الاجتهاد: بتاريخ ١٤ /١ / ٢٠٢٣ وبدعوة من دار العلم للإمام الخوئي في النجف الأشرف، زار وفد كبير من مجلس حكماء المسلمين والذي مقره في العاصمة الإماراتية أبو ظبي ويترأسه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
وكان الوفد برئاسة الأمين العام للمجلس معالي المستشار محمد عبد السلام مستشار شيخ الأزهر السابق، وقد ضم الوفد عددا من الشخصيات المهمة برئاسة معالي المستشار والسيد طلال المزروعي المدير التنفيذي لمجلس الحكماء، والدكتور سمير بو دينار مدير مركز بحوث السلام في المجلس و الدكتور أسامة الحديدي مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، وقد عقدت للضيوف جلسة حوارية حضرها نخبة من أساتذة وفضلاء الحوزة العلمية والجامعة.
قد أدار الجلسة الدكتور حسن ناظم، أستهلها سماحة السيد جواد الخوئي بكلمة ترحيبية بالضيوف أشاد فيها بالدور الريادي لمجلس الحكماء في وحدة صف أبناء الأمة الإسلامية مبيناً أهمية هذه اللقاءات في وضع بعض الحلول وإعادة الأمل بين أبناء الامة.
وبعد حديث معالي المستشار تداخل عدد من الحضور كالدكتور عبد الامير زاهد وسماحة السيد محمد علي بحر العلوم والدكتور صلاح الفرطوسي والدكتور عمار السلامي والسيد مهدي الحكيم، وقد أشاد الجميع بأهمية عقد مثل هذه اللقاءات لما لها من أثر في نشر السلم المجتمعي بين المسلمين.
ومن الجدير ذكره أن مجلس حكماء المسلمين هو عبارة عن هيئة دولية مستقلة تأسست في سنة ٢٠١٤ تهدف إلى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ويضم ثلة من علماء الأمة الإسلامية وخبراؤها ممن يتسم بالحكمة والعدالة والاستقلالية والوسطية، ويتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقرا له.
وتم في الجلسة تكريم معالي المستشار محمد عبد السلام من قبل السيد جواد الخوئي بدرع دار العلم للإمام الخوئي تثميناً وتقديراً لجهوده ومساعيه الإنسانية والإسلامية الخيرة في طريق وحدة الصف الإسلامي .
كلمة السيد جواد الخوئي:
بدوره رحّب أمين عام دار العلم للإمام الخوئي “ره” في العراق – النجف الأشرف وأستاذ كرسي اليونسكو السيد جواد الخوئي بالوفد الكريم لمجلس حكماء المسلمين وقال: للمجلس جهود كبيرة في نشر القيم الإسلامية والإنسانية، لذا جاءت هذه الزيارة المباركة تلبية لدعوتنا لكم جميعاً لزيارة العراق، وإلى مدينتكم النجف الأشرف، فلكم منا جزيل الشكر وعظيمُ الامتنان، إذ نشترك معاً بالهموم والاهتمامات والأهداف والغايات أنفُسِها.
وأشار الخوئي إلى أنه لمثل هذه اللقاءات أهمية كبرى لوضع بعض الحلول وإعادة الأمل بين أبناء الأمةِ، فَمِن هنا أستذكرُ مقولة المرجع الأعلى الإمام السيد السيستاني: السُنّة أنفُسنا. وكذلك قول شيخ الأزهر الشريف الإمام أحمد الطيب: الشيعة والسنةُ جَناحا الأمة الإسلامية.
ومن هاتين الحقيقتين المؤكَّدتين من مرجعيتين إسلاميتين شامختين نستلهم العمل المشترك، ونستهدي بالطريق القويم، ولا نعتني بالأصوات المفرِّقة، ولا تلتقتُ للآراء الشاذّة التي نسمعها هنا وهناك بينَ حين وآخر، لأن مسار الحياة الفاضلة التي نتطلع إلى بنائها لمجتمعاتنا المتنوعة تنشأ أساساً في ظلِّ التعاليم الدينية، وهي التي تُحدِّدُ الهدف المُتوخّى والاتجاة الأمثل لعملنا المشترك.
وأضاف: وفي الوقت نفسه، تتطلع مجتمعاتنا في زمن المحنة إلى زعمائها الدينيين، وحكمائها الحصيفين ورجاليها الفضلاء، لكي يضعوا الموازين لحياة آمنة ومزدهرة، بلا دم مطلولٍ، ولا شحناء بين بني الشر، وتلك هي الغاية الكبرى لنا جميعاً.
انَّ تجاربنا الحيوية التي امتُحنت في ظروف صعبة من تاريخنا المعاصر تعَّلمنا درساً في أن نكون معاً على الدوام، وألا ندع اختلافنا في الآراء العلمية يكون حائلاً دون عملنا المشترك من أجل الدفاع عن مجتمعاتنا وقيمها وكرامتها، فعملنا المشترك ليس فضلاً منا أو تفضلاً، بل نحن مأمورون به قرآنياً، (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة – 105).
ولذلك، لا يجب أن تكون لحظة اللقاء هذه فريدة أو عصية على التكرار منّا ومنكم، فتلاقي الوجوه تلاقٍ للقلوب، ومن ثم تلاقي فضاءات عملنا الذي ينطلق من أساس واحدٍ وهو خدمة الناس.
ولعلّنا بهذا نواصل الإصرار على تعزيز مسار التعارف والتثاقف والتصافح والتسامح والتوادّ، في مواجهة موجات التباغض والتباعد والتحامل والتشاحُنِ.
ولابد لي ختاماً من أن أقف وقفة احترام لأعمال مجلس حكماء المسلمين، وللدور الريادي الكبير الذي يقوم به من أجل وحدة الصف الإسلامي أمام التحدّيات، ومن أجل معالجة الهموم المشتركة، ومن أجل إشاعة قيم المحبة والتعايش السلمي.
ولعلّى أُشيدُ بدور أخي الأمين العام وجهوده المخلصة في الحوار وإقامة الصلات واستدامتها لنكون معاً في هذه الحقبة الحاسمة من تاريخ الأمة الإسلامية، وإنّي لعلى ثقةٍ من أن هذه الزيارة إنما هي محض بداية خير وبركة ستتبعها بإذن الله تعالى مشاريع عمليّة، وتقديراً له اسمحوا لي أن أقدم له درع دار العلم للإمام الخوئي “قدس سره” تثميناً وتقديراً لمساعيه الإنسانية الخيِّرة.