معالجة الطبيب للمرأة الاجنبية

معالجة الطبيب أو الطبية للأجنبي أو الأجنبية بدون اللمس أو النظر إليه عند الضرورة

الاجتهاد: معالجة الطبيب للمرأة الأجنبية او الطبيبة للرجل الاجنبي هل تجوز؟ وما حكم الشرع فيها؟ المعالجة اذا لم تتوقف على النظر المحرم او اللمس المحرم طبعا لا اشكال فيها.

هناك عدة مسائل في هذا الموضوع : اولا حالة الضرورة وان لايوجد مماثل، ثانياً النظر بالمقدار الذي تتوقف عليه المعالجة – نظر الطبيب الاجنبي للأجنبية بمقدار مما تتوقف عليه المعالجة لا أكثر – هذان بشكل عام شرطان شرطهما فقهاء أهل البيت (ع).

ما معنى الضرورة ؟ الضرورة تعني ان لاتوجد طبيبة او لايوجد المماثل او لاتوجد امرأة دكتورة تعالج هذه المرأة ، اذا وجدت طبيبة بنفس التخصص بنفس مستوى الطبيب او قريبه من مستواه فحينئذ ما الداعي ان تعالج المرأة المؤمنة المحجبة المتسترة، او المقيدة بشرع وبعرف وباخلاق عند رجل .

الشرط الاول وجود طبيبة مثلهن ، كذلك الرجل اذا وجد طبيب يعالجه فبها . اما اذا لم يوجد طبيب يعالجه فعند ذلك يكون مجبوراً ان تعالجة امرأة . اصل الموضوع بالشريعة المقدسة ليس جامداً الضرورات تقدر بقدرها والله عزوجل ما حرم شيئا الا ورفعه عند الضرورة. لكن الضرورة يجب ان تكون ضرورة حقيقة وليس ضرورة شكليه .

في الكافي باب المرأة يصيبها البلاء في جسدها فيعالجها الرجال ، عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر (ع) قال سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها اما تسخن او جراحه في مكان لايصلح النظر اليه ويكون الرجال ارفق بعلاجها من النساء أيصلح له ان ينظر اليها قال (ع) ان اضطرت اليه فيعالجها ان شائت . اذن اذا اضطرت المرأة الى المعالجة حينئذ يجوز بمقدار الضرورة ان يعالجها الطبيب الاجنبي .

عن الامام الباقر (ع) يقول خدم ابو خالد الكابلي علي بن الحسين (ع) دهرا من عمره ثم انه اراد ان ينصرف الى أهله – ابو خالد كان من اركان اصحاب الامام زين العابدين (ع) ومن خواصه ومن اهل المستوى العالي في الايمان والعلم واليقين والعمل (قد) تقول الرواية عن الامام الباقر (ع) انه بعد مدة مديدة اراد ان يرحل الى اهله – فأتى الى علي بن الحسين (ع) فشكى اليه شدة شوقه الى والدته ويريد ان يسافر الى كابل من المدينة المنورة وهذا يحتاج الى مصاريف كثيرة فقال له (ع) يا ابا خالد يقدم غدا رجل من أهل الشام له قدر ومال كثير وقد أصاب بنت له عارض ويريدون ان يطلبوا معالجا يعالجها فاذا أنت سمعت قدومه فأته وقل له اعالجها لك على اني اشترط عليك ان اعالجها على ديتها عشرة آلآف درهم . الرواية تدل على كرامة للامام زين العابدين (ع) اذ أخبره انه يأتي غدا من يحتاج الى المعالجة . ومع ذلك يجوز للرجل ان يعالج الاجنبية عند الضرورة .

بعض الاطباء المتدينون قد يكون تخصصه امراض النساء يمكنه تعيين مساعدة تفحص النساء وتسأل المريضه وتخبره وتعطيه تقريرا . اذن يمكن ان يعالج بدون النظر الى ما يحرم او لمسه ، كما لا اشكال فيها مادام الكلام في الحدود الشرعية المسموحة مع الطبيب ، كذلك اذا اراد رجل ان يتعالج عند طبيبة امرأة ولا يحتاج ذلك الى النظر الى مايحرم او لمسه فهذا لا اشكال فيه .

الاشكال عند المعالجة مثلا الطبيب يعالج امرأة اجنبية فلابد ان ينظر الى ما يحرم النظر اليه او ما يحرم عليه شرعا لمسه هذا فقط محصور بالضرورة .

