محمد حسين الغروي النائيني

وثيقة تاريخية عن سيرة الشيخ آية الله محمد حسين الغروي النائيني بقلمه المبارك

الاجتهاد: نشر موقع ” عالمون” ولاول مرة وثيقة تاريخية عن المرحوم آية الله المیرزا محمد حسين الغروي النائيني بقلمه المبارك والتي تحتوي على السيرة العلمية و تاريخ الولادة واساتذته الكرام في نائين وأصفهان.

واليكم الوثيقة:

بسم الله الرحمن الرحيم
ولد أفقر البرية الى رحمة ربه الغني محمد حسين الغروي النائيني عفى الله تعالى عن جرائمه ووفقه لمراضيه في بلدة نائين يوم دحو الأرض الخامس والعشرين من ذي القعده سنة بضع وسبعين ومائتين بعد اﻷلف من الهجرة المقدسة على هاجرها أفضل الصلاة والتحية،

وقرأت العلوم اﻷدبية و المنطق وبعض المتون الفقهية عند علماء نائين و كان أكثرهم تغمدهم الله تعالی بغفرانه مهرة وجهابذه فی هذه الشئون وقد أكملتها وفرغت منها وكنت مراهقا، وفي أوائل بلوغي هاجرت الى إصبهان واشتغلت بقرائة السطوح الفقهية واﻷصولية عند أساتيدها المعروفين،

وبعد ما استغنيت عنها حضرت في علم اﻷصول على العالم العامل الوحيد في زهده وورعه وتقواه حضرة اﻵغا الميرزا أبي المعالى الكلباسي قدس سره صاحب كتاب بشارات اﻷصول وغيرها من الفوائد والرسائل اﻷصولية والرجالية،

وكان قدس سره ذا فکر عمیق ونظر دقیق قد آثر الانزواء على العشرة والخمول على الشهرة، يفر عن الافتاء والقضاء وسائر مناصب الفقهاء حتى عن الاقتداء به والصلاة معه فراره عن النار، وقد حضرت عليه قريبا من عشر سني إقامتي باصبهان، وفي أثنائها حضرت على سائر اﻷساطين فحصا واختبارا، ولكن معظم تلمذی وتعویلی کان علی الحبر المحقق الفرید والبحر الزاخر الوحید من قل أن يسمح الزمان بمثيله أو ير عينه بعديله حضرة اﻵغا الشيخ محمد حسين سبط المحقق التقى صاحب التعليقة الكبرى على المعالم،

فلقد حاز فى علمه وعمله وزهده وورعه وطول باعه في العلوم العقليه والنقليه مايحير العقول وقد أكمل جميع ذلك ولما يبلغ اﻷربعين من عمره المبارك ومع أنه كان معدودا من ذوي الفنون الذين قل أن يعهد الزمان بأمثالهم ففي كل واحد منها كان أستاده الماهر وبحره الزاخر،

وهو وإن صنف على ما أخبرني به في علوم شتى وكان له في علم الهيئة مسلك متوسط بين المسلكين وحل به مشكلات اﻷخبار لكن لم يبرز من تصانيفه الا اليسير من تفسيره الذي لم يعمل مثله وكفى به كاشفا عن غزارة علمه وملكته القدسيه، وكان قدس سره من أظهر مصاديق المتقين والمؤمنين الموصوفين في خطبتي همام يذكر الله تعالى برؤيته ويدعو اليه بعمله،

وقد أثرت مواعظه الشافيه في سني إقامته باصبهان من التقوى في قلوب الخواص والعوام مالا يوصف، وقد اعتكفت عليه وانقطعت به وكنت أحضر جميع أبحاثه الفقهية واﻷصولية والكلامية وأكتب في مجلس البحث كلما يفيده بكمال السرعة مترجما له بالعربية وأعرض كراريسي عليه ويتعجب هو ومن حضره من عدم فوت شيئ مما أفاده،

وقد طلب مني أخوه الفقيه البارع الزكي الشيخ محمد تقي المعروف بآقا نجفي قدس سره تلك الكراريس لأن يطبعها فلم يرض هو قدس سره بذلك ومنعني عن دفعها له، وكان قدس سره أشفق بي من الوالد لولده وكثيرا ما يرغبني ويحثني على الحضور معه بحث والده الفقيه العلامة حجة العصابة ووجهها الزاهر حضرة اﻵغا الشيخ محمد باقر قدس سره ولكني كنت أرغب عن ذلك لعدم بلوغي من العمر مبلغا يليق بالحضور في ذلك المجلس العظيم الذي كان يحضره أعاظم العلماء البارزين وكنت حينئذ لم أبلغ العشرين،

حتى أخذني ذات يوم بعد الفراغ عن بحثه معه وأحضرني ذلك المجلس المعظم واجلسني بجنبه وقد صدر منه من جميل الصنع ما أسكن روعتي وأذهب خجلتي، فكنت أحضر بعد ذلك اليوم بحثه وبعد الفراغ نحضر جميعا بحث والده المعظم واستمر ذلك قريبا من خمسة أعوام، وقرأنا عنده من كتاب البيع من المعاطات الى الخيارات، وقد شاهدت من تبحره في الفقه واقتداره على تنقيح قواعد المعاملات وتفريع الفروع مع استغراق ليله ونهاره بتلك الرياسة العظمى والمرجعية الكبرى ما أتعجب منه مهما أذكره،

ولما شرع مباحث الخيار وعنون خيار المجلس نعق بالافتراق الغراب ودعي الى رحمة ربه فأسرع وأجاب، وقد أخبر يوم الجمعة من العشرة الثانية من ذي القعدة سنة ۱۲۹۹ على ما حكاه لي شيخي المعظم السابق ذكره الشيخ محمد حسين قدس سره أنه أخبره عند الغروب بأنه نعيت إليه نفسه في ذلك اليوم فأخذ في تجهيز سفره الى النجف اﻷشرف مسرعا عجلا.”

 

مفهوم الدولة والتأسيس الفقهي في عصر الغيبة: الميرزا النائيني نموذجا / إيمان شمس الدين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky