الاجتهاد: يعتبر الجندر من الموضوعات المعاصرة التي أخذت حيِّزاً واسعاً في مجال التفكير الإنساني في المجتمعات الغربية والتي يراد تسويقها وترويجها في المجتمعات الإسلامية؛ لمسخ هويتها وتمزيق نسيجها الإجتماعي وتفتيت طاقاتها البشرية؛ لفرض غايات استعمارية واستكبارية. بقلم / الدكتور ابراهيم مقداد الدهش
وقد صدر حديثاً كتاب (الجندر بين النوع الاجتماعي والواقع التشريعي) وهو دراسة علمية تعَرّض فيها المصنف لموضوع حساس له أبعاد اجتماعية وسياسية واقتصادية خطيرة، وقام بنقده وبيان جذوره القديمة وآثاره الخطيرة فضلاً عن بيان الرأي الفقهي في كثير من مفاصله.
ويعد العنوان بكراً في بابه؛ إذ لم يسبق لأحد في حدود اطلاعي أن تعرض لدراسته من الناحية التشريعية والفقهية، وبذلك يكون لسماحة السيد المقدس الغريفي دام ظله يد السبق في هذه الدراسة المعاصرة.
وهذا الكتاب هو ثمار أبحاث سماحة آية الله الفقيه السيد أبو الحسن حميد المُقَدَّس الغريفي دام ظله الأستاذ في الحوزة العلمية في النجف الأشرف والتي خطها بيده ضمن سلسلة متواصلة من أبحاث الفقه الاسلامي المعاصر كالتلقيح الصناعي والتقنية النووية والتطبيع مع الكيان الصهيوني والفدرالية وأحكام التعامل مع الآخر _ الديني والمذهبي _ فضلاً عن آراءه ومبانيه في الفقه السياسي فيما يرتبط بشكل الدولة الإسلامية ودستورها وطبيعة نظام الحكم وغيرها الكثير.
وقد عمد المُصَنِّف فيه لمناقشة مفهوم الجندر ونقده وفق منهج علمي مع بيان الموقف الشرعي؛ إذ بَيَّن مواطِن الخَلَل في رؤية الحداثيين في تحديد الهوية الجندرية وآثارها السلبية على البشرية عموماً، مع بيان حكم الترويج لمثل هذه الرؤى وطرحها في المجتمع فضلاً عن سعيهم لتطبيقها .
كَمَا تعرَّض المصنف لنقد أهم الآراء والنظريات القديمة والمعاصرة فيما يرتبط بالجنس الإنساني وبيان أصنافه المتنوعة، مبيناً وشارحاً النصوص القرآنية والروائية المرتبطة بالموضوع لاسيما في كيفية خلق المرأة وطبيعة تكاثر بني آدم ونحوها.
وقد تعرَّض أيضاً لبيان أوجه الاختلاف التكويني بين الرجل والمرأة وما يترتب عليه من الأحكام التشريعية ثم بيَّن مخالفة اللواط والسحاق للتكوين البشري والفطرة الإنسانية الذي ينتهي إلى حكم العقل بقبحهما فضلاً عن حرمتهما شرعاً .
ثم فصَّل الكلام حول قيمة المرأة الإنسانية في النص القرآني الذي أوصى بتكريمها وانزالها منازلها التي تستحق ، مبيناً أوجه المفاضلة بين الذكر والأنثى حيث رد على الشبهات التي يلقيها الحداثيون على الشريعة الإسلامية ونصوصها المقدسة، و أبرزها دعوى عدم المساواة شارحاً في ذلك الرؤية الإسلامية لمفهوم المساواة ثم بين وجه التناقض في سلوك الغربيين مع المرأة.
كما بيَّن الحكم الشرعي لإجراء عمليات التحول الجنسي ذاكراً الأدلة الشرعية لحظره وحرمته إلا في صورة خاصة وهي الخنثى غير المشكل أي الذي يُمكِن تحديد جنسه بما يتوافق مع الأدلة العلمية والشرعية، ثم ناقش ما يدعى ب(الخنثى النفسي) مُبَيِّناً بطلانها وعدم صحتها كسبب شرعي للتحول الجنسي بل هي حالة مرضية ينبغي معالجتها في مصحات نفسية.
ولعل من أهم المباحث على الإطلاق هي مدى إمكانية إعتماد القيم الإنسانية كمَبنى في تشريع الأحكام وَسَن التشريعات، حيث ناقش ذلك تفصيلاً، ثم بين أهم التشريعات المختصة بالمرأة وناقش الشبهات والتشكيكات المرتبطة بها وفق منهج استدلالي رصين.
ولذا ندعو الأخوة الفضلاء والخطباء والمثقفين وارباب البحوث والدرسات لاقتنائه؛ لما يتضمنه من بحوث تهم الواقع المعاصر ، فهو يعتبر مادة حَيَّة يستفيد منه الجميع في الأروقة العلمية الحوزوية والأكاديمية وعلى صعيدي الفرد والمجتمع .
وتجدر الإشارة إلى تضمن الكتاب لمباحث علمية وتفسيرية ورجالية فضلاً عن البحوث الفقهية الإستدلالية، في ٣٢٠ صفحة من الحجم الوزيري.
ويمكن طلب الكتاب من خلال مراجعة (معرض الكتاب الدائم للعتبة الحسينية المقدسة) الواقع قرب باب السلام أو (معرض إصدارات العتبة الحسينية المقدسة) الواقع بين الحرمين الشريفين أو طلبه من (مكتبة الوارث الالكترونية للكتاب).