خاص الاجتهاد: صدر حديثاً عن مكتبة الأبرار في النجف الأشرف كتاب المباني الأصولية في فقه المسائل المستحدثة في جزئين.. وهو عبارة عن المحاضرات الأصولية التي كان يُلقيها الأستاذ الشيخ شهاب الدين أحمد علي في أصول المسائل المستحدثة.
جرت العادة على تقديم نبذة مختصرة عن البحث لجهة التعريف به تكون بمنزلة المقدّمة له، وهنا اعرض ما تضمَّنته الدراسة الموسومة بـ«المباني الأصولية في فقه المسائل المستحدثة من خطوط عريضة تمثل محاور اساسيّة للدراسة، لجهة اختيار الموضوع، والسبب وراء ذلك، والمشكلة التي تتناولها الدراسة بالبحث، ومحاولة ايجاد الحلول لها، أي: مقدار المساهمة العلميّة المتوخاة من وراء هذه الدراسة، و من ثمَّ نبذة عمّا اذا كانت هذه الدراسة مسبوقة بالبحث من قبلُ ومقدار ما قدّمته من فائدة، وبعدها استعراض مقتضب حول منهجية البحث، وادواته وأخيراً استعراض بسيط حول ما تعلق بالدراسة من اسئلة تكفلت الدراسة بالإجابة عليها بالتفصيل في مضانّها المبوبة.
أولاً: سبب اختيار الموضوع
هناك اسباب عدة تكمن وراء اختيار هذه الدراسة كان من أبرزها:
1_ بيان ما لعلم الأصول من دور مهم في تنمية عملية الاستنباط تجاه ما يستجد من مسائل بما لديه من قابليات وقدرات.
2_ ندرة ما كتب في هذا المجال على نحو الدراسة المنهجية المتكاملة، فلا نكاد نجد إلاَّ القليل ممن تعرّض للبحث لجهة التأسيس الاصوليّ في فقه المسائل المستحدثة، بَيْدَ أن أكثر تلك الدراسات على ندرتها تعاني من أنها مجتزَأة وغير متكاملة، وغير شاملة، للموضوع من جميع جنباته النظريّة والتطبيقيّة.
ثانياً: مشكلة البحث
المشكلة الأساسيّة التي تتوخى الدراسة معالجتها ذات بُعدين احدهما: نظريّ، والآخر: عمليّ تطبيقيّ:
1_نظريّاً: وهذا الشطر من الدراسة يتكفل بعلاج ما يواجه الجانب المنهجيّ لعلم الأصول من عقبات لجهة تعاطيه مع ما استحدث من مسائل، فهذا العلم الذي صِيغتْ نظرياته على أساس التفاعل بينه، وبين المسائل الفقهيّة المتداولة التي بجلّها مسائل تقليديّة سابقة على زماننا، من أين له أن يتمدد ليجمع شتات هذه المسائل المستحدثة تحت غطاء أدواته، ونظرياته، ويوفر لها الحلول المقنعة؟
وإذا كان الحال على هذه الشاكلة من القصور فهل نحن بحاجة إلى تطوير علم الأصول نفسه وكل ما يتعلق بأدواته ونظرياته أو نكتفي بإضافة بعض المسائل الأصوليّة إليه؛ ليتمكن من التأسيس المنهجي للمسائل المستحدثة؟
2_عملياً: لم يتعاطَ الفقهاء مع مستحدثات المسائل بجدّية عالية في العقود الأخيرة، بَيْدَ أنّ مستحدثات المسائل ليست بهذه الدرجة من البساطة، أو عدم الاهمية، بل يمكن الزعم بأنَّ لياقة التعاطي معها، وامكانية توفير الاجوبة حيالها على نحو مقبول تمثل اليوم المعيار الذي على أساسه تثبت فقاهة مدعي الاجتهاد، ومدى تضلِّعه في القواعد الأصولية؛
لأنَّ هذه المسائل “المستحدثة” لمَّا كانت تفتقد للإمتداد التاريخيّ سوف تلزم الفقيه بابتكار نظريات جديده للاستنباط بدل الإتكال على بحوث من سبقه، والاكتفاء بالتعليق عليها، وتجبره على بذل الجهد لتوفير الحلول حيالها.
من هنا تبرز الحاجة إلى ضرورة تعمق الفقيه في فهم المسائل المستحدثة نفسها من جهة، وضرورة تأنيه في معالجتها من جهة اخرى.
ثالثاً: منهج الكتاب
المنهج المتبع يمكن تلخيصه بما يأتي:
1_ اعتماد المنهج المعياريّ _بالدرجة الأوّلى_ لا الوصفي في هذه الدراسة إلاَّ عند الضرورة، ونقصد بالمنهج المعياري أنّ الدراسة تستهدف الوصول إلى نتائج، ومواقف تحكم الضرورة بجدوى تبنيها وليس مجرد توصيف آراء، والأفكار الأخرى.
2_ أنَّ الدراسة لأجل اشتمالها على البعد النظريّ _علم الأصول_ والبعد التطبيقيّ _علم الفقه_ فإنّها تنتمي إلى حقلي الأصول والفقه، فهي ليست بحثاً تجريدياً لتوضيح النظريات الأصوليّة فحسب، وإنَّما تستهدف تأثير النظرية على الفقه والتطبيق.
3_ الاعتماد بالدرجة الرئيسة على المباني الأصوليّة عند الإماميّة دون المذاهب الأخرى؛ لاختلاف منهج البحث في المسائل المستحدثة، وأشباهها عندنا عمّا هو عليه عند تلك المذاهب،
بَيْدَ أنّ منشأ الاختلاف يمكن إرجاعه إلى الاختلاف في ركيزتين:
الأولى: أنّ الاجتهاد إنَّما هو استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها.
الثانية: أنّ لكلِّ واقعة حكماً شرعياً. أمَّا الاجتهاد لدى أهل السنة، فإنّه مباين لما هو عندنا؛ وذلك لاعتمادهم في الافتاء بمثل هذه المسائل على القياس الظنّيّ، والاستحسان، والمصالح المرسلة، وسد الذّرائع بما لها من معانٍ عندهم، ولا ينحصر الاجتهاد في حدود النصوص،
ويمكن القول بأنَّ الاجتهاد عندهم اجمالاً على أقسام ثلاثة:
1_ الاجتهاد البيانيّ: وهو ذاك التوجه الاجتهاديّ عند الفقيه الذي يتبنى بيان الأحكام الشرعية من خلال نصوص الشارع من الكتاب والسنة.
2_ طريقة الاجتهاد القياسيّ: وهو ذاك التوجه الاجتهادي عند الفقيه الذي يضع الأحكام الشرعيّة للوقائع الحادثة ممّا ليس فيه كتاب أو سنة من خلال طريق القياس، ويكون هذا الحكم المجعول من قبل المجتهد بمنزلة حكم الله تعالى.
3_ طريق الاجتهاد الاستصلاحيّ: هو توجه اجتهادي عند الفقيه يتخذ من قاعدة الاستصلاح أساساً للإيجاد حكم شرعيّ لتلك المسائل التي لها مستند من الكتاب، والسنة ولو على نحو القياس.
رابعاً: الدراسات السابقة هناك العديد من الدراسات، والبحوث التي تناولت هذا الموضوع ولكن بشكلٍ متفرق في بعض الكتب الأصوليّة، أو في بعض الرسائل المفردة المستقلة، بَيْدَ أنَّنا وجدنا اهتماماً ملحوظاً عند اهل السنة مستوعباً لطرفي المسألة النظريّ منها والتطبيقيّ، أكثر منه عند الإماميّة،
ويمكن تصنيف الدراسات في هذا المجال إلى صنفين:
1_ الصنف الذي يتناول البحث في أحكام المسائل المستحدثة، وعادة ما يذكر بعض مصاديق تلك المسائل في بابٍ، أو أكثر من أبواب الفقه، كالمستحدثات في باب العبادات مثل الصلاة في القطبين أو في باب المعاملات كمسائل البنوك، وما يختصُّ منها بمستحدثات الطب كالتلقيح الصناعيّ، على أنّ المؤلفات في هذا الجانب كثيرة، فبعضها يتناول مسألة واحدة فقط، وبعضها الآخر يتعرّض لمسائل متعددة في أبوابٍ مختلفة، من قبيل كتاب (بحوث فقهية) للشيخ حسين الحلي، و (فقه المسائل المستحدثة) للسيد محمّد الروحاني، و (فقه البنوك للشيخ محمد إسحاق الفياض، و (بحوث معاصرة) للشيخ بشير النجفي، و (مسائل فقهية مهمة) للشيخ جعفر السبحاني، و (بحوث فقهية هامة) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، و (وسائل الإنجاب الصناعي)، و (وسائل المنع من الحمل) للسيد محمّد رضا السيستاني، و (فقه المصارف والبنوك) للشيخ محمّد السند، وغير ذلك.
2_ يتعرّض إلى الخطة والمنهج في فقه المسائل المستحدثة والذي هو مادة البحث في هذه الدراسة، وفي هذا المجال فإنّ المصادر، والمؤلفات المتوفرة قليلة جداً قياساً بالمصنفات، والمصادر في المسائل المستحدثة التطبيقية، ففي هذا المجال هناك من كتب على شكل منهج وهو (فقه المسائل المستحدثة) للسيد علي عباس الموسويّ، وهو من أوسع الكتب التي تناولت المنهج بشكل عامّ، والكتاب الآخر (المبسوط في فقه المسائل المعاصرة) للشيخ محمّد القائني، إذ تناول في الجزء الأوّل بعض القواعد التي تشكل مقدّمة لتطبيق القواعد الأصولية.
خامساً: أسئلة الدراسة السؤال الأساس كيف تعاطى المنهج الأصوليّ مع فقه المسائل المستحدثة؟
الأسئلة الفرعيّة
1_ ما هو المراد من المصطلحات الآتية؟ المسائل المستحدثة، المنهج؟
2_ ما المنهج المتبع في تحديد الموضوع في المسائل المستحدثة، وما تأثيره على الموقف من تشخيص الموقف الشرعيّ منها؟ 3_ ما العلاقة بين الأحكام الأوّليّة وفقه المسائل المستحدثة؟
4_ كيف يمكن الإفادة من العمومات، والاطلاقات في تشخيص الموقف إزاء المسائل المستحدثة؟
5_ ما أثر دور الكشف عن ملاكات الأحكام في المسائلِ المستحدثة؟
6_ ما التخريج الفنيّ للعقود المستحدثة؟
7_ هل هناك أطر اجتهادية غير ما دونَّ في علم الأصول لاستنباط الحكم الشرعي في المسائلِ المستحدثة؟
8_ ما كيفية التفاعل بين الأحكام الثانويّة، وفقه المسائل المستحدثة، وما مدياتها؟ 9_ ما الدور الذي تلعبه الأصول العملية في فقه المسائلِ المستحدثة؟
10_ ما أهمية الحكم الولائي في فقه المسائلِ المستحدثة؟
سادساً: خطة الدراسة
تتضمن الدراسة ما يلي:
الفصل الأوّل: المسائل المستحدثة ضوابطها، أنواعها، مناهجها، أهميتها، وفيه محاور:
المحور الأوّل: الضابط في المسائل المستحدثة.
المحور الثاني: أنواع الموضوعات في المستحدثة.
المحور الثالث: مناهج الإستدلال في استنباط المسائلِ المستحدثة.
المحور الرابع: أهميّة البحث في المسائل المستحدثة.
الفصل الثاني: المباني الأصولية غير المدونة للمسائل المستحدثة،
وفيه محاور:
المحور الأوّل: تنقيح المناط.
المحور الثاني: تاريخية النص الديني.
المحور الثالث: تأثير الزمان والمكان على الحكم الشرعيّ.
المبحث الرابع: ملاكات الأحكام.
المحور الخامس: مذاق الشارع.
الفصل الثالث: المباني الأصولية المدونة للمسائل المستحدثة، وفيه محاور:
المحور الأول: الأولوية.
المحور الثاني: العلّة.
المحور الثالث: تحديد مصب إمضاء الشارع للسيرة العقلائية.
المحور الرابع: حجية العرف.
المحور الخامس: حجية الإطلاقات والعمومات في المسائلِ المستحدثة.
الفصل الرابع: القواعد الأصولية المختصة في العقود المستحدثة، وفيه محاور:
المحور الأوّل: مناهج التخريج الفني للعقود المستحدثة.
المحور الثاني: علاقة العقود المالية في الشكل أو المضمون.
المحور الثالث: تأثير الرضا الباطني في صحة العقود المستحدثة.
يطلب الكتاب من مكتبة الابرار الجديدة الرابعة شارع حمام الرسول سابع فرع على الجهة اليسرى 07706932576