محمد رضا المظفر

البعد الحوزوي والأكاديمي للشيخ محمد رضا المظفر( 2) / تأسيس جمعية منتدى النشر

الاجتهاد: قدّم سبعة من الشباب الروحانيين في 10 كانون الثاني 1935 بياناً إلى وزارة الداخلية، وهم الشيخ عبد الهادي حموزي والشيخ محمد جواد القسام والشيخ محمد رضا المظفر … الخ كهيئة مؤسسة يطلبون تأسيس جمعية بالنجف الأشرف باسم ” منتدى النشر ” ببيان مرفق مع النظام وكان يساند هذا العمل كل من الشيخ عبد الحسين الحلي والشيخ عبد الحسين الرشتي، وبعد مدة قصيرة وافقت الوزارة على إجازة فتح جمعية باسم ” منتدى النشر ” بالكتاب المرقم ” 9077″ والمؤرخ في ” 8 ” مايس العام 1935م.  بقلم : أ. د. نجاح هادي كبة

يقدّم هذا البحث السيرة الخاصة والعامة للشيخ محمد رضا المظفر أحد أعلام العراق الذين سعوا للتجديد والإصلاح التعليمي لأسلوب التدريس في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، فقد أسس المظفر ورفاقه جمعية منتدى النشر في النجف الأشرف التي انبثقت عنها كلية الفقه في النجف والمدارس الملحقة بها خارج النجف كالكاظمية والحلة وكربلاء وغيرها، ويعرض الباحث أبرز مؤلفات المظفر التي ارتقت به إلى أن يكون أحد أعضاء المجمع العلمي العراقي العام 1963 ودوره في الإصلاح الاجتماعي والأكاديمي وتطويره للتعليم في كلية الفقه، إذ شمل منهجها الدروس العصرية زيادة على الدروس الحوزوية فدَّرس فيها اللغة الإنكليزية والحساب والتربية وعلم النفس ومسك الدفاتر وغيرها من المواد الدراسية.

وقد تخرّج في كلية الفقه خيرة الطلاب الذين رفدوا التعليم في العراق، إذ كان يدرّس فيها أساتذة من ذوي الكفاية سواء أكانوا من الحوزة العلمية في النجف الأشرف أو من جامعة بغداد مع إجازة خريجيها للحصول على درجة الاجتهاد من الحوزة العلمية ويتناول البحث أيضاً تحليلاً لأفكار المظفر الاجتماعية والتربوية والنفسية وعلاقتها بالنظريات الحديثة، زيادة على جهود المظفر في توحيد كلمة المسلمين ودفاعه عن الإسلام وما تعرض له الوطن العربي والإسلامي من غبن فدافع عن حقوق الشعب الجزائري والفلسطيني ورفع صوته عالياً ضد الهجوم الثلاثي على مصر سنة 1956م.

وقد وثّق الباحث بحثه بالمصادر المعتمدة التي تناولت شخصية المظفر وجهوده التعليمية والسياسية والاجتماعية والثقافية والحق بها قائمة في خاتمة البحث.

من علماء الحوزة الذين أفادوا من بيئة النجف الأشرف الذين تأثروا بها وأثرّوا فيها الشيخ محمد رضا المظفر وزملاؤه الذين أسسوا مشروع جمعية منتدى النشر وكليتها وكلية الفقه وما ألحق بهذا المشروع الكبير من مدارس داخل النجف وخارجها، يقول المظفر : (لقد سايرت بنفسي تطور فكرة الإصلاح حتى هذه الساعة، وسأعطيكهما وليدة نشأت في أحضان الاجتماعات الصامتة، ومرت على أدوار وتجارب غذتها حتى اشتد ساعدها، ونمت نمواً يناسبها شأن الكائنات الحية، ولعلها الآن في دور الشباب اليافع المتحفز “الذي ” يحتاج غذاء كثير من الجهود الجبارة والتضحية النادرة حتى يكمل رجلاً سوياً)() نعم لقد ساير المظفر تطور فكرة الإصلاح وعرف الأدوار والتجارب اللتين غذّتها حتى اشتدّ ساعده فأسس مشروعه الكبير وبمعونة زملائه في طريق العلم فكانت جمعية منتدى النشر ثم كلية الفقه وما إليهما .

ثانياً- تأسيس جمعية منتدى النشر وكلية الفقه :

قدّم سبعة من الشباب الروحانيين في 10 كانون الثاني 1935 بياناً إلى وزارة الداخلية، وهم الشيخ عبد الهادي حموزي والشيخ محمد جواد القسام والشيخ محمد رضا المظفر … الخ كهيئة مؤسسة يطلبون تأسيس جمعية بالنجف الأشرف باسم ” منتدى النشر ” ببيان مرفق مع النظام وكان يساند هذا العمل كل من الشيخ عبد الحسين الحلي والشيخ عبد الحسين الرشتي،

وبعد مدة قصيرة وافقت الوزارة على إجازة فتح جمعية باسم ” منتدى النشر ” بالكتاب المرقم ” 9077″ والمؤرخ في ” 8 ” مايس العام 1935م، وبإمضاء رشيد عالي الكيلاني وزير الداخلية آنذاك، وبهذا انضم إلى الجمعية عدد من الوسط النجفي واختير الشيخ محمد جواد الحجامي رئيساً للجمعية لأنه أكبرهم سناً ثم تشكّلت أول هيأة في ” 30 ” آيار العام 1935م لأول مرة كهيئة عامة لغرض انتخاب مجلس إدارة … وغدت الجمعية على النحو الآتي :

– الشيخ محمد جواد الحجامي

عميداً ” رئيس الجمعية “

– الشيخ محمد رضا المظفر

سكرتيراً ” الكاتب العام “

وكان السيد محسن الحكيم ” قدس سرّه” من الداعين إلى نجاح الجمعية ومدارسها بإسناده معنوياً ومادّياً وبالأستاذة.

دور المظفر في تطوير الجوانب التعليمية للمنتدى :

ومن نشاطات الجمعية تأليف لجنة المجمع الثقافي التي تهتم باختبارات التأليف واختيارات النشر (كانت بداية أعمال الجمعية هو التفكير في التأليف والطبع والنشر وقد أشار المظفر إلى ذلك قائلاً : لم تمضِ أيام على انتخاب مجلس إدارة المنتدى إلاّ وراح يفكر في الكتاب الذي يقدمه للطبع كمقدمة لأعماله، والأسس التي كان يبنى عليها اختبار أربعة أمور :

أن يكون قديماً وأن يكون من المواضيع الدينية وان يكون فيه شيء من الأدب وخدمة اللغة العربية مراعاة لعواطف البلاد وتنفيذاً لمبدأ الجمعية في خدمة الفصحى وأن يكون بأسلوب يلائم الأساليب الحاضرة جهد الإمكان، والجمع بين هذه الشروط كان من الصعب تحقيقه لولا أن نوفق للعثور على الجزء الخامس من كتاب ” حقائق التأويل” تأليف الشريف الرضي المتوفى 406هـ وهو باكورة أعمال المنتدى وقد طبع بمطبعة العربي بالنجف سنة 1355هـ-1936م على ورق صقيل الربع وهو يقع مع المقدمة والترجمة في ” 504 ” صفحات وقدّمت له إدارة المنتدى، وترجم للمؤلف العلامة الحجة الكبير الشيخ عبد الحسين الحلي رئيس الهيأة المشرفة، وعلّق عليه الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء.

كان للشيخ محمد رضا المظفر دور ريادي في وضع المناهج الدراسية للطلبة بما امتلك من قدرة التخطيط والتأليف للمقررات الدراسية.

تجديد مناهج

فقد أراد المظفر أن يحيا روح عصره الذي عنى له تجديد مناهج التعليم والإفادة من معطيات المعرفة الإنسانية المتجددة والمتواصلة، هذه هي المعاصرة في مفهوم محمد رضا المظفر التي سعى إليها جادّاً في مشاريعه ” عامة ” المشاريع التي تجاوز فيها الانغلاق التقليدي وسلبية ” الجمود ” التي كررها في نعت بعض من اختلف معهم جرّاء وقوفهم أسرى نزاعات محلية وأطر تقليدية، لقد شغفه تطوير التعليم والإفادة من تطورات مناهجه الحديثة، وهمه أن يتوفر طلاب العلوم الدينية على رؤى علمية على هدى تطورات المعرفة العصرية في حقول النفس والتربية والاجتماع.

لكن المعاصرة لدى المظفر لا تعني رؤية كونية مستوردة ولا معايير يفرضها الغرب أو الشرق، وفي جدل الأصالة والمعاصرة سيكون المظفر متحيزاً للأصالة، فقد كان المظفر مؤمناً حتى أخمص قدميه بالإسلام في قراءة اجتهادية فذة … لم يكن ” أصول الفقه ” المتن الدراسي الوحيد للمظفر، فالدارسون وطلاب العلوم الدينية يعرفون كتابه ” المنطق ” بل غالباً ما يبدؤون درسهم الحوزوي بالتلمذة على منطق المظفر فيدرسونه سطراً سطراً .. لكن ” المنطق ” الذي حررّه المظفر يستدعي وقفه في أحد العلوم الأساسية للمعرفة الإنسانية().

شارك الشيخ المظفر أعضاء المنتدى من العلماء في وضع أهداف المنتدى ومعلوم لدى التربويين إن التخطيط لنجاح التعليم بناء الأهداف أولاً ثم السير بأسلوب علمي لتحقيقها إجرائياً، فقد (وضع المنتدى نصب عينيه أهدافاً معينة للسير عليها من يوم تأسيسه، يجمعها نص المادة الثالثة من نظامه الأساس وهي : ” مقاصد المنتدى تعميم الثقافة الإسلامية والعلمية بوساطة النشر والتأليف وغيرهما من الطرق المشروعة التي يسنّها مجلس الإدارة، ويعتني عناية خاصة بإحياء اللغة العربية الفصحى، على أن يتم ذلك كلّه على وفق القوانين المختصة.

يمكن تفصيل أهداف المنتدى بما يلي :

1- تنظيم الدراسة الدينية لثلاثة أغراض

أ-تقصير مدة الدراسة لتقريب الطالب الديني الى الغاية الكبرى وهي (الاجتهاد) .

ب- إعطاء المتخرج من المعاهد الدينية أفقاً أوسع من المعلومات التي تقتضيها ضرورة هذه العصور .

ج- تهيئة المتخرج كاتباً وخطيباً ليستطيع أن يبلغ رسالة الدين .

2- تنظيم حياة رجال الدين ورفع مستوى حياتهم الاقتصادية لغرض الانصراف إلى تحصيل العلم والدعوة إلى الدين وبقاء عزّهم فيه.

3- رفع مستوى المركز العلمي والديني للنجف الأشرف والمحافظة على ما لها من مرجعية عالمية في الرجوع في التقليد.

4- نشر الثقافة الدينية العامة والدعاية إلى الأخلاق الإسلامية الصحيحة.

5- رفع المستوى الأخلاقي بين طلاب العلوم الدينية والدعوة إلى العدالة الصادقة.

6- خدمة اللغة العربية الفصحى وآدابها وتعميم التكلم بها .

7- نشر وطبع الكتب النافعة طبعاً سليماً متقناً.

8- تشجيع التأليف والمؤلفين.

لقد حرص الشيخ المظفر على الجمع بين الدراسة الحوزوية والدراسة الجامعية الحديثة ومحاولة التزاوج بينهما لوضع الأساس الرصين للنهضة العلمية والأدبية اللائقة بالنجف وتاريخها (فمدّت الجسور بين أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف والجامعات ومراكز البحوث الأكاديمية عراقية وغير عراقية)،

فأهداف المنتدى لم تكن حبراً على ورق بل عمد مؤسسوها إلى تطبيقها إجرائياً كما صيغت نظريّاً فقد حسب مؤسسوها أهمية الزمن في العصر الحديث واستثماره وأعطت للتخرج أفقاً أوسع في اكتساب المعلومات لاسيما العلوم العصرية كالعلوم التربوية والنفسية والاجتماعية ومسك الدفاتر التجارية والعلوم الرياضية زيادة على العلوم العلمية الدينية و(ضمت الجمعية عدداً من أبرز عناصر الحوزة علماً ووعياً وديناً وأدباً، وحاولت جاهدة بقيادة شيخنا المظفر – رحمه الله – أن تقوم بأوجه مختلفة من النشاط العلمي والثقافي فإلى جنب المجتمع الثقافي الذي كان يقوم بتحقيق ونشر الكتب التراثية وإقامة المواسم الثقافية، كانت هناك كلية منتدى النشر سلف كلية الفقه ومدرستها الابتدائية، والثانوية، ومجلتها ” البذرة”)، ولكن ذلك لم يتحقق إلاّ بتخطيط مسبق معتمد على توفيق الله وحمده،

قال المظفر : (وقد توفق المنتدى بحمد الله تعالى – إلى حدّ الآن – إلى تأسيس مدرسة كثانوية للعلوم الدينية في أربعة صفوف كاملة، وفتح أيضاً في هذا العام الدراسي الصف الأول من الكلية التي يصح أن نسميها ” كلية الفقه والأصول”، وفتح أيضاً مدرسة ابتدائية دينية في الكاظمية نسميها ” القسم التمهيدي ” وفتح مدرسة أعلى في الحلة نسميها ” القسم المتوسط “، ونرجو أن يتم فتح قسم تمهيدي في النجف وكربلاء في العام الدراسي المقبل وقد تهيأت وسائلهما ومن الله نستمد التوفيق والمعونة لتحقيق هذه الأمنيات، إذ بقى عليه أن يؤسس غير ما تم تأسيسه عدة مدارس أخرى).

جهود علمية

لقد كان المظفر ذا نظرة مستقبلية أوسع مما تحقق على أرض الواقع فلا عجب أن يكون من مفكري القرن الرابع عشر الهجري في جهوده العلمية والدينية ومن مصلحيهم فقال : (“ومن الوسائل لتنفيذ تلكم الأهداف، وتقع بعد المدارس في الأهمية، إنشاء مجلة دينية على أن تكون مجلة عالمية ولا يبحث فيها إلاّ عن مسائل الدين وما ترتبط بها .

وفكرتها في هذا العام وجدناها قد نضجت إلى ما، ومن المهم أن يلاحظ فيها انه لا ينتظر منها الأرباح للمؤسسة بل تباع بالثمن الذي يسد نفقاتها، والمجلة هذه تستطيع أن تخدم جميع الأهداف على السواء، وبعد المجلة في الأهمية أو مثلها تأسيس مطبعة كبيرة يجد فيها طبع موسوعاتنا العربية والدينية التي أضيعت بطبعاتها السقيمة، وكادت تتحقق هذه الأمنية هذا العام، لولا ما يعلمه أحد الأساتذة الجالسين هنا، وهو العلامة الشيخ محمد رضا فرج الله – كيف حيل بينه وبين تحقيق هذا الأمل، ونرجو من الله تعالى أن يوفقه لإعادة الكرة).

لقد أراد المظفر بتفكيره المستقبلي أن يتجاوز أسوار المحلية والتعصب المذهبي والديني فهو يفكر أن يعلّي شأن النجف عالمياً بإصدار مجلة عالمية يبحث فيها عن مسائل الدين فقط ولأن من مسائل الدين – كما هو معروف – حبّ الخير للآخر – فـ(الناس صنفان أما أخو الإنسان إما أخوك في الدين أو نظيرك في الخلق) – كما يقول الإمام علي (عليه السلاع) – وهو يفكر بإعلاء شأن النجف أيضاً من طريق تأسيس مطبعة كبيرة يجدد فيها طبع أكثر موسوعاتنا العربية والدينية، لاحظ هذا الانفتاح الديني على الآخر وكيف يفكر المظفر بتحقيق أهداف مشروعة ومشروع زملائه الذين آزروه – أهداف تأسيس المنتدى – المذكورة سابقاً- وان يراها تلامس الواقع ثم ادرك جيداً وكيف لا ؟

إن تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى التخطيط وبناء على ذلك أكد المظفر وجوب تأسيس مكتبة عالمية، قال (ولو كنا نجمع الكتب الموقوفة الكثيرة في بيوتات النجف المتفرقة هنا وهناك، ونضمها إلى مكتبات النجف العامة الموجودة لأصبحنا قد بذرنا البذرة الطيبة لتكوين المكتبة العالمية، فإلى هذا العمل المثمر نهيب برجالنا وليس هو بالأمر العسير على المخلصين).

وعني الشيخ المظفر عناية شديدة بالمنبر الحسيني، وكان من أكبر آماله ترشيد الخطابة وبناء جيل من الخطباء القادرين على تحقيق المتطلبات الجديدة للدين والمجتمع.

رفع مستوى

لقد أراد المظفر من إصلاح المنبر الحسيني أن يرفع من مستوى المركز الديني والعلمي للنجف وهو أحد أهداف تأسيس المنتدى – المذكورة سابقاً- (وكانت حركة إصلاح المنبر الحسيني تستهدف تخريج خطباء لذكرى سيد الشهداء (عليه السلام) بشكل يحفظ للخطيب كرامته، وللسامع فضله فلا يصعد المنبر إلاّ فاضل ولا يخشى السامع مفضولاً يتعالى عليه،

وفي العام 1363هـ/1943م تأسست في جمعية منتدى كلية الوعظ والإرشاد وكان غرضها تهذيب الخطباء وتنزيه المنبر الحسيني من الأخبار الموضوعة والأحاديث الضعيفة، وقد أُلّفت لجنة برئاسة الخطيب الشيخ محمد علي قسام وعضوية كل من السيد جواد شبر والسيد حسن الشخص والسيد حسين اليعسوبي و…و… و.. وقد عهدت لهذه اللجنة وضع المناهج السليمة، وقد تمّ فعلاً فتح الصف التجريبي، ولكن لم يمضِ يوم واحد على فتحه حتى ثارت ثائرة المحافظين وأُلصقتْ التهم الباطلة ضد اللجنة المشرفة، فما كان من الشيخ محمد رضا المظفر وزملائه إلاّ الإسراع بإلغاء المشروع).

إلاّ أن المظفر كعادته يقارع الحجة بالحجة ليوهن الرأي المغالط للحقيقة (فما كان منه رحمة إلاّ أن جابههم برد لا هوادة فيه، ثم شرح لهم الأهداف الدينية التي توّخاها ” منتدى النشر ” في قيامه بهذا العمل الجليل على نحو ما هو معروف)()، وقد مثل الصوت المؤازر للمظفر في هذا العمل الإصلاحي الشاعر السيد مصطفى جمال الدين فقال في رثائه :

(والمنبر الحر) إذ حاولت تصلحه

قد كان من يَبس الأعواد جاثمه

وكدت – لولا ضمور في قوائمه

أن تستثير له الأجيال صاعدةً

وأنت من فوقه روح تطوف به

مما به، فأثار الشك مفسده

فجنت بالخضل الزاهي توردّه

وجاثم من وراء الستر يقعده

لشامخ يتحدّى الجهل معهده

ومقلة من وراء الغيب ترشده

تاريخ الجمعية، أدوارها المهمة، أعمالها المنجزة:

الدور الأول :

روح هذا الدور ” الذي تمّ بانتهاء السنة الأولى يتلخص في ظهور المؤسسة أنها مؤسسة لنشر بمعناها الخاص المصطلح عليه اليوم كما يعطيه ظاهر اسمها لغرض تثبيتها في مركزها، وإن كان هدفها أسمى وأعم من ذلك، كما تنص عليه المادة الثالثة من نظامها الأساس، وقد صرفت سنة واحدة من جهودها لإخراج أجمل كتاب يتفق وأهدافها الدينية وهو الجزء الخامس من (حقائق التأويل) للسيد الشريف الرضي – رحمه الله – وهو الجزء الوحيد الذي استطاعت العثور عليه من أجزاء هذا الكتاب العظيم.

الدور الثاني :

توسّعت آفاق المعية لتحقيق أهدافها الإصلاحية وكانت الظروف تأبى عليها أن تصرح به لأول وهلة، وذلك هو تنظيم الدراسة الدينية، فقرر مجلس إدارتها الثاني المنتخب بتاريخ 1355هـ أن يضطلع بهذه المهمة الخطيرة، فوضع الخطة لتأسيس مدرسة عالية للعلوم الدينية أو كلية للاجتهاد بفتح الصف الأول الذي كان يُدرّس فيه أربعة علوم : الفقه الاستدلالي، والتفسير، وعلم الأصول، والفلسفة، على شكل محاضرات توضع بلغة سهلة واضحة، وقد تبرّع بالتدريس فيه خيرة العلماء أمثال الشيخ عبد الحسين الحلي والشيخ عبد الحسين الرشتي، إذ درّس الأول : الفقه الاستدلالي والتفسير، ودرّس الآخر الأصول والفلسفة، ولم تأتِ العطلة الصيفية إلاّ وتعطّل هذا الصف ليعود بها ولكنه أبى.

الدور الثالث :

قد أصاب المنتدى بعد انحلال الصف المدرسي المتقدم فتور وركود … فغامرت جماعة أخرى من الأعضاء بعد ذلك ففتحت صفاً واحداً لمدرسة دينية متوسطة، وقد طبعوا الكراسة الأولى من محاضرات كل من دروس علم المنطق، والنحو، والبلاغة، فكان هذا الصف البذرة الأولى لمشروع المدرسة والكلية الموجودتين الآن، وفي انتخاب المجلس الرابع العام 1357هـ على أساس النهوض بأمر مدرسة المنتدى، فوضعوا نظاما ومناهج المدرسة، وفتحوا ثلاثة صفوف منها مرة واحدة، وحصلوا على اعتراف وزارة المعارف الجليلة، وقد أيّد آية الله مشروع المدرسة إلاّ أنه ” قدس ” منع ترجيح جمع المال من عموم الناس بطريقة جمع الفلس لأنه يحط من كرامة أهل العلم ولا بأس باعانتهم.

الدور الرابع :

ويبتدي من انتخاب الأستاذ الشيخ محمد الشريعة مديراً للمدرسة في سنة 1361هـ، وبعد أن كانت تدار من قبل مجلس الإدارة رأساً، وهذا الدور الرابع قام به مجلس إدارة المنتدى السادس المنتخب في العام 1360هـ الذي هو أكثر المجالس الإدارية السابقة أعمالاً وآثاراً وأطولها أعماراً، لأنه جعل المدرسة في دورتين، دورة أولى في أربعة صفوف ودورة ثانية في ثلاثة صفوف ككلية الفقه، ومنها وثوق العلماء الأعلام بمؤسسة المنتدى، ولاسيما آية الله أبو الحسن دام ظله، فأصبح يجيز بصرف الحقوق الشرعية في مشاريعه، ومنها تأسيس المدارس الأخرى في غير النجف وأسماء المجلس السادس كانت تتألف على الصور الآتية:

المعتمد: الشيخ محمد رضا المظف.

الكاتب العام : السيد هادي الفياض.

أمين المال ووكيل مدير الإدارة : الشيخ علي ثامر

المحاسب : الشيخ محمد جواد القسام.

عضو إداري واحد الشيخ عبد الوهاب الشيخ راضي.

وقد وضعت في هذا الدور مبادئ المنتدى التي هي مبادئ الإسلام كذلك وضعت أهداف المنتدى وأعماله ووسائل تنفيذ الأهداف منها تأسيس المدارس الدينية في النجف الأشرف وخارجها وجعلها كلها تحت إدارة دينية ترتبط بمراجع التقليد، ومنها تأسيس جامعة دينية في النجف خاصة، ولها فروع متخصصة بالاجتهاد وبالوعظ والإرشاد والتبشير وبآداب اللغة العربية والتاريخ الإسلامي ولها فروع لتدريس المبادئ كثانويات ولتعليم الأطفال الأميين كابتدائيات وبذلك تحقق أهداف المنتدى.

المصدر: الزمان

 

البعد الحوزوي والأكاديمي للشيخ محمد رضا المظفر (1) / سيرة الشيخ

البعد الحوزوي والأكاديمي للشيخ محمد رضا المظفر( 3) / تأسيس كلية الفقه

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky