الاجتهاد: البحث الرابع: صور وحالات لثبوت حق النشر: إنّ موضوع البحث في احترام حقوق الطبع وعدمه في هذه الرسالة قد يكون البحث فيه تارة عن الحق المرتبط بالكتاب واُخرى عن الحق المرتبط بالقرص الكمبيوتري ( CD ).
أمّا بالنسبة للأوّل فإن الكتاب إمّا أنْ يكون قد سجّل عليه عبارة « حقوق الطبع محفوظة » أو لا .
ولا بأس بالإشارة إلى أنّ الكتب التي تطبع في زماننا الحاضر قد تكون كتباً ألّفها أصحابها وهم موجودون، أو تكون كتباً قديمة قد بذل المحقّقون والمصحّحون عليها جهوداً في تحقيقها وإخراجها إلى عالم النور بعد أن كانت مطمورة في المكتبات الخاصّة والعامّة، وهذه الكتب المحقّقة تكتب عليها المؤسّسات التي حقّقتها ـ غالباً ـ عبارة « حقوق الطبع محفوظة » .
ثم إنّه قد يكون شخص من ذرّية صاحب الكتاب القديم موجوداً أو لا يكون له صاحب .
وسنبيّن صور البحث ضمن عدة مسائل :
المسألة الاُولى: فيما إذا كان الكتاب مؤلّفاً تأليفاً حديثاً وكان صاحبه موجوداً، وبذل جهداً عليه وقد كتب عليه عبارة «حقوق الطبع محفوظة للمؤلّف»، فإنّ هذا الجهد المبذول محترم عند الشارع المقدّس؛ حيث يدخل ضمن الأموال، وأموال الناس محترمة ؛ للأدلّة القائلة: «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه» .
وكتابة هذه العبارة يعبّر عن عدم رضا المؤلّف بأن يطبع كتابه ويكثّر من قِبل الغير؛ فإنّه يريد حفظ الحقّ لنفسه.
ثمّ إنّ المعاملة على هذا الكتاب قد تدخل في بحث البيع بشرط؛ بمعنى أنّ المشتري عندما يأخذ الكتاب ويدفع مقابله ثمناً فإنّه يكون قد قبل هذا الشرط ، وعليه فلا يحقّ له أن يخالف هذا الشرط، فإذا أخذ الكتاب وكثّره ونشره بدون رضا مؤلّفه فإنّ مثل هذه المسألة قد تدخل في بحث خيار الاشتراط .
ولكي يتّضح الحقّ في المسألة لا بأس بالولوج في بحث خيار الاشتراط، وماذا توجب مخالفة الشرط؟ وهل إنّ مخالفة الشرط المشروط في معاملة البيع توجب فسخ العقد، أو توجب شيئاً آخر، أو لا توجب شيئاً أصلاً ؟
وهنا نقول: إنّ مَن شرط شيئاً سائغاً في العقد لا يخالف الكتاب والسنّة جاز، فإن لم يحصل الشرط ولم يتحقّق من قبل المشترط عليه تخيّر صاحب الشرط بين الفسخ والإمضاء، والفائدة من الشرط: جعل البيع متزلزلاً عند عدم تحقّق الشرط، ولزومه عند الإتيان به.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الفقهاء ذكروا في مسألة الشرط عدّة أقوال أوردها النراقي في المستند (1)، والذي أفهمه من جميع هذه الأقوال أنّها متّفقة في جعل الخيار للمشروط له، فيكون العقد جائزاً متزلزلاً ويمكنه أن يفسخه بمرحلة تختلف عن المرحلة الاُخرى.
وبعد هذا نقول: إنّ النتيجة المتحصّلة هي أنّ المؤلّف له الحقّ في منع الغير عن طبع وتكثير الكتاب، وإذا ارتكب أحد خلاف هذه المعاملة فإنّ هذه المخالفة توجب جعل الخيار للمؤلّف؛ فيمكنه السكوت والرضا، ويمكنه فسخ معاملة البيع وإذا انفسخت المعاملة فإنّ المكثّر للكتاب يكون قد تصرّف في غير ماله. كما أنّ الواجب على المؤلّف أن لا يتصرّف بمال الشراء؛ لأنّ المعاملة قد انفسخت وكلّ مال رجع إلى صاحبه.
تطبيقات عملية
إنّ كلّ ما توصّلنا إليه لحدّ الآن هو أنّ للمؤلّف حقّاً في منع غيره من نشر وتكثير الكتاب الذي ألّف؛ لأنّه جهده وتعبه وماله، والناس مسلّطون على أموالهم، وأنّ الجهد الفكري له مالية، حاله حال الجهد البدني .
والآن يطرح السؤال الآتي: ماذا يحدث لو حصل واتّفق أن عمد بعض الأشخاص إلى طبع ونشر الكتاب بدون رضا المؤلّف ؟
الجواب: إنّ البحث النظري يقتضي القول بأنّ المؤلّف مخيّر بين السكوت وإمضاء البيع والتنازل عن حقّه، وبين إجبار الطرف المقابل على الالتزام ولزوم الوفاء بالشرط، وبين فسخ المعاملة.
أمّا الاختيار الأوّل فتصوّره واضح .
وأمّا الاختيار الثاني فيتمّ من خلال جعل نقابات ودوائر تعقّب مثل هذه المخالفات .
وأمّا الاختيار الثالث فتصوّره مشكل؛ لأنّ المؤلّف إذا أراد أن يفسخ المعاملة فبأيّ حقّ يفسخها ؟ ! إذ معاملة البيع صارت بين المشتري وبين صاحب المكتبة الذي هو الوسيط الثاني أو الثالث في بيع الكتاب .
توضيح أكثر: إنّ المؤلّف قد وضع أتعابه تحت يد الناشر، والناشر طبع الكتاب ووزّعه على المكتبات، والمكتبات أخذت تبيعه على الأشخاص، فإذا قام أحد هؤلاء الأشخاص بالطبع والنشر والتكثير، وقلنا: إنّ لصاحب التأليف حق الفسخ؛ فأيّة معاملة يفسخها؟ فهل يفسخ المعاملة التي جرت بين صاحب المكتبة وبين المشتري ؟ فإنّ مثل هذه المعاملة لا سلطة له عليها .
اللهم إلا أن نقول: إنّ الناشر وصاحب المكتبة وكيلان ونائبان عن المؤلّف في البيع والتوزيع فعندها قد يثبت شيء ممّا قلناه .
وأمّا إن لم تكن وكالة في البين فإنّ تصوّر ثبوت الحق للمؤلّف أو بقائه مشكل.
وعلى هذا فقد نلتجئ إلى القول بسقوط حقه بمجرد أن نزل الكتاب إلى الأسواق ، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً.
المسألة الثانية: فيما إذا كان الكتاب مؤلّفاً تأليفاً حديثاً وكان صاحبه موجوداً وطبع الكتاب ونشر بدون عبارة « حقوق الطبع محفوظة » فإنّ معاملة شراء الكتاب يمكن أن نقول عنها إنّها خالية من الشرط، وإذا كان الأمر كذلك، فإنّه يجوز لأيّ إنسان أن يكثّر الكتاب وينشره ويستفيد من عوائده المالية؛ فإنّ المؤلّفين يحفظون حقوقهم بكتابة هذه العبارة، وإلا أمكن استظهار عدم اشتراط شيء في هذه المعاملة، فإنّ عدم إنزال العبارة المذكورة بمنزلة الانصراف عن الحق .
المسألة الثالثة: فيما إذا كان الكتاب قديماً ـ مثل كتب الشيخ الطوسي والمفيد ـ وقد التزمته مؤسسة أو شخص لتحقيقه وصفّ حروفه ومقابلة نسخه، وكانت الأموال المبذولة عليه أمولاً شخصية، ثمّ نشر الكتاب من غير إدراج عبارة حقوق الطبع محفوظة للمؤسسة الفلانية.
فهنا هذه الأموال الشخصية المصروفة على تحقيق الكتاب وإن كانت أموالاً شخصية وتوجب نوعاً من الحق , لكن لمّا لم يكتب على الكتاب عبارة حقوق الطبع محفوظة فإنّ عدم الكتابة تمكننا أن نعتبره بمنزلة عدم متابعة وملاحظة هذا الحقّ ، بل هو بمنزلة الإعراض عنه ، وإذا كان الأمر كذلك جاز لأيّ شخص أن يستفيد منه ويكثّر نسخه .
المسألة الرابعة: فيما إذا كان الكتاب قديماً ـ مثل كتب الشيخ الطوسي والمفيد ـ وقد التزمته مؤسّسة تحقيقيّة، وكانت الأموال المبذولة عليه شخصيّة ، وطبع الكتاب ونشر وهو يحمل عبارة : حقوق الطبع محفوظة للمؤسّسة الفلانيّة .
فهنا تكون الأموال المصروفة على الكتاب وتحقيقه محترمة ، وتوجب حفظ الحقّ لتلك المؤسّسة، والمعاملة على بيع وشراء مثل هذا الكتاب تدخل في بحث البيع بشرط؛ بمعنى أنّ المشتري عندما يأخذ الكتاب ويدفع مقابله ثمناً فإنّه يكون قد قبل هذا الشرط، ولا يحقّ له مخالفة مفاده .
وإذا ما خالف المشتري وطبع الكتاب وكثّره فإنّه يكون قد أدخل المعاملة في بحث خيار الاشتراط ، وقد بيّنّا سابقاً حكم مخالفة الشرط .
المسألة الخامسة: فيما إذا كان الكتاب من الكتب القديمة، وطبع طبعة جديدة محقّقة، وكانت الأموال المصروفة عليه أموالاً عامّة مثل سهم الإمام (عليه السلام) ، وكان الكتاب يحمل عبارة «حقوق الطبع محفوظة» .
فهنا هل يوجد للمؤسّسة حقّ في حفظ حقوق الطبع بحيث إذا خالف أحد فإنّ عمليّة شراء الكتاب تدخل في باب مخالفة الشرط أو لا يكون الأمر كذلك ؟
يمكننا أن نقول: لمّا كان الغرض من طبع الكتاب القديم وتحقيقه وإخراجه بصورة أحسن هو ترويج العلم والدين، ولمّا كانت الأموال المصروفة عليه من الأموال العامّة ، فإنّ من المحتمل أن لا تؤثّر عبارة «حقوق الطبع محفوظة» ولا
تحفظ حقّاً للمؤسّسة ؛ فإنّ غرض نشر الدين والعلم قد تحقّق أو استمرّ تحقّقه بعمليّة التكثير من دون مراعاة حقوق الطبع .
وعلى هذا، فإنّ حجّة البعض بجعل حقوق الطبع مختصّة بهم لأجل إعادة الأموال العامّة إلى محلّها، ولا يمكن ذلك إلا بالاختصاص بحقوق الطبع فيمنعون غيرهم من نشره وتكثيره، مردودة: بأنّ مثل هذا الكلام لا يكون مسوّغاً أمام منع نشر العلم والدين، خصوصاً وأنّ الأموال العامّة لها مصادر كثيرة.
ولعلّ ثمّة إشكالاً يرد في البين مفاده: أنّ حقّ المنع غير ثابت فيمن يكثّر الكتاب وينشره لأجل نشر العلم بدون طلب الفائدة المالية ، فما هو قولكم فيمن ينشر الكتاب لأجل طلب الفائدة المالية ؟
وهنا نقول : قد يكفينا غاية نشر العلم ، فلا مانع من رفع حقوق الطبع سواء حصلت فائدة مالية أو لم تحصل مادام نشر العلم متحقّقاً ، وإن لم تقبل هذا الكلام فيكفيك أن تلتزم بالقدر المتيقّن ؛ وهو جواز النشر والتكثير بدون طلب الفائدة المالية ولأجل نشر العلم .
المسألة السادسة: فيما إذا كان الكتاب القديم ـ مثل كتب الشيخ الطوسي ـ قد حقّق وصرف عليه من الأموال العامّة ولم يكتب عليه عبارة «حقوق الطبع محفوظة» فإنّ حكمه حكم المسألة السابقة، وهي أنّه لمّا كانت الأموال من الأموال العامّة التي أحد أهدافها نشر العلم والدين فإنّ هذا العمل لا يوجب حقّاً للمؤسّسة التي تصدّت لذلك .
مضافاً إلى أنّ عدم إدراج العبارة على ظهر الكتاب بمنزلة الانصراف عن الحقّ ، فلا يثبت شيئاً .
المسألة السابعة: فيما إذا كان الكتاب قديماً ومطبوعاً، وتناولته إحدى المؤسّسات وكثّرته ونشرته من غير تحقيق ( أي طبعته بالاُوفسيت ) وكتبت عليه عبارة « حقوق الطبع محفوظة » مريدةً بذلك اختصاصها بامتياز حقّ الطبع والنشر .
هنا وإن كان في بعض الموارد يجوز لهذه المؤسّسة أو تلك أن تكثّر الكتاب وتستفيد منه مادّياً إلا أنّه لا يحقّ لها أن تجعل ذلك حقّاً اختصاصيّاً لها؛ وذلك لأنّ تلك المؤسّسة لم يكن لها ما يوجب الحقّ لها؛ فإنّ موجبات الحقّ إمّا التأليف أو التحقيق أو بذل ما يعتدّ به من المال في سبيل إخراج الكتاب ، وكلّ هذه الاُمور لم تتحقّق في طبعة الاُوفسيت .
ويتأيّد هذا الكلام بجريان أصالة العدم؛ حيث إنّه لم يكن لتلك المؤسّسة حقّ في اختصاص الكتاب بها قبل الطبع، وبعد الطبع نشكّ في حصول الحقّ لها، فهنا نستصحب الحالة السابقة وهي عدم ثبوت الحقّ .
المسألة الثامنة: هي المسألة السابعة نفسها لكن مع عدم إدراج عبارة «حقوق الطبع محفوظة»، فإنّه في مثل هذا المورد لم يثبت الحقّ لأحد في المنع عن التكثير والنشر من قبل الآخرين ، ودليله واضح ممّا تقدّم .
المسألة التاسعة: فيما إذا كان الكتاب نسخة مخطوطة قديمة موجودة في إحدى المكتبات العامّة في إحدى الخزائن ، فإنّه يحقّ لأيّ شخص كان أن يبذل عليها مالاً ليخرجها إلى النور ويجعل حقّ النشر والتكثير مختصّاً به إذا كان قد صرف عليها من جهوده وأمواله الخاصّة .
وأمّا إذا كان قد أخرجها إلى النور بأموال عامّة فإنّه لا يحقّ أن يحصر الحقّ لنفسه كما تبيّن فيما سبق .
المسألة العاشرة: فيما إذا كان الكتاب نسخة قديمة موجودة عند وارث أو غيره ، فإنّ حيازتها توجب حقّ الاختصاص ، فيحقّ له أن يودعها عند مؤسّسة ما للتحقيق دون غيرها من المؤسّسات ، فإنّها داخلة في حيازته فهو مسلّط عليها.
ثمّ إنّ البحث في مسألة حفظ الحقوق وعدمه لم يكن مختصّاً بالكتاب بل تعدّى بفضل تطوّر العلم والصناعة الكمبيوتريّة إلى ما يسمّى بالقرص الكمبيوتري (سي دي = CD)، وهذا القرص الكمبيوتري معرّض للنشر والتكثير من قبل غير صاحبه ممّا أوجب كثرة الأسئلة في هذا المجال .
البحث الخامس: الأقراص الكمبيوترية
إنّ الأقراص الكمبيوتريّة المعروفة بالـ(CD) تكون على أنواع: فإمّا أن يكون مكتوباً على القرص الذي يباع في الأسواق أنّ حق النشر والتكثير محفوظ للمؤسّسة التي أنتجته أو لا، وكلا النوعين من الأقراص إمّا أن يكون قد وضع له قفل للمنع من التكثير أو لا، فصارت صور المسألة أربع، وفي كلّ الصور إمّا أن يكون المال الذي اُنتج منه هذا القرص من الأموال العامّة أو يكون من الأموال الخاصّة ، فصارت الصور ثمانية .
وقبل الخوض في بيان الصور وأحكامها لا بأس ببيان كلام حول جعل القفل .
إقفال القرص :
هل يجوز لصانع البرنامج الكمبيوتري أن يجعل له قفلاً بحيث لا يتمكّن الغير من تكثير ذلك القرص إلا بمراجعة الصاحب الأصلي أو لا يجوز ذلك ؟
الجواب: الظاهر الجواز؛ لأنّ الانتاج والعمل الفكري والفنّي الموضوع داخل ذلك القرص الكمبيوتريّ هي ابتكاره وجهوده الخاصّة، وهو حرّ في التصرف فيه وكيفيّة بيعه، فيجوز له أن يبيعه مقفلاً ويجوز له أن يبيعه خالياً عن القفل، كما أنّه يجوز له أن يبيعه بسعر رخيص أو بسعر غالٍ؛ فإنّ الناس مسلّطون على أموالهم، ومادام القرص تحت يده فهو حرّ في جعل القفل له وعدمه .
ثم إنّه قد يقال: إنّ المالك الأصلي قد باع القرص الكمبيوتري مع قفله، ومعنى ذلك أنّه يبيعه بشرط عدم تكثيره، وكأنّه يقول: إنّي لا أثق بك أيّها المشتري في عدم تكثير القرص، فأضع هذا القفل للاطمئنان من عدم تكثيره، فالقفل كاشف عن عدم الرضا بالتكثير والنشر.
ثمّ إنّ اولئك الذين رسموا وجعلوا لهذا البرنامج الكمبيوتري قفلاً ورمزاً مرادهم الأصلي أنّ هذا حقّنا، ولا يحق لأحد تجاوز هذا الحق.
أنواع كسر القفل :
القفل الكمبيوتري قد يكسره شخص ساهم في إعداد وتصميم ذلك القفل، وهنا يكون عمله خيانة للأمانة، أو يكسره شخص من خارج المجموعة المعدّة والمصمّمة لذلك البرنامج الكمبيوتري وقفله، فما هو حكم هذه المسألة ؟
الجواب: هذا كسر لحرز الناس ، ولا يبعد حرمته.
لكنّ هذه الحرمة هل تصل إلى المشتري الثاني والثالث . . وهكذا بعد طرحه في السوق بسعر زهيد أو لا تصل الحرمة إليه ؟
يمكن القول بعدم وصولها إلى المشتري الثاني ومن بعده؛ لأنّ المشتري الثاني دفع مالاً بإزاء شيء ولم يكن متجاوزاً على حقّ أحد .
نعم، قد يعدّ متجاوزاً من باب الإعانة على التجاوز في مثل هذه الحقوق .
وأمّا صور البحث فتكون ضمن مسائل:
المسألة الاُولى: فيما إذا كان القرص الكمبيوتري مقفلاً وكانت الأموال والجهود التي بذلت عليه من الأموال الخاصّة وقد كتب عليه عبارة « حقوق الطبع محفوظة » .
فهنا نقول: لأجل كون المال المبذول من الأموال الخاصّة فإنّ الحقّ ثابت له في منع غيره من التكثير والنشر، وكتابة عبارة المنع على القرص فيها كاشفيّة عن إرادة هذا الحقّ وعن عدم السماح لغيره بنشره .
وعلى هذا، فلا يحقّ لأحد كسر القفل، وإذا تمكّن من كسره فإنّه لا يحقّ له شرعاً الاستفادة من حقوق الآخرين الثابتة لهم شرعاً ؛ فإنّ ما في هذا القرص جهوداً شخصية محترمة لا يجوز الاعتداء عليها .
المسألة الثانية: فيما إذا كان القرص الكمبيوتري مقفلاً وكانت الأموال المصروفة في إعداده من الأموال الخاصّة، ولم يكتب عليه عبارة المنع من النشر، فإنّ مثل هذا القرص يكون قد ثبّت الحقّ لمنتجه في المنع من النشر. لكن لأجل عدم كتابة عبارة حفظ الحقّ لصاحبه عليه نفهم منه الإعراض عن حقّه، فيجوز للإنسان الاستفادة منه ونشره .
لكن علينا أن لا ننسى أنّ عملية جعل القفل للقرص الكمبيوتري بمنزلة عدم الرضا بتكثيره ، ولا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه ، ومثل هذا الشخص يظهر منه عدم الرضا بالنشر والتكثير .
المسألة الثالثة: فيما إذا كان القرص الكمبيوتري مقفلاً وكانت الأموال المبذولة في صنعه من الأموال العامّة وكتبت عليه عبارة المنع من التكثير والنشر.
فهنا وإن كان مثل هذا القرص مقفلاً وقد كتبت عليه عبارة المنع إلا أنّه مع ذلك يمكن القول بجواز التكثير والنشر؛ لأنّ الأموال التي صرفت في إعداده من الأموال العامّة التي أحد غاياتها نشر العلم والدين، ومثل عمل وضع القفل وتحديد الناس يتنافى مع الغاية التي اُعدّ لها .
ثمّ إنّنا عندما نقول بجواز التكثير والنشر لذلك القرص فهو لأجل الغاية الشريفة وهي نشر العلم وإشاعته، لا لأجل غاية اُخرى مثل التكسّب به .
نعم، كسر القفل لا يخلو من إشكال، سواء كان الكاسر للقفل من ضمن الجماعة العاملين في إعداد البرنامج الكمبيوتري أو كان خارجاً عنهم .
وهنا يمكننا أن نقول: قد يكون كسر القفل جائزاً في مثل هذا المورد خصوصاً إذا قلنا إنّه لا يحقّ لهم جعل القفل .
المسألة الرابعة: فيما إذا كان القرص الكمبيوتري مقفلاً وكان من الأموال العامّة ولم يكتب عليه عبارة المنع من النشر.
فهذا حكمه مثل سابقه في عدم ثبوت الحقّ في المنع عن النشر والتكثير؛ لأجل أنّ ما صرف من أجله كان من الأموال العامّة خصوصاً مع كون الغاية من تكثير القرص نشر العلم الذي هو أحد غايات وموارد ومصارف الأموال العامّة .
المسألة الخامسة: فيما إذا كان القرص الكمبيوتري غير مقفل وكانت الأموال المصروفة في إعداده أموالاً خاصّة وقد كتب عليه عبارة المنع من النشر، فإنّ الحقّ ثابت له ولا يحقّ لأحد التجاوز عليه؛ لأنّه من الحقوق الشخصية، وقد قلنا إنّ الحقوق الشخصية لها مالية وهي محترمة عند الناس .
المسألة السادسة: فيما إذا كان القرص الكمبيوتري غير مقفلٍ وكانت أموال إعداده من الأموال الخاصّة لكن لم يكتب عليه عبارة المنع عن النشر، هنا نقول: إنّ الحقّ قد ثبت له، لكن قد أعرض عنه لأجل عدم وجود القفل وعدم كتابة العبارة المانعة؛ حيث إنّ المتعارف بين أهل الصنعة أنّ من يريد حقّه يلتزم بكتابة العبارة، ولمّا لم يكتب فإنّه يكشف عن عدم اهتمامه به .
المسألة السابعة: فيما إذا كان القرص الكمبيوتري غير مقفل وكانت أموال إعداده من الأموال العامّة وقد كتبت عليه عبارة المنع من النشر والتكثير، فإنّ الحقّ لم يثبت هنا للمانع كائناً من كان؛ لأجل أنّ ما استفاد منه من أموال كانت من الأموال العامّة التي أحد مجالاتها نشر العلم، خصوصاً إذا كان ذلك القرص معدّاً لنشر العلم وإشاعته بين الناس.
المسألة الثامنة: فيما إذا كان القرص الكمبيوتري غير مقفل وكانت أموال إعداده من الأموال العامّة ولم يكتب عليه عبارة المنع من النشر والتكثير، هنا لم يثبت الحقّ في المنع من النشر والتكثير؛ بنفس المناط السابق .
والنتيجة المتحصّلة من كلّ ما سبق: أنّ الجهود الشخصية والأعمال الفكرية محترمة عند العرف وأنّ حالها حال الأعمال البدنية، والشارع يحترم ما كان محترماً عند العرف والعقلاء.
والتفصيل الذي ذكرناه يرجع في بعض مراحله إلى عدم حفظ الحقوق لأجل إعراض نفس المؤلّف المستفاد من عدم كتابة عبارة « حقوق الطبع محفوظة» على الكتاب أو القرص، أو لأجل أنّ ما صرف من جهود في إعداد ذلك الإنتاج كان تابعاً للأموال العامّة المعدّة لنشر العلم .
فتاوى العلماء:
وبعد أن اطّلعت على تفصيل المسألة مع أدلتها لا بأس أن نعرض لك بعض فتاوى العلماء في هذا المجال، وقد ندر من الفقهاء من تعرّض لهذا البحث؛ لحداثة موضوعه كما عرفت، فلم نجد لهذا الموضوع أثراً في كتب قدماء الفقهاء .
نعم، قد تعرّض المعاصرون من الفقهاء لهذا الموضوع من خلال أسئلة واستفتاءات قد وجّهت إليهم، وأمّا بصورة البحث الاستدلالي فقد تعرّض له السيّد صادق الروحاني في كتاب المسائل المستحدثة تحت عنوان «حقّ التأليف» (2)، ووجدنا إشارات لهذا البحث في كتاب الحقوق للسيّد محمّد الشيرازي (3).
وتعرّض لهذا البحث الدكتور فتحي الدريني من جامعة دمشق تحت عنوان « حقّ الابتكار في الفقه الإسلامي المقارن » (4).
وأمّا ما وجدناه في الاستفتاءات فقد ورد في أجوبة الاستفتاءات للسيّد علي الخامنئي ـ دام ظلّه ـ ما يلي:
سؤال رقم (257): ما هو حكم إعادة طبع الكتب والمقالات التي تستورد من الخارج أو المطبوعة في داخل الجمهورية الإسلامية بلا إذن من ناشريها؟ وعلى فرض وجود الإشكال فيها، فما هو حكم بيع وشراء الكتب التي تمّ تجديد طبعها سابقاً من غير علم بهذا الموضوع ؟
وكان جوابه بهذه الصورة حيث قال سماحته: مسألة إعادة الطباعة أو التصوير بالاُوفسيت بالنسبة للكتب المطبوعة خارج الجمهورية الإسلامية خاضعة للاتّفاقيات المعقودة بشأنها بينها وبين تلك الدول، فإن كانت هناك اتّفاقية مع الدول التي طبع فيها الكتاب فلابدّ من الالتزام بمفاد الاتّفاقية، وإلا فليست هناك أيّة قيود أو التزامات في هذا المضمار .
وأمّا الكتب التي طبعت في داخل البلاد فالأحوط رعاية حقّ الناشر بالاستجازة منه في إعادة وتجديد طبعها.
وعلى كلّ حال، فلا مانع من بيع وشراء الكتب التي اُعيد طبعها ولا في الانتفاع بها وإن كانت إعادة طبعها من دون إجازة (5).
وأنت ترى أنّ المناط في الفرع الأوّل من المسألة قد أوكله السيّد إلى الاتّفاقيات بين الدول، وهذه الاتّفاقيات العقلائية قد أمضاها الشارع وقد اعترف بما اعترف به العقلاء من ثبوت الحقوق للمؤلّفين، وعلى أيّ حال فهذه الاتّفاقيات هي الحافظة لـ حقوق الطبع والنشر. وأمّا ما يخصّ الاحتياط بالنسبة للكتب المطبوعة داخل البلاد فلعلّ سماحته احتاط من باب عدم وجود الدليل القطعي على حفظ الحقّ للمؤلّف ، وعلى هذا فلا بأس به ؛ لأجل إمكان الاحتياط .
وجاء في السؤال (258): يرى البعض أنّ الاختراعات والآثار الفنّية والفكرية إذا صدرت من فكر أصحابها فلا تعود بعد الانتشار ملكاً لهم ، فما مدى صحّة هذا الرأي؟ وهل يجوز أن يتقاضى المؤلّفون والمترجمون وأصحاب الآثار الفنّية مبلغاً من المال كعوض لأتعابهم أو كحقّ للتأليف إزاء ما بذلوه من جهد ووقت وأموال لإعداد ذلك العمل ؟
وكان جوابه ـ دام ظله ـ : يحقّ لهم مطالبة الناشر بما يشاؤون لقاء منحهم النسخة الاُولى أو الأصلية لذلك الأثر العلمي والفنّي لغرض النشر والطبع .
سؤال (259): لو استلم المؤلّف أو المترجم أو الفنّان مبلغاً من المال إزاء الطبعة الاُولى، واشترط مع ذلك لنفسه حقّاً في الطبعات اللاحقة، فهل يجوز له مطالبة الناشر بشيء في الطبعات اللاحقة ؟ وما هو حكم استلام هذا المبلغ ؟
الجواب: على فرض اشتراطه ذلك على الناشر ضمن الاتّفاق معه عند تسليم النسخة الاُولى إليه فلا إشكال فيه، ويجب على الناشر الوفاء بشرطه.
سؤال ( 260): لو لم يذكر المصنّف والمؤلّف في إذنه للطبعة الاُولى شيئاً بشأن الطبعات اللاحقة، فهل يجوز للناشر المبادرة إلى إعادة الطبع بلا استجازة منه من جديد ومن غير إعطائه مبلغاً من المال؟
الجواب: إن كان الاتّفاق المعقود بينهما في إجازة الطبع مقصوراً على الطبعة الاُولى فقط فالأحوط مراعاة حقّه واستئذانه في الطبعات اللاحقة أيضاً .
وهنا نقول: الاحتياط وإن كان حسناً على كلّ حال، إلا أنّه ـ على الظاهر ـ لا وجه لهذا الاحتياط، اللهمّ إلا أن يكون السيّد ـ دام ظلّه ـ من القائلين بعدم سقوط الحقّ في الطبعة الاُولى.
سؤال (261): في حالة غياب المصنّف لسفر أو وفاة أو ما شابه ذلك، فهل يجب أن يستأذن منه في إعادة الطبع؟ ومن الذي يستلم المال؟
الجواب: يرجع في ذلك إلى ممثّل المصنّف أو قيّمه الشرعي أو إلى وارثه بعد وفاته .
ويظهر من جوابه ـ دام ظلّه ـ أنّه من القائلين بأنّ هذا النوع من الحقوق يصل إلى الورثة .
سؤال (262): هل يجوز طبع الكتب من غير إذن صاحبها مع وجود عبارة «جميع الحقوق محفوظة للمؤلّف» ؟
الجواب: مجرّد قيد العبارة المذكورة لا يثبت حقّاً لأصحاب الكتب، ولكنّ الأحوط مع ذلك مراعاة حقوق المؤلّف والناشر بالاستئذان منهما في تجديد الطبع.
ولعلّ الظاهر من عبارته ـ دام ظلّه ـ أنّ الحق ثابت للمؤلّف ومحفوظ له في مقام الثبوت، لكنّ العبارة المكتوبة على ظهر الكتاب « حقوق الطبع محفوظة للمؤلف » لم يكن لها كاشفية عن المطالبة بهذا الحقّ .
سؤال (263): يوجد على بعض أشرطة القرآن والتواشيح عبارة « حقوق التسجيل محفوظة » فهل يجوز في هذه الحالة استنساخها وإعطاؤها للراغبين فيها ؟
الجواب: الأحوط الاستئذان من الناشر الأصلي في استنساخ الشريط .
سؤال (264): هل يجوز استنساخ الأشرطة الكمبيوترية؟ وعلى فرض الحرمة فهل تقتصر على الأشرطة المدوّنة في إيران أو تشمل الأشرطة الأجنبية أيضاً؟ علماً أنّ بعض الأشرطة الكمبيوترية ـ نظراً لأهمّية محتواها ـ لها أثمان باهظة جدّاً .
الجواب : الأحوط في استنساخ الأشرطة الكمبيوترية أيضاً مراعاة حقوق أصحابها بالاستئذان منهم في ذلك .
سؤال (266): يأتي بعض الأشخاص إلى محّل تصوير الأوراق والكتب فيطلب تصوير ما لديه، ويرى صاحب المحلّ ـ وهو من المؤمنين ـ أنّ هذا الكتاب أو الورقة أو المجلة تنفع المؤمنين ، فهل يجوز له تصويرها من دون استئذان صاحب الكتاب ؟ وهل يختلف الحال لو علم أنّ صاحب الكتاب لا يرضى بذلك؟
الجواب : الأحوط أن لا يبادر إلى تصويرها بلا إذن صاحبها ، ولا يترك الاحتياط فيما لو علم بعدم رضا صاحبها بذلك .
سؤال ( 267): بعض المؤمنين يستأجرون أشرطة فيديو من محلات تأجير الأشرطة ، وإذا نال الشريط إعجابهم يقومون بتسجيله أو نسخه من دون إذن صاحب المحلّ ؛ من باب أنّ حقوق الطبع غير محفوظة عند كثير من العلماء ، فهل يجوز لهم ذلك ؟
وعلى فرض عدم جوازه وقام أحدهم بالتسجيل أو النسخ ، فهل عليه الآن إعلام صاحب المحلّ أو يكفيه محو المادّة المسجّلة على الشريط ؟
الجواب : الأحوط ترك استنساخ الشريط بلا إذن صاحبه ، ولكن لو بادر إلى الاستنساخ بلا استئذان لم يجب عليه الإمحاء ولا إعلام صاحب الشريط بالأمر .
وقد يتبادر إلى الذهن السؤال عن علّة عدم وجوب المحو وعن عدم وجوب إخبار المالك الأصلي بالاستنساخ .
ونقول في مقام الجواب: قد يكون الدليل موجوداً على المنع من الاستنساخ، لكن لا يوجد ما يدلّ على لزوم إخبار المالك الأصلي بذلك، ولا ما يدلّ على المحو، وإتلاف ما استنسخ، مخالف لسيرة العقلاء.
وقد يكون من قبيل ما ورد في الفقه من حرمة صنع التماثيل وحرمة بيعها وعدم حرمة اقتنائها، كما هو واضح لمن راجع الرسائل العملية.
وفي تحرير الوسيلة للإمام الخميني (قدس سره): ما يسمّى عند بعضٍ بحقّ الطبع ليس حقّاً شرعيّاً، فلا يجوز سلب تسلّط الناس على أموالهم بلا تعاقد وتشارط، فمجرّد طبع كتاب والتسجيل فيه بأنّ حقّ الطبع والتقليد محفوظ لصاحبه لا يوجب شيئاً، ولا يعدّ قراراً مع غيره، فجاز لغيره الطبع والتقليد، ولا يجوز لأحد منعه عن ذلك .
وما تعارف من ثبْت صنعة لمخترعها ومنع غيره عن التقليد والتكثير لا أثر له شرعاً، ولا يجوز منع الغير عن تقليدها والتجارة بها، وليس لأحد سلب سلطنة غيره عن أمواله ونفسه (6).
ويظهر من كلامه (قدس سره) أنّ حقوق الطبع والنشر محفوظة لأصحابها بالتعاقد والتشارط، ويظهر أيضاً أنّه لا قيمة للعبارة المكتوبة « حقوق الطبع محفوظة » ولا تعدّ شرطاً ضمنياً .
وفي صراط النجاة: هل يجوز طبع أيّ كتاب بكمّيات تجارية ـ في بيروت مثلاً ـ بدون إذن مؤلّف الكتاب أو ناشره في صورة وجود عبارة « حقوق الطبع محفوظة للمؤلّف أو الناشر » أو عدم وجودها ؟
الجواب: نعم يجوز ذلك، والله العالم (7).
وفي إرشاد السائل للسيّد الكلبايكاني (قدس سره): هل إنّ حقوق الطبع ثابتة للمؤلّف ؟
باسمه تعالى: ليست ثابتة شرعاً، والله العالم (8).
وتوضيحه نظير ما تقدّم في فتوى السيّد الخوئي (قدس سره) .
وفي الفتاوى الميّسرة للسيّد علي السيستاني ـ دام ظلّه ـ : بعض دور النشر تقوم بطبع كمّيات تجارية من كتابٍ ما بدون إذن مؤلّف الكتاب أو ناشره رغم وجود عبارة : حقوق الطبع محفوظة للمؤلّف أو الناشر ؟
الجواب: لا أثر للكتابة المذكورة إلا في إطار قانون ينظّم حقوق المؤلّفين والناشرين ونظرائهم ويكون ممضى من قبل الحاكم الشرعي (9).
ويفهم من كلامه ـ دام ظلّه ـ أنّ المؤلّف أو الناشر يحقّ له المطالبة ـ فيما إذا خالف الغير ونشر الكتاب ـ بشرطين:
الأوّل : وجود قانون عقلائي ينظّم حقوق المؤلّفين والناشرين .
الثاني : أن يكون ذلك القانون ممضى من قبل الحاكم الشرعي .
سماحة السيّد علي السيستاني
سؤال: هل يجوز نسخ الأشرطة؟ علماً بأنّ بعض الأشرطة غير متوفّرة داخل البلد، أو الحصول عليها صعب(موجود داخل الجمهورية)،ومكتوب على بعض منها: «حقوق الطبع محفوظة» لشركة موجودة داخل الجمهورية وخارجها، وبعضها تكون أساساً نسخاً فتمسح كلمة «حقوق الطبع محفوظة» لكي يتمّ بيعها بسعر زهيد، وإذا كانت لديّ أشرطة فماذا أفعل؟ نوع الأشرطة (فيديو ،كاست، العاب تسلية، الكمبيوتر).
الجواب: إذا كان القانون لا يسمح بالنسخ فيما كتب عليه ذلك فسماحة السيّد لا يجيز ذلك، ويجوز النسخ فيما لم يكتب عليه ذلك (10).
وفي أجوبة الاستفتاءات للسيّد علي الخامنئي ـ دام ظلّه ـ: وهب شخص في وصيّته جميع ما في البيت لزوجته، وكان في البيت مؤلّف بخطّ الموصي، فهل الزوجة ـ مضافاً إلى امتلاكها هذا الكتاب ـ تملك أيضاً الحقوق الناتجة عنه كحقّ الطبع والنشر، أم أنّ للورثة الآخرين نصيباً في ذلك أيضاً ؟
الجواب: حقوق طبع ونشر الكتاب المؤلّف تابعة لمالك الكتاب، فمن وهبه المؤلّف كتابه في حياته وأقبضه إيّاه أو أوصى به له فصار له بعد وفاته تختصّ به جميع الامتيازات والحقوق المتعلّقة به (11).
وجاء في توضيح المسائل للشيخ حسين علي المنتظري: الظاهر اعتبار حقّ الطبع؛ بمعنى أنّ ما يكتب على الكتاب ـ مثلاً ـ « حقّ الطبع محفوظ » لا يجوز نسخه أو طبعه بلا رضا صاحبه ، وكذا الاختراع لو كان مسجّلاً باسم المخترع ، أو كان قد باع ما ابتكره بشكل مشروط (12).
وقال السيّد محمّد الشيرازي (قدس سره): حقوق الطبع، الترجمة، نقل التأليف، كلّها من حقوق مبتكريها الخاصّة بهم لو كان ذلك في نظر العرف حقّاً، ولابدّ من مراعاته شرعاً أيضاً (13).
وجاء في سؤال في جامع المسائل للشيخ النكراني (قدس سره) ما نصّه: هل تبيح الضرورة والحاجة لتدريس كتاب في المؤسّسات العلمية نسخ وطبع كتاب الغير بدون إذن مؤلّفه لو جعل الطبع حقّاً من حقوقه الخاصّة به ؟
فكان جوابه (قدس سره): حقّ الطبع من الحقوق العقلائية الثابتة والمنحصرة بالمؤلّف أو الناشره، وعليه فلا يجوز تكثيره ونسخه بلا إذن أصحابه (14).
وجاء في استفتاءات الشيخ الصانعي (ص: 306 ) بعد السؤال عن حفظ حقوق الطبع والنشر ما نصّه: له حقّ المنع؛ لأنّ الإنسان مسلّط على ماله، والتصرّف في مال الغير ( الطبع من غير إذنه يستلزم تصرّف ) بدون الرضا حرام .
الهوامش
(1) استفتاءات السيد علي السيستاني : 1759446 .
(2) المسائل المستحدثة ( للسيّد صادق الروحاني ) : 220 .
(3) كتاب الحقوق ( للسيّد الشيرازي ) : المجلّد المئة .
(4) حق الابتكار ، طبع ونشر مؤسسة الرسالة .
(5) أجوبة الاستفتاءات 2 : 91 ، ط ـ الدار الإسلامية .
(6) تحرير الوسيلة 2 : 625 .
(7) صراط النجاة 1 : 252 ، ومثله ورد في منية السائل : 208 .
(8) إرشاد السائل : 191 ،سؤال 712 .
(9) الفتاوى الميسرة : 412 .
(10) استفتاءات السيد علي السيستاني : 1759446 .
(11) أجوبة الاستفتاءات 2 : 245 ، السؤال 683 .
(12) توضيح المسائل ( الفارسي ) : 517 ، م 2881 .
(13) توضيح المسائل ( للسيّد الشيرازي ) : 547 .
(14) جامع المسائل : 476 .
المصدر: مجلة فقه أهل البيت العدد: 48
حقوق الطبع والنشر محفوظة أم لا ؟ (1) / الشيخ عبد الحليم عوض الحلي