التقية عند مفكري المسلمين

التقية عند مفكري المسلمين؛ لكاظم حسن جاسم الفتلاوي + تحميلPDF

إن التقية قبل أن تكون رخصة أو وظيفة شرعية، بدليل الكتاب الكريم والسنة النبوية وأحاديث أهل البيت عليهم السلام، هي حالة طبيعية فطرية, يلمسها كل إنسان في حياته، ويستعين بها – بغض النظر عن تسميتها – إذا ما دهمه خطر أو وقع تحت وطأة إكراه أو اضطرار أو تعذيب لا يطاق، يهدد حياته أو ماله أو حياة آخرين.

موقع الاجتهاد: قد اقتضت متطلبات البحث أن يتوزع على مقدمه وثلاثة فصول وخاتمة.

أما المقدمة فهي التي يأتي بين أيديكم.

أما الفصل الأول:

الفصل الأول فقد توزع على مباحث، تناول الباحث في المبحث الأول منها معنى التقية في اللغة وفي الاصطلاح عند جمهور الفقهاء على اختلاف مذاهبهم،

تناول في المبحث الثاني مفاهيم تنافي التقية على الرغم من تلبسها بها في الظاهر وهذه المفاهيم هي:النفاق، والمداهنة، والمداراة، والتورية.
وتناول المبحث الثالث: حدود التقية عند المذاهب الإسلامية، أما المبحث الرابع من هذا الفصل فقد بحث في تاريخ التقية، في حين فصل المبحث الخامس منه في أقسام التقية، وانبرى فيه لبيان الموارد التي تحرم فيها التقية.

والفصل الثاني:

وناقش الفصل الثاني التقية ضمن محوري الإثبات والنفي، فكان عنوانه: (التقية بين الإثبات والنفي) واقتضى هذا العنوان تقسيم هذا الفصل على مبحثين هما: أدلة الإثبات، وأدلة النفي.

تناول المبحث الأول وهو في أدلة الإثبات، الرجوع إلى القرآن الكريم واختيار ست آيات حملها المفسرون على إثبات التقية، ثم اختار الباحث من القرآن الكريم مواضع مختلفة سوى الآيات الست – لإثبات التقية في زمن آدم عليه السلام وفي زمن إبراهيم الخليل عليه السلام، والتقية عند نبي الله يوسف عليه السلام، وعند آسيه بنت مزاحم، ثم تناول هذا المبحث إثبات التقية في السنة النبوية الشريفة باختيار أربعة شواهد إثباتيه، واختتم هذا المبحث بإثبات التقية بدليل العقل من جانبين هما: دفع الضرر وجلب المنفعة.
وتناول المبحث الثاني أدلة نفي التقية واستناد النافين على الدليل العقلي والدليل النقلي

الفصل الثالث:

أما الفصل الثالث فكان عرضاً لمباحث فقهية وأصولية وكلامية،

فأما الفقهية فقد كان للتقية الحصة الكبرى في كل من العبادات والمعاملات، بما فيها من عقود وإيقاعات وأحكام، فقد جوزتها المذاهب الإسلامية كافة في أغلب عباداتها،

ونقلنا هنا نماذج بسيطة لأشياء كثيرة، استثناها الشرع وجوزتها التقية، كالمسح على الخف والعمامة في حالة الإيذاء والخوف، والصلاة خلف إمام فاسق إذا اضطر الإنسان إلى ذلك تحت وطأة الخوف أو الاستكراه أو المحافظة على دينه وغيرها، وللمذاهب تفصيلات شتى في هذا المجال أوردنا جزءاً منها.
أما في العقود، فقد استثنت المذاهبُ الكثيرَ مما جاء، إذا أُجبر الإنسان على بيع داره أو مزرعته أو إعطاء وكالة أو هبة أو غيرها الكثير إذا كان تحت ضغط الإكراه أو التهديد

وأما في المبحث الأصولي فقد اقتصر الكلام على حديث الرفع – المشهور- واستخدام الإكراه فيه، والفارق بين الإكراه والضرورة، فقد كان يقع في النقاط الآتية:
الإكراه، حقيقتهُ، تعريفهُ، أدلة حكم الإكراه، ثم بعد ذلك تعرضنا للإجابة عن السؤال الآتي: أيعد المرفوع أمراً تكوينياً أم تشريعياً؟ كل هذا تناوله حديث الرفع- المشهور- الذي بحثه أهل العامة والشيعة.
وقد ختمت الفصل الثالث بمبحثٍ كلاميٍّ، تضمن الحديث عن التوحيد وكيفية استخدام الجدل الذي جاء في القرآن الكريم، ومحاجة الأنبياء لأقوامهم لإثبات التقية.
ثم النبوة – أمارس النبي التقية أم لا؟ وكان لهذا جوابان تعرضت في الإجابة عليهما، من خلال سير خطوات البحث في مبحث النبوة.
أما الإمامة فقد كان الجدل بشأنها من أهم ما يميز الفكر الإسلامي. إذ ذكر الشهرستاني أنّ «أعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة» .
فقد تناولها البحث بمقدار محل الشاهد بخصوص التقية، وهي: لماذا التقية في الإمامة؟ وما وجوه الحاجة إلى التقية في الإمامة؟ وهل هي مستمرة إلى اليوم، ولماذا؟
وأجاب الباحث عن هذه الأسئلة بما أعانه الله عليه، ليختم بحثه بخاتمة ذكر فيها أهم نتائج هذا البحث.
وأخيراً فإن كان بحثي هذا لم يرقَ إلى المستوى الذي يطمح إليه الباحثون، فلعل عذري أني تتبعت وبذلت الوسع, وفي لجنة المناقشة الموقرة وآرائهم ما يقوّم بحثي هذا, ويرشدني إلى مواطن الضعف والخلل، فجلَّ من لا يشتبه, وسبحان من كتب الكمال لنفسه

مقدمة البحث:
الحمد لله رب العالمين، باعث النبيين والمرسلين رحمة للعالمين، وجاعل الأوصياء أمناء على الدين، وصلاته وسلامه على نبيه الهادي الأمين محمد وآله الطاهرين.
وبعد…
ثمة شبه إجماع في الفكر الإنساني على توصيف مبدأ (التقية) بأنه لازمة من لوازم هذا الفكر، وحاجة من الحاجات التي تعد إحدى ركائز الوجود البشري.
والفكر الإسلامي – بجميع أحواله – لم يخرج عن هذا التوافق الذي يشكل أحد أعمدة الفكر الإنساني. بل يكاد أن يكون – وبسبب من ظروفه الخاصة – الأكثر احتفاءً لهذا المبدأ – والأشد احتضاناً له – إلى درجة اقترب فيها أن يكون ظاهرة استرعت أنظار الكثير من الدارسين والباحثين من تخصصات مختلفة وبتوجيهات ورؤى متباينة، بحيث تعددت المداخل، فتشابه أو اختلف تفسير هذه الظاهرة بين الدارسين تبعاً لذلك.
ولعل هذا الاختلاف في تفسير وتحليل، ومن ثمّ تقييم مبدأ (التقية) في فكرنا الإسلامي، يثبت لنا بما لا يقبل الشك بأنّ هذا المبدأ هو مسألة عقلائية قابلة لتعدد الآراء، ولاختلاف التأويل بين مثبتيها ومنكريها من مختلف المذاهب والفرق الإسلامية.

وكانت دواعي اختياري لهذا الموضوع – التقية عند مفكري المسلمين – تكمن في عدة أمور منها:
1- إن التقية قبل أن تكون رخصة أو وظيفة شرعية، بدليل الكتاب الكريم والسنة النبوية وأحاديث أهل البيت عليهم السلام، هي حالة طبيعية فطرية, يلمسها كل إنسان في حياته، ويستعين بها – بغض النظر عن تسميتها – إذا ما دهمه خطر أو وقع تحت وطأة إكراه أو اضطرار أو تعذيب لا يطاق، يهدد حياته أو ماله أو حياة آخرين.
2- تخوّف العلماء أوائل الدولة العباسية من رواية الحديث عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام حتى أواخر الدولة العباسية، وما أفرز ذلك من ظهور التقية، على أن ما جرى لابن أبي الحديد المعتزلي ومناظريه – مرة أو مرتين – هو يجري كل يوم مرات، ولو راجع الإنسان نفسه لوجد أنه قد طبق هذا الموقف في حياته، أو أدركه في غيره، وما أكثر الكلام الذي تغير مجراه التقية أو تحوله إلى همس فجأة.
3- ونظراً لتجذر التقية في الفكر الإنساني – بمفهومها الواسع – فقد تسللت إلى الأدب العالمي الذي جنح إلى التعبير بالرمز والإشارة من خلال التشخيص ليتحف المكتبة الأدبية بروائع من أمثال كليله ودمنه، ورسائل إخوان الصفا، وقصص الصوفيين، وألف ليلة وليلة، وكتب النِحَل, وكذلك آثار الكتب الغربية أمثال: يوتوبيا لتوماس مور، وقد تسبب ذلك الكتاب بإعدامه، ورسائل فارسية لمونتسكيو، ثم أساطير لافونتين، التي تشبه كليله ودمنه، وخرافات ايسوب، وغيرها الكثير(1).
4- ومما دفعني إلى اختيار هذا الموضوع أيضاً هو الوفاء للإسلام من خلال كشف جملة من الحقائق أهمها – التقية – التي طالما وقع الشيعة تحت طائلة الاتهام ومازالوا باستخدامهم إياها بقدر ما كانت وسيلة للخلاص من حبائل الأخطار المحدقة. لذا مست الحاجة إلى تأصيله بتقديمه في بحث أكاديمي علمي يتناول مختلف جوانب هذا المبدأ.

5- وأخيراً فإن كلية الفقه التي طالما امتازت باقتفاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطيبين فقد تبنت الكثير من البحوث القرآنية والفكرية، بهدف إحياء الفكر الإسلامي الأصيل، المتمثل بمذهب أهل البيت عليهم السلام. والملحوظ هنا أن مشكلة البحث كانت ولازالت تثار في الحواضر العلمية ومن منابر شتى حول التقية وحول من يعمل بها، فالبعض يعدها منفعة في الدين والآخر يعدها منقصة في الفكر وهزيمة، والثالث يعدها ضرورة تقتضيها الفطرة البشرية، ومن هنا توجب أن نستعرض هذا المفهوم بآرائه المختلفة لتمحيص الحق من هذه الآراء دفاعاً عن الحقيقة.

تأليف: كاظم حسن جاسم الفتلاوي

 

للتحميل أنقر على الصورة

isdar_book164

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky