الاجتهاد موقع فقهي
الاجتهاد: إن قضية العادات والتقاليد في الأديان من المسلمات فإن لكل دين أو طائفة او مذهب له عادات وتقاليد وشعائر وطقوس خاصة به تبين حقيقة واهيته ويكون معتمد فيه على المستند الشرعي، كما تلعب العادات والتقاليد دوراً هاماً في حياة اتباع مختلف الأديان، حيث تُشكل مكونات أساسية لهويتهم الثقافية وتنظم سلوكهم وتفاعلهم مع العالم من حولهم.
فنلاحظ الأديان السماوية وغيرها تلتزم ببعض التقاليد والشعائر التي تبين حقيقتهم الدينية، وتختلف العادات والتقاليد الدينية بشكل كبير بين مختلف الأديان، حتى داخل نفس الدين الواحد. وتأثر العادات والتقاليد الدينية بالثقافات المحلية، مما يُضفي عليها تنوعاً غنياً كما تتطور العادات والتقاليد الدينية بمرور الوقت، مع تأثرها بالتغيرات الاجتماعية والثقافية.
وتختلف درجة أهمية العادات والتقاليد الدينية في مختلف الأديان، ففي بعض الأديان تعتبر جزءاً أساسياً من الممارسة الدينية، بينما تُعتبر في أديان أخرى ممارسات ثقافية مستوحاة من الدين.
ومن هذه الأديان هو الدين الإسلامي الحنيف له عدة تقاليد وطقوس وشعائر حتى بين صاحب التشريع المقدس، أهمية الحفاظ على الشعائر من خلال قوله تعالى ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (سورة الحج آية (۳۲) حتى ربط التقوى والقرب اللهي من التعظيم والمحافظة على الشعائر، ومن تلك الشعائر التي تعد من الشعارات الخاصة بالمذهب الشيعية الامامية هي زيارة الائمة الاطهار والتي حملت طابع الشرعية المستمدة من السنة الشريفة على لسان النبي والائمة الاطهار، فإن إحدى الشعائر المختصة بالتشيع، والتي لا يمكن العثور على مثيل أو شبيه لها في سائر الأمم والمذاهب، ظاهرة أربعينية الإمام أبي عبد الله الحسين الله ومن هنا كان عنوان بحثنا هو (زيارة الأربعين وأثرها على المجتمع الإسلامي).
والذي حاولنا فيه تسليط الضوء على الجانب الاجتماعي والاثر المترتب عليه من خلال زيارة الأربعين.
وبعد البحث في هذا الباب من أبواب زيارة الأربعين فقد توصلنا إلى عدة نتائج منها : ان زيارة الأربعين هي منظومة اجتماعية متكاملة تحتوي على عدة معالجات وتعد من اهم موارد التكافل على الصعيد والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والفكري والعقدي والفقهي.
كان المنهج المتبع في البحث هو المنهج الوصفي التحليلي لبعض الروايات التي تناولت زيارة الأربعين.
المقدمة
تكشف زيارة الأربعين للإمام الحسين بن علي علي عن دلالات وآثار عظيمة، كما تبرز جانباً مهماً من تجليات عظمة الإمام الحسين الله ومكانته وفضله. وإن ظاهرة الزيارة المليونية في زيارة الأربعين للإمام الحسين الله يعبر عن انتصار القيم والمبادئ والأهداف التي استشهد من أجلها الإمام الحسين الله في معركة كربلاء.
وهذه الملحمة الحسينية الإنسانية الحماسية التي لا نظير لها في العالم شكلاً ومضموناً، يحمل أتباع مدرسة أهل البيت الله سواء كانوا من علماء الدين أو من النخبة العلمية أو من وجهاء المجتمع وأعيانه وغيرهم مسؤولية كبيرة في إبراز الأربعينية على خير وجه، وبصورة متميزة وحضارية؛ بحيث تكون الأربعينية جاذبة للآخرين ومؤثرة فيم إيجابيا.
وبكل تأكيد إن الإمام الحسين الله ذاب في الله، وضحى بنفسه وأهله من أجل الله، فذاب الناس فيه، وقدموا التضحيات طوال التاريخ من أجل إيفاء الارتباط بالحسين ونهجه، وبالقيم التي نهض واستشهد من أجل تثبيتها في وجدان الأمة وهذا الانجذاب القلبي والعاطفي أو الشوق المغناطيسي نحو الإمام الحسين الله وموقعيته المتجذرة في الوجدان الشعبي هو تحقيق هذا المصداق القرآني «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ﴾ [إبراهيم (۳۷)] فها هي أفئدة الملايين من الناس تهوي نحو حرم الإمام الحسين الله، تتجلى ميزة التشيع في تبعية الإمام المعصوم و طاعته و الانقياد له دون بحث و كلام؛ فهم ليسوا كسائر الفرق الإسلامية، الذين تخلوا عن أحد ركني الثقلين الأساسي، و ابتعدوا عن عترة رسول الله، و تبعوا أشخاصاً و أفراداً آخرين، كما أن زيارة الإمام الحسين الله وخصوصاً في الأربعين تعطي الإنسان طاقة حيوية قادرة على نقله من الحالة السلبية إلى الحالة الإيجابية، ومن النظرة التشاؤمية للحياة إلى الشعور بالاطمئنان والسكينة والراحة النفسية، وهذا ما يشعر به كل زائر للحسين الله، ولا تقتصر آثار الزيارة الأربعينية على البعد الروحي والمعنوي للأفراد فقط، بل تمتد إلى الأبعاد الأخرى كالبعد الأخلاقي، والبعد الاجتماعي، والبعد الثقافي، والبعد العلمي، والبعد الاقتصادي، والبعد الإنساني وغيرها من الأبعاد والجوانب الحياتية التي تشمل المجتمعات أيضا.
د. حيدر عودة الركابي
م. م. نور رزاق حسين المرشدي
قراءة وتحميل المقالة
