يقول الأديب والمؤرخ السيد سلمان هادي آل طعمة في مقدمة الكتاب أنه قد نشرت فصلاً موجزاً من رحلات الشرقيين والغربيين في مجلة (ميزوبوتاميا) الصادرة في سويسرا. ونقلت ما ترجمه المترجمون من اللغات الانكليزية والفرنسية والروسية وغيرها كل ما ورد عن مدينة كربلاء مع الرجوع إلى مصادر النقل، وقسمت الكتاب إلى فصلين رئيسين الأول: كربلاء في كتب الرحلات، والثاني كربلاء في المصادر المعاصرة. وقضيت في جمع وترجمة مادة الكتاب سنوات بذلت فيها من الجهد كل ما استطيع.
الاجتهاد: صدر مؤخرا عن شعبة التراث الثقافي والديني التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة كتاب “كربلاء في مدونات الرحالة والاعلام” من اعداد السيد سلمان هادي ال طعمة الذي يسلط الضوء على ما كتبه الرحالة الذين زاروا المدينة في القرون الماضية.
بالنظر لموقع مدينة كربلاء الجغرافي ومركزها الديني ومكانتها العلمية، فقد أهتم الرحالة الأجانب بمدن العراق كافة أثناء زياراتهم المتكررة اليها، إلا أنهم أعطوا اهتماماً كبيراً لهذه المدينة المقدسة، وصوروا جوانب من حياة كربلاء اليومية والاجتماعية والاقتصادية، والأهم من كل ذلك الجانب الديني تصويراً يعبر عن وجهات نظرهم، وأن كانت بعض أقوالهم غير صحيحة، ومهما يكن من أمر فأنهم تركوا لنا مذكرات وتقارير وحكايات وأنطباعات شخصية كثيرة لا تخلو من فائدة، قد تشكل منظومة متكاملة ضخمة من المعرفة خلال تجوالهم في المدينة.
ومن خلال تلك المدونات والمذكرات يتبين للقارئ أحوال المدينة الادارية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية خلال الحقبة التي زارها هؤلاء ورصدوا تفاصيل الحياة الاجتماعية فيها، وأني لسعيد أن أرى الكثير من الإخوان طلبه الماجستير والدكتوراه من جامعات القطر تتجه عنايتهم إلى كتابة أدب الرحلات، ولعلهم يحرصون على تدوين مذكرات ينشرونها بعد عودتهم، لكي يطلع الناس على أحوال الشعوب وعسى أن يكون لنا من هذه أحسن العبر،
ومن تلك أجمل الأثر، وهي دراستنا هذه عن أدب الرحلات، نورد ما توصلنا اليه من المذكرات والرحلات المترجمة وغير المترجمة التي يمكننا دراستها، والغاية المتوخاة منها لكي يسد فراغاً في دراستنا، علماً بأنا بذلنا جهداً كبيراً في ترجمة الأعلام الواردة وشرح المفردات، ونحن أحوج ما نكون إلى تلك المدونات والمذكرات.
ويمكننا القول بأن تلك الرحلات التي قام بها هؤلاء الرحالة نحو مدينة كربلاء لأغراض دينية أو سياسية أو ثقافيه لا شك إنها تحمل العديد من الخصائص الإخبارية والمعارف العلمية في الحضارة والثقافة، كما أنها تقدم لقرائها صورة واضحة عن المكان المشرقي وأهله ومظاهر الحياة فيها، وغير ذلك ما يتعلق بشؤون البلدة.
لقد كان البعض من هذه الرحلات لأداء مهمه سياسية رسمية يكلف بها من لدن جهة أجنبية معينة، كما شاهدنا في رحلة المستشرقة البريطانية المس بيل سكرتيرة دار الاعتماد البريطاني في بغداد وغيرها من الرحالة، وهذه الرحلات تعرف القارئ بالكثير مما شاهده وما رآه وما سمعه من المواقف والحالات والمشاهدات من الجانب الروحي(الديني)،
كما يصف الرحالة ايضاً البساتين إقليم كربلاء الزراعي، وبساتين النخيل لها بعد تأريخي قديم، كما يستعرض الرحالة وصف نقل الجنائز وكيف تنقل من مسافات بعيدة أو من مدنٍ ودولٍ مجاورة على البغال والحمير وهي الوسيلة المتعارفة آنذاك، ومحل إقامة هؤلاء في الخانات والبيوت المبنية بالطين أو الطابوق وكذلك الأسواق والأسوار المحصنة، كما يصف الفيضانات والغزوات والأمن وتوفر الطمأنينة والمأكولات والتبادل التجاري وما إلى ذلك من أمور لا تخطر على ذي بال.
