الاجتهاد: إن مشروع جائزة الشهيد الصدر للتميز والإبداع عنوان ثقافي رائد، يهدف إلى إحياء ذكرى الإمام الشهيد الصدر بطريقة حضارية، بعيدة عن الاجترار والتكرار، لكي تظل مدرسة الصدر في مسيرتنا، عميقة الجذور، خصبة العطاء والثمار، في مختلف مواقع الفكر، والمعرفة، والحركة، والجهاد، والصراع والمواجهة.
يمثل الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) ظاهرة حضارية متميزة في عالم الفكر الإسلامي المعاصر، وفي مسيرة الحركة الإسلامية العالمية، فلقد انطوت شخصيته الفذّة على عديد من الخصائص والأبعاد التي برز فيها عنصر الإبداع، والريادة، والتجديد في مختلف حقول المعرفة الإسلامية والإنسانية.
لقد تحوّل الصدر إلى قضية يحملها الدعاة الإسلاميون في كل مكان، وأنشودة يردّدها الثائرون على الظّلم والطّغاة في كلّ زمان وآن.
وأدرك أعداء الإسلام قيمة الصّدر، إذ وجدوا فيه خطراً يهدّد مصالحهم، والسد المنيع أمام مخططاتهم، فقرروا القضاء عليه، وتصفيته جسديّاً، وأنى لهم ذلك إذ تحول الصدر إلى خط فكريّ، وأمة تعشق الشهادة، ولا تهاب الموت.
ومؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية التي هي ثمرة من ثمرات عطاءات الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) ونفحة من روحه الطاهرة، يسرها أن تطلق جائزة التميز والإبداع باسم الإمام الشهيد محمد باقر الصدر، وبإسناد علمي من جامعة الإمام جعفر الصادق (ع)، وذلك للإسهام في إحياء فكر وتراث ومدرسة الإمام الصدر، بطريقة علمية أكاديمية حضارية، كما تسعى من خلال هذا المشروع المعرفي أن تستوعب الطّاقات العلمية، وتحفّز عناصر الإبداع والتميز الرّائد لدى الباحثين، وتفجر المواهب الواعدة، والأذهان المتفتحة بالوعي والإيمان، لدى الشباب والمثقفين.
جائزة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر للتميز والإبداع
مع مرور أكثر من نصف قرن من الزمن على انطلاقة مدرسة الشهيد الصدر في العراق، إلا أننا نشعر أنَّها ما زالت مغلقة على شريحة النخبة المثقفة، ونعتقد أنَّها لم تنزل إلى ساحة الثقافة العامة بعد، وقد آن الأوان لأن نعرض أبعاد هذه المدرسة وعلومها المختلفة، على مستوى المناهج الدراسية في الجامعات، والثقافة العامة لأبناء هذا الجيل الذي هو أحوج ما يكون لاكتشاف أسرار وأبعاد هذه المدرسة، ومعرفة فلسفتها وأسسها ومنطلقاتها المعرفية والإنسانية والسياسية.
ومن هنا كانت فكرة جائزة الإمام الشهيد الصدر للتميز والإبداع التي تقوم على مبادرة مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية ورعاية جامعة الإمام جعفر الصادق (ع) الأهلية لإحياء الذكرى.
وإن هذه الجائزة سنوية في كل عام، مع تطويرها وترصينها، وجعلها مؤسسة خاصة في موضوعها.
ومن أبعاد هذه الجائزة:
أولاً: حفظ وتوثيق فكر وتراث مدرسة الإمام الشهيد الصدر، والتواصل مع الشخصيات العلمية المهتمة بهذه المدرسة، وتكريمها وفق الأعراف العلمية.
ثانياً: إثارة الوعي ومنهج البحث العلمي، وتوسيع دائرة المهتمين بالإمام الشهيد الصدر على صعيد الجامعات الأكاديمية، والحوزات العلمية، وطبقة المثقفين، وأبناء هذا الجيل الّذي لم يكتشف بعد عمق هذه المدرسة الأصيلة، وأبعادها الممتدة.
ثالثاً: معالجة الإشكاليات الفكرية، والعلمية والسياسية في حياة الأمة، ودراستها دراسة مقارنة، من أجل أن نوحد الخطاب الفكري والسياسي في مواجهة التيارات الأخرى التي تريد أن تتمدد في ساحتنا الإسلامية على حساب فكرنا وثقافتنا ومصالح أمتنا السياسية والاجتماعية.
رابعاً: تعدّ هذه الجائزة خطوة حضارية رائدة، ولمسة وفاء لشخصية الإمام الشهيد الصدر، الذي قدم كل فكره ووجوده من أجل دينه وأمّته وقضيته.
خامساً: إن مشروع جائزة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر من شأنه أن يردم الفجوة ويقرب المسافة بين الحوزات العلمية، وما تمثله من خزين معرفي وثقافي وحضاري أصيل، وبين الجامعات الأكاديمية، وما تختص به من مناهج علمية حديثة، وآفاق معرفية في مختلف صنوف العلوم النظرية والتطبيقية، فإنّنا نعتقد أن الشهيد الصدر وفكره وروحه وتراثه هو العنصر المشترك بين هذين الكيانين المعرفيين، فقد استطاع (رحمه الله) أن يكتسب أعلى درجات الاعتراف من الحوزة العلمية، وفرض فكره ونظريّاته على مستوى مناهج البحث العلمي المعاصر في الجامعات.
ومن هنا فإن الحوزة لا تعيش العزلة والانطواء على الذات من وجهة نظر الشهيد الصدر، وإن الجامعات المعاصرة لا تفكر بعيداً عن مصادر الأصالة والتراث والهوية.
سادساً: تتضمن الجائزة درعاً متميزاً من الدرجة الأولى لإحياء الذكرى، مع مبلغ مالي تقديري للفائزين الثلاثة الأوائل، ويكرم أيضاً أصحاب المؤلفات والبحوث المتميزة حول الشهيد الصدر ومدرسته الفكرية؛ إذ تقدّم الجائزة ضمن احتفالية خاصة في أجواء ذكرى الإمام الشهيد الصدر، وتمنح هدايا رمزيّة، وشهادات تقديرية للمشاركين وبعض الحاضرين، والضيوف والعلماء وبعض المسؤولين في الدولة.
سابعاً: تتكفل مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية بطباعة جميع الرسائل والأطاريح والأعمال الفكرية المتميزة التي قدمت وتقدم من المشاركين في هذه الجائزة الرائدة.
إنَّ جائزة الإمام الشهيد الصدر التي أطلقتها مؤسسة دار الإسلام الخيرية إنما تهدف إلى إثارة الوعي، وتحفيز إرادة الباحثين، ومواهب الشباب والمثقّفين، نحو اكتشاف أبعاد ونظريات مدرسة الإمام الشهيد الصدر، وفق مناهج البحث العلمي الحديث، من أجل تنظيم الأفكار، ودراسة الأسس والمفاهيم التي تكفل بناء الفرد والمجتمع، والدولة، والنظام، والحضارة.
وإن هذه الجائزة تمنح لكل كاتب مبدعٍ كتب في واحد من مجالات علوم وآفاق مدرسة الشهيد الصدر، وقدم رؤية تضيء الطريق للباحثين والمثقفين، ليس لأبناء هذا الجيل فحسب، إنما تنير دروب البحث والدراسة لأبناء الأجيال القادمة.
المحاور والملاحظ:
إن جائزة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر التي أطلقتها مؤسسة دار الإسلام الخيرية مشروع علمي، ثقافي سنوي، لا يختلف عن أمثاله من المشاريع العلمية والثقافية المتبعة في الجامعات والمؤسسات الثقافية والعالمية، إذ يتسم هذا المشروع بسمات المنهج العلمي الموضوعي البعيد عن الجوانب الشخصية والعاطفية، وإن كان للعاطفة والمشاعر حضورٌ في حياة الصّدر وفكره وشهادته الدّامية.
ومن هنا فإنَّه لا بدَّ لهذه الجائزة من شروط ومحاور وملاحظ تحفظ رصانتها، وتحدد جوانبها الموضوعيّة، وهي:
1- تستوعب الجائزة الرسائل والأطاريح والكتب ذات القيمة العلمية والموضوعية والبحوث وفق منهج البحث العلمي المعروف في مراكز البحوث والدّراسات.
2- تخضع الأبحاث المشاركة إلى تقييم لجنة علمية معتمدة لاختيار الفائز الأول والثاني والثالث، ويكرم أصحاب المؤلفات العلمية القيمة حول الشهيد الصدر.
3- يعلن الموعد المحدد والمحاور العامّة للمؤتمر في كل دورة سنوية قبل 6 أشهر من انعقاده ويحدّد الشّروط العامّة للدّورة السنويّة والمواعيد فيه.
الدورة الثالثة
مع بداية عام ٢٠٢٠ شهدت بلدان العالم انتشار جائحة كورونا التي هددت البشرية وتسببت بإحداث أزمة صحية عالمية، وعلى أثر ذلك أغلقت معظم المؤسسات الثقافية والمنظمات الإنسانية، ومراكز الأبحاث إلى أجل غير مسمى، ونجم عن ذلك أضرار جسيمة بفعاليات قطاع التعليم والثقافة كغيرها من القطعات.
هذا التغيير المفاجئ أسهم بإلغاء دور المؤسسات والمنظمات الثقافية من تقديم خدماتها الأساسية للمجتمع، فلجأت المؤسسات إلى إيجاد طرق بديلة تتواصل عن طريقها مع الجمهور، وتمارس دورها مع الالتزام بتعليمات الصحة والسلامة.
ومن هنا اضطرت مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية لتأجيل مشروع جائزة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر للتميز والإبداع في دورتها الثالثة ٢٠٢٠ بسبب الظروف الصحية التي تركت أثرها في القطاعات كافة، وبعد أن لم يكن هناك طريق قريب لعقد الجائزة بشكلها المعتاد، توجّهت المؤسسة إلى عقدها عبر منصة إلكترونية، وذلك تزامنا مع ذكرى شهادة الإمام الصادق “ع” من شهر شوال ١٤٤٢ الموافق لشهر حزيران ٢٠٢١ تحت عنوان: “ظاهرة الإلحاد .. واقعها .. سبل مواجهتها.. في مدرسة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر ومناهج المفكرين المعاصرين”.
هذا وحضر المؤتمر رئيس الجامعة الدكتور عامر الملاح، وعمداء الجامعة، وثلة من الأساتذة وطلبة الجامعة، وقد أسهمت القنوات الفضائية والوكالات الإعلامية بتغطية فعاليات المؤتمر، فيما كان لدائرة الإعلام في جامعة الإمام جعفر الصادق (ع) الدور الكبير في تنظيمه وإعداده.
كلمة المشاركين
كلمة الأمين العام لمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية سماحة العلامة السيد حسين بركة الشامي في جائزة الإمام الشهيد الصدر للتميز والإبداع/ الدورة الثالثة والتي بحث فيها حول عدد من الموضوعات المهمّة حول الجائزة وموضوعها؛ منها:
* حديث عن الإمام الشهيد الصّدر في حياته وفكره وتضحياته وتلاميذه * حديث عن جائزة الإمام الشهيد الصّدر للتميز والإبداع في تأريخها بدورتيها السّابقة والدورة الحالية * حديث عن الإلحاد وأثره في المجتمع وسبب اختياره موضوعاً للدورة الثالثة * شكر للعاملين في مؤسسة دار الإسلام وجامعة الإمام جعفر الصادق (ع) لجهودهم في إنجاح برنامج الجائزة في دورتها الثالثة.
كلمة آية الله السيد علي الأشكوري– من تلاميذ الشهيد الصدر وعضو مجلس الخبراء الإيراني) في جائزة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر للتميز والإبداع/ الدورة الثالثة، التي تكلم فيها حول مزايا الإمام الشهيد الصّدر كالفقاهة، والإيمان، والعمل الصالح، ومزج القول بالفعل، والمعرفة بزمانه، والاهتمام بشؤون الأمّة وغيرها من المزايا.
كلمة البروفيسور أوليفر شاربوت من جامعة برمينغهام في جائزة الإمام الشهيد الصدر للتميز والإبداع/ الدورة الثالثة والتي بحث فيها حول عدد من الموضوعات المهمّة في حياة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر؛ منها:
* تميز الإمام الشهيد الصدر وقدرته الفكرية الهائلة
* التحديات التي أدركها الإمام الصّدر؛ من جهة نهوض الدولة المدنية في العراق، والتحدي الفكري الّذي طرحته الشيوعية
* مجالات عمل الإمام الشهيد الصّدر، وهي ثلاث مجالات:
أ- تطوير التواصل الاجتماعي للمرجعية والحوزة
ب- الحصول على رد فكريّ للتشيّع
ج- النّشاط السّياسي بتأسيس حزب الدعوة الإسلامية
* ماذا نأخذ من منهج الشهيد الصدر في عام 2021
كلمة السيد محمد طاهر ملحم الحسيني (مدير مركز ابن ادريس الحلي في النجف الأشرف)في جائزة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر للتميز والإبداع/ الدورة الثالثة، التي تكلم فيها حول بعض مزايا الإمام الشهيد الصّدر وبعض التحديات التي واجهها الشهيد الصّدر وعالجها.
يذكر أن “مؤسسة دار الإسلام” الجهة المعتمدة لجامعة الإمام جعفر الصادق (ع) في وزارة التعليم والعالي والبحث العلمي في العراق، أخذت على عاتقها رعاية هذه “الجائزة” وبإسناد علمي من الجامعة، فقد أطلقت المؤسسة هذه الجائزة في عام ٢٠١٨، وكان نشاطها العلمي في دورتها الأولى هي تكريم أصحاب الدراسات العليا “الماجستير والدكتوراه” ممن كتب حول الشهيد الصدر، وفي عام ٢٠١٩ كان محورها العلمي عن أبي طالب عمّ النبي ومؤمن قريش، وعن خديجة زوج النبي (ص) من منظور مدرسة الشهيد الصدر، وفي هذا العام آثرت الجائزة أن يكون موضوعها حول “ظاهرة الإلحاد” وقد استقبلت ٣٥ بحثاً من بلدان العالم الإسلامي المختلفة، واختارت اللجنة العلمية القائمة على الجائزة ثلاثة بحوث فائزة وفق المعايير والشروط علمية.