حسنعلي-أكبريان المحارب

حكم المحارب.. بين الأدبيات الفقهية والتطبيق المعاصر

خاص الاجتهاد: صرح الأستاذ حسنعلي أكبريان، في إعادة قراءة لفتاوى المراجع العظام، بأن التهديد الموجه ضد قائد الثورة يندرج ضمن المحاربة، ويُعتبر عملًا يمسّ هوية الأمة الإسلامية.

انعقد الملتقى العلمي التخصصي “قدرات الفقه في الدفاع عن ولي أمر المسلمين والمجتمع الإسلامي” بحضور نخبة من أساتذة الحوزة والجامعة والباحثين في العلوم الإسلامية، وذلك في قاعة الشهيد بهشتي بجامعة باقر العلوم (عليه السلام). خلال هذا الملتقى، استعرض الأساتذة حسن علي أكبريان، سعيد ضيائي فر، ذبيح الله نعيميان، إبراهيم موسى زاده، قاسم شبان نيا، علي محمدي، السيد إحسان رفيعي علوي، محمد جواد أرسطا، السيد سجاد إيزدهي، محمود حكمت نيا، ورضا إسلامي، الدور الذي لا غنى عنه للفقه الشيعي في صون الحكم الإسلامي والتصدي للتحديات العالمية.

وقام الأساتذة في هذا الملتقى بتوضيح الأبعاد الفقهية والقانونية والحضارية للدفاع عن ولاية الفقيه، مشددين على حتمية إعادة النظر في إمكانيات الفقه الشيعي في مواجهة التهديدات العالمية والحروب الهجينة، كما لفتوا الانتباه إلى فتاوى المراجع العظام بوصفها دعامة راسخة لحفظ هوية الأمة الإسلامية وقوتها

قام حجة الإسلام والمسلمين حسنعلي أكبريان بدراسة متأنية لبيانات آية الله العظمى مكارم الشيرازي وآية الله العظمى نوري الهمداني، وخلص إلى أن هذه البيانات ليست مجرد فتاوى، بل هي أحكام مبنية على الفتاوى. ويؤكد هذا الاستنتاج على طابعها العملي والمصداقي، ولذلك فإنها حكم.

فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان للمراجع العظام الحق في إصدار أحكام، أوضح أكبريان أنه في حال كون ولاية الفقيه في المجتمع بالفعل، فإن هذه الولاية تمنع فعلية ولايات الآخرين. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بقضايا حضارية أوسع، فإن الفقهاء الآخرين لديهم أيضًا “بسط يد” وصلاحية موسعة. وتنتمي المسألة التي تناولها آية الله مكارم الشيرازي وآية الله نوري الهمداني إلى هذا الباب.

وأضاف أستاذ الحوزة العلمية أنه عندما تكون حياة القائد (الذي يتمتع بالولاية المطلقة) في خطر، فإن أيدي الآخرين لا تكون مكتوفة عن الدفاع. لا يوجد تزاحم هنا، لأن المسألة تتعلق بالدفاع، وهذا أمر عقلائي.

وأشار أكبريان إلى أن ترامب أصدر تهديدًا ضمنيًا بينما أصدر الكيان الصهيوني الغاصب تهديدًا مباشرًا. لفت الانتباه إلى أن آية الله مكارم الشيرازي في بيانه الأولي استخدم عبارة “كل شخص أو نظام”، وهو استخدام دقيق للغاية. هذا التعبير يشمل “المحارب” كفرد حقيقي وكيان اعتباري، ويعد استخدام “المحارب” لكيان اعتباري أدبًا جديدًا في الفقه.

واستطرد حجة الإسلام والمسلمين أكبريان موضحًا أن آية الله مكارم الشيرازي تابع قائلاً: من يهدد القيادة والمرجعية أو (لا سمح الله) يعتدي عليها بهدف الإضرار بالأمة الإسلامية وحاكميتها، فإنه يحكم عليه بالمحارب.” وأشار أكبريان إلى أن هذا التعريف لم يستخدم مصطلحي “تجرید سلاح” و”إخافة المؤمنين” المستخدمين عادة في تعريف المحارب. بدلاً من ذلك، استخدم آية الله العظمى مكارم عبارة “الضرر بالحاكمية الإسلامية”، مما أوجد أدبًا حضاريًا جديدًا.

وأشار أكبريان إلى أن آية الله مكارم الشيرازي استخدم مصطلحي “المرجعية” و”القيادة” بشكل منفصل. وتساءل: هل تهديد المرجعية، دون تهديد القيادة، يستتبع هذا الحكم؟ وأجاب أن هذا لم يكن بقصد إنشاء عنوانين منفصلين، بل كان للتأكيد على مرجعية آية الله الخامنئي. وهذا يخرج هذا التحرك عن كونه مجرد فعل حكومي. فالحكومات ملتزمة بمعاهدات تمنعها من تهديد الرؤساء، لكن عندما يُذكر مصطلح “المرجعية”، فإن الأمر يخرج عن نطاق الحكومات ويصبح حركة شعبية.

وشدد أستاذ الحوزة العلمية في قم على أن مصطلح “في حكم المحارب” يستخدم بكثرة في الأدبيات الفقهية. على سبيل المثال، يُقال عن السارق إنه “في حكم المحارب” على الرغم من أنه لا يقوم بـ “إخافة المؤمنين” أو “تجرید سلاح”. ولكن نظرًا لاستخدام هذا التعبير في الروايات، يستخدمه الفقهاء أيضًا. وأضاف أنه مع الأخذ في الاعتبار أن الكيان الصهيوني قد نفذ 12 يومًا من القصف، فإن “تجرید سلاح” ينطبق هنا، وكذلك “إخافة المؤمنين” عندما تكون النية قتل قائد المجتمع.

وأوضح أكبريان أن بعض الفقهاء ذكروا أن مصطلح “المحارب” ينطبق على “دار الإسلام”، بينما يُعتبر من هم خارج “دار الإسلام” “كافرًا حربيًا”، وبالتالي فإن “المحارب” مصطلح خاص بـ “دار الإسلام”. كما أضاف أنه في “تجرید سلاح” لإخافة المؤمنين، إذا لم يكن الشخص “من أهله” (أي ليس لديه القدرة على التنفيذ الفعلي)، فإنه لا يُعتبر محاربًا. ومع ذلك، فإن الكيان الصهيوني هو “إرهاب دولة” كبير.

واختتم أستاذ الحوزة العلمية قائلاً إن آية الله مكارم الشيرازي ذكر في بيانه: “يحرم أي تعاون أو تقوية له من قبل المسلمين أو الحكومات الإسلامية.” في المقابل، ذكر آية الله نوري الهمداني: “كل من يساعد في هذه الجريمة يقع تحت نفس الحكم.” في بيان آية الله مكارم الشيرازي، استخدم مصطلح “حرام” للمعين والمساعد للمحارب، وفي هذه الحالة يُعزر من باب الفعل الحرام. أما في بيان آية الله نوري الهمداني، فقد ذكر أن له “نفس الحكم”، وهذا يشير إلى تشديد العقوبة، لأن جوهر المسألة هو “حكم” وليس “فتوى”، وبما أنه حكم، فقد تم تشديد عقوبة المعين.

وأوضح حجة الإسلام أكبريان أن آية الله مكارم الشيرازي أضاف في بيانه: “من الضروري لعموم المسلمين في جميع أنحاء العالم أن يجعلوا هؤلاء الأعداء يندمون على أقوالهم وأخطائهم.” تُشير هذه العبارة إلى رؤية حضارية أوسع. أما بالنسبة لعبارة “وإن تحملوا مشقة أو خسارة، فلهم أجر المجاهد في سبيل الله”، فهي مستمدة من الروايات الشريفة.

وتابع أكبريان قائلًا إن آية الله نوري الهمداني قد صرح بأن: “إهانة مقام مرجعية الشيعة وشخص آية الله الخامنئي ‘دامت بركاته’ تُعتبر إهانة لأصل الإسلام.” وأوضح أن هذه العبارة أتت بسبب ظرف خارجي محدد، إذ أن إهانة المرجعية والقيادة بشكل عام لا تُعد إهانة للإسلام. ولكن بالنظر إلى أن هوية الإسلام والعالم الإسلامي في الواقع متقومة بآية الله الخامنئي، فقد صدر هذا الحكم.

وأشار أستاذ الحوزة إلى أن مراجع التقليد العظام استخدموا تعبير “المحارب” لأنه مصطلح قرآني لا يقتصر على الشيعة، وهو أداة تُحدث قبولًا عالميًا في المجتمع الإسلامي. ونوّه إلى أن كون الكيان الصهيوني محاربًا ومهدور الدم لم يتوقف على تهديد القائد الأعلى للثورة، فقد هاجموا الناس لمدة 12 يومًا وهم كفار حربيون. إن هذا الإجراء من قبل مراجع التقليد كان بمثابة تأكيد مركّز على هذه الحقيقة.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky