آية الله الشيخ محسن الاراكي : ثمة مسؤولية هامة تقع على عاتقنا تكمن في انتاج فقهاً رصيناً قادراً على تلبية متطلبات المجتمع، و هذا ما يدعونا لأن نعمل على توثيق اصول الفقه في مختلف الابعاد. ثمة حاجة الى فقه يتناول متطلبات نظام الحكم في ظل الظروف الراهنة، و لا يخفى أن مثل هذا سوف تنعكس تداعياته في بلورة منظومة فقهية لنظام الحكم تتطابق تماماً مع شريعة الاسلام.
موقع الاجتهاد: ألقى عضو الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) آية الله الشيخ محسن الاراكي، كلمة في جمع من طلبة العلوم الدينية في مركز ولي الأمر (عج) للعلوم الانسانية بمدينة قم المقدسة، موضحاً بأن اولى دعوات الله تعالى – مستعيناً بالاولياء الالهيين – تمحورت حول ارشاد الانسان و هدايته للتعاليم الدينية . أما دعوته الثانية فقد اتسمت كونها دعوة عامة و اشير اليها بمثابة يوم القيامة ، و في ذلك تكمن خصائص و سمات جمّة .
واعتبر سماحته عدم اطاعة القادة الربانيين مدعاة للظلم الاجتماعي ، لافتاً الى أن الظلم الاجتماعي ينشا نتيجة تمرد المجتمع على الاوامر الالهية ، و لهذا لابد للمجتمع من التوبة و العودة الى التعاليم الدينية لتجاوز هذا الظلم و تخطيه . و مما يذكر أن الاعلان عن اطاعة الناس و نصرتهم للامام علي (ع) كانت بمثابة عودة ، غير ان هذه العودة يجب أن يتبعها رضا الرسول الاكرم (ص) ايضاً . ذلك أن احد شروط العودة ان تكون بعزم راسخ و ارادة ثابتة ، و لكن العودة لمناصرة الامام علي (ع) لم تكن كذلك ، لأن الامام كان عاتباً على الامة في اواخر عمره .
و لفت آية الله الاراكي الى ان الثورة الاسلامية في ايران كانت بمثابة عودة ثانية للامة الى رسول الله (ص) ، مضيفاً : لقد رأت الجماهير في دعوة الامام الخميني امتداداً لدعوة رسول الله (ص) ، و من هذا المنطلق نهضت لتلبيتها ، و لهذا السبب اقترنت برضا نبي الاسلام (ص) .
و في جانب آخر من كلمته أشار سماحته الى دوافع نشوب الاختلاف في اوساط الامة الاسلامية ، قائلاً : أن حزب الشيطان يشكل احد عوامل إثارة الاختلاف ، لذا ينبغي لنا في ابحاث تفسير القرآن الكريم التأمل جيداً في خصائص و سمات تجمعات حزب الله و و اولئك الذين ينضون تحت لواء حزب الشيطان ، لأن الله تعالى اوضح في كتابه المبين الحدود الفاصلة بين هذه التجمعات بشكل واضح و صريح .
و أشار آية الله الاراكي الى ان التولي و التبري يعد من السمات البارزة لحزب الله ، لافتاً الى أن موقف اللامبالاة تجاه الجرائم التي ارتكبها الشاه لا ينسجم مع توجهات حزب الله .
و تابع سماحته : من المعلوم ان النظام الشاهنشاهي لم يكن يقبل بالظواهر الدينية ، و كان يسعى للقضاء على التوجهات الدينية بالكامل ، و لذلك كان يرى الكثير من اللاملائمات الثقافية التي كانت تنتشر في العديد من المدن آنذاك أموراً اعتيادية ، ذلك أن النظام البهلوي كان يهدف من خلال ترويج و اشاعة التدني القيمي و الاخلاقي الى اقصاء الاسلام و محوه .
و اضاف آية الله الاراكي : أن احياء حضارة ايران ما قبل الاسلام ، و محاولة الترويج الى مفهوم ان المسلمين دخلاء علينا و اعداء لنا ، و كانت الحكومة البهلوية تضع ذلك في طليعة اهتماماتها ، و لهذا كانوا يحاربون بشراسة كل ما ينتسب الى الاسلام .
كما اكد الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ، في جانب آخر من كلمته ، على ضرورة اهتمام الحوزات العلمية ، بصفتها كياناً علمياً و ثقافياً فاعلاً و مؤثراً ، بتاريخ ما قبل الثورة و اطلاع ابناء الشعب على وقائعه و احداثه، خاصة في المرحلة الراهنة ، داعياً الى ادراج مادة التاريخ المعاصر ضمن مناهجها كي يطلع الجيل الثالث و الرابع من الثورة على معالم مرحلة ما قبل الثورة و الهجوم الشرس الذي كان يستهدف الاسلام و الهوية الوطنية لأبناء الشعب .
و لفت آية الله الشيخ الاراكي الى ان الثورة الاسلامية تعد احدى أكبر الامانات الالهية ، و أن الامام الخميني (قدس سره) سلّم هذه الامانة الى مختلف فئات المجتمع خاصة طلبة العلوم الدينية . و لهذا ينبغي للجميع العمل بكل جدية للمحفاظة على هذه الامانة و صيانتها .
و شدد سماحته على اهمية اضطلاع هيئة الاذاعة و التلفزيون بمسؤولياتها – باعتبارها جامعة – في تدريس المفاهيم الاسلامية و توعية الجماهير بها ، لافتاً الى ضرورة تدوين معالم الفقه الخاص بالنشاط الاعلامي ، و محاولة ترجمة هذا الفقه كما ينبغي في اسلوب عمل الاذاعة و التلفزيون .
و أشار الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الى ان الاعداء لا يكفون عن استهداف اصول الفقه ، مضيفاً : لذا فأن ثمة مسؤولية هامة تقع على عاتقنا تكمن في انتاج فقهاً رصيناً قادراً على تلبية متطلبات المجتمع ، و هذا ما يدعونا لأن نعمل على توثيق اصول الفقه في مختلف الابعاد . ثمة حاجة الى فقه يتناول متطلبات نظام الحكم في ظل الظروف الراهنة ، و لا يخفى أن مثل هذا سوف تنعكس تداعياته في بلورة منظومة فقهية لنظام الحكم تتطابق تماماً مع شريعة الاسلام.
المصدر : موقع وكالة أنباء التقريب