الاجتهاد: إن الحكومة جزء من ولاية رسول الله (ص) المطلقة، وواحدة من الأحكام الأولية للإسلام ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج.
الفهم الدقيق لأبعاد نظرية الإمام في مسألة ولاية الفقيه التي بينت أصولها في محاضراته في النجف وفي كتاب “البيع” لا يكتمل إلاّ من خلال المطالعة الوافية لنهجه وممارسته العملية في أثناء توليه قيادة المجتمع، والدولة، والآراء والنظريات التي بينها في فترة ما بعد انتصار الثورة الإسلامية حول قاعدة ولاية الفقيه وحدود صلاحياته وشؤون ولايته.
الولاية للفقيه ليست بمعنى ولاية النص
صدرت فكرة الولاية المطلقة للفقيه من الإمام الخميني (ره) في وقت تمسك فيه بعض الفقهاء بالفقه للحؤول دون تنفيذ المشاريع العامة، على سبيل المثال، حين بذلت الحكومة أموالاً كثيرة لإقامة مشروع شق شارع عريض يربط شرق طهران بالمنطقة الوسطى منها «بازار»، وقد صادف المشروع وجود مسجد في مسيره مما أثار غضب بعض العلماء ورفضهم الشديد متمسكين بحرمة تخریب مساجد الله في الفقه الإسلامي وغير ذلك. وكل هذا يعطي الشرعية والمشروعية الكاملة لقرارات الحكومة مقابل ممانعة بعض المتشرعين الذين يمانعون في إنجاز المشاريع العامة والصالحة للجميع
جاء في رسالة الإمام الخميني(ره) إلى السيد الخامنئي (رئيس الجمهورية الإسلامية حينذاك) حول مفهوم ولاية الفقيه المطلقة كما يلي:
«إن استشهادكم بقوله (إن صلاحية الحكومة في إطار الأحكام الإلهية الفرعية) يخالف بصورة كلية ما قلته، ولو كانت صلاحيات الحكومة محصورة في الأحكام الفرعية الإلهية لوجب أن نلغي أطروحة الحكومة الإلهية والولاية المطلقة المفوضة إلى نبي الإسلام (ص) وأن تصبح دون معنی.
” وأشير إلى نتائج ذلك التي لايستطيع أي أحد أن يلتزم بعواقبها: مثلا، شق الشوارع الذي يستلزم التصرف في منزل أو حاجز ليس موجوداً في إطار الأحكام الفرعية، وإن نظام الخدمة العسكرية الإلزامية وإرسال الجيوش إلى الجبهات والحيلولة دون دخول العملة الصعبة إلى البلاد أو خروجها واستيراد أو تصدير أي نوع من البضائع وغير ذلك، من صلاحيات الدولة بناء على تفسیرکم.
إن الحكومة جزء من ولاية رسول الله (ص) المطلقة، وواحدة من الأحكام الأولية للإسلام ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج، وإن باستطاعة الحاكم أن يخرب أي مسجد أو بيت بقع في وجه الشارع ويعطي قيمة ذلك البيت لصاحبه.(1)( كيفية لهجة الخطاب في هذه الرسالة، سببها أن الإمام كان يتكلم مع تلاميذه بحرية أكثر.)
وأما حسب ما ورد في كلام الإمام الخميني(ره) فيجدر بحث أمرين:
(أ) هل يعتبر حكم الحاكم من مصادر التشريع؟ وهل يضيف هذا الحكم شيئاً إلى الأحكام الإلهية أم لا؟، بعبارة أخرى هل القوانين الصادرة من البرلمان والحكومة الإسلامية يعتبر تشريعاً شرعياً ؟ على ما يفهم من قصد الإمام الجواب ليس سلباً خصوصاً عندما أعلن أن عدم رعاية قوانين المرور حرام شرعاً.
(ب) كيف يتم تنفيذ أحكام الحكومة؟ هل يجب على الفقيه أن يضع جميع هذه الأحكام وينفذها، أم يمكن لأفراد أو مؤسسات غيره أن يقوموا بهذه المهمة بدلاً عنه؟، لا شك أن هذين السؤالين هما موضع الخلاف بين الاتجاهات الفكرية الحالية في إيران.
يفسر الإمام رأيه هنا ويقول: «يجوز لأعضاء مجلس الشورى الإسلامي وضع كل ما له دخل في حفظ نظام الجمهورية الإسلامية، بحيث يكون فعله أو ترکه موجباً لاختلال النظام، وكل ما هو ضروري بحيث يكون تركه أو فعله موجباَ لحدوث الفساد، أو يكون فعله أو ترکه مستلزماً للحرج، وذلك بعد أن يشخصوا الموضوع، مع التصريح يكون الحكم مؤقتاً ويبقى ما بقي موضوعه قائماً، فإذا ارتفع الموضوع ارتفع الحكم.(2)
المصدر: الصفحة 225 من كتاب “الفكر الإسلامي المعاصر في إيران ، جدليات التقليد والتجديد” لمحمد رضا وصفي.
1- صحيفة نور، الجزء ۲۰، ص ۱۷۰.
2 – صحيفة نور، ج 15، ص ۱۸۸.
# ولاية الفقيه المطلقة