الاجتهاد: تختلف قيمة الإبداع حسب درجه الإبداع ومقدار الاستفادة من كلمات أو اشارات السابقين وحسب حجم الإبداع وحسب أهمية الإبداع، ومدى الآثار المترتّبة عليه فقهياً أو مدى الانعكاس في الواقع الحياتي للناس. وتراث الشهيد الصدر (قدس سره) الفقهي حافل بألوان عديدة من الإبداع والتجديد،
من ذلك:
أوّلاً ـ تقديمه اطروحة البنك اللاربوي في الاسلام ، وهي اطروحة جديدة تعبّر عن فتح كبير، وفي الوقت نفسه اشتملت في داخلها على جملة ابتكارات موضعية مهمة.
ولا شك بأنّ ابتكار مجموعة مترابطة من الأحكام ضمن إطار موحّد أهمّ بكثير من تقديم حلّ الاستفتاء في مسألة واحدة مستحدثة، هذا من ناحية، ومن ناحية اُخرى هناك حيثية خطيرة وهي أنّ معالجة المسائل المستحدثة غالباً لا يعدو أن يكون عملية ترقيعية ومعالجة موضعية في حدود ضيّقة .
أمّا إذا تمت هذه المعالجة في إطار منظومة شاملة فستكون المعالجة أكثر إتقاناً وإحكاماً ، وهذا ماصنعه الشهيد الصدر في كتابه ( البنك اللاربوي في الاسلام )، بل أنّه تعدّى ذلك إلى إثارة حيثية اُخرى في طول الحيثية الاُولى، وهي إنّنا نكرّر السؤال مرّة اُخرى بالنسبة لهذه الاطروحة، فهل أنّها لا تعدو أن تكون عملية ترقيع في كيان تشريعي أكبر أو لا؟
فقد ميّز (قدس سره) بين حالتين: حالة من يقدّم اطروحة ضمن واقع اسلامي سليم ، وحالة من يقدّم اطروحة ضمن واقع غير إسلامي .
قال: « أودّ لدى محاولة التخطيط لاطروحة البنك اللاربوي أن اُشير إلى نقطة أساسية في هذه المحاولة، وهي: أنّنا يجب أن نميز بصورة جوهرية بين الموقفين التاليين :
أ ـ موقف من يريد أن يخطط لبنك لا ربوي ضمن تخطيط شامل للمجتمع، أي بعد أن يكون قد تسلم زمام القيادة الشاملة لكلّ مرافق المجتمع، فهو يضع للبنك اطروحته الاسلامية كجزء من صورة اسلامية كاملة وشاملة للمجتمع كلّه .
ب ـ وموقف من يريد أن يخطط لإنشاء بنك لا ربوي بصورة مستقلة عن سائر جوانب المجتمع، أي مع افتراض استمرار الواقع الفاسد والاطار الاجتماعي اللااسلامي للمجتمع ، وبقاء المؤسسات الربوية الاُخرى من بنوك وغيرها، وتفشي النظام الرأسمالي مضمونا وروحا في الحياة الاقتصادية والحياة الفكرية والخلقية للناس .
إنّ هذين الموقفين يختلفان اختلافا أساسيا . . إذ على مستوى الموقف الأوّل يطبق حكم الاسلام بتحريم الربا على البنك ضمن تطبيق شامل للنظام الاسلامي كلّه، وبذلك يؤتى تحريم الربا في مجال التطبيق كلّ ثماره المرجوّه، ولا يخلق مضاعفات، ويساهم مع باقي أجزاء النظام الاسلامي في تحقيق الأهداف الرئيسية التي يتوخّاها الاسلام في تنظيمه الاجتماعي .
وقد قلنا في كتاب « اقتصادنا »: إنّ النظام الاسلامي كلّ مترابط الأجزاء ، وتطبيق كلّ جزء يهي ء إمكانيات النجاح للجزء الآخر في مجال التطبيق ، ويساعده على أداء دوره الاسلامي المرسوم .
وأمّا على مستوى الموقف الثاني ؛ فإنّ تحريم الربا سوف يطبق على بنك خاص بينما يبقي غير مطبق على سائر المؤسسات النقدية والمالية الاُخرى، ويبقى كثير من جوانب النظام الاسلامي معطلاً في واقع الحياة . . وهذه التجزية في مقام التطبيق سوف لن تسمح للتطبيق الجزئي المحدود لفكرة تحريم الربا أن يؤتي كلّ ثماره ، ويحقق نفس الأهداف والمكاسب التي بإمكانه أن يحققها لو وضع ضمن تطبيق شامل للنظام الاسلامي كلّه .
ولكن هذا لا يشكّل عذراً عن التطبيق الشرعي حيث يمكن ؛ لأنّ كلّ حكم من أحكام الاسلام واجب التطبيق على أي حال ، سواء طبّقت الأحكام الاُخرى أم لا . وتطبيق كلّ حكم يقرب المجتمع نحو إمكانية التطبيق الشامل للشريعة المقدسة .
وهكذا نعرف أنّ الشخص الذي يتاح له الموقف الأوّل يمكنه أن يصوغ اطروحة البنك اللاربوي بشكل ينطبق على أحكام الشريعة الاسلامية نصا وروحاً، ويساهم في تحقيق الأهداف الرئيسية التي يتوخّاها الاقتصاد الاسلامي، من توازن اجتماعي، وعدالة في التوزيع ، وغير ذلك ، ولا يمني بتناقض بين اطروحة البنك اللاربوي ، وباقي جوانب المجتمع .
ذلك لأنّ الموقف الأوّل يعني أن تنظم كلّ جوانب المجتمع على أساس الاسلام ، ومع وحدة الأساس للتنظيم الاجتماعي في كلّ المجالات لا يبقى مجال للتناقض أو نشؤ المضاعفات . . إلاّ تلك المضاعفات التي قد تنشأ عن ضغوط المجتمعات الاُخرى الربوية التي تعايش المجتمع الاسلامي .
وعلى العكس من ذلك من فرض عليه الموقف الثاني . . لأنّه موقف ضيق بطبيعته، إذ تفرض عليه الأرضية والإطار بصورة مسبقة، وهذا يجعل اطروحة البنك اللاربوي غير مرنة ولا حرة في اتخاذ أفضل صيغة لها من الناحية الاسلامية ، بل إنّها مضطرة إلى اتخاذ صيغة صالحة للعيش والحركة ضمن ذلك الاطار والأرضية ، وقادرة على معاصرة البنوك الاُخرى التي تواصل نشاطها الربوي حتى بعد قيام البنك اللاربوي المزمع ايجاده » (1).
ثمّ شرع في بيان سياسة الاطروحة المقترحة، فقال : « وحديثنا الآن عن اطروحة البنك اللاربوي المقترحة يجب أن يكون بروح الموقف الثاني ؛ لأنّ المفترض بقاء الواقع كما هو من سائر نواحيه . . الاقتصادية ، والاجتماعية ، والفكرية والسياسية ، ولو كنّا نعالج الموضوع بروح الموقف الأوّل لكان لنا حديث غير هذا الحديث .
وروح الموقف الثاني تفرض علينا أن نفتش عن صيغة شرعية معقولة للبنك اللاربوي، ولكي تكون الصيغة المقترحة كذلك يجب أن تتوفر فيها عناصر ثلاثة :
الأوّل : أن لا يكون البنك المقترح مخالفا لأحكام الشريعة الاسلامية .
الثاني : أن يكون البنك قادرا على التحرك والنجاح في الجو الفاسد للواقع المعاش أي أن لا تخلق صيغته الاسلامية فيه تعقيداً وتناقضاً شديداً مع واقع المؤسسات الربوية الرأسمالية وجوّها الاجتماعي العام بالدرجة التي تشلّه عن الحركة والحياة . .
نقول هذا فعلاً ، بينما لم يكن هذا التناقض الشديد ليشكل خطراً على البنك اللاربوي لو اُتيح لنا الموقف الأوّل ، إذ نستأصل حينئذٍ كلّ المؤسسات الربوية ونجتث كلّ جذورها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية . وهكذا نعرف أن الصعوبة لا تكمن في إعطاء صيغة اسلامية لا ربوية للبنك ، بل في إعطائه هذه الصيغة مع افتراض أن يعيش ضمن الواقع الفاسد ومؤسساته المختلفة.
الثالث : أن تمكّن الصيغة الاسلامية البنك اللاربوي لا من النجاح كمؤسسة تجارية تتوخّى الربع فحسب، بل لابد للبنك اللاربوي هذا أن يكون قادراً ضمن تلك الصيغة على النجاح بوصفه بنكاً، أي أن يؤدي في الحياة الاقتصادية نفس الدور الذي تقوم به البنوك فعلاً، من تجميع رؤوس الأموال العاطلة ودفعها إلى مجال الاستثمار والتوظيف على أيدي الأكفاء من رجال الأعمال، وتمويل القطاعات التجارية والصناعية والقطاعات الاُخرى بما تحتاجه من المال، وتكثير وسائل الدفع التي تعوّض عن العملة وتساهم في اتساع حركة التبادل ونشاطها من شيكات ( صكوك ) وغيرها.
وإضافة إلى ذلك، لابد للبنك لكي ينجح باعتباره بنكاً في بلد من البلاد النامية أن يؤدي دوراً طليعياً في تنمية اقتصاد البلد الذي يشكّل النبك جهازا من أجهزته المالية الحساسة، وأن يساهم مساهمة فعّالة في تطوير الصناعة في ذلك البلد ودفعها إلى الأمام .
نستخلص من ذلك، أنّ سياسة البنك اللاربوي المقترح يجب أن توضع على ثلاثة اُسس :
أوّلاً : أن لا يخالف أحكام الشريعة المقدسة .
ثانياً : أن يكون قادرا على الحركة والنجاح ضمن إطار الواقع المعاش بوصفه مؤسسة تجارية تتوخّى الربح .
ثالثاً : أن تمكّنه صيغته الاسلامية من النجاح بوصفه بنكاً، ومن ممارسة الدور الذي تتطلبه الحياة الاقتصادية والصناعية والتجارية من البنوك، وما تتطلبه ظروف الأقتصاد النامي والصناعة الناشئة من ضرورة التدعيم والتطوير .
وعلى ضؤ هذه السياسة، سوف نتحدث عن الاطروحة المقترحة للبنك دون أن نتقيّد بحصر نشاط البنك المقترح في نطاق الدائرة التقليدية لنشاطات البنوك التجارية (بنوك الخصم والودائع)، أو الدائرة التقليدية لنشاطات بنوك التخصص (بنوك العمّال)، أو أي دائرة اُخرى محدودة من هذا القبيل، بل إنّنا سوف نفكر في أي نشاط يمكن أن يقوم به البنك، إذا كان منسجما مع الأسس الثلاثة المتقدمة، سواء كان هذا النشاط من اختصاص هذه الدائرة أو تلك . . » (2).
ثانيا ـ اطروحته حول شكل وطبيعة دستور الدولة الاسلامية التي قدّمها في كتابه (لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الاسلامية)، بل بعض حلقات سلسلة (الاسلام يقود الحياة)، وهذه الاطروحات تتضمّن أيضاً إبداعات جزئية.
ثالثا ـ اطروحته في اكتشاف المذهب الاقتصادي في الاسلام ، وهي من أروع ما كتب إلى الآن ، وهذه الاطروحة حاشدة بالابداعات الضمنية ومفعمة بالاجتهادات في المسائل الجزئية .
رابعا ـ إفتاؤه بطهارة أصحاب العقائد المنحرفة من المسلمين رغم كفرهم ، قال: « من ينسب نفسه إلى الاسلام ويعلن في نفس الوقت عقائد دينية اُخرى تتعارض مع شروط الاسلام شرعاً، وذلك كالغلاة الذين يشهدون الشهادتين ولكنهم يغالون في بعض الأنبياء أو الاولياء من أهل البيت (عليهم السلام) أو غيرهم غلوّاً يتعارض مع الاسلام، وكذلك النواصب الذين ينصبون العداء لأهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً؛ فإنّ هؤلاء الغلاة والنواصب كفّار ولكنهم طاهرون شرعاً ما داموا ينسبون أنفسهم إلى الاسلام » (3).
خامسا ـ بيانه لثبوت الهلال وتشريحه لذلك بنحو لم يُعهد ممّن قبله ، قال (قدس سره) : « شهر رمضان وشعبان من الشهور القمرية وهي تتكوّن تارة من تسعة وعشرين يوما واُخرى من ثلاثين يوما حسب طول الدورة الاقترانية للقمر وقصرها، وهي دورة القمر حول الأرض، حيث إنّ القمر يتحرك حول الأرض من المغرب إلى المشرق، وهو كالأرض نصفه يواجه الشمس، فيكون نيّرا ويكون الوقت في المناطق الواقعة فيه نهارا ونصفه الآخر لا يقابل الشمس فيكون مظلما، ويكون الوقت في المناطق الواقعة فيه ليلاً،
فإذا ما دار القمر حلّ الليل في المناطق التي كانت في النصف النير وطلع النهار في المناطق التي كانت في النصف المظلم ، والقمر أثناء دورته هذه حول الأرض تارة يصبح في موضع بين الأرض والشمس على صورة يكون مواجها بموجبها للأرض بوجهه المظلم ومختفيا عنها بوجهه المنير اختفاءً كاملاً، واُخرى يصبح في موضع على نحو تكون بينه وبين الشمس، وثالثة يكون بين هذين الموضعين
وحينما يكون القمر في الموضع الواقع بين الأرض والشمس على النحو الذي وصفناه لا يمكن أن يرى منه شيء وهذا هو المحاق، ثمّ يتحرك عن هذا الموضع فتبدو لنا حافة النصف أو الوجه المضيء المواجه للشمس وهذا هو الهلال، ويعتبر ذلك بداية الحركة الدورية للقمر حول الأرض وتسمى بالحركة الاقترانية ؛ لأنّ بدايتها تقدر من حين اقتران القمر بالأرض والشمس وتوسطه بينهما على النحو الذي وصفناه وابتداؤه يتجاوز هذه النقطة .
وكلما بعد القمر عن موضع المحاق زاد الجزء الذي يظهر لنا من وجهه أو نصفه المضاء ولا يزال الجزء المنير يزداد حتى يواجهنا النصف المضاء بتمامه في منتصف الشهر ويكون القمر إذ ذاك بدرا وتكون الأرض بينه وبين الشمس، ثمّ يعود الجزء المضي ء إلى التناقص حتى يدخل في دور المحاق، ثمّ يبدأ دورة اقترانية جديدة وهكذا.
وعلى هذا الأساس تعتبر بداية الشهر القمري الطبيعي عند خروج القمر من المحاق وابتدائه بالخروج عن حالة التوسط بين الأرض والشمس ، وابتداؤه بالخروج هذا يعني أنّ جزءا من نصفه المضي ء سيواجه الأرض وهو الهلال ، وبذلك كان الهلال هو المظهر الكوني لبداية الشهر القمري الطبيعي .
وظهور الهلال في أوّل الشهر يكون عند غروب الشمس ويرى فوق الاُفق الغربي بقليل ولا يلبث غير قليل فوق الاُفق ثمّ يختفي تحت الاُفق الغربي، ولهذا لا يكون واضح الظهور وكثيرا ما تصعب رؤيته، بل قد لا يمكن أن يرى بحال من الأحوال لسبب أو لآخر ، كما إذا تمت مواجهة ذلك الجزء المضي ء من القمر للأرض ثمّ غاب واختفى تحت الاُفق قبل غروب الشمس، فإنّه لا تتيسر حينئذٍ رؤيته ما دامت الشمس موجودة ، أو تواجد بعد الغروب ولكن كانت مدة مكثه بعد غروب الشمس قصيرة جدا بحيث يتعذر تمييزه من بين ضؤ الشمس الغاربة القريبة منه، أو كان هذا الجزء النير المواجه للأرض من القمر ( الهلال ) ضئيلاً جدا لقرب عهده بالمحاق إلى درجة لا يمكن رؤيته بالعين الاعتيادية للإنسان ، ففي كلّ هذه الحالات تكون الدورة الطبيعية للشهر القمري قد بدأت على الرغم من أنّ الهلال لا يمكن رؤيته .
ولكن الشهر القمري الشرعي في هذه الحالات التي لا يمكن فيها رؤية الهلال لا يبدأ تبعا للشهر القمري الطبيعي بل يتوقف ابتداء الشهر القمري الشرعي على أمرين :
أحدهما: خروج القمر من المحاق وابتداؤه بالتحرك بعد أن يصبح بين الأرض والشمس، وهذا يعني مواجهة جزء من نصفه المضي ء للأرض .
والآخر : أن يكون هذا الجزء مما يمكن رؤيته بالعين الاعتيادية المجردة .
وعلى هذا الأساس قد يتأخر الشهر القمري الشرعي عن الشهر القمري الطبيعي ، فيبدأ هذا ليلة السبت مثلاً ولا يبدأ ذاك إلاّ ليلة الأحد ، وذلك في كلّ حالة خرج فيها القمر من المحاق ، ولكن الهلال كان على نحو لا يمكن أن يرى .
والشهر القمري الطبيعي ـ كما مرّ ـ قد يكون كاملاً يتكون من ثلاثين يوما، وقد يكون ناقصا يتكون من تسعة وعشرين يوما ، ولا يكون ثمانية وعشرين يوما ولا واحدا وثلاثين يوما بحال من الأحوال .
وأمّا الشهر القمري الشرعي فهو أيضا قد يكون ثلاثين يوما، وقد يكون تسعة وعشرين يوما، ولا يكون أقل من هذا ولا أكثر من ذاك.
وقد تقول : إنّ الشهر القمري الشرعي قد يتأخر ليلة عن الشهر القمري الطبيعي كما تقدم ، وأنّ الشهر القمري الطبيعي قد يكون تسعة وعشرين يوما كما مرّ ، وهذان الافتراضان إذا جمعناهما في حالة واحدة أمكننا أن نفترض شهرا قمريا طبيعيا ناقصا بدأ ليلة السبت وتأخّر عنه الشهر القمري الشرعي يوما فبدأ ليلة الأحد نظرا إلى أنّ الهلال في ليلة السبت لم يكن بالإمكان رؤيته ، وفي هذه الحالة نلاحظ أنّ الشهر القمري الشرعي قد يكون ثمانية وعشرين يوما ، وذلك لأنّ الشهر القمري الطبيعي بحكم افتراضه ناقصا سينتهي في تسعة وعشرين يوما ويهل هلال الشهر التالي في ليلة الأحد بعد مضي تسعة وعشرين يوما ، وقد يكون هذا الهلال في ليلة الأحد ممكن الرؤية فيبدأ الشهر القمري التالي طبيعيا وشرعيا في هذه الليلة ، ونتيجة ذلك أن يكون الشهر القمري الشرعي الأوّل مكونا من ثمانية وعشرين يوما؛ لأنّه تأخّر عن الشهر القمري الطبيعي الناقص يوما وانتهى بنهايته .
والجواب : أنّ في حالة من هذا القبيل تعتبر بداية الشهر القمري الشرعي الأوّل من ليلة السبت على الرغم من عدم رؤية الهلال لكي لا ينقص الشهر الشرعي عن تسعة وعشرين يوما ، وبهذا أمكن القول أنّ الشهر القمري الشرعي يبدأ في الليلة التي يمكن أن يرى في غروبها الهلال لأوّل مرة بعد خروجه من المحاق أو في الليلة التي لم ير فيها الهلال كذلك ولكن رؤي هلال الشهر اللاحق في ليلة الثلاثين من تلك الليلة (4).
وامكان الرؤية هو المقياس لا الرؤية نفسها فقد لا تتحقق الرؤية لعدم ممارسة الاستهلال أو لوجود غيم ونحو ذلك غير أنّ الهلال موجود بنحو يمكن رؤيته لولا هذه الظروف الطارئة فيبدأ الشهر الشرعي بذلك وبكلمة أنّ وجود حاجب يحول دون الرؤية كالغيم والضباب لا يضرّ بالمقياس ؛ لأنّ المقياس إمكان الرؤية في حالة عدم وجود حاجب من هذا القبيل .
ولا وزن للرؤية المجهرية وبالأدوات والوسائل العلمية المكبّرة ، وإنّما المقياس إمكان الرؤية بالعين الاعتيادية المجردة ، وتلك الوسائل العلمية يحسن استخدامها كعامل مساعد على الرؤية المجردة وممهد لتركزيها .
وقد تختلف البلاد في رؤية الهلال فيرى في بلد ولا يرى في بلد آخر فما هو الحكم الشرعي ؟
والجواب : أنّ هذا الاختلاف يشتمل على حالتين :
الاُولى : أن يختلف البلدان لسبب طارئ كوجود غيم أو ضباب ونحو ذلك ، وفي هذه الحالة لا شك في أنّ الرؤية في أحد البلدين تكفي بالنسبة إلى البلد الآخر ؛ لأنّ المقياس كما تقدم هو إمكان الرؤية لا الرؤية نفسها وإمكان الرؤية هكذا ثابت في البلدين معا ولا يضر به وجود حاجب في أحد البلدين يمنع عن الرؤية فعلاً كغيم ونحوه كما تقدم .
الثانية : أن يختلف البلدان اختلافا أساسيا لتغايرهما في خطوط الطول أو تغايرهما في خطوط العرض على نحو يجعل الرؤية في أحدهما ممكنة وفي الآخر غير ممكنة بذاتها وحتى بدون غيم وضباب وذلك يمكن افتراضه في صورتين :
إحداهما : أن يكون هذا التفاوت بسبب اختلاف البلدين في خطوط الطول على نحو يكون الغروب في أحد البلدين قبل الغروب في البلد الآخر بمدة طويلة ،
وبيان ذلك : إنّنا عرفنا سابقا أنّ القمر بعد خروجه من المحاق ومواجهة جزء من نصفه النير للأرض يظل هذا الجزء النير يزداد وكلما ابتعد عن المحاق اتسع وازداد ونضيف إلى ذلك أنّ الليلة ـ أيّ ليلة ـ تسير تدريجيا بحكم كروية الأرض من المشرق إلى المغرب فتغرب الشمس في بلد بعد غروبها في بلد آخر بدقائق أو ساعات حسب موقع البلدين في خطوط الطول ، والغروب في كلّ خط يسبق الغروب في الخط الواقع في غربه ويتأخر عن الغروب في الخط الواقع في شرقه فقد تغرب الشمس في بلد كالعراق مثلاً ، ويكون القمر قد خرج من المحاق ، ولكن الهلال لا يمكن رؤيته لضآلته مثلاً غير أنّه يصبح بعد ساعات ممكن الرؤية ؛ لأنّ الجزء النير من القمر يزداد كلما بعد عن المحاق فحين تغرب الشمس في بلد يقع في غرب العراق بعد ساعات عديدة يكون بالإمكان رؤية الهلال .
والصورة الاُخرى : التي يكون الهلال بموجبها ممكن الرؤية في أحد البلدين دون الآخر أن نفترض البلدين واقعين على خط طول واحد ، بمعنى أنّ الغروب فيهما يحدث في وقت واحد ولكنهما مختلفان في خطوط العرض فأحدهما أبعد عن الآخر عن خط الاستواء ،
ونحن نعلم أنّ طول النهار وقصره يتأثر بخطوط العرض فالنهار الواحد والليل الواحد يكون في بعض المناطق أطول منه في بعضها تبعا لما تقع عليه من خطوط العرض ويختلف بسبب ذلك أيضا في الغالب طول مكث الهلال في تلك المناطق ، إذ يمكث في بعضها أطول مما يمكث في بعضها الآخر ، فاذا افترضنا أنّ مكثه في أحد هذين البلدين كان قصيرا جدا على نحو لا يمكن رؤيته ومكثه في البلد الآخر كان طويلاً نسبيا نتج عن ذلك اختلاف البلدين في إمكان الرؤية .
وقد يتميز بلد عن بلد آخر في إمكان الرؤية على أساس كلا الاعتبارين السابقين بأن نفترض أنّه واقع في خط طول غربي بالنسبة إلى البلد الآخر وواقع أيضا على خط عرض آخر يتيح للهلال مكثا أطول .
وهكذا نلاحظ أنّ البلاد قد تختلف في إمكان الرؤية وعدم إمكانها فهل يكون الشهر القمري في كلّ منطقة من الأرض مرتبطا بامكان الرؤية فيها بالذات فيكون لكلّ اُفق شهره القمري الخاص فيبدأ في هذا الاُفق الغربي في ليلة متقدمة وفي اُفق شرقي في ليلة متأخرة أو أنّ الشهر القمري له بداية واحدة بالنسبة إلى الجميع فاذا رؤي الهلال في جزء من العالم كفى ذلك للآخرين ؟
وبكلمة اُخرى : هل حلول الشهر القمري الشرعي أمر نسبي يختلف فيه اُفق عن اُفق ـ فيكون من قبيل طلوع الشمس فكما أنّ الشمس قد تطلع في سماء بغداد ولا تطلع في سماء دمشق فيكون الطلوع بالنسبة إلى بغداد ثابتا والطلوع بالنسبة إلى دمشق غير متحقق كذلك بداية الشهر القمري الشرعي ـ أو أنّ حلول الشهر القمري الشرعي أمر مطلق وظاهرة كونية مستقلة لا يمكن أن يختلف باختلاف البلاد ؟
وتوجد لدى الجواب على هذا السؤال في مجال البحث الفقهي نظرية تؤكد على الافتراض الثاني وتقول : بأنّ حلول الشهر لا يمكن أن يكون نسبيا ، وأن يكون لكلّ منطقة شهرها القمري الخاص ، وأنّ من الخطأ قياس ذلك على نسبية الطلوع التي تجعل لكلّ منطقة طلوعها الخاص ، وذاك لأنّ طلوع الشمس عبارة عن مواجهة هذا الجزء من الأرض أو ذلك الشمس ، ولمّا كانت الشمس تواجه أجزاء الأرض بالتدريج بحكم كرويتها وحركتها ـ أي الأرض ـ حول نفسها ، فمن الطبيعي أن يكون الطلوع نسبيا فتطلع الشمس على هذا الجزء من الأرض قبل ذاك .
وأمّا بداية الشهر القمري فهي بخروج القمر من المحاق أي ابتدائه بالتحرك بعد أن يتوسط بين الشمس والأرض ، وهذه ظاهرة كونية محددة تعبّر عن موقع جرم القمر من جرمي الشمس والأرض ، ولا تتأثر بهذا الجزء من الأرض أو ذاك ، فلا معنى لافتراض النسبية هنا وللقول بأنّ الشهر يبدأ بالنسبة إلى هذا الجزء من الأرض في ليلة السبت وبالنسبة إلى ذلك الجزء في ليلة الأحد .
وهذه النظرية ليست صحيحة من الناحية المنهجية ؛ لأنّها تقوم على أساس عدم التمييز بين الشهر القمري الطبيعي والشهر القمري الشرعي ، فإنّ الشهر القمري الطبيعي يبدأ بخروج القمر من المحاق ولا يتأثر بأي عامل آخر ، ولمّا كان خروج القمر من المحاق قد يؤخذ كظاهرة كونية محددة لا تتأثر بهذا الموقع أو ذاك ، فلا معنى حينئذٍ لافتراض النسبية فيه (5)،
وأمّا الشهر القمري الشرعي فبدايته تتوقف على مجموع عاملين :
أحدهما : كوني وهو الخروج من المحاق ، والآخر : أن يكون الجزء النير المواجه للأرض ممكن الرؤية ، وإمكان الرؤية يمكن أن نأخذه كأمر نسبي يتأثر باختلاف المواقع في الأرض ، ويمكن أن نأخذه كأمر مطلق محدد لا يتأثر بذلك ، وذلك لأنّنا إذا قصدنا بإمكان الرؤية إمكان رؤية الانسان في هذا الجزء من الأرض ،
وفي ذاك كان أمرا نسبيا وترتب على ذلك أنّ الشهر القمري الشرعي يبدأ بالنسبة إلى كلّ جزء من الأرض إذا كانت رؤية هلاله ممكنة في ذلك الجزء من الأرض فقد يبدأ بالنسبة إلى جزء دون جزء ، وإذا قصدنا بإمكان الرؤية إمكان الرؤية ولو في نقطة واحدة من العالم فمهما رؤي في نقطة بدأ الشهر الشرعي بالنسبة إلى كلّ نقاط كان أمرا مطلقا لا يختلف باختلاف المواقع على الأرض.
وهكذا يتضح أنّ الشهر القمري الشرعي لمّا كان مرتبطا اضافة إلى الخروج من المحاق بإمكان الرؤية وكانت الرؤية ممكنة أحيانا في بعض المواضع دون بعض كان من المعقول أن تكون بداية الشهر القمري الشرعي نسبية .
فالمنهج الصحيح للتعرف على أنّ بداية الشهر القمري هل هي نسبية أو لا ؟ الرجوع إلى الشريعة نفسها التي ربطت شهرها الشرعي بإمكان الرؤية لنرى أنّها هل ربطت الشهر في كلّ منطقة بامكان الرؤية في تلك المنطقة أو ربطت الشهر في كلّ المناطق بإمكان الرؤية في أي موضع كان ؟
والأقرب على أساس ما نفهمه من الأدلة الشرعية هو الثاني، وعليه فاذا رؤي الهلال في بلد ثبت الشهر في سائر البلاد » (6).
سادسا ـ عند توضيحه للطريق الثاني من طرق ثبوت الهلال قال (قدس سره) : « اتضح أنّ بداية الشهر القمري الشرعي تتوقف على أمرين : خروج القمر من المحاق وكون الهلال ممكن الرؤية بالعين الاعتيادية المجردة في حالة عدم وجود حاجب ، والآن نريد أن نوضح كيف يمكن إثبات هذين الأمرين وإحرازهما بطريقة صحيحة شرعا .
إنّ إثبات ذلك يتم بأحد الطرق التالية :
الأوّل : الرؤية المباشرة بالعين الاعتيادية المجردة فعلاً لأنّ رؤية الهلال فعلاً تثبت للرائي أنّ القمر قد خرج من المحاق وأنّ بالإمكان رؤيته وإلاّ لما رآه فعلاً .
الثاني : شهادة الآخرين برؤيتهم ، فإذا لم يكن الشخص قد رأى الهلال مباشرة ولكن شهد الآخرون برؤيتهم له كفاه ذلك إذا توفرت في هذه الشهادة أحد الأمرين التاليين :
أوّلاً : كثرة العدد ، وتنوّع الشهود على نحو يحصل التواتر أو الشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان ، فاذا كثر العدد ولم يحصل العلم أو الاطمئنان من أجل منشأ معقول لم يثبت الهلال ، فالكثرة العددية عامل مساعد على حصول اليقين ولكنها ليست كلّ شيء في الحساب بل ينبغي للفطن أن يدخل في الحساب كلّ ما يلقي ضؤا على مدى صدق الشهود أو كذبهم أو خطأهم ،
ونذكر الأمثلة التالية على سبيل التوضيح :
1 ـ إذا اُحصي أربعون شاهدا بالهلال من بلدة واحدة فقد يكون تواجدهم جميعا في بلدة واحدة يعزز شهادتهم ، بينما إذا اُحصي أربعون شاهدا من أربعين بلدة استهل أبناؤها فشهد واحد من كلّ بلدة لم يكن لهم نفس تلك الدرجة من الإثبات ، والسبب في ذلك أن تواجد أربعين شخصا على خطأ في مجموعة المستهلّين من بلدة واحدة أمر بعيد نسبيا ، بينما تواجد شخص واحد على خطأ في مجموعة المستهلّين من كلّ بلد أقرب احتمالاً .
2 ـ وفي نفس الحالة السابقة قد يصبح الأمر على العكس ، وذلك فيما إذا كانت تلك البلدة التي شهد من أهاليها أربعون شخصا واقعة تحت تأثير ظروف عاطفية غير موجودة في المدن الاُخرى .
3 ـ وكما ينبغي أن يلحظ الشهود بالإثبات كذلك يلحظ نوع وعدد المستهلّين الذين استهلّوا وعجزوا عن رؤية الهلال ، فكلما كان عدد هؤلاء الذين عجزوا عن الرؤية كبيرا جدا ومتواجدا في آفاق نقية صالحة للرؤية وقريبة من مواضع شهادات الشهود شكل ذلك عاملاً سلبيا يدخل في الحساب .
4 ـ ونوعية الشهود لها أثر كبير إيجابا وسلبا على تقرير النتيجة ، ففرق بين أربعين شاهدا يعرف مسبقا أنّهم لا يتورعون عن الكذب وأربعين شاهدا مجهولي الحال وأربعين شاهدا يعلم بوثاقتهم بدرجة واُخرى .
5 ـ قد تتّحد مجموعة من الشهادات ، في المكان بأن يقف عدد المستهلّين في مكان مشرف على الاُفق فيرى أحدهم الهلال ثمّ يهدي الآخر إلى موضعه فيراه ثمّ يهتدي الثالث إليه وهكذا، وفي مثل ذلك تتعزز هذه الشهادات؛ لأنّ وقوعها كلّها فريسة خطأ واحد في نقطة معينة من الاُفق بعيد جدا، وقدرة المشاهد الأوّل على إراءة فقه أهل البيت (عليهم السلام) ما رآه تعزز الثقة بشهادته .
6 ـ التطابق العفوي في النقاط التفصيلية بين الشهود بأن يشهد عدد من الأشخاص المتفرقين من بلدة واحدة ويعطي كلّ منهم نقاطا تطابق النقاط التي يعطيها الآخر من قبيل أن يتفقوا على زمان رؤية الهلال وزمان غروبه عن أعينهم ، فإنّ ذلك عامل مساعد على حصول اليقين .
7 ـ ينبغي أن يلحظ أيضا مدى ما يمكن استفادته من استخدام الوسائل العلمية الحديثة من الأدوات المقربة والرصد المركز ، فإنّ رؤية الهلال بهذه الوسائل وإن لم تكن كافية لإثبات الشهر ولكن إذا افترضنا أنّ التطلع إلى الاُفق رصديا لم يتح رؤية الهلال، فهذا عامل سلبي يزيل من نفس الإنسان الوثوق بالشهادات ولو كثرت، إذ كيف يرى الناس بعيونهم المجردة ما عجز الرصد عن رؤيته؟ !
8 ـ بل يدخل في الحساب أيضا التنبؤ العلمي المسبق بوقت خروج القمر من المحاق، فإنّه إذا حدد وقتا وادعى الشهود الرؤية قبل ذلك الوقت كان التحديد العلمي المسبق عاملاً سلبيا يضعف من تلك الشهادات، فإنّ احتمال الخطأ في حسابات النبؤة العلمية وإن كان موجودا ولكنه قد لا يكون أبعد أحيانا عن احتمال الخطأ في مجموع تلك الشهادات أو على الأقل لا يسمح بسرعة حصول اليقين بصواب الشهود في شهادتهم .
ثانيا : تواجد البينة في الشهود .
والبينة على الهلال تكتمل إذا توفر ما يلي :
1 ـ أن يشهد شاهدان رجلان عدلان برؤية الهلال فلا تكفي شهادة الرجل الواحد ولا النساء وإن كنّ عادلات .
2 ـ أن لا يقع اختلاف بين الشاهدين في شهادتهما على نحو يعني أنّ ما يفترض أحد الشاهدين أنّه رآه غير ما رآه الآخر .
3 ـ أن لا تتجمع قرائن قوية تدل على كذب البينة أو وقوعها في خطأ ، ومن هذه القرائن أن ينفرد إثنان بالشهادة من بين جمع كبير من المستهلّين لم يستطيعوا أن يروه مع اتجاههم جميعا إلى نفس النقطة التي اتجه إليها الشاهدان في الاُفق وتقاربهم في القدرة البصرية ونقاء الاُفق وصلاحيته العامة للرؤية ، وهذا معنى قولهم (عليهم السلام) : « إذا رآه واحد رآه مئة » (7).
سابعا ـ إفتاؤه بحصر حرمة استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب دون سائر الاستعمالات (8).
ثامنا ـ إفتاؤه بأنّ المتنجس الثاني لا ينجّس (9).
وفي الختام، نرجو أن نكون قد وفِّقنا في كلمة هذا العدد لتسليط الضؤ على جانب من البعد الفقهي في مدرسة الشهيد الصدر المعطاءة سائلين المولى القدير التوفيق للاستمرار في هذه المحاولة وتطويرها إنّه سميع مجيب.
* رئيس تحرير مجلة فقه أهل البيت
الهوامش
(1)البنك اللاربوي في الإسلام :5 ـ 7. ط ـ دار التعارف للمطبوعات .
(2)المصدر السابق : 8 ـ 10.
(3)الفتاوى الواضحة : 319.
(4)وكذلك في الليلة التي لم ير فيها الهلال كذلك ولكن رؤي هلال الشهر الذي بعد اللاحق بعد مضي (75) يوما مع افتراض الشهر اللاحق (29) يوما وهكذا ، فمثلاً إذا ثبت أنّ رجب ثلاثون يوما بموجب اكمال العدة ثمّ ثبت أنّ شعبان (29) يوما ثمّ رؤي الهلال بعد مضي (28) يوما من رمضان فلابد أن نأخذ يوما من شعبان فيقع (28) يوما فنأخذ له يوما من رجب فيثبت أنّه كان ناقصا.
(5)وذلك إذا فسرنا المحاق بأنّه عبارة عن انطباق مركز القمر على الخط الواصل بين مركز الأرض ومركز الشمس على أساس أنّ هذا الانطباق هو الذي يحقق غيبة القمر عن كلّ أهل الأرض نظرا لأنّ حجم الأرض الصغير لا يتيح في هذه الحالة حتى لمن كان في أقصى الأرض أن يواجه شيئا من وجهه المضي ء ، فاذا كان المحاق هو الانطباق المذكور صحّ ما يقال من أنّه ليس نسبيا ، وأمّا إذا فسرنا المحاق بأنّه مواجهة الوجه المظلم بتمامه لمنطقة ما على الأرض فهذا أمر نسبي .
(6)الفتاوى الواضحة : 620 ـ 628
(7)الفتاوى الواضحة : 628 ـ 631.
(8)منهاج الصالحين ( الحكيم ) 1 : 176، التعليقة رقم (394) .
(9)الفتاوى الواضحة : 324ـ – 326
المصدر: مقال بعنوان (الشهيد الصدر .. الفقيه المجدِّد / بقلم الشيخ خالد الغفوري) مجلة فقه أهل البيت العدد العشرون