شذرات من حياة الإمام الحسن العسكري / سماحة الشيخ حبيب الكاظمي

خاص الاجتهاد:

بسم الله الرحمن الرحيم وافضل الصلاه واتم السلام على اشرف الخلق وسيد المرسلين محمدا المصطفى واله الطيبين الطاهرين

من حق أئمتنا علينا أن نتناول سيرهم، أن نحفظ شيئا من كلماتهم، تزور مشاهدهم وأنت لا تدري شيئا عن سيرتهم هذه الزيارة بحاجة إلى تكميل. صحيح الإمام يرعى كل الزائرين لكن لكل درجات مما عملوا، لايعقل الإمام يستقبل الجميع على نحو واحد.

ولهذا في روايات أهل بيت عليهم السلام هنالك اختلاف في المثوبات، من زار الحسين عليه السلام له ثواب كذا حِجّة، في روايه أخرى عدد آخر وهكذا البعض من العلماء…
يقول ليس هنالك تخالف في الروايات. هذه بحسب درجات الزائر.

جابر زار قبر الحسين عليه السلام أولاً أول زائر، وثانيا على خوف ووجل، ثالثا كان أعمى من أصحاب رسول الله ص، بكى على القبر بكاء كثيرا، التقى بامامنا زين العابدين عليه السلام، كل هذه مزايا لجابر في زيارته للحسين عليه السلام. وإنسان يزوره آمنا مطمئنا فرق بين الزيارتين، إذن الآن أنت زيارتك للمعصوم لاتعب فيه، و هذه نعمة، أحدنا يصمم غدا أن يزور الحسين عليه السلام يذهب للمطار ويركب الطائره أو الدابة، ساعات وإذا هو في الحائر،
هذه الأيام هذه نعمة،

أقول في مقابل هذا اليسر في الزيارة حاول أن تذهب وأنت عارف بحقه، عارف بسيرته، وبسنته. قليلون يزورون العسكريين عليهما السلام على بعد مسافتهما وهو ملم اجمالا بسيرتهما.

جولة سريعة في حياتهما الطاهرة
اولا: اللقب، هذا اللقب من أين جاء؟ تلقيبهم بالعسكريين لم هذا اللقب؟ ما قضيته؟

الان عرفنا الكاظم من كظم الغيظ والصادق من الصدق في القول والباقر يشق العلم والسجاد كثير السجود، العسكريين صلوات الله عليهم، لعله الله العالم، وما رأيت نصا صريحا. صحيح إشارة إلى محلهما، إلى العسكر، كان تحت الاقامة الجبرية، سامراء كان فيها معسكر، إذا كلمة العسكريين إشارة إلى حبسهما، و سجنهما واقامتهما. فكانك تقول: الإمامين الممتحنين، المسجونين، هذا اللقب يشير إلى محنتهما.

اذا هذا كما أن لقب سيد الشهداء يشير إلى الشهادة، لقب العسكريين يشير إلى الحبس، هذا عذاب، تعرفون السامراء أين، والمدينة أين، كم المسافة بين المدينتين هذا عذاب في حد نفسه، المهم امامنا صلوات الله عليه، نقولها بالمناسبة: ما من إمام إلا وقد قيل في حقه مسموما، ولهذا ورد في التاريخ ينقله المجلسي: ذهب كثير من أصحابنا إلى أنه قبض مسموما وكذلك أبوه الامام الهادي وجده الإمام الجواد عليه السلام وجميع الائمة خرجوا من الدنيا على الشهادة.

دليلهم في ذلك، أولا الواقع التاريخي، التاريخ ينقل ما جرى عليهم وما روي عن الصادق عليه السلام والله ما منا إلا مقتول شهيد، مقتول شهيد أعم من السيف كجده أمير المؤمنين وسيد الشهداء، والبقيه قتلوا بغير السيف.
إذا هذه محطة من محطات إمامنا أبي محمد الحسن بن علي .

هنالك بحث طريف بعض العلماء جمع نقش خواتيمهم. الآن البعض قد لا يراه بحثاً مهماً ولكنه مهم. إنسان له توقيع إذا زوّر أحدهم توقيعه تقوم القيامة وخاصة إذا كان على صك معتبر، الإنسان هوويته.

