الاجتهاد: يتضمّن هذا البحث معاني مفردات التربيّة والجنس لغة واصطلاحاً، ومفاهيم أساسيّة. ويتطرّق إلى الجنس في الحضارات المادّيّة القديمة والحديثة وكيف أثرّت على العالم الإسلاميّ، ويدخل إلى التربية الجنسية الإسلاميّة ويتطرّق إلى خصائصها وأهدافها ودور المؤسّسات التربويّة في تحقيق أهدافها كالأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام، ويذكر ضبط الغريزة الجنسيّة من حيث موقف الإسلام من الإباحيّة والرهبانيّة والضوابط الشرعيّة للتربيّة الجنسيّة، ويختتم بحثه بعدد من الاستنتاجات والتوصيات.
تمهيد: الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين
وبعد: نتناول في هذا البحث موضوع التربية الجنسية من منظور إسلاميّ، آملين أن يرسم الملامح لبداية تربيّة جنسيّة مستقرّة.
وتتمثل أهمية هذه الدراسة في أنّها تقدّم مبادرة بحثية متكاملة تتضح فيها جوانب التربية الجنسية في بعض الحضارات مثل المادّية والإسلامية ليتضح أيّهما أقوم لتنمية المجتمعات السليمة، وما هي التربية الجنسية الواجب مراعاتها في المؤسسات التربوية ابتداء بالأسرة ومروراً بالمسجد والمدرسة ووسائل الإعلام.
ويمثل هذا البحث دليلاً أولياً يمكن الاستناد إليه من قبل المربّين كمفتاحٍ لولوج هذا الجانب التربوي المتعلّق بكيفية تلبية الحاجة الجنسيّة الطبيعية في الفرد. واعتمد البحث على المنهج الاستقرائي الممزوج بشيء من الاستدلال.
مقدمة
يُعدّ الواقع التربويّ الحالي للتربيّة الجنسيّة سبباً محوريّاً في السعي للبحث في هذه القضية حيث تنحاز التربيّة بين تحرّج يقود لكبت الطاقة الجنسيّة نتيجة عدم التوعيّة السليمة بالكيفيّة الآمنة والشرعيّة لإشباع هذه الحاجة الغريزيّة، وبين انفتاحٍ كامل يؤدّي إلى الانحراف في إشباع هذه الطاقة نتيجة إزالة القيود والضوابط المعيّنة على فهم ما ينبغي وما لا ينبغي في قواعد التعامل مع هذه الحاجة، فيغدو الفرد بين إفراط وتفريط في تلبيّة حاجاته في معرفة طبيعة هذه الغريزة الجنسيّة.
لذلك كان لا بدّ من تسليط الضوء على قواعد التربية الجنسية في الإسلام؛ لأنّه المنبع الوحيد القادر على تزويد الفرد بالمعلومات التي تمكّنه من التعامل مع القضايا الجنسيّة تعاملاً آمنا يحقّق الصحّة الجنسيّة القائمة على إشباع الحاجة الجنسيّة بأساليب ووسائل تتوافق وإرادة الشارع.
الفصل الأول: مباحث تمهيديّة
المبحث الأوّل: معاني مفردات البحث
التربية لغةً: هي حسن القيام على الصبي. ربَّى الصبي وتربّاه: أحسن القيام عليه ووَليَه حتى يفارق الطفولة، كان ابنك أو لم يكن([1]).
التربية اصطلاحاً هي تنميّة أعضاء المولود الحسّية من ابتداء ولادته إلى بلوغه حدّ الكبر، وتنمية روحه بالمعارف الدينيّة والمعاشيّة. فبهذا انقسمت التربيّة إلى قسمين: حسّية، وهي تربيّة الجسد، ومعنوية، وهي تربيّة الروح([2]).
الجنس لغةً هو كلّ ضرب من الشيء والناس والطير، وحدود النحو والعروض والأشياء ويجمع على أَجْناس([3]).
الجنس اصطلاحاً هو تلك العاطفة الجسديّة ما بين الذكر والأنثى كما يعبّر عنها بـ (sex) في اللغة الإنجليزية وتطلق على ممارسة الجنس([4]).
المبحث الثاني: مفاهيم أساسية
مفهوم التربية الجنسية هي إمداد الفرد بالمعلومات العلمية، والخبرات الصحيحة، والاتجاهات السلمية، إزاء المسائل الجنسيّة، بقدر ما يسمح به النمو الجسميّ الفسيولوجيّ والعقليّ والانفعاليّ والاجتماعيّ، وفي إطار التعاليم الدينية والمعايير الاجتماعيّة والقيم الأخلاقيّة السائدة في المجتمع، مما يؤدّي إلى حسن توافقه في المواقف الجنسيّة، ومواجهة مشكلاته الجنسيّة مواجهة واقعيّة تؤدّي إلى الصحّة النفسيّة([5]).
مفهوم الغريزة
الغريزة في اللغة الطبيعة والقريحة والسجيّة من خير أو شر وهي الأصل والطبيعة([6])، وفي الاصطلاح هي الميل الفطريّ الذي يدفع الإنسان، إلى العمل في اتجاه معين تحت ضغط حاجاته الحيوية([7])، والغريزة كما هو المستفاد من معناها أمر مغروز في داخل الذات، يتفاعل مع المحيط الخارجي لينطلق نحو الاستجابة والإشباع، وهي قوة لا نلاحظها مباشرة، بل نستنتجها من الاتجاه العام للسلوك الصادر منها في الواقع،
ومن هنا فللغريزة مظاهر ثلاثة: ١- مثير خارجيّ. ۲- سلوك عمليّ. ۳- هدف يراد تحقيقه.
وبعبارة أخرى إنّ الغريزة تتفاعل مع الشعور بمظاهره الثلاثة: الإدراك، والانفعال، والرغبة للتحقيق، فهي تتفاعل مع المثير الخارجيّ وتنفعل مع مظاهره المتنوعة، وتنطلق لتحقيق هدفها وهو الإشباع والارتواء، وهذا التفاعل والانطلاق هو أمر فطريّ لا يختلف ولا يتخلّف من فرد لآخر،
وأمّا السلوك الصادر عن الغريزة، فهو أمر تتحكّم به إرادة الإنسان وما يحمله من مبنيات فكريّة وعاطفيّة وخُلقيّة من حيث نظرته للكون وللحياة والمجتمع، فيكون منسجماً معها مطابقاً للأسس والقواعد التي تبناها في رسم منهجه في الحياة، ولهذا يختلف سلوك الإنسان وممارساته العملية اندفاعاً وانكماشاً من إنسان لآخر تبعا لدرجات إيمانه واعتقاده بمتبنياته.
مفهوم العقل والشهوة
الغرائز متنوّعة بتنوّع تركيبة الإنسان وكينونته، فهو جسد وروح، ولكلّ منهما وظائفه الخاصّة المترتّبة على الحاجات الأساسيّة العضويّة والوجدانيّة في آن واحد، والتقسيم الثنائي للغرائز يرجعها إلى العقل والشهوة، وهما الأساس الذي تتفرّع وتتنوّع منهما سائر الغرائز والدوافع والحاجات،
قال أمير المؤمنين: إنّ الله عزّ وجلّ ركّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة وركّب في البهائم شهوة بلا عقل، وركّب في بني آدم كليهما فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم< ([8]).
والعقل غريزة يتهيّأ بها إدراك العلوم النظريّة وتدبير الصناعات وكأنّه نور يُقذف في القلب، وبه يستعدّ لإدراك الأشياء([9])، والشهوة تطلب اللذّة بالمأكول والمنكوح، وبالجملة تحصيل الملائم([10])، فمن العقل تتفرّع غريزة التديّن وغريزة التكامل أو حبّ الكمال، وغريزة الأمن والاستقرار، ومن الشهوة تتفرّع غريزة الجوع والغريزة الجنسيّة وغريزة البقاء وبقية الغرائز ذات الطابع الجسمانيّ،
عن الإمام جعفر الصادق”عليه السلام” قال: >إنّ أوّل ما عصِي الله به ستّة أشياء: حبّ الدنيا، وحبّ الرئاسة، وحبّ الطعام، وحبّ النوم، وحبّ الراحة، وحبّ النّساء< ([11])،
وقد أيّد العلم الحديث ما قاله الإمام عليّ”عليه السلام” في نظرته للإنسان، حيث إنّ المفهوم السائد في هذا العصر هو أنّ الإنسان لا هو حيوان ولا هومن السماء، ولكنّه بين الاثنين، وتطوّره يعتمد على تمييزه المضبوط لطبيعة إمكاناته المحدودة، فالظاهر أنّ الإنسان في رأي أمير المؤمنين”عليه السلام” تتجاذبه قوّتان: الشهوة والعقل، وهذه القوى تكبر لديه في الظهور واليقظة، وتسرع عنده في النمو والتأثير، وهي المؤثّرة في بنائه الخلقيّ والنفسيّ،
فإذا نَمت قوّة الشهوة وتغلّبت على قوّة العقل فإنّ الإنسان سيكون مستسلماً لهواه وملذّاته وسيشبعها دون قيود أو شروط في أجواء المثيرات والمغريات الخارجيّة إلى أن يصبح كالحيوان همّه بطنه وفرجه، أو يقف الواقع حائلاً دون إشباعها، فيؤدّي ذلك إلى اختلال التوازن النفسيّ والانفعاليّ في كيانه فيصاب بالاضطراب النفسيّ والروحيّ، وإذا غلبت قوّةُ العقل قوّةَ الشهوة، فإنّ الإنسان سيشبعها في وجهها الإيجابيّ، فهو لا يوقف الشهوة ولا يعطّلها بل يوجّهها وجهة عقلانيّة ويقيّدها بقيود الشريعة أو يؤجّل إشباعها إلى ظرفها المناسب المشروع.
ودور العقل هو تعديل الشهوة وتهذيبها واستبدال مثيراتها الطبيعية بمثيرات أخرى تتجه بها إلى السمو والكمال، وتستبدل به سلوكها الفطري إلى سلوك فيه النضج والقوّة للفرد والصلاح للمجتمع، والعقل يقدّم التسامي على اللذّات الفانية، ويوّجه الإنسان إلى طاعة ربّه ويقدّمها على غيرها،
ويصف الإمام محمد الباقر”عليه السلام” أهل التقوى قائلاً: >أخَّروا شهواتهم ولذّاتهم خلفهم وقدّموا طاعة ربّهم أمامهم<([12])، فالإمام لم يقل ألغوا شهواتهم ولذّاتهم أو عطّلوها، بل قال أخرّوا، لأنّ منهج أهل البيت^ هو منهج التوازن ([13]).
وخلاصة القول: إنّ غلبة العقل على الشهوة -بمعنى تحكّمه فيها- يجعل الإنسان في قمّة السمو والتكامل، وإنّ غلبة الشهوة على العقل تجعل الإنسان في المستنقع الآسن وفي ركب الطالحين،
قال الإمام جعفر الصادق”عليه السلام”: >لا تدع النفس وهواها فإنّ هواها في رداها وترك النفس وما تهوى أذاها وكفّ النّفس عمّا تهوى دواها<([14]).
الفصل الثاني: الجنس في الحضارات الماديّة
القرآن الكريم تحدّث عن قوم النبيّ لوط وظاهرة (اللواط) التي تفشّت فيهم وأنّه كان همّ نبيّهم إزالتها والقضاء عليها وقد ذكرها القرآن الكريم کسبب أوحد لاستحقاقهم العذاب والإبادة، بهدف التخويف من انتقام الله وبطشه حينما يتمرّد العباد على أوامر الله تعالى، كما ذكر القرآن الكريم قصّة النبيّ يوسف التي تدور في أحد محاورها حول العفّة الجنسيّة بهدف التربيّة والتعلّم وحثّ الإنسان على التشبّه بموقف نبيّ الله عندما قهر شهوته بالإرادة الحازمة وقهر رغبته بتقوى الله وطاعته،
وبذلك لم يكن هدف القرآن الكريم تأريخ الانحراف الجنسيّ بنحو الاستيعاب ولم يكن فيه استغراق في ذلك بل هو طرق خفيف يراد به الاعتبار وضرب المثل.
المبحث الأوّل: الحضارات الماديّة القديمة
الحضارات عديدة ومتنوعة، ومع ذلك من الصعب أن نتصوّر مجتمعاً خالياً من النشاط الجنسيّ بشكل من الأشكال، قد عاش في علاقاته تبتّلاً وزهداً وعزوفاً عن ممارسة الجنس، ذلك لأنّ العلاقة الجنسيّة قد وجدت مع وجود الإنسان وأظهرت نفسها تطلب نصيبها من العناية،
فكان كلّ من الرجل والمرأة يحققان قضاء الوطر وإشباع الرغبة لبعضهما، ولترتّب الحمل والولادة على هذه العلاقة استوجب وجودُ الوليد مزيداً من التبعات التي وسّعت تلك العلاقة الجنسيّة البحتة ونقلتها من كونها مجرّد علاقة شهويّة إلى علاقة إنسانيّة اجتماعيّة،
وبذلك يكون النشاط الجنسيّ قد عاصر الإنسان منذ وجوده، ففي المجتمعات المنحرفة كان يتمّ إشباع الرغبة الجنسيّة كيف ما اتفق، فكما وُجد نظام الزواج قد وُجد التحلّل والإباحيّة، وكما وجد تعدّد الزوجات قد وجد تعدّد الأزواج، وكما وجدت العلاقة السويّة وجدت العلاقة الشاذة والمنحرفة.
والحضارات التي وصلتنا أخبارها وجد فيها جميعاً نظام الزواج كطريق لإشباع الرغبة الجنسيّة، كما أقرّ في كثير من الحضارات تعدّد الزوجات بنحو أو بآخر، في الوقت الذي لم تسجل فيه أيّة حضارة تعدّد الأزواج كنظام، وكان هذا هو النشاط السوي والطبيعي، بل والمحافظ أيضاً المتمثّل في احترام نظام الزواج وإدانة الزنا وأنواع الشذوذ.
فإلى جانب الممارسات السوية وجد الانحراف في إشباع هذه الرغبة في الطبقات الثرية المترفة التي تعيش الإفراط في كلّ شيء وتطلب الاستزادة من كلّ شيء مثل الحضارة الرومانية والحضارة الإغريقية، وإنّ ما يكتشف من آثار هذه الحضارات شاهد على بعض ما وصلت إليه من الانحراف الذي وصل إلى حدّ ممارسات الجنس الجماعية، وإلى عبادة الذَّكر وليس في هذا عجب ذلك لأن الانحراف ليس خاصاً بمجتمعاتنا الحديثة وحضارتنا المادّية، بل هو موجود في المجتمعات القديمة أيضاً بنحو مشابه؛ لأن الإنسان هو الإنسان في آماله ورغباته على مرّ العصور، فما هو سويّ وطيب يوجد باستمرار ويتكرّر، وما هو منحرف وسيء يوجد كذلك باستمرار ويتكرّر.
أغلب المجتمعات القديمة قد عاشت درجة جيّدة من المحافظة في نشاطها الجنسيّ، وجلّها عاشت أنواعاً من الانحرافات لم تصل في كثير من الأحيان إلى مرتبة (الظاهرة) بل التحرّر الجنسيّ لم يكن إلا مرضاً يصيب طبقة معينة في مرحلة محدّدة من تاريخ الحضارة يؤدّي أخيراً إلى زوالها وانهيارها وقيام حضارة أخرى أكثر محافظة وأقلّ انحرافاً.
المبحث الثاني: الحضارة المادية الحديثة
“ينحصر حديثنا في هذا الجزء على أماكن نفوذ الديانة المسيحيّة في الغرب أو في الشرق، ذلك أنّ مولد هذه الحضارة ونشؤها كان في تلك البلاد المحكومة بالنصرانيّة والتي كان جفاف هذه الديانة ونظرتها المتزمتة إلى قضايا الجنس أحد الأسباب التي ولّدت (ظاهرة) التحرّر الجنسيّ التي يعيشها عصرنا”([15])،
هذه الظاهرة التي لم تعد خفيّة على أحد والتي طالت بآثارها ونتائجها كلّ المجتمعات بنحو من الأنحاء، والتي هي في الحقيقة إحدى أزمات عصرنا التي لم يوجد لها مثيل على الإطلاق، وأصبحت خطراً حقيقياً على كيان الإنسان ووجوده، وإنّ مثل هذه الظاهرة جديرة بأن تبحث ولو بشيء من الاختصار في هذه النقاط الثلاث:
أوّلا: المظاهر الظاهرة ما دامت كامنة خفيّة غير ظاهرة في طبيعتها ولا مكتشفة من آثارها لا يشغل البال شيء، فإذا صارت مكشوفة واضحة ومعروفة يصبح البال مشغولاً بها، بل يصبح خطرها الحقيقيّ أكثر وضوحاً كما تصبح مراقبتها أكثر يسراً،
ولقد قلنا إنّ الممارسات الجنسيّة الحديثة لا تختلف كثيراً عن الماضي في ألوانها وفنونها، فلذا لن يكون هذا هو المظهر الذي نبحث عنه لظاهرة التحرّر الجنسيّ بل إنّ الذي يلفت النظر هنا هو شيوع هذه الممارسات في كلّ مجتمعات الحضارة الحديثة والقبول بها وبروزها إلى العلن. وبالتالي جعلها مبذولة وأكثر يسراً ومن ثمّ أكثر تأثيراً وأعظم إغراءً.
ثانيا: الأسباب المسؤول الأساس والسبب الرئيس في هذه الظاهرة هو النّمط الفكريّ الذي تتبناه المجتمعات التي تتواجد فيها، ومن الواضح أنّ محتوى الحضارة الحديثة هو الفكر الماديّ الذي يركّز على حاجات الإنسان الماديّة وحياته الدنيا، والذي يفسّر کلّ النشاطات -حتى الفكريّة- تفسيرات ماديّة مجرِداً عنها كلّ قيمة روحيّة وأخلاقيّة، ويستهجن كلّ توجّه مثاليّ تضحويّ، وقد برزت تلك الروح في كلّ إنجازات الحضارة الحديثة الفكريّة والاجتماعيّة والسياسيّة وغيرها، لتتجسّد أنانيةً وجشعاً وحقارةً في سلوك الناس ومواقفهم.
وإذا وجد في أتباع هذه الحضارة من يدعو إلى بعض النزعات المثالية والأخلاقية فانه قد تأثر بالتيار الديني وبالروح الدينية وهم قلة في عصرنا إضافة إلى أن رؤاهم مشوهة وعديمة القيمة.
كما كان لبعض النظريات العلميّة دورها المهمّ في تذكية هذه الروح وتقديم المبرّرات لها خاصة أبحاث علم النفس وفلسفة الدافع الجنسيّ خلقت جوّاً متعاطفاً مع التحرّر وداعياً له وقابلاً به، على أساس أنّ النشاط الجنسيّ هو مفتاح كلّ شيء، حتى الإبداع الفكريّ.
ثالثا: النتائج ظاهرة التحرّر الجنسيّ يترتّب عليها كثير من الآثار الخطيرة التي تهدّد بقاء الإنسان والحضارة، وتتعدّد هذه الآثار وتتنوّع متمثّلة في الظلم الواقع على الفرد، وفي التفكّك الذي يقوّض الأسرة، وفي الخواء والفراغ القاتلين الذين يؤدّيان إلى الانتحار،
فقد صار مألوفاً ارتكاب الجرائم الجنسيّة التي تهدّد أمن الأفراد حتى أنه سجل في بعض البلدان وقوع حادثة اغتصاب واحدة كل دقيقتين، وحوادث القتل والتشويه ذات الدوافع الجنسيّة، كما صار من الواضح امتهان كرامة المرأة وأنوثتها من جهة، وابتذال العمل الجنسيّ وفقدانه لحيويّته بعد أن صار الجنس في كلّ مكان وبأصرح التفاصيل،
کما صار من المألوف انصراف الفرد عن الزواج وتكوين الأسرة وعدم إنجاب الأطفال تفضيلا للذّة على المسؤوليّة، الأمر الذي ترتّب عليه توقّف نمو السكان وتوقّع نقص نسبة المواليد عن نسبة الوفيات، والذي جعل جملة من الدول تتفنّن في إغراء الناس بالإنجاب.
والذي جعل نسبة الطلاق عالية حتى في البلدان الاشتراكيّة، كما صار من المألوف أن نسمع بحوادث الانتحار التي صارت مخيفة في بعض البلدان وخاصة التي تنعم بقدر كبير من الاستقرار والحرّية الجنسيّة، وبالطبع ليس السبب إلا الإحساس بالامتلاء وفقدان الدور والخواء النفسيّ الذي يجعل الحياة عديمة القيمة والمعنى.
المبحث الثالث: آثار الحضارات الماديّة في العالم الإسلاميّ
العالم الإسلاميّ لم يكن بعيداً عن هذه المتغيرات التي حدثت في العالم الغربيّ والتي لا تزال تحدث،
ففي بداية هذا القرن حدثت بعض هذه المتغيرات بسعي الحكّام الذين اطلعوا على منجزات الحضارة الحديثة وأرسلوا البعثات في وقت مبكّر إلى أوروبا من أجل العلم والتخصّص العالي في مجالات متنوّعة، وقد عادوا يحملون آراء وأفكار الغرب، فكان لهؤلاء أعظم تأثيراً في دعم التحرّر الجنسيّ والعقليّ، وقد توجهت هجماتهم مباشرة إلى الإسلام الموجود عند الناس بشكل أو بآخر من أجل تحطيمه وإبعاد الناس عنه وتقديم البديل الغربيّ!
الفصل الثالث: التربية الجنسية الإسلامية
التربية الجنسية في الإسلام يُقصد بها توجيه کلا الجنسين من منظور دينيّ وأخلاقيّ نحو المسائل الجنسيّة، والتغيّرات الجسميّة التي قد تفاجئ أبناءنا على حين غفلة.
والتربية الجنسية في الإسلام تهدف إلى تربيّة كلّ من الذكر والأنثى على كيفيّة العيش والتعامل مع بعضهما البعض في مواقف الحياة. واكتساب أنواع السلوك المرغوب في العلاقة بينهما تعاملاً راقياً على أرقى مستوى من الفهم والتعقّل والإنسانية والخلق السليم.
المبحث الأوّل: خصائص التربية الجنسية
الخصيصة الأولى: ربّانية التربية الجنسية ربّانية في مصادرها، وعدم التناقض والانحراف يؤكّدان على ذلك، حيث جعل الله! تلك الغريزة الجنسيّة المرحلة الأولى من مراحل تكوّن الإنسان قال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ والتَّرَائِبِ}([16])، وما يشعر بربّانية التربية الجنسية الرّبط بين الإيمان ومبادئ وأحكام تلك التربيّة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً}([17])،
وهذا يعني أنّ الإسلام يستجيب للطبيعة الجنسيّة، ولكن بعد أن يربّى الإنسان على تقوى الله! والخوف منه ومراقبته، حتى يكون مسلماً منضبطاً من الناحية الأخلاقيّة، ومتحلّياً بفضائلها.
الخصيصة الثانية: ضروريّة الغريزة الجنسيّة ضروريّة مثلها مثل أيّ طاقة حيويّة في كيان الإنسان، جعلها الله! ورتّب لها من المشاعر والأفكار في داخل النفس ما يتلاءم من الطاقة الجسديّة في الإنسان، حتى يسيراً معاً سيراً متوازياً ومتسانداً، ويلتقيا في كلّ المسائل الحيويّة الأخرى، ثم رتّب له وصايا في منهجه المنزّل من التنظيمات والتوجيهات والتشريعات ما يحقّق أهدافه في الوضع السليم كطريقة الإسلام في كلّ شيء،
ومن هذا المنطلق فإنّ التربية الجنسية تعدّ ضرورة لأنّ الحياة لا يمكن أن تستمر إلا من خلال التزاوج القائم على الديمومة الذي لا يقف في جيل من الأجيال، فلا بدّ إذاً من أن يكون في نفس كلّ فرد في كلّ جيل ما يحمله على طلب الجنس ليتم التزاوج، ويخرج من خلاله النسل الجديد الذي به تعمر الأرض وفق المنهج الذي وضعه الله!.
الخصيصة الثالثة: واقعيّة الإسلام يقرّ بواقعيّة ما جبل عليه الإنسان من تركيب يسمى شهوانيّاً وميلاً جنسيّاً، حيث يتعامل مع تلك الغرائز وفق منهجيّة واقعيّة، فلم يلجأ إلى كبتها ولم يعمل على فتح الباب على مصراعيه للإباحيّة التي لا تتوقف عند حدّ.
وتتمثّل واقعيّة الإسلام في التربية الجنسية أنّه راعی حبّ الذريّة في النفس الإنسانيّة ورغباته وحاجاته البيولوجيّة والنفسيّة، وأباح التعدّد، وحرّم الخلوة بالمرأة الأجنبية مخافة وقوع الفاحشة.
الخصيصة الرابعة: الشمول التربية الجنسية في الإسلام شاملة لكلّ جوانب حياة الإنسان بدءً من مرحلة اختيار الزوجين وكيفية قضاء الشهوة الجنسيّة بالعلاقة المشروعة، وما يباح من العلاقة الجنسيّة وما يحرم، ثمّ يثبت بعد ذلك الطرق الوقائيّة والعلاجيّة التي تضبط حياة المسلم ضبطاً سليماً لكي يبقى الفرد آمناً في مجتمع طاهر نظيف.
الخصيصة الخامسة: الاستمرار التربية الجنسية الإسلاميّة مضافاً إلى شمولها فإنّها كذلك عمليّة مستمرّة لا تقتصر على سنّ معينّة؛ فهي تبدأ من مرحلة ما قبل الولادة وتستمر مع الإنسان حتى يوارى تحت التراب، وهذا إن دلّ على شي فإنّما يدلّ على أنّ التربية الجنسية الإسلاميّة تربيّة مستمرّة مع الإنسان في كلّ مراحل حياته.
الخصيصة السادسة: التوازن التربية الجنسية في الإسلام تربيّة متوازنة معتدلة لا يطغى فيها جانب على جانب فهي غريزة أوجدها الله في الإنسان بضوابط ومعايير تمنع إشاعة الفوضى في حياة الإنسان وترتقي بسلوكه ليتوافق والغاية التي وجدت لأجلها البشريّة من خلافة الأرض وإعمارها، قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ}([18]).
الخصيصة السابعة: التكامل التربية الجنسية الإسلامية تربيّة يكمّل بعضها بعضاً في حياة الإنسان، أي أنّها لا تتجزّأ، ولا يمكن الاهتمام بجانب وإهمال آخر لأنّ هذا يؤدّي إلى عدم إتيان الثمار، ويتضح هذا من خلال أحكام ومبادئ تلك التربيّة، الفتاة مثلاً عندما تبلغ المحيض يكون هذا علامة بارزه على تغيّر دورها، فيزوّدها الإسلام بالمعارف اللازمة لهذه المرحلة من معرفة الأحكام الشرعية والعبادات المتطلبة.
المبحث الثاني: أهداف التربية الجنسية الإسلامية
وضع الإسلام أهدافاً للتربيّة الجنسيّة، ووجّه الإنسان إلى بلوغها حتى تكون التربية الجنسية تربيّة سليمة خالية من الانحرافات، وهذه الأهداف كالآتي:
الهدف الأوّل: البناء الإيمانيّ الإيمان القويّ في نفسيّة الفرد يكون واقياً وحافظاً له من الانحراف وزاجراً له من الوقوع في المعاصي، ويترتّب على هذا البناء الإيمانيّ تكوين وعي أخلاقيّ يحفظ الفرد والمجتمع معاً.
الهدف الثاني: تكوين أواصر المحبّة القوّة في أواصر المودّة والمحبّة والسكينة بين الرجل والمرأة من أهمّ الأهداف، وهذا ما أكّده المولى! بقوله تعالى: {ومِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ورَحْمَةً إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}([19])، أي أنّ التربية الجنسية تؤدّي إلى السكينة والاستقرار والمودّة والرّحمة والطمأنينة بين الزوجين، وهذا يؤدّي إلى حفظهما من التوتّر والقلق والاضطراب.
الهدف الثالث: ترسيخ العفّة العفّة والاستعفاف تساعد في التسامي والترفّع عن الأمور الدنيئة التي تنزلق بالمجتمع إلى الهاوية، وبالتالي بلوغ سبيل الطهر والعفاف، قال أبي عبد الله”عليه السلام”:قال رسول الله: خير نسائكم العفيفة الغَلِمة<([20]).
الهدف الرابع: التزويد بالمعلومات المعلومات الصحيحة فيما يخص التربية الجنسية مهمّة جدّاً في مراحل العمر المختلفة حتى يكون الفرد على بيّنة واضحة فيما يخصّ العلاقة الجنسيّة حتى تساهم هذه التربيّة في أداء الدور الوظيفيّ الفاعل للشخصيّة التي تتمتّع بالصحّة النفسيّة وتسهم في تحقيق الذات، وتعليم الفرد الألفاظ العلميّة المتعلقة بالأعضاء التناسليّة والسلوك الجنسيّ مسترشداً بما جاء في القرآن الكريم والسنّة النبويّة والأصول العلميّة الحديثة، ووضع الحلول الوقائيّة والعلاجيّة للمشكلات الجنسيّة حتى يبقى المجتمع مجتمعاً طاهراً نظيفاً خالياً من الأمراض الجنسيّة والمعنويّة.
المبحث الثالث: دور المؤسّسات التربويّة في التربية الجنسية
المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق المؤسّسات التربويّة ذات الصلة بالإنسان لما لها من دور كبير في صقل شخصية الإنسان وتعديل سلوكه نحو الأفضل حتى تنشأ شخصية مسلمة متوازنة لا يطغى فيها جانب على جانب آخر،
ومن أهم هذه المؤسسات: الأسرة، المدرسة، المسجد، والإعلام، وهي مؤسّسات يكمّل بعضها بعضا في أداء الدور التربوي.
المؤسّسة الأولى: الأسرة
الأسرة هي المؤسّسة الأولى التي يتلقّى فيها الفرد تربيته، فهي تواكب الطفل منذ بداية حياته وحتى الممات وفيها تتكوّن شخصيّته، لهذا فدور الأسرة في التربية الجنسية مهمّ لا يمكن غضّ الطرف عنه،
ويتمثّل دور الأسرة في المراحل الآتية:
المرحلة الأولى: ما قبل الولادة مرحلة ما قبل الولادة تبدأ باختيار الزوجين وقد أوصى الإسلام الرجل والمرأة أن يختار كلّ منهما الآخر على أساس الدين والخلق([21])،كما أوجب الإسلام على الزوجين مراعاة آداب المعاشرة الزوجيّة[22].
المرحلة الثانية: الطفولة وحتى سنّ البلوغ هذه المرحلة منحصرة تقريباً بين عمر سنتين إلى اثنتي عشر سنة، ويتمثّل دور الأسرة في هذه المرحلة في بناء العقيدة القويّة للطفل من خلال الأساليب الوقائيّة كالأذان والإقامة في أذنه ليكن أول ما يسمعه كلمات التوحيد وإعلان العبودية لله عز وجل، وتعليمه الصلاة، والحثّ على الصلاة لأنّها وسيلة فعالة لإبعاد الإنسان عن المعاصي وغرس القيم الروحية وفضائل الأخلاق وتعويد الطفل على الانضباط والنّظام وتهذيب نفسه مما ينعكس على سلوكه، وكذلك تدريبه على بقية العبادات لما لها من تأثير إيجابي في حياته وسلوكه.
والتربيّة باللعب أسلوب تربويّ أساسيّ في هذه المرحلة، وذلك من خلال بعض الألعاب لتعليم الأطفال بعض الفروق بين الذكر والأنثى بما يتناسب مع قدراتهم العقليّة والنفسيّة، ويجب تعليمهم آداب الاستئذان أيضاً،
فالاستئذان خلق إسلاميّ رفيع أكدّ عليه القرآن الكريم نظراً لدوره في المحافظة على العورات داخل البيوت وصيانتها، وأبرز هدف من الاستئذان ألّا تقع أنظارهم على عورات آبائهم وأمهاتهم، وبالتالي قد تُحدث هذه المشاهد آثاراً نفسيّة تنعكس سلباً على شخصياتهم، وتعليمهم أحكام اللباس لستر العورة وحفظ الصحّة. وتربيتهم على غضّ البصر.
فإذا وجد الطفل البيئة الصالحة التي تعامله منذ ولادته معاملة صحيحة فإنّه ينمو نموّاً صحيحاً، أمّا إذا شبّ الطفل في أسرة لا تسمح بالنموّ الجنسيّ السليم، فإنّ المشكلات الجنسيّة تبدأ في الظهور وتتراكم حتى تعبر عن نفسها في مرحلة المراهقة.
المرحلة الثالثة: مرحلة المراهقة مرحلة المراهقة يحصرها بعضهم بين عمر اثنتي عشرة سنة إلى ثمان عشرة سنة، وفي هذه المرحلة يجب شرح ما يطرأ على المراهق من تغييرات فسيولوجيّة، ولا بدّ من تضافر جهود الآباء والمدرسين في توصيل المعلومات الصحيحة إليه وإعطاء الحلّ لكلّ مشكلة ولغز محيّر لديه بضوابط شرعية صحيحة لتبصير المراهق وتحذيره من مغبّة مخالفة الشرع المقدس.
وتعمل التربيّة الإسلاميّة على سدّ كل الذرائع التي تهيّج الشهوة في غير محلّها التي قد تصيب الشباب من الجنسين باضطرابات وآلام نفسيّة، وصرف هذه الطاقة إلى أهداف أخرى والتسامي عن ذلك إلى حين توفّر الظروف المناسبة للزواج.
المرحلة الرابعة: الشباب دور الأسرة يبقى قائماً حتى بعد مرحلة المراهقة الصعبة التي مرّ بها الأبناء، وهي مرحلة الشباب وفي هذه المرحلة يجب على الوالدين تعليم أبناءهم عدّة أمور
منها: الحقوق الزوجية المترتبة على كلّ منهما، مثل: العلاقة الجنسيّة، والتزيّن، وحفظ الأسرار الزوجيّة، والمحافظة على بيت الزوجيّة، وهذه أمور واجبه على المرأة كما هي على الرجل فإن الله! أمر الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، قال تعالى: {عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}([23])، ونفهم من هذا أنّ زينة المرأة لزوجها والظهور بمظهر حسن ورائحة طيّبة تقي من النظر إلى غيرها والانحراف عن الصواب، وكذلك الرجل إذا تزين لامرأته ورأت منه منظراً جميلاً ورائحة طيبة فلا ينصرف نظرها إلى غيره ولا تتمنى غيره.
وحفظ الأسرار من الحقوق الزوجيّة المتعلقة بقواعد التربية الجنسية الزوجيّة، وذلك لما يترتّب على عكسه من الإساءة للزوجين ونشر خصوصياتهما، وهذا أمر خطير، وقد يؤدّي إلى إنهاء الحياة الزوجية.
ويضاف إلى أصول التربية الجنسية حفظ المرأة لعرض زوجها وعدم إدخال رجل غريب إلى بيتها، ويضيف الإسلام الغيرة كأصل من أصول التربية الجنسية الصحيحة، غيرة الرجل على زوجته وبناته الغيرة المحمودة: وهي الغيرة المنضبطة مع الدين في حدود الاعتدال وهي علامة حب الزوج لزوجته،
وإذا تعدّت ذلك لربّما تنقلب إلى سوء الظنّ والشكّ في الزوجة وبالتالي إلى إنهاء الحياة الزوجيّة، كما أنّ عدم الغيرة كارثة ومصيبة لأنّ الزوج الذي تنعدم فيه الغيرة يتساوى عنده احتشام زوجته وبناته وعدمه، وقد حذر الرسول| من مثل ذلك بقوله|: >كان أبي إبراهيم”عليه السلام” غيوراً وأنا أغير منه وأرغم الله أنف من لا يغار من المؤمنين«([24]).
وضبط الإسلام التربية الجنسية في العلاقة القائمة بين الزوجين من جانب الزوج من خلال عدم الهجر في المضاجع: والهجر هنا من غير مقصد شرعي، لأنّ الهجر الشرعي هو نوع من التأديب للزوجة كما ذكر القرآن الكريم ذلك، قال تعالى: {اللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}([25])، وهجر المرأة دون ضوابط شرعيّة يؤدّي إلى الانحراف عن الطريق الصحيح.
المؤسّسة الثانية: المدرسة
المدرسة تعدّ مؤسّسة تربويّة تعليميّة أساسيّة بعد البيت، ولها دور كبير في تثقيف الطلاب والتأثير في شخصياتهم، ومن هنا يبدو دورها واضحاً في التربيّة الجنسيّة من خلال تزويد الطلاب بالمعلومات اللازمة، ويكون هذا من خلال مادة التربيّة الإسلامية التي تبين بعض القضايا المتعلقة بالجنس، وكذلك في مادة التربيّة الرياضية التي يتحدث فيها المدرس عن فسيولوجية جسم الإنسان وعن التغيرات المتعلقة بمراحل نموه، ومادة الأحياء حيث تتضمن هذه المادة الدراسية المعلومات المتعلقة بالجهاز التناسلي عند الذكر والأنثى، وما يطرأ عليها من تغيّرات جسدية هي في حقيقتها تغيّرات طبيعية تحصل مع كلّ إنسان خلقه الله ،
ويبدو دور المدرسة أيضاً من خلال المرشد الاجتماعي والنّفسي واللذان بدورهما يساعدان الطلبة في حلّ مشاكلهم النفسية الجنسيّة وتوجيههم الوجهة الصحيحة في كلّ مرحلة، والمطلوب هو إدراك الطلبة التغيّرات الطبيعية وتعليم كلّ منهم كيفية التعامل معها، ويتوقّف نجاح دور المدرسة في التربيّة الجنسيّة على توفر المعلّم القدوة صاحب السلوك الحسن السويّ حتى يتمكن من غرس القيم والأخلاق الفاضلة في نفوس الطلاب، فيتأثّر الطالب بسلوك معلّمه بحيث تدفعه نظرة التقدير والاحترام إلى تقليد سلوكه والتمثل بما يدعو إليه.
المؤسّسة الثالثة: المسجد
المسجد أحد المؤسّسات التربويّة التي لها أثر كبير جدّاً في سلوك الناس وفي صقل شخصيّة المسلم، ويكون دوره من خلال ما يعطيه عالم الدين من خطب ودروس ومواعظ مؤثّرة، وله دور كبير فيما يتعلّق بالتربيّة الجنسيّة وأحكامها بأنّ يعلّمها الناس بطريقة سليمة صحيحة وطريقة عصرية تتناسب مع الواقع شريطة أن لا تخرج عن حدود الأدب وعدم استعمال الألفاظ الجارحة والبذيئة، وكما أنّ عالم الدين يعلّم الشباب فكذلك عالمات الدين تعلّمن النساء ما يتعلق بالحياة الجنسيّة وتهذيب الغريزة.
المؤسّسة الرابع: المؤسّسات الإعلاميّة
الإعلام مؤسّسة مجتمعيّة لها دورها الكبير في التأثير في نفوس الناس، وقد تنوّعت أساليب الإعلام في الوقت الحاضر، وغزت كلّ بيت بل أصبحت في متناول الجميع صغاراً وكباراً، والإعلام له دور خطير جداً في هدم الأخلاق إذا لم يستعمل الاستعمال الحسن، ويوجّه التوجيه الإسلاميّ الصحيح حتى يؤدّي دوره الإيجابيّ المنوط به،
وقد أكّد القرآن الكريم على أهميّة الكلمة الطيّبة كونها مؤثّرة في المجتمع، قال تعالى: {أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ويَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}([26])، ومن هذا المنطلق يتوجّب على القائمين على وسائل الإعلام بكافة أنواعها، أن يوجّهوا هذه الوسائل إلى الوجهة الصحيحة والسليمة.
كما ينبغي على وسائل الإعلام أن تبثّ البرامج التوعويّة فيما يتعلق بالتربيّة الجنسيّة وتوجيهها الوجهة الصحيحة، والانحرافات الجنسيّة وما يترتب عليها من أمراض ومصائب وكوارث. وما يخصّ الأسرة، من تربيّة الأولاد ومخاطر الاختلاط ومخاطر التبرّج، وأثر ذلك على الشباب المراهقين من قبل الفتيات، وتوعية المرأة بأهمّيّة الحشمة والالتزام باللباس الشرعيّ.
ويجب على أجهزة الدولة صاحبة الاختصاص والمعنية مراقبة كلّ ما يبثّ من خلال وسائل الإعلام قبل أن يبثّ، ومراقبة كلّ ما يكتب وينشر في الكتب والمجلات حتى لا تكون هذه البرامج المبثوثة وكذلك المادّة المكتوبة وسائل هدم للأخلاق وتدمير للشباب.
كما أنّه يجب على الأسرة أن تراقب أبناءها، وما الذي يتابعونه على شاشات الأجهزة المختلفة وان يكون الأب والأم قدوة صالحة لأبنائهم.
المبحث الرابع: منهج الإسلام في ضبط الغريزة الجنسيّة
المطلب الأول: موقف الإسلام من الغريزة الجنسيّة بين الإباحية والرهبانيّة
الإسلام منهج متّفق مع الفطرة الإنسانية ويذمّ الرهبانيّة القائمة على مبدأ كبت الميول والشهوات التي دعت إليها النصرانية حيث أنكر القرآن على الذين يحرّمون زينة الله، في قوله تعالی: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ والطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}([27])، فإنّ الله! خلق الإنسان وجعل فيه غريزة جنسيّة وشرّع له الزواج لإرواء وضبط تلك الغريزة.
المطلب الثاني: الضوابط الشرعيّة للتربية الجنسية
الإسلام منهج أقرّ بالتربيّة الجنسيّة ووضع لها ضوابط شرعيّة تحكمها وأعطى توجيهات عمليّة مفيدة في العلاقات الجنسيّة البشريّة، فالزواج هو القناة الوحيدة التي يسمح فيها بالعلاقة الجنسيّة بين الجنسين، وشبّه القرآن الكريم الزوجين باللباس في قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}([28]). و
قد حرّم كليّاً العلاقة الجنسيّة خارج إطار عقد الزوجيّة، ورتّب عليها عقوبة دنيويّة وأخرويّة، وذلك من أجل إيجاد مجتمع آمن سليم خالي من الأمراض، قال تعالى: {الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}([29])،
ووضع الإسلام ضوابطاً للتربية الجنسية من أبرزها:
١ – غضّ البصر غضّ البصر أمر به الله تعالى في سورة النور: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}([30])، وقد وجّه الخطاب للنساء كما وجّهه للرجال بقوله تعالى: {وَ قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}([31])، ولأنّ البصر هو بداية الشرارة التي تنطلق من العين إلى القلب، وإذا وُجدت هذه النظرة استجابةً من المنظور إليه حصل المحظور بعد ذلك ووقعت الفاحشة، ولهذا قال أبو عبدالله”عليه السلام”:>النظرة سهم من سهام إبليس، مسمومٌ من تركها لله عزّ وجلّ لا لغيرِه أعقبه الله إيمانا يحد طعمه<([32]).
٢- الحجاب الشرعي الحجاب واجب شرعيّ أكدّ عليه القرآن الكريم وأوجبه على النساء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}([33])، ونلحظ من خلال هذا النصّ أنّ الحجاب والاحتشام وقاية للفتاة المسلمة من الأذى والتحرش الجنسيّ ووقاية للشباب من الفتنة.
٣- منع الخلوة والاختلاط بين الرجال والنساء: الخلوة والاختلاط طريق إلى الوقوع في الفاحشة والحرام، وبالتالي يحصل ما لا يحمد عقباه.
٤- الابتعاد عن وسائل الإثارة: وسائل الإثارة تجرّ الإنسان إلى المهالك، فينبغي على الوالدين تجنيب أولادهم المراهقين كلّ ما يؤدّي إلى الإثارة.
الخاتمة: وبعد الانتهاء نرصد بعض النتائج المهمة:
١. الإباحيّة الماديّة تفكّك المجتمع وتحطّم أساساته وتهدّد استمرار البشريّة.
٢. التربيّة الجنسيّة في الإسلام تربيّة مستمّرة عبر مراحل النموّ الإنسانيّ، ولكلّ مرحلة ما يناسبها، وهي تستمدّ المعلومات اللازمة لكيفيّة التعامل مع القضايا الجنسيّة من المبادئ والضوابط والقيم الأخلاقيّة الإسلاميّة.
٤. القرآن الكريم والسنّة النبويّة تحدثنا عن التربيّة الجنسيّة بأسلوب إيحائيّ وكنائيّ جميل، وتضم لنا الكثير من التوجيهات والسلوكيات المتعلّقة بالتربيّة الجنسيّة.
٥. للأسرة دور مهمّ وبارز في تحقيق التربيّة الجنسيّة السليمة، لأنّها تواكب الطفل منذ اللحظات الأولى وحتى يبلغ سنّ الشباب.
٦. التربيّة الجنسيّة في الإسلام تهدف إلى ترسيخ مبدأ الاستعفاف والتسامي وحفظ الأنساب والأعراض وتحقيق السكون والمودة والرحمة.
توصيات البحث: في ختام هذا البحث نذكر بعض التوصيات التي نأمل أن تكون مثمرة
١. عقد دورات تثقيفيّة للأبوين فيما يتعلق بالتربيّة الجنسيّة وفق تشريعات الإسلام.
٢. عقد دورات تثقيفيّة للمعلّمين والمرشدين التربويّين في المدارس والجامعات ذات الصلة بالتربيّة الجنسيّة، وتضمين مناهج التربيّة والتعليم أسس ومبادئ وقواعد التربيّة الجنسيّة وفق تشريعات الإسلام، تهدف إلى تحقيق تربيّة جنسيّة آمنة ومقارنتها بالتربيّة الجنسيّة المادّية ومساوئها.
٤. على وسائل الإعلام منع بثّ الأفلام والمسلسلات الخادشة للحياء والتي تثير الغريزة الجنسيّة وتؤدّي إلى الانحراف الجنسي، وبثّ برامج توعويّة للناشئين حول خطورة الانحراف الجنسي والعلاقات الجنسيّة غير المشروعة، ومراقبة كلّ ما يعرض من أفلام ومسلسلات من قبل الأجهزة الرقابيّة الحكوميّة الإعلاميّة، لضمان عدم تضمّنها الإثارات الجنسيّة. ([34])
الهوامش
([1]) الإفصاح في فقه اللغة، عبد الفتاح الصعيدي، ج١، ص٩.
([2]) الأعمال الكاملة لرفاعة رافع الطهطاوي، ج٢، ص٣١٥.
([3]) كتاب العين، الفراهيدي، ج٦، ص٥٥.
([4]) الهادي إلى لغة العرب، الكرمي، ج١، ص٣٧٥.
([5]) التأصيل التربوي للأبناء في ضوء علم النفس، المخزنجي، ص١٢٣.
([6]) الموسوعة الجامعة لمصطلحات الفكر العربيّ والإسلاميّ، ج٢، ص١٩٩٦.
([7]) القاموس الطبيّ العربيّ، ص٨١٤.
([8])علل الشرائع، الصدوق، ج١، ص٤.
([9]) المحجّة البيضاء، الكاشاني، ج١، ص١٣٠.
([10]) موسوعة مصطلحات ابن خلدون والشريف عليّ محمد الجرجانيّ، ج١، ص٢٠٩.
([11])مجموعة ورّام، ج٢، ص٢٠٥.
([12]) تحف العقول، الحراني، ص٢٨٧.
([13]) ولهذا نجد أنّ أمير المؤمنين عليّاً”عليه السلام” يعاتب عاصم ابن زياد حينما لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا فيقول له: >يا عدو نفسه لقد استهام بك الخبيث أما رحِمت أهلك وولدك، أترى الله أحلّ لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها وأنت أهون على الله من ذلك<، [نهج البلاغة (للصبحيّ صالح)، ص٣٢٤] ومنهج أهل البيت”عليهم السلام” يدعو إلى أن يكون العقل حاكماً على الشهوات، لأنّ الانسياق وراء الشهوات يؤدّي إلى وقوع الإنسان في مهاوي الرذيلة ومن أشهرها ما ورد عن أمير المؤمنين”عليه السلام”: ١->قرين الشهوة مريض النفس معلول العقل<. ۲->غلبة الشهوة تبطل العصمة وتورد الهلك<. ٣->من زادت شهوته قلّت مروءته<. ٤->إنّكم إن ملكتكم شهواتكم نزلت بكم إلى الشرّ والغواية< [تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم، ص٣٠٥].
[14] الكليني، الكافي، ج2، ص ٣٣٦.
([15]) المرأة والحبّ، ترجمة كلير فهيم، ص١١٩.
([16]) الطارق: ٥-٧.
[17] الأحزاب: ٤٩.
([18]) المائدة: ٨٧.
[19] الروم: ٢١.
([20]) الكافي، الكليني، ج٥، ص٣٢٤.
[21] الكافي، الكليني، ج٥، ص٣٣٢.
[22] الكافي، الكليني، ج٥، ص٥٠٣.
([23]) النساء: ١٩.
[24] من لا يحضره الفقيه، الصدوق، ج۳، ص ٤٤٤.
[25] النساء: ٣٤.
([26]) إبراهيم: ٢٤-٢٥.
([27]) الأعراف: ٣٢.
[28] البقرة: ١٨٧.
[29] النور: ٢.
[30] النور: ٣٠.
([31]) النور: ٣١.
([32]) من لا يحضره الفقيه، الصدوق، ج٤، ص ١٨.
([33]) الأحزاب: ٥٩.
([34]) من مصادر البحث: ❖ القرآن الكريم. ❖ نهج البلاغة. ١ – آنا دانيال، المرأة والحب (ط. دار المعارف) – القاهرة، ترجمة كلير فهيم، الطبعة الأولى، ١٩٨٠م. ٢ – ابن بابوية، محمّد بن عليّ، علل الشرائع- قم، الطبعة الأولى، ١٣٨٥ش/ ١٩٦٦م. ٣ – ابن بابوية، محمّد بن عليّ، من لا يحضره الفقيه -قم، الطبعة الثانية، ١٤١٣ق. ٤ – أبن شعبه الحرّاني، حسن بن عليّ، تحف العقول – قم، الطبعة الثانية، ١٣٦٣ش/ ١٤٠٤ق. ٥ – تميمي آمدي، عبد الواحد بن محمّد، تصنيف غرر الأحكام – قم، الطبعة الأولى، ١٣٦٦ش. ٦ – جهامي، جيرار، الموسوعة الجامعة لمصطلحات الفكر العربيّ والإسلاميّ (ط. مكتبة لبنان ناشرون) – بيروت، الطبعة الأولى، ٢٠٠٦م. ٧ – الشهرستانيّ، محمّد الكريم، الملل والنحل (ط. العلمية) – بيروت، الطبعة الثانية، ١٤١٣ق/ ١٩٩٢م. ٨ – الفراهيديّ، الخليل بن احمد، كتاب العين (ط. هجرت) – قم، الطبعة الثانية، ١٤٠٩ق. ٩ – الفيض الكاشانيّ، محسن، المحجّة اليبضاء (ط. احياء الكتب الاسلامية) – قم، الطبعة الأولى، ١٤٢٦ق. ١٠ – عجم، رفيق، موسوعة مصطلحات ابن خلدون (ط. مكتبة لبنان ناشرون) – بيروت، الطبعة الأولى، ٢٠٠٤م. ١١ – عطويّ، محسن محمّد، الجنس في التصور الإسلاميّ (ط. دار المعارف) – بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٢ق. ١٢ – عمارة، محمّد، الأعمال الكاملة لرفاعة رافع الطهطاويّ (ط. مكتبة الأسرة) – القاهرة، الطبعة الأولى،٢٠١٠م. ١٣ – الكرميّ، حسن سعيد، الهادي إلى لغة العرب (ط. بيروت) – بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٩١م. ١٤ – الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي (ط – الإسلامية) – تهران، الطبعة الرابعة، ١٤٠٧. ١٥ – لبدى، عبدالعزيز، القاموس الطبيّ العربيّ (ط. دار البشير) – اردن – عمان، الطبعة الأولى، ١٤٢٥ق. ١6 – المجلسيّ، محمّد باقر بن تقيّ، بحار الأنوار (ط – بيروت) – بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٠٣ق. ١7 – مخزنجيّ، أحمد، التأصيل التربويّ للأبناء (ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب) – القاهرة، الطبعة الأولى، ٢٠٠٩م. ١8 – ورام بن أبي فراس، مسعود بن عيسى، مجموعة ورام – قم، الطبعة الأولى، ١٤١٠ق.
المصدر: العدد 64 من مجلة رسالة القلم