وليد الكعبة2

علي (عليه السلام) بقلمه ولسانه.. العلامة السيد محمد كاظم القزويني

الاجتهاد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كما يحب أن يحمد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله خير البرية.

قال الله تعالى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة)(1).

أيها الإخوان: لقد ذكرنا في الليالي الماضية شيئا من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) حول نفسه ومواهبه ومزاياه ومواقفه، الليلة: نستمع إلى شيء من خطبه (عليه السلام) المشتملة على فضائله وفواضله، وخصائصه، ومكارم أخلاقه، وبعبارة أخرى نستمع إلى تاريخ حياته من لسانه، ونقرأ كتابا خاصا كتبه (عليه السلام) إلى عثمان بن حنيف والي البصرة وهو من جلائل كتبه ورسائله ومشاهيرها،

وقد رأيت ترجمته بلغات عديدة، ويمتاز هذا الكتاب عن غيره لأنه بقلم رئيس حكومة كان يحكم على نصف الكرة الأرضية، وحياة الناس ومماتهم بين شفتيه، وكنوز الذهب والفضة تحت يده، ومع ذلك كله ومع تلك الإمكانيات اختار لنفسه أبسط معيشة وأزهد حياة لا يستطيع أي فرد من أفراد البشر أن يسلك طريقته ويكون مثله، ضع يدك على من شئت وقارن بين حياته وحياة أمير المؤمنين فيظهر لك صدق هذا الكلام، وتعرف أن الإمام هو الرجل الوحيد في مواهبه ومزاياه.

نستمع إلى كلامه ونقرأ كتابه بقلمه، فإنه أعرف بنفسه من غيره، ومهما ظهرت نفسيات الإنسان وصفاته واطلع عليها الناس ومع ذلك فإن في حياة الإنسان الداخلية والخارجية أسرارا وسرائرا وخفايا ونوايا لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى والإنسان نفسه، فالإنسان أبصر بنفسه من غيره وإلى هذا أشار القرآن الكريم بقوله تعالى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة)(2).

لم يقصد الإمام (عليه السلام) من بيان هذه الأمور تزكية نفسه بل بيان حقائق عن شخصيته لا يستطيع أحد أن يناقشه فيها أو يكابر.
وهنا نقتطف من خطبه الشيء اليسير ومن رسائله رسالة واحدة وفيها الكفاية.

الخطبة الشقشقية

أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم منها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها المؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده (ثم تمثل بقول الأعشى):

شتان ما يومي على كورها          ويوم حيان أخي جابر

فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها، فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها(3) ويخشن مسها.

ويكثر العثار فيها.

والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم.

وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض، فصبرت على طول المدة وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أني أحدهم فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا.

فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره، مع هنٍ وهنٍ، إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة(4) الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث فتله.

وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته، فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل جانب.
حتى لقد وطئ الحسنان.

وشق عطفاي, مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى, وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)(5).

بلى والله لقد سمعوها ووعوها.

ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها.

أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر.

وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها.

ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز…

(قالوا) وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا فأقبل ينظر فيه قال له ابن عباس رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين لو أطردت خطبتك من حيث أفضيت.

فقال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت!!

قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) بلغ منه حيث أراد.

قوله: (كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحم)، يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها وإن أرخى عليها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها، يقال: أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه وشنقها أيضا، ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق.

ومن كلام (عليه السلام)

ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد (صلّى الله عليه وآله) أني لم أردّ على الله ولا على رسوله ساعة قط، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال، وتتأخر فيها الأقدام، نجدة أكرمني الله بها.

ولقد قبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإن رأسه على صدري، ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي.

ولقد ولّيت غسله (صلّى الله عليه وآله) والملائكة أعواني، فضجت الدار، والأفنية ملأٌ يهبط وملأٌ يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم (الهينمة: الصوت الخفي) يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه.

فما أحق به مني حياً وميتاً؟ فأنفذوا بصائركم، ولتصدق نياتكم في جهاد عدوكم.

فوالذي لا إله إلا هو إني لعلى جادة الحق وإنهم لعلى مزلة الباطل أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

ومن كلام له (عليه السلام)

والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهّداً، وأُجرّ في الأغلال مصفداً، أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد وغاصباً لشيءٍ من الحطام.

وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها، والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بُرّكم صاعاً، ورأيت صبيانه شعث الشعور غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكداً وكرر علي القول مردّداً، فأصغيت إليه سمعي، فظن أني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقاً طريقي فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها.

فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه؟ وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه؟ أتئن من الأذى؟ ولا أئن من لظى؟ وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها، كأنما عُجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أصلة أم زكاة أم صدقة؟ فذلك محرم علينا أهل البيت.

فقال: لا ذا ولا ذاك ولكنها هدية.

فقلت: هبلتك الهبول، أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط أنت؟ أم ذو جنة أم تهجر؟ والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت افلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها! ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى؟ نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين.

ومن خطبة له (عليه السلام)

أما بعد أيها الناس.

فأنا فقأت عين الفتنة، ولم تكن ليجرأ عليها أحد غيري، بعد أن ماج غيهبها، وأشتد كلبها، فاسألوني قبل أن تفقدوني فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلا أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلاً، ويموت منهم موتاً، ولو قد فقدتموني ونزلت بكم كرائه الأمور وحوازب الخطوب لأطرق كثير من السائلين وفشل كثيراً من المسؤولين.

ومن خطبه له (عليه السلام)

أيها الناس إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم.
وأدّيت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم.
وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا.
وحدوتكم بالزواجر فلم تستوثقوا.
لله أنتم! أتتوقعون إماماً غيري يطأ بكم في الطريق، ويرشدكم السبيل؟
ألا إنه قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلاً، وأقبل منها ما كان مدبراً وأزمع الترحال عباد الله الأخيار، وباعوا قليلاً من الدنيا لا يبقى، بكثير من الآخرة لا يفنى.

ما ضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم بصفين أن لا يكونوا اليوم أحياء؟ يسيغون الغصص ويشربون الرنق.
قد والله لقوا الله فوفاهم أجورهم، وأحلهم دار الأمن، بعد خوفهم؟ أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين أبن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة؟ (قال ثم ضرب بيده على لحيته الشريفة الكريمة فأطال البكاء).

ثم قال (عليه السلام): أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه أحيوا السنة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فأتبعوه (ثم نادى بأعلى صوته: ) الجهاد…
الجهاد عباد الله.
ألا وإني معسكر في يومي هذا فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج.

ومن كلام له (عليه السلام)
لم تكن بيعتكم إياي فلتة، وليس أمري وأمركم واحداً، إني أريدكم لله وأنتم تريدوني لأنفسكم، أيها الناس، أعينوني على أنفسكم، وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن الظالم بخزامته، حتى أورده منهل الحق وإن كان كارهاً.

ومن كتاب له (عليه السلام)

إلى عثمان بن حنيف الأنصاري وهو عامله على البصرة وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها: أما بعد يا بن حنيف فقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه.

ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه ألا: وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد.

فوالله ما كنزت من دنياكم تبراً، ولا ادخرت من غنائمها وفراً، ولا أعددت لبالي ثوبيّ طمراَ.

بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين.

ونعم الحكم الله وما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها، وحفرة لو زيد في فسحتها وأوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر، وسدّ فدجها التراب المتراكم؟، وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق.

ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة.

ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع.

أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى وأكباد حرى؟ أو أكون كما قال القائل:

وحسبك داءً أن تبيت ببطنة           وحولك أكباد تحن إلى القد

أأقنع من نفسي بان يقال أمير المؤمنين؟ ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش.

فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همُّها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها، تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها.

أو أترك سدى أو أهمل عابثاً، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة.

وكأني بقائلكم يقول: إذا كان (هذا) قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان.

ألا: وإن الشجرة البرية أصلب عوداً، والروائع الخضرة أرق جلوداً والنباتات البدوية أقوى وقوداً وأبطأ خموداً، وأنا من رسول الله كالصنو من الصنو والذراع من العضد.

والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها، وسأجهد في أن اطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس والجسم المركوس حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد.

إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك، واجتنيت الذهاب في مداحضك.

أين القرون الذين غررتهم بمداعبك؟ أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك؟ ها هم رهائن القبور ومضامين اللحود.والله لو كنت شخصاً مرئياً وقالباً حسياً لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلى التلف وأوردتهم موارد البلاء إذ لا ورد ولا صدر.

هيهات من وطئ دحضك زلق، ومن ركب لججك غرق، ومن ازورّ حبائلك وُفّق.

والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه عني.

فو الله لا أذل لك فتستذلني، ولا أسلس لك فتقوديني.

وأيم الله يميناً أستثني فيها بمشيئة الله لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً، ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها.

أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض ويأكل علي من زاده فيهجع؟ قرت إذاً عينه! إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسائمة المرعية.

طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها! وعركت بجنبها بؤسها.

وهجرت في الليل غمضها حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها وتوسدت كفها، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم.

وهمهمت بذكر ربهم شفاههم وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)(6) فاتق الله يا ابن حنيف ولتكفك أقراصك ليكون من النار خلاصك.

في كتاب الأنوار النعمانيه عن كتاب المناقب مسنداً إلى صعصعة بن صوحان: أنه دخل على أمير المؤمنين (عليه السلام) لما ضرب فقال: يا أمير المؤمنين أنت أفضل أم آدم أبو البشر؟ قال علي (عليه السلام) تزكية المرء نفسه قبيح.

لكن قال الله تعالى لآدم: (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)(7)، وأنا أكثر الأشياء أباحها لي وتركتها وما قاربتها.

ثم قال: أنت أفضل يا أمير المؤمنين أم نوح؟ قال علي: إن نوحاً دعا على قومه، وأنا ما دعوت على ظالمي حقي، وابن نوح كان كافراً، وابناي سيد شباب أهل الجنة.

وقال: أنت أفضل أم موسى؟ قال (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى أرسل موسى إلى فرعون فقال: (إني أخـــاف أن يقتلون) حتى قال الله تعالى: (لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون)(8) قال: (رب إني قتلت منهم نفســــاً وأخاف أن يقـــتلون)(9) وأنا ما خفت حين أرسلني رسول الله بتبليغ سورة البراءة أن أقرأها على قريش في الموسم مع إني كنت قتلت كثيراً من صناديدهم، فذهبت بها وقرأتها عليهم وما خفتهم.

ثم قال: أنت أفضل أم عيسى بن مريم؟ قال علي: عيسى كانت أمه في بيت المقدس فلما جاء وقت ولادتها سمعت قائلاً يقول: أخرجي، هذا بيت العبادة لا بيت الولادة، وأنا أمي فاطمة بنت أسد لما قرب وضع حملها كانت في الحرم فانشق حائط الكعبة وسمعت قائلاً يقول: أدخلي فدخلت في وسط البيت، وأنا ولدت فيه، وليس لأحد هذه الفضيلة، لا قبلي ولا بعدي.

الهوامش

(1) سورة القيامة، الآية: 14.

(2) سورة القيامة، الآية: 14.

(3) وفي نسخة أخرى: كلمها.

(4) وفي نسخة أخرى: خضم.

(5) سورة القصص، الآية: 83.

(6) سورة المجادلة، الآية: 22

(7) سورة البقرة، الآية: 35.

(8) سورة القصص، الآية: 33.

(9) سورة النمل، الآية: 10.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky