الاجتهاد: رسالة آية الله مكارم الشيرازي إلى مؤتمر الإمام الرضا العالمي: العدالة ضرورية لمواجهة الظلم المتفشي في العالم.
أرسل المرجع الديني آية الله مكارم الشيرازي “دام ظله” رسالة إلى المؤتمر العالمي للإمام الرضا (ع) الذي تم قراءته اليوم (الإثنين ١٣ / ٥ / ٢٠٢٤) في اجتماع هذا المؤتمر، شدد فيها على ضرورة وحاجة العالم اليوم إلى نشر العدالة ومنع الظلم.
وفي ما يلي نص رسالة سماحته:
بسم الله الرحمن الرحیم
قَالَ الإمام علی بن موسی الرضا علیه السلام: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي إِذَا أَحْسَنَ اسْتَبْشَرَ وَ إِذَا أَسَاءَ اسْتَغْفَرَ وَالْمُسْلِمُ الَّذِي يَسْلَمُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَأْمَنْ جَارُهُ بَوَائِقَه». / عيون أخبار الرضا علیه السلام، ج2، ص 24
أودّ في البداية أن أتقدم بالشكر والتقدير لجميع القائمين على المؤتمر العالمي لتكريم شخصية الإمام علي بن موسى الرضا (عليه آلاف التحية والثناء) والذي نظمته العتبة المقدسة الرضوية الموقرة، وأرجو أن يكون هذا التجمع ومثله خطوات مفيدة وفعالة على طريق التعرف على ونشر معارف أهل البيت (عليهم السلام) وخاصة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
إنّ العالم اليوم والعلاقات السائدة فيه وعدم المساواة الواضحة في التمتع بجميع الحقوق الإنسانية، وكذلك الظلم المتفشي للأقوياء والمستبدين على الضعفاء والمظلومين في العالم، هي أهم دليل وعلامة على حاجة العالم إلى السعي والعمل على نشر العدالة ومنع الظلم
اليوم لم يعد الظلم مستتراً بل أصبح واضحاً وجلياً للعيان، فحالة الشعب المظلوم في غزة، حيث تُنتهك أبسط حقوقهم الإنسانية وتُرتكب بحقهم شتى أنواع الجرائم، هي واحدة من أبشع وأوضح الأمثلة على الظلم في تاريخ البشرية.
إنّ أهمية العدل والابتعاد عن الظلم واحترام حقوق الإنسان من الأساسيات في دين الإسلام الحنيف ومذهب أهل البيت (عليهم السلام). فقد جعل الله تعالى أحد أهم مهام نبيه الكريم نشر العدل ومكافحة الظلم، حيث قال لنبيه: «وَاسْتَقِمْ کَما أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بما أَنزَلَ اللهُ مِن کتابٍ وأُمِرتُ لأعدِلَ بَینَکُم.” وكذلك قال: «و هذا کتابٌ مُصَدّق لِسَانًا عربیًّا لِیُنذِرَ الَّذِینَ ظَلَمُوا». وقد تم التأكيد على هذا الأمر في كل مكان في القرآن الكريم وفي كلمات المعصومين (ع) ، وتم تناوله بعناوين مختلفة، حتى أنه في كلام الإمام الثامن (ع) ، فإن معيار الإسلام هو عدم الظلم للناس والأقارب.
وإن كان قد قيل الكثير عن العدالة، إلا أنه يبدو أن موضوع العدالة كمثال أعلى للبشرية وحكومة الإمام المهدي (عج) والحوار حول حقيقة دعائمها ومكوناتها، خاصةً البحث والتحقيق الميداني حول معوقات نشر العدالة العامة ومكافحة الظالمين ومظاهر الظلم. مع التأكيد على المعارف السامية والنورانية للقرآن الكريم وأهل البيت (ع) ، فهذا يتطلب المزيد من البحث والجهد العلمي
وأقترح أيضاً تشكيل لجنة لمتابعة وتحقيق هذه الدراسات والبحوث بالتوازي مع هذا المؤتمر، وذلك من خلال الاستفادة من القدرات العالمية للإمام الرضا (ع) والعتبة المقدسة له، والتواصل مع المفكرين والشخصيات المؤثرة، لمتابعة التنفيذ العملي لشعار هذا التجمع
ختاماً، أشكر مرة أخرى جميع المنظمين والمشاركين في هذا المؤتمر المبارك الذي تزين باسم الإمام علي بن موسى الرضا (ع). وآمل أن نكون من بين أتباعه المخلصين وأن نكون من بين الذين يمهدون لحكومة المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف). وأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً للعدالة في السلوك والقول.
والسلام علیکم و رحمة الله
قم – ناصر مكارم الشيرازي.
13 / 05 / 2024.