خاص الاجتهاد: الدفاع عن ولي أمر المسلمين له بُعد عالمي يستوجب استخدام خطاب عقلاني مؤثر. يمكن الاستناد إلى الأدلة العقلية إلى جانب الأدلة النقلية لتعزيز هذا الواجب، وذلك بناءً على الفطرة الإنسانية وحاجة المجتمعات إلى قيادة صالحة. تتماشى سيرة العقلاء في الدفاع عن حقوقهم مع الأحكام الشرعية، مما يجعل الدفاع عن ولي الأمر واجبًا شرعيًا وعقليًا على نطاق واسع.
حسب تقرير “الاجتهاد”، انعقد الملتقى العلمي التخصصي “قدرات الفقه في الدفاع عن ولي أمر المسلمين والمجتمع الإسلامي” بحضور نخبة من أساتذة الحوزة والجامعة والباحثين في العلوم الإسلامية، وذلك في قاعة الشهيد بهشتي بجامعة باقر العلوم (عليه السلام). خلال هذا الملتقى، استعرض الأساتذة حسن علي أكبريان، سعيد ضيائي فر، ذبيح الله نعيميان، إبراهيم موسى زاده، قاسم شبان نيا، علي محمدي، السيد إحسان رفيعي علوي، محمد جواد أرسطا، السيد سجاد إيزدهي، محمود حكمت نيا، ورضا إسلامي، الدور الذي لا غنى عنه للفقه الشيعي في صون الحكم الإسلامي والتصدي للتحديات العالمية.
وقام الأساتذة في هذا الملتقى بتوضيح الأبعاد الفقهية والقانونية والحضارية للدفاع عن ولاية الفقيه، مشددين على حتمية إعادة النظر في إمكانيات الفقه الشيعي في مواجهة التهديدات العالمية والحروب الهجينة، كما لفتوا الانتباه إلى فتاوى المراجع العظام بوصفها دعامة راسخة لحفظ هوية الأمة الإسلامية وقوتها.
الدفاع عن ولي الأمر ذو أبعاد عالمية
آية الله الشيخ محمد القايني: بعض الأحكام ذات طبيعة شخصية، بينما تتمتع أخرى بصبغة عامة ذات امتداد واسع ووجاهة دولية. ومسألة الدفاع عن ولي أمر المسلمين تُعد من جملة الأحكام التي تتسم ببعد عالمي، مما يستلزم منا مراعاة جملة من الاعتبارات؛ فمثلاً، ينبغي لنا انتقاء خطاب ومنهج منطقي ذي تأثير أوسع في الأوساط البشرية والعالمية، وقادر على استقطاب تأييد سائر الأمم.
وأوضح، أن الأدلة الفقهية تنقسم إلى قسمين رئيسين: الأدلة النقلية والأدلة العقلية، مضيفاً: لو انصبّ تركيزنا على الأدلة العقلية، لأمكننا توسيع رقعة تأثير عملنا والتوصل إلى قواسم منطقية مشتركة مع العديد من المفكرين في شتى المجتمعات، في حين أن التركيز في الحوزة العلمية ينحو أكثر نحو الأدلة النقلية، أي الآيات القرآنية الكريمة والروايات الشريفة.
وصرح أستاذ الحوزة العلمية بقم المقدسة: إن الإمام الخميني (قدس سره الشريف) قد شدد، في غير مسائل العبادات، على منهج النظرة العقلية؛ فعلى سبيل المثال، في تحليله لمفهوم الأنفال، أكد على الجانب الحقوقي للإمام والأئمة (عليهم السلام) وتناولها من زاوية عقلانية، مع أن لدينا نصوصاً من الآيات والروايات تتناول الأنفال أيضاً.
وفي إطار تحليله للدليل العقلي على وجوب الدفاع عن ولي الأمر، قال: إن عقل كل إنسان يحكم بضرورة الدفاع عن الحقوق والملكية التي يمتلكها، وهذا الأمر فطري، ولا يقتصر على بني البشر فحسب. فالإنسان، بحكم العقل والفطرة، ينهض بالدفاع عن هذه الحقوق.
وتابع آية الله القايني: إن وجود رئيس مؤهل يُعد حاجة ماسة لجميع المجتمعات، وكل مجتمع يرى في رئيسه الصلاحية، يُلقي على عاتقه واجب الدفاع عنه. وهذا المفهوم لا يختص بالمجتمع الإسلامي؛ لأن العقل يحكم به، وإذا ما عزم أحد على تهديد هذا الحق، فإن واجب الدفاع يقع على عاتق كل إنسان.
وبيّن، أن الفقيه، استناداً إلى قاعدة الملازمة المعروفة (كُلُّ ما حَكَمَ بِهِ العقل حَكَمَ بِهِ الشَّرع)، بوسعه استخلاص نتيجة فقهية من حكم عقلي، وقال: لو استعرضنا جميع المجتمعات البشرية عبر التاريخ، لوجدنا أن جميع الأفراد يدافعون عن حقوقهم، وإن حق كل إنسان يكمن في عدم وقوع الفتنة والقتل والسلب.
وأشار أستاذ الحوزة العلمية بقم المقدسة، إلى أنه في سيرة العقلاء، إذا ما تعرضت هذه الأمور للتهديد، فإنهم يتخذون الإجراءات المناسبة بمجرد ظهور مقدمات الخطر، وفيما يتعلق بسيرة العقلاء، الرأي المشهور هو أنه إذا ثبتت هذه السيرة في زمن المعصوم وكانت محل تأييده، فإنها تكون حجة. أما في السيرة العامة للعقلاء، فإنه يمكن اعتبارها حجة حتى لو لم يثبت أنها كانت في زمن المعصوم.