الاجتهاد: لا يحق للولي منع تزويج المرأة لرجل كفؤ ترضاه، إذا لم يكن للمنع سبب مقبول، والقاضي إذا رفع له أمرها أن يزوجها”، وأضاف “أن أهم ما أكده العلماء في فقه المرأة، إلغاء ما يعرف ببيت الطاعة، إلغاءاً قانونياً قاطعاً لا لبس فيه ولا غموض، لما في من إهانة للزوجة وإيذاء نفسي لا يحتمل ومعاملة غير آدمية لها.
تناول شيخ الأزهر الشريف، أحمد الطيب، في برنامجه التلفزيوني الرمضاني، بعض القضايا الفقهية الخاصة بالمرأة، ما أثار استحسان الكثير من المهتمين بقضايا التراث والتجديد الفقهي، وأيضاً من المهتمين بقضايا المرأة.
وقال الطيب إنّ الأزهر “حسم الجدل الفقهي المتعلق بعدد من القضايا المعاصرة التي كان للمرأة النصيب الأكبر منها”، مؤكداً أنه “يجوز للمرأة تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء، والسفر دون محرم متى كان سفرها آمناً”، مضيفاً أنّ “الطلاق التعسفي بغير سبب معتبر، شرعاً حرام وجريمة أخلاقية، وأنه لا وجود لـ «بيت الطاعة» في الإسلام”.
وأشار إلى أنه ” لا يحق للولي منع تزويج المرأة برجل كفء ترضاه دون سبب مقبول، وأن للمرأة أن تحدد لها نصيباً من ثروة زوجها إذا كانت سبباً في تنمية هذه الثروة”.
وأوضح شيخ الأزهر في الحلقة الخامسة والعشرين أنّ “سفر المرأة في العصور الأولى كان أمراً صادماً للمروءة، بل كان طعناً في رجولة أفراد الأسرة. نظراً لما كانت تتعرض له المرأة آنذاك من سبي واختطاف واغتصاب في الصحاري والفيافي المظلمة ليلاً، وقد كان من عادة العرب السفر ليلاً والكمون نهاراً”.
وقال “حين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة، ليس معها حرمة “أي محرم” فإنه وهو النبي العربي الذي بعث ليتم مكارم الأخلاق، كان يحمي حقاً أصيلاً للمرأة على أسرتها”.
وأضاف أنه “أما وقد تغير نظام الأسفار في عصرنا الحديث وتبدلت المخاطر التي كانت تصاحبه بما يشبه الأمان، وتوفرت الرفقة المأمونة من الرجال والنساء، ولم يعد السفر يستغرق أياماً وليالي، فإن الاجتهاد الشرعي في هذه المسألة لا مفر له من تطوير الحكم من منع السفر، إلى الجواز، بشرط الرفقة المأمونة، كما هو الحال في الحج والعمرة والرحلات وغيرها”.
وتابع “كان المذهب المالكي ومنذ العصر الأول للإسلام، أباح للمرأة الخروج إلى الحج دون محرم إذا كان معها رفقة مأمونة، وقد انتهى رأي العلماء في هذه القضية إلى تبني فقه الإمام مالك رضي الله عنه في جواز سفر المرأة اليوم دون محرم”.
وقال الطيب “ومن مكاسب المرأة أيضاً اتفاق العلماء على أنه يجوز للمرأة شرعاً أن تتقلد كافة الوظائف التي تناسبها، بما فيها وظائف الدولة العليا، ووظائف القضاء، ووظائف الإفتاء، وأنه لا يجوز الالتفاف حول حقها هذا لمصادرته أو وضع التعقيدات الإدارية ممن يستكبرون أن تجلس المرأة إلى جوارهم، ويقولون دون حقها المقرر شرعاً ودستوراً وقانوناً”، مضيفاً أن “كل محاولة من هذا القبيل هي إثم كبير يتحمل صاحبه عواقبه يوم القيامة”.
وقال إنه “فيما يتعلق بأمر “فوضى الطلاق” قرر العلماء، وربما لأول مرة أن الطلاق التعسفي بغير سبب معتبر شرعاً، حرام وجريمة أخلاقية يؤاخذ عليها مرتكبها يوم القيامة سواء كان ذلك برغبة من الزوج أو الزوجة، وذلك للضرر الذي يلحق أسرة كل منهما وخاصة الأطفال”.
وأضاف “قد تعجبون إذا قلت لحضراتكم إنني وفي أثناء بحثي عن حكم الطلاق وكيف يكون مباحاً، وجدت من كبار الفقهاء الأجلاء من يقول إن الأصل في الطلاق الحرمة وأنه لا يصير مباحاً إلا للضرورة، وكادوا يحصرون الضرورة في نشوز الزوجة عن زوجها، والنشوز هو التعالي والتكبر على الزوج واحتقاره وإشعاره بأنه في منزلة أدنى، فها هنا يكون الطلاق مباحاً، ولكن ليس واجباً ولا سنة ولا مستحباً”.
وأشار الطيب إلى أنه “لا يحق للولي منع تزويج المرأة لرجل كفؤ ترضاه، إذا لم يكن للمنع سبب مقبول، والقاضي إذا رفع له أمرها أن يزوجها”، وأضاف “أن أهم ما أكده العلماء في فقه المرأة، إلغاء ما يعرف ببيت الطاعة، إلغاءاً قانونياً قاطعاً لا لبس فيه ولا غموض، لما في من إهانة للزوجة وإيذاء نفسي لا يحتمل ومعاملة غير آدمية لها”.
وأضاف “لم ينس العلماء أن ينبهوا إلى أن ما يسمى ببيت الطاعة لا وجود له في الشريعة الإسلامية التي كرمت النساء وجعلتهن شقائق الرجال”، وتابع “هل ننتظر من مقهورة مسحوبة على وجهها أن تملأ بعد ذلك بيت زوجها، وداً، ورحمة، وسروراً!؟”.
وقال الطيب إن “العلماء عالجوا أيضاً مسألة خروج الزوجة من المنزل وكانوا في هذه القضية والتي بين رأي من يرى أنها حرة تخرج وقت ما تشاء وتعود وقت ما تشاء، وبين رأي من يصادر عليها حق الخروج مطلقاً اللهم إلا بعد إذن زوجها، وقد توسط الرأي الشرعي كعادته دائماً، فترك الأمر للعادة والعرف، وبحيث يتغير الحكم بتغيرهما”، وأشار إلى أنه “قد تقرر في هذا الأمر أن للزوجة أن تخرج من البيت في الأحوال التي يباح فيها الخروج شرعاً أو عرفاً ولو لم يأذن الزوج من غير تعسف منها في استعمال هذا الحق”.
وختم الطيب حديثه قائلاً “أخيراً أشير إلى تجديد في موضوع يتسبب في مظالم تلحق بالزوجة وتعود عليها بأضرار بالغة عند موت زوجها، فقد تكون الزوجة سبباً في تنمية ثروة زوجها بأن تكون قد أعانته من مالها في مشروع من المشاريع التجارية، أو عملت معه في الخارج واختلط مالها بماله، ثم نما هذا المال وتحول إلى ثروة مالية أو عقارية باسم زوجها، فإذا توفي الزوج فإن كل ما تفعله الورثة هو أن تعطي الزوجة نصيبها من الميراث، ثم يستقل الورثة بعد ذلك بكل التركة”.
وأضاف “في هذا نوع من الظلم يلحق الزوجة، لذلك عالج المؤتمر مثل هذه الحالة بأن جعل من حق الزوجة شرعاً أن تحدد لنفسها نصيباً تحتجزه من ثروة زوجها وهو حي بمقدار ما شاركت فيه لا يخضع لقسمة الميراث ولا يرتبط بوفاة الزوج، ولها أن تأخذه قبل وفاته، أو تستوفيه بعد الوفاة من تركته قبل تقسيمها، لأنه في حقيقته دين في ذمة الزوج”.
المصدر: العربي الجديد