يوضح هذا الكتاب ــ عزيز القارئ ــ تفاصيل مدونات الرحالة الغربيين والشرقيين، وأن كانت تنقصها الدقة والحيادية وفي أحيان اخرى يبدو فيها شيء من المبالغة.
ومن المحتمل جداً، أن يكون بعض هؤلاء الرحالة، قاصدين في نقلهم لما يشاهدون، فيشوهوا بها الواقع لما تنطوي عليه نفوسهم من حقدٍ وضغينة للعرب وللإسلام.
وأود أن يعلم القارئ أنّ كتب الرحلات أخذت في الآونة الأخيرة تستحوذ على اهتمام الباحثين والمؤرخين وعامة القراء.
وحريّ أن اذكر للقراء الأعزاء أنني منذ كنت طالباً في مرحلة البكالوريوس بكلية التربية/جامعة بغداد كانت تربطني علاقات أخوية وطيدة واسعة، بأعداد كبيرة من التدريسيين والعاملين في الوسط الجامعي من فترة بعضهم بتأليف كتاب عن رحلات العرب والاجانب ونزولاً عند رغبتهم فقد شرعت بوضع حجر الأساس لهذا الكتاب أود أن أقدم شكري وأمتناني إلى كل من ساعدني في إعداد مادة الكتاب وعلى رأسهم العلامة الشيخ محمد علي داعي الحق الذي يساهم في ترجمة بعض النصوص الى العربية.
خاصة فيما يخص الدور الحضاري والتاريخي لمدينة كربلاء.
ولم تكن هذه الرحلات والكتب جميعها قد غطت تراث المدينة بالكامل، فهناك جوانب كثيرة لم تدون ولم يتعرض لها الرحالة بالمرة لاسيما الجانب العلمي والمعرفي والحوزة العلمية والمدارس الدينية والشعراء والادباء سوى إشارات لا تغني ولاتسمن من جوع، وهي في الحقيقة مهمة جداً أتوثق كثيراً من المعلومات المتوافرة في كتب المؤلفين التاريخية، وقد اجتهدنا ما وسعنا الاجتهاد في ادراك الصواب والرد على ما جاء في كلامهم من لغط وخطأ.
وتجدر الإشارة إلى أني سميت الكتاب باسم (كربلاء في مدونات الرحالة والأعلام) وقد نشرت فصلاً موجزاً من رحلات الشرقيين والغربيين في مجلة (ميزوبوتاميا) الصادرة في سويسرا.
ونقلت ما ترجمه المترجمون من اللغات الانكليزية والفرنسية والروسية وغيرها كل ما ورد عن مدينة كربلاء مع الرجوع إلى مصادر النقل، آملاً أن يجد القراء ضالتهم المنشودة, كما أني قسمت الكتاب إلى فصلين رئيسين الأول: كربلاء في كتب الرحلات، والثاني كربلاء في المصادر المعاصرة.
وبعد فقد قضيت في جمع وترجمة مادة الكتاب سنوات بذلت فيها من الجهد كل ما استطيع، فلم أكد أعرف خلالها عطلة في حر الصيف، ولا برد الشتاء، وكثيراً ما كان يصل بي الجهد إلى الإجهاد.
يقول احسان خضير عباس وهو مسؤول شعبة التراث الثقافي والديني في العتبة الحسينية “ان هذا الكتاب استعرض مجموعة الرحلات التي جاء بها الرحالة الشرقيين والغربيين, مؤكدا ان مجلة (ميزوبوتاميا) التي تصدر في سويسرا كانت قد نشرت فصلا موجزا من هذه الرحلات في صفحاتها”.
ويضيف عباس “استهل الكتاب برحلة ابن حوقل الذي زار كربلاء سنة 367 للهجرة 978 للميلاد وانتهاء برحلة اجاثا كريستي سنة 1372 للهجرة الموافق 1952 للميلاد”.
ويشير الى ان عدد الرحالة الذين دون الكتاب رحلاتهم هم 41 رحالة شرقي وغربي.
ويدعو خضير الراغبين الحصول على نسخ من الكتاب مراجعة مراكز البيع المباشر في العتبة الحسينية المقدسة.
تحميل الكتاب
MB 1.84