الشعار-الحسيني،-الإنجاز-الحضاري-والسنن-التأريخية..-الشيخ-جلال-الدين-الصغير

الشعار الحسيني، الإنجاز الحضاري والسنن التأريخية.. الشيخ جلال الدين الصغير

ان هذه الظاهرة بدأت تُلقي خطاباً وهذا الخطاب يُقبَل من قِبَل المجتمع وليس المجتمع الشيعي فقط وانما تُقبل من قِبَل المجتمع الأخر خارج مجتمع التشيع، فنلاحظ هذه المجتمعات تتلقى قضية الحسين عليه السلام وتتفاعل معها نتيجة رسل الرحمة التي خرجت من الشعارات الحسينية.

الاجتهاد: لو اردنا ان نأخذ ظاهرة السير نفسها وهذا العناء الكبير الذي يتسم به الزائرون ويتكبدونه بكل طواعية نعم نسميه انتماءً عقائدياً، وواضح جداً ان الانتماء العقائدي هنا لم يبقى كفكرة وانما تحول الى عاطفة ثم تحول الى سلوكية، هذا الذي يُبرِز استعداداً في داخله للتعب والعناء والضنك والعطش وتحمّل الارهاب في بعض الاحيان والظروف الجوية السيئة وهو لا يبالي بكل هذه المسائل، لا يُعرِب فقط عن الانتماء العقائدي وانما يُعرِب عن الاستعداد الجاد للتضحية من اجل هذا الانتماء،

اذن تَحَمُّل العناء هو ابراز مسؤول لتحمل العناء من اجل المعتقد، فاذا كان هذا المجتمع يمارس العناء بشكل تلقائي وبشكل عفوي وهو ممتن من الله سبحانه وتعالى ان وفقه لهذا العناء عندئذ نجد مجتمع يريد ان يضحي وهو يُبرِز يوم من بعد الاخر رغبته في ان يضحي من اجل هذا المعتقد،

والامر الاخر ان الحسيني لم يكتفي بهذا المقدار وانما ذهب الى ما هو اكثر من ذلك حينما بدأ ينفق من ماله والانفاق اصعب من تحميل البدن الضر والتعب لصعوبة الحصول على هذه الأموال وبعد ذلك يُنفق هذا المال الذي حصل عليه من اجل المعتقد، عندها سيكون لدينا استعدادات ذاتية واستعدادات جماعية وسيكون هناك استعدادات لبذل الجسد واستعدادات لبذل المال اضافة الى الاستعداد للتعامل مع الاخرين بمنتهى الرحمة والشفقة والألفة

بينما في داخل المجتمعات الاخرى لا نلاحظ هذه الحالة، هنا الشعار الحسيني تحول الى انجاز حضاري هائل جداً نعم كثير من الناس يستخف بعملية المشي واللطم لكن هؤلاء لا يلاحظون الجانب الاخر وهي قضية ما يجري في داخل الواقع الاجتماعي من تغيير ومن إحداث جوهري لاستعدادات لو انها ظفرت بالقائد وبالمخطط اذن لأنهت الكثير من الواقع السلبي ليس الذي يحياه العراق فقط وانما ما تحياه المجتمعات الأخرى،

نفس هذه المظاهر حينما تسري الى المجتمعات الاخرى نلاحظ ليس فيها انكار للذات فقط او تضحية او صبر وما الى ذلك وانما فيها اشعاع وموج فكري ينتقل الى الاخر بطريقة عفوية ومقبولة جداً، والا كيف تغير مجتمع كان ينظر الى الغريب نظرة توتر وحذر مثل المجتمع الايراني الذي تحول الى وضع اخر بسبب ان الشعار الحسيني دخل وأحدث فروق كبيرة جداً في داخل المجتمع ولا شك اذا كان مثل هذا الاثر في الخارج قطعاً هناك اثر كبير وعملية تغيير تحصل في داخلنا،

ان هذه الظاهرة بدأت تُلقي خطاباً وهذا الخطاب يُقبَل من قِبَل المجتمع وليس المجتمع الشيعي فقط وانما تُقبل من قِبَل المجتمع الأخر خارج مجتمع التشيع، فنلاحظ هذه المجتمعات تتلقى قضية الحسين عليه السلام وتتفاعل معها نتيجة رسل الرحمة التي خرجت من الشعارات الحسينية.

وفق ذلك نحن امام انجاز حضاري هائل ولو طبّقنا هذا الانجاز على النظرية المهدوية وعلى الموقف المهدوي يتبين ان هناك مجتمع يؤهل نفسه بوعي او بدون وعي ويعمل من اجل رفع مستوى التأهيل في داخله الى الشكل الذي لو ظهر امامهم غداً فانهم لن يتحدثوا بمنطق يا ليتنا كنّا معكم ولن يتحدثوا بمنطق اذهب انت وربك فقاتلا وانما سيكونون من التواقين الى ان يفدوا الامام صلوات الله وسلامه عليه، وستكون هناك حالة يتماوج فيها الحماس وابراز الاستعدادات بكل المستويات وتأهيل النفس معنوياً الى ان تبذل كل شيء من اجل الامام عليه السلام،

اذن الان حينما نشاهد طريق الجنة طريق الامام الحسين عليه السلام نشاهد نساء ورجال واطفال ومعوقين ومرضى وكل الاصناف يتحملون العناء والضنك حباً للإمام الحسين عليه السلام فماذا يفعل هؤلاء لو قال لهم المنادي ان ثأر الامام الحسين عليه السلام قد حضر؟

نحن نزعم ان هذه الملايين ستتضاعف عشرات الاضعاف بمجرد ان يُطلق لها الاذن في ان القضية اصبحت جدّية، اليوم التأهيل الى المعاني المعنوية العظيمة اصبحت جاهزة وفي الكثير من الاحيان قلوب هؤلاء اصبحت جاهزة، تحدثنا هنا فقط عن زيارة الاربعين وطبيعة مظهر زيارة الاربعين لكن هناك مظاهر اخرى مثل المنبر والقصيدة والشعارات والتظاهرات والمسيرات والمواكب والحسينيات والاطعام،

مسيرة الاربعين بينت صورة عن هذه المظاهر العالمية الهائلة جداً بحيث اقنعت الكثير من الذين يقولون ان قضية الامام الحسين عليه السلام مجرد عواطف ثم تبين لهم ان العواطف هي مرحلة الكسب الأولى ثم يتحول هؤلاء الى عابس في حب الامام الحسين عليه السلام،

هذا الانجاز حرّك جملة من السنن التاريخية ولا شك ان هذه السنن اصبحت تؤهل هذا المجتمع الحسيني في ان يُحدِث التغيير الحضاري المنشود غاية ما هنالك انه يحتاج الى القائد فقط، اذا لاحظنا طاعة الناس الى المرجعية بهذه الطريقة التي نشاهدها اليوم فكيف ستكون طاعة الناس الى إمام الزمان؟

لنا ان نتأمل ونشاهد وضوح الصورة في شعب استعد ويعمل أكثر من ذلك من اجل ان يستعد أكثر وكل رغبتهم في ان يرضى الامام الحسين عليه السلام ومعناه ان يرضى الامام المنتظر صلوات الله عليه، هذا يحكي عن عمق الانتماء والالتزام بالإمام المنتظر ارواحنا له الفداء والحمد لله اولاً واخراً والصلاة والسلام على رسوله وآله ابداً.

مُلخص مُلتقى براثا الفِكري_الاسبوعي

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky