و العقوبة و كذلك الفصول التي تخص بالقواعد العامّة للقصاص و الحدود و الديات و ما إلي ذلك من المشاكل.

و استمرّت هذه المشاكل القانونيّة إلي أن ترأس فقيه ألمعى فذ من سلالة الأنبياء و المرسلين علي السلطة القضائية، آية الله العظمي السيّد محمود الهاشمى(مدّ ظله العالى)،ففى فترة تصديه للسلطة القضائيّة، بدأ جمع من تلامذته الفضلاء الحوزويين و الجامعيين تحت إشراف سماحته بإعداد لوائح لقانون العقوبات الإسلاميّة و قانون أصول المحاكمات، فبذلوا قصاري جهدهم فى إطار هذا المشروع المبارك طوال سنوات عديدة مستمدّين من تراثنا الفقهى السامى من جانب و من آخر المستجدّات و التطورات الإيجابية الحديثة فى سائر النظم القانونية من جانب آخر.

فتمّ و لله الحمد التصويت بصالح كلّ من القانونين فى مجلس الشوري الإسلامى و مجلس صيانة الدستور فصارا قانونين رسميين أساسيين يعبّران بأبدع صورة عن نظام الجزاء و التشريع الجنائى الإسلامى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky