الاجتهاد: توفي أمس السبت (5 / 9 / 20201م) رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الشيخ عبد الأمير قبلان عن عمر 85 عاما.
وجاء في بيان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على الفيسبوك:
بسـمِ اللهِ الرَحمَٰنِ الرَحِيمِ ﴿الَّذِيْنَ تَتـَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙيَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادخُلُوا الْجَنَّةَبِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُوْنَ﴾(سورة النَحْل: الاية ٣٢).
“إذا مات العالم انثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء إلى يوم القيامة”. حديث شريف.
بمزيد من الرضا والتسليم، ينعى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الى المسلمين والعرب واللبنانيين عموماً والمراجع الدينية واهل العلم والفضل خصوصاً، رئيسه فقيد العلم والعلماء سماحة اية الله الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان عن عمر شريف ناهز 85 عاماً قضى معظمه في نشر الدين الحنيف ونصرة الحق وخدمة المجتمع والوطن وتبليغ الاحكام الشرعية ودعم القضايا المحقة للشعوب المستضعفة في مسيرة جهادية حافلة بالعطاء على المستوى الوطني والعربي والإسلامي،
كما اسهم بتأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مع رفيقي دربه صاحبي السماحة الامام السيد موسى الصدر والامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين وإخوانهم، وسجل الامام قبلان إنجازات ومواقف وطنية رائدة رسخت نهج الاعتدال وحفظت العيش المشترك وعززت الوحدة الوطنية والسلم الأهلي لما اشتملت عليه شخصية الراحل الكبير من مناقبية وطنية، فكان صاحب همة عالية في خدمة الناس وانماء مناطق الوطن كافة، وداعية حوار وانفتاح عمل لتفعيل التعاون بين المكونات الوطنية، فهو صاحب شعار متى كان الوصل لا يجوز الفصل.
لقد خسر لبنان برحيل الامام قبلان رجلا من رجالاته الكبار العاملين لنهضة الوطن وحفظ شعبه وتحرير ارضه، فكان مع الامام السيد موسى الصدر من مؤسسي المقاومة وحركة أمل التي ترأس هيئتها الشرعية ومن العاملين على بناء المجتمع المقاwم ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكان مثال العالم العامل لنصرة قضايا الوطن والامة وشجونها وفي طليعتها القضية الفلسطينية التي استوطنت وجدانه وقلبه.
كما خسر العالمان العربي والإسلامي برحيله رائدا من رواد الوحدة الإسلامية والتضامن العربي الإسلامي، اذ عمل على ملف التقريب بين المذاهب وتعميم ثقافة المصالحة والتعاون لما فيه مصلحة الامة وشعوبها.
ولقد أغنى الامام قبلان المكتبة الإسلامية والوطنية بأبحاثه ومؤلفاته التي اشتملت حقول المعرفة والعقيدة والفقه والفكر، وبفقده خسرت الحوزات العلمية والمراكز الدينية ومنتديات الفكر والحوار والثقافة عالماً جليلاً نذر نفسه لخدمة تعاليم الدين وقضايا الانسان.
يصلى على الجُثـمَانُ الطَــاهِرُ عند الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الثلاثاء الواقع فيه 7 أيلول 2021 من مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، طريق المطار القديم، ويُشَـــيَّعُ الى مثواه الأخير في روضة الشهيدين.
كما، وتقبل التعازي بالراحل الكبير قبل الدفن وبعده في مقر المجلس يومي الاحد والاثنين(5 و6 أيلول) من الساعة التاسعة صباحا حتى الثانية عشرة ظهراً، ومن الثالثة الى السادسة عصراً، ويومي الأربعاء والخميس( 8 و9 أيلول) من الساعة التاسعة صباحا حتى الثانية عشرة ظهراً ومن الثالثة الى السادسة عصرا.
نسأل الله تعالى الرحمة والغفران للفقيد الجليل وان يلهم ذويه ومحبيه جميل الصبر والسلوان، إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.
نبذة عن الشيخ عبد الأمير قبلان
ولد عام 1936 م في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان، إحدى قرى جبل عامل التي تميزت بحوزاتها الدينية ونبوغ علمائها.
تميز سماحته وهو في صغره بدماثة أخلاقه وباستقامة مسلكه وبشغفه لطلب العلوم الدينية، فاصطحبه والده إلى النجف في العراق والتحق في حوزتها وتابع دراسة المقدمات من نحو وصرف ومنطق وعقائد.
وانتقل الشيخ قبلان بعد ذلك إلى دراسة اللمعة الدمشقية على يد العلامة الشيخ محمد تقي الجواهري، ثم درس الكفاية في الأصول على يد السيد إسماعيل الصدر، والرسائل في الأصول على يد العلامة السيد محمد حسين الحكيم، وتابع دراسة المكاسب على يد الشيخ محمد تقي الجواهري، أما المرحلة الثالثة فكانت دراسة الأصول والكفاية بجزأيها مع شرح مفصل، على يد المقدس آية الله السيد إسماعيل الصدر، لينتقل بعدها إلى درس الخارج على يد المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي في الأصول والفقه، كما درس قسماً من الفقه على يد المرجع السيد محسن الحكيم.
وخلال فترة دراسته العلمية نشأت بين الشيخ قبلان وأساتذته علاقة مميزة استحق ثقتهم واحترامهم وتقديرهم لعلمه ولفضله، وأقروا له بالعلم والورع، ونال إجازتين في الاجتهاد من قبل السيدين الكريمين إسماعيل الصدر والسيد كاظم شريعتمداري، كما منحه السيد أبو القاسم الخوئي والسيد محسن الحكيم والسيد حسين الحمامي وكالات عامة شرعية مع التنويه بمزاياه الخلقية والعلمية وجهده المتواصل في نشر الدعوة والتبليغ الديني، وأطلق عليه سماحة السيد محمد باقر الصدر لقب (ذو الشهادتين) تقديراً لإخلاصه ولصدقه ولتفانيه في العمل الديني.
وفي سنة 1957 كلفه المرجع الديني الأعلى السيد محسن الحكيم إدارة شؤون التبليغ الديني في بلدة (ناحية الغراف بالقرب من الناصرية)، فأنشأ مكتبة عامة وأقام مشروعاً دينياً، وإلى جانب توليه التدريس في حوزة النجف، راح يعقد حلقات التدريس الديني ويلقي المحاضرات ويهتم بشؤون الناس، واستمر في ذلك حتى العام 1962، حيث تتلمذ على يديه عدد كبير من علماء الدين اللبنانيين والعراقيين والباكستانيين والهنود.
ونزولاً عند رغبة سماحة السيد حسين مكي (مرجع المسلمين الشيعة في سوريا آنذاك) وبطلب من سماحة المرجع الديني السيد محسن الحكيم عاد الشيخ قبلان سنة 1963 إلى لبنان وانتقل إلى بلدة برج البراجنة تلبية لطلب من الجمعية الإسلامية فيها. وهناك، بدأ الشيخ قبلان مهامه الدينية، وباشر بإتمام بناء مسجد الإمام الحسين بن علي، واشترى قطعة أرض مجاورة للمسجد، بنى عليها حسينية ومدرسة (التكامل الإسلامية)، كما أنشأ مستوصفاً صحياً مجاوراً للمسجد الذي تولى إمامته منذ العام 1963.
في العام 1994، انتخب الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيساً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى كما أنتخب الشيخ قبلان بالإجماع نائباً للرئيس.
وعلى أثر إصابة سماحة الإمام شمس الدين بمرض عضال ودخوله إلى المستشفى في أوائل شهر تموز من سنة 2000، تولى سماحة المفتي قبلان مهام رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى نزولاً عند رغبة الإمام شمس الدين الذي كان يرغب أن يُنتخب الشيخ قبلان رئيساً للمجلس وهو على قيد الحياة على أن يتولى الإمام شمس الدين نيابة الرئاسة.