ما المانع أن تجعل على ختمك جملة تكتب فيه جملة، هذه الجملة شعارك في الحياة، أولاً تنظر إلى ما في الخاتِم أو الخاتَم تتذكر هذه العبارات الجميلة آية من كتاب الله عزوجل والغير قد أيضاً يقراء على خاتمك يتاثر، عادة الناس بدافع الفضول أو غيره يقول أنظر إلى خاتمك، يتأمل فيه، فيه نقش، يقول ماذا كُتب عليه؟ يسالك، لعله هنالك جملة تذكره بأمر نافع.

الإمام العسكري عليه السلام كتب على خاتمه: سبحان من له مقاليد السماوات والأرض، أنت في همّ وغم و لك خاتم كُتب عليه هذه العبارة، أنت ناسيها من التكرار ما تذكرت ولكن من المصيبة تخرج الخاتم من اصبعك رأوا عليها: سبحان من له مقاليد السماوات والأرض، كم يبعث في نفسك الاطمئنان!

الخاتم هو هو، عقيق فيروزج، أخذت الأجر، ولكن هذا النقش أيضا في محله.

انظروا بعد أكثر من قرن ونحن هذه الليلة أو قرابة قرن، نذكر نقش خاتم إمامنا العسكري، معنى ذلك أن هذا النقش مدون، و دوّن في التاريخ، إما على لسان الإمام أو على لسان أصحابه أو الرواة أو على لسان ولده صلوات الله وسلامه عليه

من المحطات الملفتة في حياة ائمة أهل البيت عليهم السلام أنهم منزهون عن التظاهر وعن النفاق وعن اظهار الزهد الكاذب،

جماعة تركوا الدنيا للدنيا، وهكذا يتظاهرون بالزهاد. دخل عليه رجل قلتُ في نفسي أسأله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، المهم دخل على الإمام، فنظرت إلى ثياب بيضاء ناعمة، فقلت في نفسي ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا بمواساة الاخوان وينهانا عن لبس مثله! المهم في قلبه هذا انتقد إمامه أهل البيت.

وطبعاً نحن بحمد الله عز وجل وبعد قرون سمعنا ما سمعنا، وقرأنا ما قرأنا، حقيقة أقول: البعض منا هذه الأيام قد يعرف ائمة أهل البيت أكثر من معرفة بعض أصحابه بهم، ولهذا بعض من كان مع الإمام كان يعترض، نحن لا نتجرا أن يمر هذا المعنى في بالنا.

إذا هذا الذي زار الإمام قال في نفسه: الإمام لماذا هكذا يصنع؟ يامرنا بالمواساة وهو يلبس الناعمة من الثياب؟

طبعا ائمتنا بفضل الله أعلمهم علّمهم الغيب قرأ في ما قلبه، فقال له متبسما: الإمام ما غضب عليه ولاأهانه ولا الادانة، قال يا كامل، اسمه كامل وحسر ذراعيه، فإذا مسحٌ أسود خشن على جلده ، ثوبه الطبيعي ثوب الخشن .

قال هذا لله وهذا لكم، الإمام يريد أن يستقبل أحداً، لما يظهر بهذا المظهر، بمظهر الزهد واللباس الخشن، غطاه بالثياب الناعمة ليستر ذلك الامر الباطن، ذاك لله وهذا للناس، هكذا صلوات الله وسلامه عليه.

كلمة أخيرة ما دمنا حول إمامنا، اذا ذهبت الى أرض سامراء تذكر هذه الرواية، رواية طريفة؛ الإمام كان في الحبس تارة اقامة اجبارية، تارة في الحبس ومعه أبو هاشم من أصحابه، فقال لغلامه أطعم ابا هاشم فانه مفطر، يبدو كان يصومون ويفطرون، قلت فتبسمتُ، فقال مما تضحك يا ابا هاشم؟ قال إذا أردت القوة فكل اللحم، فإن الكعك لا قوه فيه.

على كل امامنا صلوات الله عليه وهو في السجن كان يرعى اصحابه ويلاطفهم ويفكر في طعامهم هذه أيضاً لطف برعيته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky