الاجتهاد: خبر الواحد حتى لو صحّ إسناده ليس بحجة عند أصحابنا القدماء أجمعين، وربما وافقهم أكثر المتأخرين..؛ وعجيب دعاوي غير واحد ممن جاء بعدهم أن مشهور الشيعة الإمامية على القول بحجية خبر الواحد، وأنه لإفادة الظن المعتبر حجّة بنفسه، وأعجب من ذلك دعوى عدم الخلاف في ذلك إلا من السيد المرتضى رضى الله عليه؛ أو دعوى أن ابن إدريس الحلّي قدس سره أعرض عن أخبار أهل البيت عليهم السلام بالكلية…، فلعمر الله لا أدري من أين جاؤوا بهذه الدعاوى التي جزم أصحابنا القدماء أجمعون، وأكثر المتأخرين قدس سرهم بعكسها تماماً ..؟ !!
من أهم إشكاليات النقد المطروحة في سجالات المذاهب العلمية، أن في بعض أخبار الآحاد المروية عن أهل البيت عليهم السلام ، في ما يعارض أصول مذهبنا المرحوم، مذهب الإمامية الاثنى عشرية( أنار الله تعالى برهانه)؛ ففيها – فيما تزعم تلك الإشكاليات – ما ينافي معتقداته، ويتصادم مع مقرراته..، كذا قالوا..
وربما يقال: إن هذه الإشكالية، مما قد تحظى – في النظر البدوي – ببعض القيمة العلمية، خاصة إذا كانت تلكم الأخبار المشكلة مروية في أصولنا الحديثية القديمة ؛ وأكثر من ذلك ما لو كان إستنادها صحيحاً، مروي من طريق الثقات أو الموثوقين…!!
لقد انقدح عندنا أن نكتب رسالة، تعنى بمعالجة كل تلكم الأخبارالمشكلة معالجة جذرية، من جهة الصدور لاأقل، حسب قواعد النظر، سيما المقررّة في علوم النقد والدراية ، متأصلة على قواعد مشهورة، متسالم عليها بين أصحابنا أو أكثرهم لاأقل؛ سيما القدماء لقربهم قياساً بمن جاء بعدهم من عهد المعصوم عليه السلام.
دعى كلّ هذا أن نلفت النظر إلى أكبر أصل في علوم النقد الشيعية على الإطلاق؛ فهذا الأصل فيما سنرى ناهض وحده من ناحية الصدور، لمعالجة كل تلكم الأخبار المشكلة دفعة واحدة ، ومما يثير التساؤل فإن الأكثر منذ زمن العلامة حتى اليوم، ذاهلون عن هذا الأصل الأصيل، غافلون عن مقامه في الحجة والدليل..
والأصل هو: عدم حجية خبر الواحد، حتى لو صحّ إسناده ووثقنا برواته، ليس في العقائد الأساس وحسب، كما هو المأنوس عند الجلّ ذهولاً أوغفلةً، بل هو ليس بحجة، في كل أبواب الشرع، العبادات والمعاملات ، علاوة على المعتقدات ..، اللهم إلا إذا احتفّ بقرائن القبول آتية الذكر ، فيكون حجة لا خلاف في ذلك..
فخبر الواحد حتى لو صحّ إسناده ليس بحجة عند أصحابنا القدماء أجمعين، وربما وافقهم أكثر المتأخرين..؛ وعجيب دعاوي غير واحد ممن جاء بعدهم أن مشهور الشيعة الإمامية على القول بحجية خبر الواحد، وأنه لإفادة الظن المعتبر حجّة بنفسه، وأعجب من ذلك دعوى عدم الخلاف في ذلك إلا من السيد المرتضى رضى الله عليه؛ أو دعوى أن ابن إدريس الحلّي قدس سره أعرض عن أخبار أهل البيت عليهم السلام بالكلية…، فلعمر الله لا أدري من أين جاؤوا بهذه الدعاوى التي جزم أصحابنا القدماء أجمعون، وأكثر المتأخرين قدس سرهم بعكسها تماماً ..؟ !!
نشير إلى أن الحنفية من أهل السنة وافقونا في عدم حجية أخبار الآحاد مطلقاً، حتى لو صح إسنادها، إلا بشروط قرروها، وافقناهم في بعضها، وسنلمح إلى ذلك إذا ماتسنت لنا فسحة.
إذن فليكن هذا الأصل الأصيل – من ناحية الصدور لاأقل – أول معيار لمعالجة أخبار الآحاد المشكلة المروية بأسانيد صحيحة، ناهيك عن الضعيفة.
غلاف الكتاب:
الكتاب: رسالة في حجية خبر الواحد عند القدماء
تأليف: الشيخ باسم الحلي
الناشر: دار الوارث للطباعة والنشر
الطبعة: الاولى 1437هـ
عدد الصفحات: 189
للتحميل أضغط على الملف
الحجم: 3.7 MB