خاص الاجتهاد: رسالة المرجع الديني آية الله مكارم الشيرازي إلى مؤتمر جائزة الشهيد الصدر العالمية
بسم الله الرحمن الرحيم
يَرْفَعِ اللَه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ
أود في البداية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لجميع المشاركين من داخل وخارج البلاد في هذا المؤتمر المميز، كما أود أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى المسؤولين والمنظمين على جهودهم المبذولة لإنجاح هذا الحدث. آمل أن يحقق هذا المؤتمر الأهداف المنشودة.
منذ فجر التاريخ، ظل الإنسان يسعى جاهداً لإيجاد حلول عملية للمشكلات المعقدة التي تواجهه في حياته اليومية وفي المجتمع. وفي عالمنا المعاصر الذي يشهد تطوراً تكنولوجياً متسارعاً، ازداد هذا التحدي إلحاحاً، مما دفع العلماء من مختلف التخصصات إلى تكثيف جهودهم لاكتشاف سبل جديدة لتلبية احتياجات البشرية المتزايدة.
نحن نؤمن بأن حلول هذه المشكلات تكمن في تعاليم سماوية تتجاوز الفكر البشري، وأن الله قد وضع في هذه التعاليم خطة للحياة السعيدة والطاهرة للأفراد والمجتمعات التي تؤمن بها وتعمل بها. كما قال الله تعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً»
ونرى أن هذا هو السبيل الوحيد للخلاص، وأن أي طريق آخر هو ضلال. وتقع على عاتق العلماء والباحثين مسؤولية عظيمة تتمثل في تفسير هذه التعاليم بلغة واضحة ومبسطة، وتطبيقها على متطلبات كل زمان ومكان.
تشهد الأحداث الجارية في عالمنا المعاصر، من ظلمٍ صهيوني و انحرافات فكرية متطرفة كالتكفيرية، مدى فشل القوانين والمبادئ التي حكمت العالم حتى الآن. وقد أظهرت هذه الأحداث جلياً حاجة البشرية إلى الحق والهداية، وفتحت قلوب الناس لتقبل رسالة الإسلام ومبادئ أهل البيت عليهم السلام. في هذا السياق، تأتي هذه التجمعات العلمية لتكريم الباحثين والمفكرين، وتسليط الضوء على الأفكار والابتكارات الجديدة، كفرسة ذهبية لتقديم حلول مبتكرة لمشاكل العالم، ولتعزيز دور الإسلام في بناء مجتمع عادل وسعيد.
ويزداد هذا الحدث أهمية بتكريمه لعالم جليل القدر كآية الله السيد الشهيد محمد باقر الصدر رحمةالله علیه، الذي كان رمزاً للتجديد والتفكير النقدي في الفكر الإسلامي، وقدّم إسهامات جليلة في حل مشكلات المجتمعات. إن إحياء ذكراه في هذا المحفل العلمي يضفي عليه رونقاً خاصاً، ويؤكد على أهمية الاستلهام من تراثه الفكري في مواجهة التحديات المعاصرة.”
في ختام هذا اللقاء المبارك، أود أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى جميع القائمين على هذا الحدث، وخاصة المسؤولين في منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية. كما أدعو الله تعالى أن يتغمد روح الشهيد الفقيد بواسع رحمته، وأن يوفقنا جميعاً لتقدير هذا التراث العظيم الذي تركه لنا علماؤنا وأعلامنا. وأسأل الله العلي القدير أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قم _ ناصر مکارم الشيرازي