النظام البحريني يفرض “التصريح الأمني” على زوار العتبات المقدسة

الاجتهاد: أربع سنوات مضت على وقف الطيران المباشر بين المنامة وبغداد، قبل أن يعاود النظام البحريني فتح الطريق الجوي بين العاصمتين، حيث عاود طيران الخليج، مع بداية الشهر الحالي، تسيير رحلاته لمطاريّ بغداد والنجف الأشرف، لكن الخطوة التي كان من المفترض أن تعدّ إيجابية، لم تكن كذلك.

إذ اكتشف المسافرون استمرار الحكومة البحرينية بفرض الموافقة الأمنية شرطا للسفر إلى العراق. ترفع سلطات المنامة منذ سنوات، شعارا مفاده أن البحرين دولة تسامح، لكن هذا الشعار كان دائما وأبدا محل عدم ثقة من قبل أنظار المراقبين في الداخل والخارج، والتقارير الحقوقية متواترة في نقد هذا الإدّعاء، حتى إن تقارير لجنة الحريات الدينية في الخارجية الأمريكية تنتقد التضييق الديني وعدم التسامح مطلقا مع المواطنين الشيعة في البحرين.

تتمسك الحكومة بشرط التصريح أمني، على الرغم من معرفتها أن معظم البحرينيين يذهبون لزيارة مراقد الأئمة من آل البيت عليهم السلام وهو ما يعني أنه سفر عباديّ.

ولاقت هذه الخطوة استهجان الشارع البحريني مع اقتراب موسم السفر إلى العتبات المقدسة، فيما ندّد علماء الدين بالقرار، إذ أكد رئيس “المجلس العلمائي”، السيد مجيد المشعل، أنّ كبار العلماء يرفضون أنْ يطلب المواطنون تصريحاً رسمياً لزيارة العتبات المقدّسة.

وقال السيد المشعل، في منشور على منصة “أكس”: “يتساءل الكثير من المؤمنين عن رأي كبار العلماء في أخذ التصريح الرسمي لزيارة العتبات المقدّسة في العراق وإيران، والجواب، بحسب علمي، فإنّ رأيهم القاطع هو الرفض لهذا الإجراء”.

واعتقلت قوات الأمن البحرينية، أول من أمس، الشيخ فاضل الزاكي على خلفية منشوراته المتعلقة بالموضوع، لتفرج عنه لاحقا.

وكان الشيخ الزاكي قد اعتبر، في منشورات على منصة “أكس” يوم السبت، أّنّ “زيارة أئمة أهل البيت (ع) شعيرة دينية ولا تحتاج إلى ترخيص من أحد”، مضيفاً أنّه “لو دار الأمر بين الزيارة مع أخذ الترخيص أو الامتناع عنها لسنوات وسنوات، فالثاني هو الصحيح، والمؤمن الواعي والمتديّن لن يختار غيره

وفيما شدّد على أنّ “زيارة الأئمة (ع) شعيرة دينية وحق أصيل أقره الدين والدستور”، حذّر من أنّ “القبول بمبدأ أخذ الترخيص لها جرم كبير لأنّ من يعطي الترخيص اليوم قد يمنعه غداً، ولا فرق هنا بين أنْ آخذ الترخيص بنفسي أو تأخذه لي إدارة القافلة”.

وأضاف ” انت في دولة مسلمة، مع ذلك يمكنك أن تسافر إلى لاس فيغاس لتلعب القمار، أو تسافر إلى مدن الدعارة المعروفة لتفعل ما تشاء، ولن تحتاج إلى ترخيص، ولكن إذا أردت أن تزور أئمة أهل البيت ع فأنت بحاجة إلى تصريح أمني

من جهته، أكد القيادي في جمعية “الوفاق”، سيد طاهر الموسوي، أنّه “لا يوجد سند قانوني أو دستوري ولا مبرر أمني أو صحي لفرض تصريح أمني على السفر إلى العراق”.

وشدّد الموسوي، في منشور على منصة “أكس”، على أنّه “ليس من حق أي طرف فرض هذا الإجراء على المواطنين”، موضحاً أنّ “الزيارة والسفر والتنقّل حق دستوري ولا يجوز التعسُّف في استخدام القانون اتجاهه”.

واعتبر أنّ “هناك فلسفة واحدة تبرّر هذا الإجراء هي الطائفية وهذه أم المشكلات وسبب الكثير من الأزمات”، مشيراً إلى أنّ “من يمارسها هو من يستحق العقاب وفقاً للدستور والقانون”. تضييق ثنائي الوجهة يذكر أن النظام البحريني يعتمد سياسة ثنائية الحصار على المواطنين الشيعة، فبالتوازي مع تقييده بطرق ملتوية لحرية الحركة والتنقل على وجهة دينية بحتة، أقدم النظام على مدى العقود الماضية وحتى اليوم، على التمييز الطائفي الممنهج من قبل الدولة.

فبالإضافة إلى التمييز في التوظيف ضمن الإدارات الرسمية والعسكرية، وفي منع الشيعة البحرينيين من مشاركة النظام في الحكم، هناك شكل رئيسي آخر من أشكال التمييز؛ وهو التعدي الذي تجيزه الدولة على حق المجتمع في حرية المعتقد الديني وممارسة الشعائر الدينية بحرية.

وقد اشتد هذا الأمر عام 2020 بحجة الإجراءات الاحترازية منعاً لانتشار فيروس كورونا. فتم اعتقال واستدعاء والحكم على عدد كبير من الأشخاص بالسجن والغرامات بسبب إحيائهم مناسبات دينية أو بسبب المشاركة فيها. كما تم فضّ تجمعات دينية، ومنع أخرى من الانعقاد، وكذلك تمت إزالة مكبرات الصوت التي تبث مراسم دينية بحجة الوباء، رغم عدم ارتباط مكبرات الصوت بأي شكل من الأشكال بالوباء.

وفي العام ذاته، بدأت الحكومة البحرينية بإجراءات جديدة تستهدف الشيعة. وتشمل هذه الإجراءات استدعاء واعتقال والحكم بالسجن لمدة تصل إلى أشهر عديدة، وأحياناً سنة، وفرض غرامات، لمجرد قراءة أدعية دينية. كان لافتاً منع المعتقلين الشيعة من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية داخل السجن أيضاً، خصوصاً تلك الخاصة بذكرى عاشوراء. وعلى عكس ما يتعرض له الشيعة في البحرين، تتمتع الطوائف والأديان الأخرى بحرية ممارسة شعائرها الدينية من دون أي تضييق، في ظل معايير مزدوجة تتبعها الحكومة البحرينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky