خاص الاجتهاد: بيّن الأستاذ ذبيح الله نعيميان أن الدفاع عن ولي الأمر ليس مجرد منفعة، بل هو عين المنفعة وضرورة لحفظ المجتمع الإسلامي.
انعقد الملتقى العلمي التخصصي “قدرات الفقه في الدفاع عن ولي أمر المسلمين والمجتمع الإسلامي” بحضور نخبة من أساتذة الحوزة والجامعة والباحثين في العلوم الإسلامية، وذلك في قاعة الشهيد بهشتي بجامعة باقر العلوم (عليه السلام). خلال هذا الملتقى، استعرض الأساتذة حسن علي أكبريان، سعيد ضيائي فر، ذبيح الله نعيميان، إبراهيم موسى زاده، قاسم شبان نيا، علي محمدي، السيد إحسان رفيعي علوي، محمد جواد أرسطا، السيد سجاد إيزدهي، محمود حكمت نيا، ورضا إسلامي، الدور الذي لا غنى عنه للفقه الشيعي في صون الحكم الإسلامي والتصدي للتحديات العالمية.
وقام الأساتذة في هذا الملتقى بتوضيح الأبعاد الفقهية والقانونية والحضارية للدفاع عن ولاية الفقيه، مشددين على حتمية إعادة النظر في إمكانيات الفقه الشيعي في مواجهة التهديدات العالمية والحروب الهجينة، كما لفتوا الانتباه إلى فتاوى المراجع العظام بوصفها دعامة راسخة لحفظ هوية الأمة الإسلامية وقوتها.
مدير معهد الإمام الرضا (ع) للدراسات الحوزوية العليا، الأستاذ حجة الإسلام والمسلمين ذبيحالله نعیمیان: إنّ الله تعالى يقول في كتابه الكريم: “فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ”، وهذه الآية تحمل في طياتها إشارات مهمة.
وقال نعيميان: يؤكد قائد الثورة المعظم، فيما يخص الجهاد وخاصة الجهاد الابتدائي، على أننا لا نمتلك في الإسلام توسعاً إقليمياً أو نزعة استعمارية. فالجهاد الابتدائي لا ينبع من منظور الهيمنة، بل يسعى إلى إزالة العوائق. مضيفاً: إن حدود القتال، والفترة الزمنية المحددة للجهاد، وكيفية إبرام الهدنة، كلها تندرج ضمن إطار المصلحة التي يقررها ولي الأمر. وحيثما نلحظ اعتداءً، فإن واجبنا هو الدفاع. ثم إن الفقه يحتوي على ثروة معرفية هائلة في مجال الدفاع والجهاد، إلا أنه لم يُعالج بالقدر الكافي نظراً لقلة انخراطنا في الحروب خلال القرن الأخير.
وبيّن حجة الإسلام والمسلمين نعیمیان أن قضية الدفاع ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتشخيص المصلحة، وقال: إن موازنة المصالح والمفاسد، وتقدير المصلحة والمفسدة، قابلة للبحث في ثلاثة مجالات: تزاحم المصالح مع المصالح، وتزاحم المفاسد مع المفاسد، وتزاحم المصالح مع المفاسد.
وأفاد: في المصادر الفارسية، غالباً ما يتم الاستفادة من تصنيفات فقه موازنة المقاصد عند الحديث عن المصلحة. ويمكن النظر إلى مسألة المصلحة من زاوية جديدة. فتدخل المصلحة في الحكم قد يكون جزءاً من المتعلق، أو كل المتعلق، أو شرطاً، أو مانعاً للحكم. وقد اعتبرت المصلحة في الغالب كمتعلق للحكم. وقد ورد في بعض المفاهيم أن الدفاع عن ولي الأمر هو مصلحة بحد ذاته، وليس له مصلحة إضافية؛ أي أن الدفاع عن ولي الأمر أو المجتمع الإسلامي لا يحتاج إلى مصلحة، بل هو المصلحة عينها.
يمكن تحليل ما صدر عن مراجع التقليد العظام بخصوص التهديد الذي وُجّه ضد قائد الثورة المعظم، من حيث كونه حكماً أو فتوى. ففي المذهب الشيعي، هناك تمايز بين الحكم الولائي والفتوى. الفتوى ذات طبيعة أبدية وشاملة. وفي أمر جلل كحفظ المجتمع الإسلامي، لا بد من الفتوى.
وبيّن، أن المرجعية كانت ولائية قبل قيام نظام الجمهورية الإسلامية، ولم تكن مهام المراجع مقتصرة على إصدار الفتاوى وحسب، مضيفاً: لا يمكن أن يتولى ولايتان إدارة المجتمع، لأن التعدد لا يستقيم، والمراجع يصدرون الفتوى وهي ليست بحكم.
وفي إجابته على سؤال حول ما إذا كان الدفاع عن المجتمع الإسلامي مصلحة بذاته أم يحوي مصلحة، قال سماحة حجة الإسلام والمسلمين نعیمیان: إن تشخيص المصداق يكون في بعض الأحيان بيد الآحاد، ولكن في أحيان أخرى يتطلب تشخيص مستويات مختلفة. وفي تشخيص المصداق الذي يكون بيد الآحاد، تحتاج المصاديق الجزئية إلى وضع ضوابط ودراسة حالات التزاحم. على سبيل المثال، بخصوص حضور القائد في ساحة الحرب، يمكن القول إنه في بعض الأحيان لا تكون المصلحة في حضوره للحفاظ على حياته، ولكن في أحيان أخرى، يكون حضوره ضرورياً للحفاظ على معنويات الأمل، حتى وإن كانت حياته معرضة للخطر. هنا، يحدث تزاحم بين مصلحتين: أيهما أولى، الحفاظ على حياة القائد أم الحفاظ على أمل المجتمع؟ عندما يتبدل معيارنا النظري، تتغير النتيجة تبعاً لذلك.