في مشاركة له أمس الثلاثاء في “اللقاء التشاوري العالمي حول وسطية الاسلام” في إندونيسيا قال شيخ الأزهر أحمد الطيب في الجلسة الإفتتاحية أنه رُغم وضوح معنى «الوسط» في القرآن الكريم والسُّنَّة المطهَّرة، وارتباطِه بمعنى العدل والخيريَّة، إلَّا أنَّ هذا المفهوم تعرَّض لما تعرَّضت له مفاهيمُ أخرى من اختلافٍ وتنازعٍ، مثل: مفهوم أهل السُّنَّة والجماعة، ومفهوم السُّنَّة والبِدعة، بل مفهومِ التَّوحيد الذي هو أصل الأصول وعمودُ خَيمةِ الدِّين، وليس من المبالغة أن أقول: إنَّ اختلافَ المسلمين في القرنين الماضيين حول هذه المفاهيم؛ كان من وراء ما أصاب الأُمَّة من فُرقة واختلافٍ وضَعْفٍ وغَرَقٍ في بحورٍ من الدِّماء.
الاجتهاد: ضمن جولة آسيوية تشمل كلا من إندونيسيا وسنغافورة وسلطنة بروناي، بدأء الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يـوم الأحـد، زيارة إلى إندونيسيا للمشاركة، في اللقاء التشاوري العالمي حول وسطية الاسلام والذي أفتتح أمس الثلاثاء ويستمر على مدار ثلاثة أيام.
وقال شيخ الأزهر في كلمة له في الجلسة الإفتتاحية أن بعض العلماء قارنوا بين وسطية الإسلام ووسطية أرسطو، التى اختصرها صاحبها فى قاعدته الشهيرة التى تقرر أن الفضيلة وسط بين رذيلتين، موضحا أن الفضيلة عند أرسطو هى الوسط لكنها الوسط الحسابى الذى ينتهى يميناً ويسارا.
وأوضح الطيب، أن العلماء الأجلاء بينوا خطأ هذا التوثيق أو التلفيق بين وسطية الإسلام ووسطية اليونان، ونبهوا إلى أن الوسطية الإسلامية ليست من هذا الباب، لأن الفضائل الإسلامية قد ينطبق عليها المعيار الأرسطى فى نقطة التوسط فى بعض الفضائل، وذلك حينما يكون المسلم مضطرا بين شر وشر أهون منه، فهنا تظهر قيمة الوسط والاعتدال الذى يحسن التمسك به، لكن هذا المقياس لا ينطبق على كثير من نماذج الفضائل الإسلامية التى لا يمثل الوسط فيها ذروة القيمة الخلقية.
وأضاف شيخ الأزهر: يذهب بعضُ المفكِّرين المسلمين من المعاصِرين إلى أنَّ مفهومَ «الوسطيَّة والاعتدال» قد اختُطف في الأعوام الأخيرة إلى مجالِ ما يُسمَّى «الإسلام السِّياسي» وذلك حين عمَدَ بعضُ الكُتَّاب الغربيِّين إلى حَشرِ المسلمينَ كلِّ المسلمين في سَلَّة الإرهاب، بما يَستلزِمُ بالضَّرورة إفراغَ «الوسطيَّة والاعتدال» من معناهُما الشَّرعيّ إفراغًا تامًّا، وحتَّى حين ميَّز البعضُ الآخَرُ منهم بين الحركات الإسلاميَّة المتطرِّفة والحركات المعتَدِلة – فإنَّهم خَلَطوا خَلْطًا عجيب.
(نص كلمة شيخ الأزهر في مؤتمر وسطية الإسلام بإندونيسيا)
هذا، وأفتتح رئيس جمهورية إندونيسيا مؤتمر تعزيز الوسطية والحوار بين الأديان يوم أمس الثلاثاء، 1 مايو 2018 في فندق نوفوتيل بوقور ويستمر حتى الخميس المقبل، ويحضره شخصيات إسلامية عالمية منهم شيخ الأزهر، وإمام مسجد الأقصى الشيخ محمد أحمد حسين، ومفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان، ومساعد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي من كندا جمال بدوي، والأمين العام لرابطة مسلمي أوروبا محمد بخاري، ومفتي روسيا الشيخ رفيع إسمعيلوفيك.
وإندونيسيا، هي أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان، وكذلك الدولة الأكبر من حيث عدد الطلاب الوافدين الذين يدرسون في الأزهر الشريف.
بدأ الإندونيسيون قبل أكثر من قرن ونصف في القدوم إلى مصر للدراسة في الازهر وسكنوا في أحد أروقة الأزهر، وهو “الرواق الجاوي”، نسبة إلى جزيرة جاوة،، وما زال هذا الرواق متواجدا حتى اليوم في حرم الجامع الأزهر.
وبناءً على اتفاقية تعاون بين الأزهر الشريف ووزارة الشئون الدينية الإندونيسية تم إنشاء العديد من المعاهد الابتدائية والإعدادية والثانوية، التي تقوم بتدريس مناهج الأزهر، كما ارتبطت جامعة الأزهر بموجب تلك الاتفاقية بعلاقات تعاون مشترك مع الجامعات الإندونيسية في كافة المجالات العلمية والأكاديمية من خلال تبادل أعضاء هيئة التدريس لإلقاء المحاضرات الثقافية وإجراء البحوث العلمية، كما تم إنشاء كلية الدراسات الإسلامية لتدريس المناهج الأزهرية بجامعة “شريف هداية الله الإسلامية” الحكومية في جاكرتا.
وفي مايو ٢٠١٠ تم تأسيس فرع للرابطة العالمية لخريجي الأزهر في إندونيسيا.
وحسب السفارة الأندونيسية، يبلغ عدد الطلاب الإندونيسيين الذين يدرسون فى الأزهر فى الوقت الحالي حوالي 3200 طالب، يقيم 10% منهم فى سكن الجامعة بمدينة البعوث الإسلامية.
صور