الاجتهاد: كتاب “الفتوى وضوابطها ومسئولية المفتي والمستفتي”، للأستاذ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
يوضح المؤلف، في بداية كتابه، الضوابط والشروط التي يجب توافرها في المفتي، فيذكر منها أن يكون عارفًا بكتاب الله، بصيرًا بحديث رسول الله، بصيرًا باللغة وأشعار العرب، وأن يمتلك ملكة عقلية تمكنه من إبداء الرأي السديد، وأن يكون قوي الاستنباط، جيد الملاحظة، رصين الفكر، بصيرًا بما فيه المصلحة، متورعًا عن الشبهات، وأن يكون ملمًا بعموم العلوم الشرعية وبالعلوم والخبرات المساعدة على فهمها وتنزيل أحكامها على ما هو واقع أو متغير من أحوال الناس وضروراتهم.
ويضيف عبد الكريم لهذه الضوابط، ضرورة تأهيل المفتي لإنزال النصوص وتطبيق القواعد الشرعية على القضايا المعاصرة، مثل التوازن بين مطالب الفرد ومطالب المجتمع، وفقه الأقليات المسلمة المتفرقة في عالم اليوم وتقدير ضروراتهم عند إصدار الفتوى لهم، وفقه المقاصد والمآلات العامة والخاصة للتشريعات، وخبرة التفريق بين ما يُعد من البدع المذمومة وما يُعد من المصالح المرسلة والمستحسنة، والتمييز بين إجماع العوام وإجماع العلماء المعتبرين وغير ذلك من الضوابط التي اعتنى بذكرها الكتاب.
واهتم المؤلف أيضا بذكر تنبيهات على المستفتي، منها أنه لا يجوز له أن يستفتيَ من شاء على الإطلاق، لأنه ربما استفتى من لا يعرف الفقه، بل يجب أن يتعرف حال الفقيه في علمه وعدالته.
وينبه الكتاب على التفريق بين الفتوى وبين الحكم القضائي، فمع عِظم مكانة الفتوى، فإن لها حدًا تقف عنده، وهو أن المفتي لا يملك إلزام المستفتي بما أفتاه به، بخلاف حكم القاضي، فإنه يقتضي الإلزام الإجباري بواسطة من له الولاية العامة.
ويشتمل كتاب الفتوى وضوابطها ومسئولية المفتي والمستفتي على العديد من المباحث، أبرزها: تعريف الفتوى، التفريق بين الفتوى وبين الحكم القضائي، عموم الحاجة إلى الفتوى، مجمل ضوابط وشروط الفتوى والمفتي، مسؤولية المفتي، ثقافة المفتي العامة، تغير الفتوى.
كما يحوي الكتاب العشرات من الفتاوى الشرعية المتنوعة، أبرزها: مرتبات موظفي البنوك، الزواج من غير المسلمة، كفارة الإجهاض، الاستثمار في البورصة، الزكاة عن الغير، قضاء الفوائت، الزكاة في أموال صناديق التكافل، تخصيص مالٍ لزواج الأولاد، تأخير الزكاة، كتابة الآيات القرآنية على المقابر، عطية الأولاد، وغير ذلك من المسائل التي تخص المسلم في عبادته وسائر حياته.
الجدير بالذكر أن الأزهر الشريف شارك – للعام الثالث على التوالي – بجناحٍ خاصٍّ به في معرض القاهرة الدولي للكتاب؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.