تعود الذكرى 17 لرحيل أحد أبرز علماء شيعة لبنان في العصر الحديث العلامة المجاهد آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين ، الذي لطالما رفع راية فلسطين، في مرحلة حساسة من تاريخ القضية الفلسطينية، بعد القرار المشؤوم للرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني، مع ما رافقه من تداعيات.
الاجتهاد: الشيخ الذي قدّم نظريات وأطروحات عدة في الفكر السياسي والمقاومة، لعب دوراً كبيراً في الأحداث التي جرت في لبنان وعلى مستوى المنطقة، فكان مدافعاً دائماً عن فلسطين والمقاومة والانتفاضة.
* من هو الشيخ محمد مهدي شمس الدين؟
يوجد استعمار إسرائيلي واحتلال إسرائيلي وتوجد حركة تحرير تعبر عنها هذه الانتفاضة بالحجارة وبالخطبة وبالشعار
هو محمد مهدي بن عبد الكريم بن عباس آل شمس الدين، العاملي، أبو إبراهيم. ينتهي نسبة إلى الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي، الملقّب بشمس الدين، المقتول ظلماً سنـة 789هـ / 1384م.
ولد ليلة الجمعة، في الخامس عشر من شعبان سنة 1354 هـ/ 1936م، في النجف الأشرف في العراق، حيث كان والده الشيخ عبد الكريم مقيماً للدراسة الدينية في الحوزة العلمية. نشأ في بيت علم وفضيلة، وعلى شظف من العيش.
عام 1948م، كان الشيخ محمد مهدي في الثانية عشرة من عمره، حين قرّر الوالد العودة إلى وطنه لبنان في ظروفٍ شديدة الصعوبة.
* مسيرته الفكرية في العراق:
أمضى الشيخ شمس الدين نحو ثلاثٍ وثلاثين سنة في العراق بشكلٍ متواصل. آثر متابعة طلب العلم هناك، مع شظف العيش، على العودة إلى لبنان، وقد أتمّ دراسته على “مستوى البحث الخارج”.
كانت المرحلة العراقية ـ النجفية من حياة الشيخ شمس الدين مرحلة خصبة، حافلة بالنشاط الفكري والاجتماعي والعمل الاسلامي العام، فضلاً عن الدراسة والتدريس. وقد كلّفه المرجع السيد محسن الحكيم إدارة شؤون المرجعية في منطقة الفرات الأوسط ما بين 1961 و1969 م، وكان مركز عمله مدينة الديوانية. وفي تلك الحقبة من حياته كتب الإمام الشيخ في العديد من المجلات، وكان له الدور الكبير في تأسيس بعضها لنشر الفكر الإسلامي والثقافة السياسيّة الإسلاميّة المواكبة لروح العصر وتطوّراته.
وفي أثناء عمله كمحاضر ومدرّس في كليّة الفقه في النجف الأشرف، سعى مع زملائه المجدّدين لتنظيم الدراسة في الحوزة على أسس ومناهج علميّة تستجيب لمتطلّبات العصر.
* العودة الى لبنان:
عاد الشيخ محمّد مهدي شمس الدين إلى لبنان سنة 1969 ليشارك الإمام السيّد موسى الصدر في تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. وقد بذل جهداً كبيراً في صوغ توجّهات إسلاميّة لبنانيّة حول دور المجلس وفاعليّته في إطار المشروع الوطني التوحيدي الذي صاغه مع الإمام الصدر لدور الشيعة والمسلمين عموماً في لبنان.
له العديد من المؤلّفات مثل “مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني”و “العلمانية وهل تصلح حلاً لمشاكل لبنان؟” و”السلم وقضايا الحرب عند الإمام علي(ع)”.
عام 1975 انتخب الشيخ شمس الدين نائبا اول لرئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى. وكان الاجتياح الصهيوني الكبير لجنوب لبنان في آذار/ مارس 1978، ثم مؤامرة إخفاء الإمام الصدر في آب/ أغسطس من العام نفسه. فتولّى الشيخ شمس الدين مهام رئاسة المجلس الشيعي الفعليّة في مرحلة من أخطر وأدقّ المراحل التي عاشها لبنان.
مع الاجتياح الصهيوني للبنان صيف 1982 أطلق الشيخ شمس الدين شعار “المقاومة المدنيّة الشاملة”.
كانت للشيخ رؤيته التي أعطت الانطلاقة الكبرى للحوار الاسلامي – المسيحي في لبنان والمنطقة العربيّة، من خلال رعايته “اللجنـة الوطنيـّة اللبنانيـّة للحوار” و”الفريق العربي للحوار”.
وفي أوج عطائه العلمي وتألّق تجربته القياديّة أصيب الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين بمرض خبيث تمّ اكتشافه في شهر تموز/ يوليو عام 2000م. على إثر ذلك أجريت له عملية جراحيّة في شهر آب/ أغسطس، ثم انتقل الى باريس لمتابعة العلاج، وعاد إلى لبنان يوم الأحد 31 كانون الأول/ أكتوبر 2000م. غير أنّه تعرّض لانتكاسة صحيّة خطيرة، دخل على أثرها المشفى في بيروت، وما لبث أن توفاه الله مساء الأربعاء 10 كانون الثاني/ يناير سنة 2001م.
* الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى أربعين الشيخ:
“لن يتمكن أيُ منا أن يحيط بشخصية الراحل الكبير المتعددة الأبعاد في الوقت المتاح للحديث مهما اختصر وأجمل. فهو الفقيه المجتهد الذي طرق أبواب المسائل الحرجة وأكد على قيمة عاملي الزمان والمكان في عملية الاجتهاد الفقهي فكان الفقيه الذي تصدى لقضايا العصر المتعددة ومسائله الشائكة، محددا فيها موقف الاسلام ومستندا في رأيه الآجتهادي إلى مجموعة من المباني العلمية المحكمة والعميقة. وهو المفكّر المبدع، يعالج كل إشكاليات الفكر المطروحة حديثا بالدليل والمنطق، مدافعا عن الاسلام كرسالة الهية أبدية خالدة أمام التيارات الفكرية التي أرادت أن تضع الاسلام في متاحف التاريخ وتعزله عن حياة الناس”.
* فلسطين في فكر وخطابات الشيخ:
ـ من الذي يملك في العالم كله أو على مستوى الأمة الإسلامية، أو على مستوى الامة العربية، او على مستوى الشعب الفلسطيني، من الذي يملك شرعية ان يزيل هوية تراب فلسطين عن كونه فلسطينيا، فيكون إسرائيليا، من؟؟.
ـ لا توجد شرعية في الكون لأي مخلوق أن يغير هوية هذه الأرض من كونها فلسطين إلى كونها إسرائيل.
ـ إن شعباً أو حاكماً يريد أن يعطي الصهاينة مزايا الحياة وحقوق الاجتماع، وشروط الاستخلاف لجدير بأن يمسخ مسخاً حيوانياً، بل لجدير به ان يعزل عن الخلافة الذي يتمتع بها هو نفسه، باعتبار أن لا أحداً يستطيع أن يمنح لنفسه الوجود، فكيف يمكنه أن يمنح الصهاينة هذا الوجود في فلسطين، بل كيف يعطي لنفسه الحق في بيع أرض فلسطين الإسلامية إلى اليهود.
ـ لقد محق هذا العالم الإسلامي وقلت هيبته من اليوم الذي اعتُبرت فيه “إسرائيل” دولة لها كيانها وسلطانها على أرض فلسطين وشعب فلسطين.
ـ إذا اعتبرنا “إسرائيل” دولة فذلك يعني انه يجب ان تبقى.. ومشكلتنا معها مشكلة حدود وليست مشكلة وجود!
ـ فلسطين أرض إسلامية يجب أن يدافع عنها جميع المسلمين في العالم
ـ كل من يعترف بأن لـ”إسرائيل الحق في إقامة كيان على أرض فلسطين، هو في الوقت نفسه يعترف بأن لها الحق في ان تقيم كياناً لها على أرضه.
ـ العروبة الحقة تحول دون اعتبار “إسرائيل” دولة في فلسطين.
ـ يجب على المسلمين والمقاومين أن يخرجوا هذه القاعدة “إسرائيل” من أرضهم.
ـ اعتبار “إسرائيل” دولة يتنافى مع الاطروحة القومية والإسلامية، ويجب أن يقابل هذا الاعتبار بالرفض، لأنه تنازل عن أرض إسلامية لإعطائها لـ”إسرائيل”.
– الانتصارات الكبيرة التي حققتها الانتفاضة هي إسقاط ما يسمى عملية تسوية أو مفاوضات سلام
– يوجد استعمار إسرائيلي، واحتلال إسرائيلي، وتوجد حركة تحرير تعبر عنها هذه الانتفاضة بالحجارة وبالخطبة وبالشعار، ويعبر عنها العالم العربي بالأساليب المتنوعة.
– على القوى الفلسطينية في السلطة وخارجها أن تتضامن لاستمرار الانتفاضة وبناء تصور سياسي وأطروحة سياسية على هذا الأساس، لأن الأطروحة هي أطروحة التحرير.