قال العلامة الحلي (قد) في قواعد الاحكام : وللطبيب النظر الى ما يحتاج اليه للعلاج حتى العورة اذا احتاج اليه ، وكذا يشاهد نساء اهل الذمة النظر الى الفرج لتحمل الشهادة اليه . اذا اراد ان يتحمل هذه الشهادة .

في كتاب التحقيق قال : اللمس كالنظر في احكامه من المنع والاذن ويجوز لحالة المعالجة .

في اللمعة : ولا تنظر الاجنبية للمرأة من غير معاودة الا لضرورة كمعاملة الشهادة والعلاج .

في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني يقول: ولو بنظر الرجل الى المرأة الاجنبية وهي غير المحرم كالزوجة والأمة الا مرة واحدة من غير معاودة.

اما شبه الطبيب والذي ادخله الشهيد الثاني في الفتوى ويعني به المضمد او ماشابه . اذ لزم ان يعطي ابرة للمرأة ولا توجود طبيبة تعطي ابرة ولا ممرضة ولايمكن تعليم زوجها او امرأة ذلك وكان من الضروري اعطاء ابرة في هذه الحالة من قبل شبه الطبيب اي الممرض .

قال صاحب الحدائق الناظرة (قد) قد استثنى الاصحاب (رض) لتحريم النظر للمتقدم ذكره مواضع منها ما تقدم من ارادة التزويج للمرأة . اذا خطب امرأة واراد ان يتعرف عليها ليتزوجها فهذا مستثنى وله حدوده ، ومنها المعالجة وما تتوقف عليه من فصد وحجامة ومعرفة نبض العروق ونحو ذلك ويجوز على ذلك ما رواه في الكافي عن ابي حمزة الثمالي في الصحيح عن ابي جعفر(ع) قال سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها اما كسر او جراح في مكان لايصلح النظر اليه ويكون الرجل ارفق بعلاجه من النساء أي اعلم واقل ضررا من النساء – يوجد نساء يمكن ان يعالجنها لكن هذا أعلم من النساء- ايصلح له ان ينظر اليها قال (ع) اذا اضطرت اليه فليعالجها ان شائت ويدل على جواز معالجة المرأة عند طبيب اجنبي عموم ما دل على ان ما من شيء حرمه الله تعالى الا وقد اباحه للضرورة .

اذن يفتي صاحب الحدائق (قد) بانه مادامت ضرورة وتتوقف عليه المعالجة مطلقا ليس حراما عليه ولا فرق في ذلك بين العورة وغيرها ، ولو امكن الطبيب اجتنابه واستنابة من لا يحرم نظره ومسه وجب مقدما على نظره ومسه ايضا ، اضيف الى هذا ما امكن ان يستنيب معاونتة مثلا لتفحصها مكان نظره ومسه أويستنيب من يفحص المرأة ويعطيه التقرير ايضا يجب عليه .

وشبيه بهذا ما اورده صاحب جواهر الكلام (قد) قال : يجوز عند الضرورة نظر كل من الرجل والمرأة الى الاخر ولمسه بل وغيرهما مما تقتضي الضرورة به لقوله عليه السلام ما حرم الله شيئا الا واحله عند الاضطرار اليه وقوله عليه السلام كلما غلب الله عليه فهو اولى بالعذر – خبر الثمالي عن ابي جعفر (ع) – الى ان قال يقتصر الناظر على ما يضطر الى الاطلاع عليه كالطبيب اذا احتاج اليه للعلاج ولو الى العورة دفعا للضرر بل الظاهر جواز اللمس كذلك اذا توقفت المعالجة عليه كما صرح به في المسالك ، لكن قال لو أمكن الطبيب فيه استنابة امرأة او محرم لفحص موضع العورة الى آخره وجب حينئذ تقديمه على مباشرة الطبيب ثم قال والاقوى اشتراط عدم امكان المماثل المستوي ويشترط ان لايمكن ان يقوم بهذه المعالجة مماثل مساوي .

يعني امرأة تعالج هذه الأمرأة رجل يعالج هذا الرجل . اذن هذا ما اتفق عليه فقهاؤنا تقريبا كلهم انه يشترط بجواز المعالجة عند الاجنبي ان لايوجد المماثل وان تكون هناك ضرورة وان الضرورة تقدر بقدرها.

 

دروس سماحة الشيخ علي الكوراني

المصدر: شبكة رافد للتنميه الثقافيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky