خاص الاجتهاد: الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، وشرفه بالعقل والتمييز، والصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:في الحقيقة الفتوى تمثل أحد أركان الخطاب الديني، وأهم أدوات التوجيه الشرعي في حياة المسلمين، فهي الرابط بين النصوص الشرعية ومتغيرات الواقع، ومن خلالها يستنبط الحكم الشرعي لكل نازلة طارئة، وتُبنى عليها قرارات ومواقف في حياة الفرد والمجتمع.
لذلك أفرز الواقع الرقمي نماذج من تطبيقات الذكاء الاصطناعي تقدم فتاوى واستشارات فقهية بشكل فوري، مما يفرض على علماء الشريعة واجب النظر في هذه الظاهرة بعين التأصيل والتقويم، وضبطها وفق القواعد الفقهية والأصول الشرعية؛ حفاظا على مكانة الفتوى، وصيانة للعقيدة والأحكام الشرعية من التوظيف الخاطئ للتقنية.
ومع هذا التطور التقني المتسارع وبروز الذكاء الاصطناعي بوصفه أحد المحركات الكبرى للمستقبل برزت تساؤلات عميقة عن مستقبل الإفتاء في ظل هذه التحولات، فهل يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي دور المفني؟ وهل يجوز الاعتماد على الروبوت المفتي في إصدار الأحكام ؟ وما مدى توافق الفتوى الرقمية مع القواعد والضوابط الفقهية؟ وهل سيفقد المفتي البشري مكانته لصالح التقنية؟ ومن هنا جاءت هذه الدراسة الموسومة بـ: مستقبل الفتوى في عصر الذكاء الاصطناعي لنستشرف مآلات الفتوى في ضوء الثورة التكنولوجية، لا سيما في عصر الذكاء الاصطناعي، ونقدم رؤبة شرعية لاستثمار التقنية دون الإخلال بجوهر الفتوى وضوابطها، ونبحث مدى مشروعية الاعتماد على التقنية الحديثة في إصدار الفتاوى، وتأثير ذلك على دور المفتي والمؤسسات الشرعية، وعلى العلاقة بين الفتوى والاجتهاد.
أهداف البحث
• بیان مفهوم الفتوى والذكاء الاصطناعي وضبط العلاقة بينهما.
• تأصيل مشروعية الفتوى الرقمية في ضوء القواعد الفقهية.
• الكشف عن ضوابط وشروط استخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى.
• استشراف مستقبل الإفتاء في ظل التقدم التكنولوجي.
• تقديم توصيات فقهية لضمان ضبط التقنية ضمن الإطار الشرعي.
أهمية البحث:
• بيان الموقف الشرعي من توظيف الذكاء الاصطناعي في الفتوى.
• توجيه المجتمع لاستخدام الذكاء الاصطناعي بأمان فقهي.
• تقديم تصور مستقبلي يراعي الأصول الفقهية والضوابط العلمية.
• تعزيز الوعي بضوابط الإفتاء في ظل التحولات التقنية.
منهج البحث:
• المنهج الاستقرائي: لنتبع الأقوال والفتاوى الحديثة.
• المنهج التحليلي: لتحليل النماذج القائمة من روبوتات الفتوى.
• المنهج المقارن: للموازنة بين الفتوى البشرية والرقمية.
•المنهج التأصيلي: لإبراز القواعد الفقهية المؤصلة للموضوع.
الدراسات السابقة:
• الذكاء الاصطناعي من منظور شرعي – مجمع الفقه الإسلامي (٢٠٢٣م).
• الروبوت المفتي دراسة أخلاقية معاصرة، مجلة العلوم الشرعية السعودية (۲۰۲۲م).
•الذكاء الاصطناعي وتحديات الفتوى بحث منشور في مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية (٢٠٢٤م).
خطة البحث:
اقتضت طبيعة البحث تقسيمه إلى أربعة مباحث يسبقهما مبحث تمهيدي، وذيلت البحث بخاتمة ذكرت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها وأبرز التوصيات.
المبحث التمهيدي
تطور الفنوى والذكاء الاصطناعي عبر العصور
المطلب الأول: الفتوى في اللغة.
المطلب الثاني: الفتوى في الشرع.
المطلب الثالث: نشأة الفتوى وتطورها التاريخي.
المطلب الرابع: الذكاء الاصطناعي.
المطلب الخامس: أنواع الذكاء الاصطناعي.
المطلب السادس: نشأة الذكاء الاصطناعي وتطوره التاريخي.
بحث مستقبل الفتوى في عصر الذكاء الاصطناعي
بقلم:
أد / مظهر أحمد عمر حسن الراغب
أستاذ الفقه العام بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة – جامعة الأزهر ١٤٤٧هـ / ٢٠٢٥م