من يقف وراء اضطهاد الشيعة في نيجيريا؟

يعاني شيعة نيجيريا العذاب من زمن مضى ولحد الان بأبشع صور العذاب الهمجي، يقتلون بطرق وحشية فلا يستثنى النظام الحاكم أي أحد حيث قامت السلطات النيجيرية بقمع النساء، الأطفال، الشيوخ والشباب وهي إشارة من الحكومة إلى الشعب بأننا لا نعير أية أهمية ولا نبالي بقتل أيّ أحد وان الأدهى والأمر بهذا الظلم وهذا الموت الجماعي الذي يعاني منه الشيعة في نيجيريا إن العالم عنهم مشغول وهذه طامة كبرى في وجه العالم المسلم.

لماذا لم تعصم دماءهم عند العالم الإسلامي والحكومات الإسلامية ماذا يفسر هذا التخاذل وبماذا يفسر هذا التكتيم الإعلامي على هذه الفئة المسلمة قد خاب ظن هذه الملايين المسلمة من الحكومات الإسلامية وأخذوا ينشدون بإسم الإنسانية وبإسم الضمير الإنساني ولكن الإدهى حتى إن هذا الضمير لم ينهض ولم يستجب لهذه الصرخة التي ملأت الأرجاء فهذه الفئة المسلمة اليوم تعاني من العذاب الذي تصبهُ عليهم السلطات الحاكمة.

وحتى إن الشيعة لم يحملوا السلاح بعد أمام الحكومة غير أن تطبيق الحكومة للإجراءات الصارمة ضد قطاعٍ محروم من حقوقه بالفعل في الشعب النيجيري، ستؤدي على أقل تقدير إلى تحفيز الاحتجاجات المُعطلة والاصطدامات العنيفة.

قانون جائر بحق الشيعة “نيجيريا”

وافقت المحكمة الفيدرالية في نيجيريا على السماح للحكومة بإدراج “الحركة الإسلامية” في نيجيريا ذات المرجعية الشيعية على قائمة التنظيمات الارهابية، وافادت بعض الوكالات أن المحامي العام النيجيري “دايو أباتا”، أكد أن المحكمة الفيدرالية وافقت على هذه الخطوة التي يرى المراقبون أن من شأنها تعزيز حملة الحكومة في نيجيريا ضد أنصار الحركة الإسلامية الشيعية.

و أعلن المتحدث باسم “الحركة الإسلامية في نيجيريا” أن الحركة لم تتلق إخطاراً رسميةً بهذا المضمون، وأن أنصارها سيواصلون مسيراتهم الرامية للإفراج عن زعيم الحركة الشيخ ” إبراهيم زاكزاكي” المحتجز منذ عام 2015، ومن المنتظر أن تنظر محكمة بإقليم “كادونا” الواقع شمال نيجيرياً طلبا للإفراج بكفالة عن زعيم “الحركة الاسلامية” في نيجيريا.

شيعة نيجيريا ماذا يريدون؟

تجددت المواجهات مرة أخرى بين متظاهرين من الأقلية الشيعية والشرطة النيجيرية، في العاصمة أبوجا، مخلفة ثمانية قتلى بينهم صحافي وضابط شرطة، واندلعت المواجهات، بين أعضاء في حركة نيجيريا الإسلامية، المنظمة الشيعية المتشددة في شمال نيجيريا، وبين رجال الشرطة، وينظم أتباع الحركة تظاهرات بشكل منتظم للمطالبة بالإفراج عن زعيمهم إبراهيم زكزكين لكن تؤكد الحركة على الطابع السلمي لتظاهراتها وتتهم الحكومة باستهدافها، فيما تطالب المنظمات الحقوقية، مثل منظمة العفو الدولية، “السلطات بالامتناع عن قمع المتظاهرين الشيعة بالقوة”.

مذبحة زاريا

يبلغ عدد سكان نيجيريا 177 مليون نسمة، موزعين بشكل متساو على المسيحية البروتستانتية والإسلام السني، فيما يشكل الشيعة أقلية صغيرة تنشط بقوة، وتتركز الأقلية الشيعية في ولايات كانو وسكوتو وكادونا وتعد مدينة زاريا في كادونا معقلها الرئيسي وفيها ولد زعيم الحركة إبراهيم زكزكي، وأسس منذ كان طالبا في الجامعة حركة نيجريا الإسلامية.

اعتقل أكثر من مرة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وانشق عنه فريق سنة 1995 وشكل تنظيماً جديداً تحت اسم “جماعة التجديد الإسلامي”، لكن حركته استمرت في التوسع، حتى صارت تسمى في وسائل الإعلام بـ”حزب الله النيجري”، وكانت سنة 2015 محورية في تاريخ الحركة الشيعية، فقد شهدت أحداثا دامية راح ضحيتها المئات من أتباع زكزكي في مدينة زاريا قدرتهم وسائل الإعلام بـ600 شخص.

ودمر الجيش أيضا منزل زعيم الحركة الشيخ، إبراهيم زكزكي الذي أصيب بعيارات نارية قبل اعتقاله، فيما قتل نائبه محمد محمود توري، واعتقلت أيضا زوجة زكزكي وما زالت تقبع في السجن، كما دمرت حسينية مدينة زاريا بالكامل، متظاهر يرفع صورة الشيخ إبراهيمن وأشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أن “300 شخص على الأقل” قتلوا في زاريا عندما أطلق عليهم أفراد الجيش النار “دون أي استفزاز”

هيومن رايتس ووتش تحذر من قمع الشيعة في نيجيريا

طلبت منظمة هيومن رايتس ووتش من السلطات النيجيرية ملاحقة الجيش أمام القضاء لأنه أفرط مراراً في استخدام القوة ضد المتظاهرين الشيعة، قتل عشرات الاشخاص خلال ثلاثة ايام من التظاهرات في العاصمة أبوجا، حيث اطلقت قوات الأمن الرصاص الحي على الجموع ويؤكد الجيش ان ستة اشخاص قد ماتوا وان الجنود اطلقوا النار دفاعاً عن النفس، فيما عمد متظاهرون من الحركة الاسلامية في نيجيريا، وهي منظمة للاقلية الشيعية، الى مهاجمتهم لسرقة اسلحة وذخائر.

وتحدثت الحركة الاسلامية الشيعية من جانبها عن 49 قتيلا ومنظمة العفو الدولية عن 45، وقبل ثلاث سنوات، عصفت تظاهرات عنيفة في زاريا بشمال البلاد واتهمت مجموعات للدفاع عن حقوق الانسان العسكريين بقتل اكثر من 300 شيعي آنذاك ودفنهم في مقابر جماعية، إلا ان الجيش ينفي ذلك، وانتقدت هيومن رايتس ووتش في بيان “مناخ العنف” المستمر من جانب القوات المسلحة النيجيرية ضد الشيعة

واكدت الباحثة أنيات إيبوانغ التي أورد البيان اقوالها، ان “القمع الذي تمارسه قوى الامن الحكومية ضد الحركة الاسلامية في نيجيريا وهي حركة شيعية، قد يؤدي الى مظالم يمكن ان تزيد من سوء الوضع الامني الهش في نيجيريا”، واضافت ان “اي استخدام غير شرعي للقوة العنيفة ضد مسيرات ومتظاهرين قد يؤدي الى نتائج عكسية وجنائية” ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات إلى “إنهاء الإفلات من العقاب” والتحقيق في أعمال العنف التي ارتكبتها القوى الأمنية.

الإفراج المؤقت عن الشيخ زكزاكي

أخيراً أصدرت محكمة نيجيرية وبعد الكثير من الشجار والنقاش، حكم الإفراج المؤقّت عن زعيم الشيعة في هذا البلد وذلك للقيام برحلة علاجية الحركة الإسلامية النيجيرية وفي حسابها الخاص على تويتر، علّقت على هذا الموضوع بالقول، إن المحكمة قد أصدرت تصريحاً له ولزوجته بالسفر إلى الهند لمتابعة العلاج، ووفقاً للحركة الإسلامية النيجيرية، فقد حكم القاضي بأنه يجب السماح للشيخ الزكزكي وزوجته بالحصول على الرعاية الطبية، لأن حياته باتت في خطر بسبب تدهور أوضاعه الجسمية.
فشل الضغوط على أتباع الشيخ الزكزكي

ثمة قضايا يجب تسليط الضوء عليها، ويتعين الانتباه إلى أن رضوخ السلطات السياسية والقضائية النيجيرية للإفراج المؤقت عن الزعيم الديني في هذا البلد، قد تم بتأثير من بعض الأرضيات والسياقات السابقة، بادئ ذي بدء، تجدر الإشارة إلى أن إطلاق سراح الشيخ الزكزكي للعلاج الطبي، هو نصر كبير للشيعة في هذا البلد، لأنه حتى وقت قريب لم تكن السلطات النيجيرية مستعدةً تحت أي ظرف من الظروف لقبول حكم المحكمة والإفراج عن الشيخ الزكزكي، لكن في النهاية، ومع تصاعد الاحتجاجات المحلية في نيجيريا وكذلك الانعكاس الدولي لحالة الزعيم الديني النيجيري، وافقت السلطات على الإفراج عنه لعلاج وضعه الصحي الخطير، وأظهر هذا الوضع أن أتباع الشيخ الزكزكي تمكّنوا أخيراً من تحقيق بعض أهدافهم.

ولكن لا يمكن تجاهل بعض أهداف السلطات النيجيرية فيما يتعلق بمنح الشيخ الزكزكي الرحلة العلاجية والإفراج المؤقت عنه، في الواقع، قد ينظر القادة النيجيريون إلى رحلة الشيخ الزكزكي الطبية والتي قيل إنها ستكون إلى الهند، فرصةً لإبعاده عن الموجة المتزايدة لمؤيديه وأتباعه في نيجيريا، وربما يظن القادة النيجيريون إن الرحلة ستؤدي إلى إحداث فجوة بين الشيخ وأنصاره.

إلا أن هذه الحسابات المحتملة للقادة النيجيريين حول إبعاد الشيخ الزكزكي عن مؤيديه، لا يمكن أن تكون مجديةً كثيراً، لأنه من جهة، لا يقتصر أنصار الشيخ الزكزكي وعشاقه باعتباره العالم الديني الكبير، على الحدود الجغرافية لنيجيريا، وأنصاره يشكلون مجموعةً متنوعةً من المسلمين وحتى الجنسيات غير الإسلامية في بعض البلدان الأخرى، وعملياً، فإن الابتعاد الجغرافي للشيخ الزكزكي عن أنصاره لا معنى له، ومن ناحية أخرى، هناك عدد كبير من المسلمين وخاصةً الشيعة في الهند، هم من أنصار هذا العالم الشيعي.

ولكن لا يبدو أن القيود المفروضة على الزعيم الديني النيجيري ستكون مفيدةً وفعالةً كثيراً، لأنه من جهة، وبعد مضي أربعة عقود على تطور الآراء الإسلامية في نيجيريا، فقد ترسخت هذه الآراء الإسلامية في هذا البلد بشكل أساسي، ولم يعد انتشار الآراء الإسلامية في نيجيريا يعتمد على شخص واحد كما كان في الماضي، بل تعدّ الآراء الإسلامية واسعة الانتشار في هذا البلد.

المصدر: شبكة النبأ المعلوماتية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky