الاجتهاد: تتألف موسوعة مسند الإمام علي عليه السلام؛ للعلامة القبانجي من (11) مجلدات,حيث أبتدأ الكلام عند المجلد الأول:من مبحث العقل والجهل …. إلى مبحث فضائل بعض السور والآيات, وانتهى إلى المجلد العاشر: من مبحث السفر وما يتعلق به…. الى مبحث الملاحق ,ثم بعدها المجلد الأخير كان الخاتمة في ذكر الفهارس ,ويأتي هذا الكتاب ,ليكون أوسع محاولة لجمع حديث الإمام عليه السلام, أستغرقت 23 عاماً من عمر المؤلف حيث ابتدأ بالكتاب عام 1387هـ, وانتهى منه عام 1409هـ.
- لمحة من حياة المؤلف الشهيد
- تعريف بكتاب
- بعض محتويات الكتاب
اسمه وكنيته ونسبه
السيّد أبو علاء، حسن ابن السيّد علي ابن السيّد حسن القبانجي، وينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد ابن الإمام علي زين العابدين (عليه السلام).
ولادته
ولد عام 1328ﻫ بمدينة النجف الأشرف.
دراسته
درس(قدس سره) العلوم الدينية في مسقط رأسه، وهو في العقد الثاني من عمره، حتّى أكمل دراساته العليا فيها.
من أساتذته
السيّد محمّد جواد الطباطبائي التبريزي، الشيخ زين العابدين العاملي.
من صفاته وأخلاقه
كان(قدس سره) قويّ القلب، رابط الجأش، ثابت القدم، يوزّع السكينة من حوله على كلّ من يراه، وكان لا يلتقي بأحد من أصحابه إلاّ وتوقّف له قليلاً وسأله بكلّ هدوء عن حاله وأهله، رقيقاً عطوفاً على الأطفال يُحبّ مؤانستهم والتصابي معهم.
وكالته
لنبوغه علمي، واقتداره الخطابي، واستعداده النفسي لتحمّل المسؤولية، وخوض غمار العمل مع الأُمّة، بعثه المرجع الديني السيّد أبو الحسن الإصفهاني وكيلاً عنه في الأُمور الدينية والشؤون الاجتماعية إلى مدينة خرمشهر، حيث واصل عمله هناك مدّة ثلاث سنوات.
أبو الشهداء الأربعة
كان(قدس سره) أباً لأربعة شهداء، وهم:
1ـ الشهيد السيّد عزّ الدين، استُشهد عام 1974م على أيدي البعثيين في العراق.
2ـ الشهيد السيّد علي، استُشهد عام 1981م على أيدي البعثيين في العراق.
3ـ الشهيد السيّد صادق، استُشهد عام 1982م على أيدي زمرة منافقي خلق المعادية للثورة الإسلامية في إيران.
4ـ الشهيد السيّد عبد الحسين، افتُقد في سجون البعث من عام 1983م.
من مؤلّفاته
مسند الإمام علي (عليه السلام) (10 مجلّدات)، أنوار الحِكم ومحاسن الكِلَم (4 مجلّدات)، الجواهر الروحية (4 مجلّدات)، ماذا للأئمّة الاثني عشر من فضائل (4 مجلّدات)، شرح رسالة الحقوق (مجلّدان)، نكبة التاريخ العظمى في سبط النبوّة (مجلّدان)، علي والأُسس التربوية، نزهة الخواطر وسمير الساهر، منية الطالب في حياة أبي طالب.
اعتقاله
بسبب نشاطه الديني والسياسي على عهد كلّ الحكومات المتعاقبة في العراق، اعتقل في أيّام العهد الملكي، وعلى عهد الملك فيصل وحكومة نوري السعيد، كما اعتقل على عهد الملك فيصل وفي حكومة ياسين الهاشمي، واعتقل على عهد حكومة عبد الرحمن عارف في الحكم الجمهوري، واعتقل في عهد النظام البعثي مرّتين أُولاهما عام 1405ﻫ، وثانيهما في الانتفاضة الشعبانية عام 1411ﻫ، وزُجّ به في السجن، وانقطعت أخباره، وبعد سقوط الطاغية صدام المجرم عام 1423ﻫ، تبيّن أنّه قد نال شرف الشهادة في فترة الاعتقال.
شهادته
استُشهد(قدس سره) في سجون الطاغية صدام المجرم، ولم تُسلّم جثّته إلى أهله، ولم يُعلم مكان دفنه.
هذا التأليف كرس عمر المؤلف الثمينة آية الله السيد حسن القبانجي أكثر من عشرين سنة (1378-1409 هـ). فقد قام بتحقيقه : الشيخ طاهر السلامي و طبع في مؤسسة الأعلمي للمطبوعات/بيروت-لبنان. هو أحد العلماء المعاصرين لنجف أشرف الذي تم اعتقاله وإرساله إلى السجن في ليلة قدر خلال شهر رمضان من عام 1411 هـ بعد قمع الانتفاضة العراقية من قبل القوات البعثية. ابتدأ الكتاب بستة تقاريض من مكتوبات العلماء. كتبها العلامة آغا بزرك الطهراني ، آية الله السيد مرتضى آل ياسين ، الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، السيد عبد الأعلي السبزواري ، والشيخ باقر شريف القرشي ، وتم بتصدير السيد محمد صادق بحرالعلوم في ست و عشرون صفحة. قام المؤلف الشهيد لهذا الكتاب بتجميع مجموعة من كلمات الامام علي (عليه السلام) من مصادر الشيعة والسنة في عشرة مجلدات وتحتوي على 11451 حديثًا. إنه يقرر للكلمات المنسوبة للإمام دون حكم و قضاوة. في الأحاديث التي تكون فيها كلمات صعب و مستصعب أو دقيقة وصعبة ، يستشهد المؤلف بتعليق على تفسير الحديث من بحار الأنوار أو آثار المحروم الشبر، وفي بعض الأحيان قام بتفسير الحديث نفسه. قد وضع مؤلف هذا المسند ترتيبًا منطقيًا للمباحث و الأبواب، و أنه مشابه لنظام (الكافي) و (بحار الأنوار)، لكن مع وجود اختلافات كثيرة. محتويات هذا الكتاب يتكون من مبحث العقل والجهل …. إلى مبحث فضائل بعض السور والآيات في المجلد الأول؛ و من مبحث تفسير الآيات وتأويلها …إلى مبحث الأحراز والعوذ؛ و من مبحث الطهارة …الى مبحث الحج في المجلد الثالث؛ و ابتدأ المجلد الرابع بمبحث الخمس و تمّه في مبحث المنهاي؛ في المجلد الخامس: من مبحث النكاح…. الى مبحث اللباس والتجمل؛ في الجزء السادس: من مبحث التجارة…الى مبحث اليمين والكفارات؛ في المجلد السابع: من بحث قصص الأنبياء عليهم السلام …الى مبحث أحوال أمير المؤمنين عليه السلام؛ في المجلد الثامن: من مبحث أحوال فاطمة الزهراء عليها السلام…الى مبحث شؤون الخلق؛ في المجلد التاسع: من مبحث الإمامة….الى مبحث الأحاديث العددية و في جزء الأخير قام بتأليف مبحث السفر وما يتعلق به و يختم الكتاب في مبحث الملاحق. |
عنوان التأليف: مسند الإمام علي عليه السلام.
مؤلف: العلامة السيد حسن القبانجي.
تحقيق: الشيخ طاهر السلامي.
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات/ بيروت-لبنان.
تاريخ النشر: 1421 ه.
نوع الكتاب: إلكترونيا.
روابط التحميل
رابط تحميل الموسوعة من موقع موسوعة علوم نهج البلاغة
رابط تحميل الموسوعة من موقع شبكة الفكر
http://alfeker.net/library.php?id=4895
رابط تحميل الموسوعة من مركز الأبحاث العقائدية
الإهداء المؤلف إنّ هذا الكتاب يحوي نصوصاً ليس فيها سوى حديث عليّ أنا أهديه وهو في الحشر ذُخري مسند النصّ للإمام عليّ إلى سيّدي ومعاذي، وكهفي وملاذي، مولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، عليه من الصلوات أفضلها، ومن التحيّات أزكاها وأطيبها. مولاي هذه بضاعتي مزجاة فتصدّق عليّ بقبولها إنّ الله يجزي المتصدّقين. حمداً لك يا من جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وطريقاً من طرق الإعتراف بوحدانيّته، وسبباً لمزيد فضله ونعمه. وصلاةً زاكيةً على رسولك الأعظم، الهادي إلى صراطك الأقوم محمد (صلى الله عليه وآله)وعلى آله أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيراً. طلائع الكتاب (بقلم المؤلف) اللّهمّ إنّا نحمدك وأنت الغنيّ الحميد، ونمجّدك وأنت ذو العرش المجيد، نستمدّ منك الحسنى بالحمد الذي ألهمتَه، ونستزيدُ على ما أنعمت به علينا من الهداية لدينك والتوفيق لسبيلك، ونصلّي على أشرف أنبيائك ورسلك محمّد (صلى الله عليه وآله)الذي أرسلته رحمةً للعالمين، وأنزلت على قلبه الرّوح الأمين. وعلى أخيه ووصيّه الذي جعلته رِدءاً له وظهيراً، وأبنائه أقلام الحقّ وألسنة الصدق، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيراً، صلاةً تنجز لهم بها من المقام المحمود موعده، وتعذِب بها من الشرف مورده. وبعد: فليس للمرء إلاّ ما أفاض، وليس للمدرك إلاّ ما سجّل، وليس للعالم إلاّ ما علّم. هذا كتاب سجّلتُ فيه ما وقفتُ عليه من أحاديث الإمام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب ـ عليه من الصلوات أفضلها، ومن التحيّات أزكاها وأطيبها ـ وفقهه وفتاويه، وأقضيته، وسائر ما سُجّل عنه من ألوان العطاء المشعّ، والحكمة الهادية في مختلف مجالات الحياة، ففيها الأحكام وفيها الإحتجاجات، والقضاء والنصائح، والحكم وشتّى المفاهيم التي تنير للإنسان المسلم طريقه في الحياة. ولم تكن محاولتي هذه لجمع تراث هذا الإمام العظيم في البداية إلاّ تعبيراً عن اتّجاهي العاطفي والرّوحي والعقيدي العميق، إلى أن أعيش بفكري وقلبي ووجداني مع هذا الإمام، وأتفاعل مع كلّ كلمة منه، وأستضيء بكلّ قبس شعّ به، فقد نشأت مشدوداً إلى عليّ بكياني كلّه، متطلّعاً فيه إلى كلّ ما يصبو إليه الإنسان من مُثُل وقِيَم وقوى جَذب وشَدّ. يشدّني إليه قبل كلّ شيء أمر الله سبحانه وتعالى بموالاته وحبّه واتّباعه، ونصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) له بأمر ربّه عَلَماً لهذه الاُمّة، ومناراً لهذا الدين. ويشدّني إليه بعد ذلك أنّي وجدته بحراً من العلم لا جزر له، ومعيناً من الحكمة لا ينضب، لم يتردّد في الحقّ لحظة، ولم تختف عن عينه النافذة الحقيقة، في أيّ مشكلة من مشاكل الدين والدنيا، فقد كان المسلمون دائماً يجدون عنده الكلمة الفاصلة والموقف الواضح، عندما تعُييهم المشكلة ويفتقدون القدرة على الحلّ. ويشدّني إليه إضافة إلى هذا وذاك، أنّي رأيت هذا الإنسان الأمثل فريداً في مظلوميّته، كما هو فريد في إيمانه وعلمه ومنزلته عند ربّه ونبيّه، وأيّ مظلوميّة يمكن أن تصل إلى مستوى ظلامة هذا الإمام العظيم الذي قام الإسلام على ساعديه، وكان يحمل في كلّ معركة من معارك هذا الدين الحنيف دمه على كفه، باذلا نفسه مضحياً بحياته في سبيل بناء هذا الدين وإقامة دعائمه على هذه الأرض، لم يتردّد لحظة في العطاء، ولم يلتفت مرّة إلى الوراء; بل كان أبداً ودائماً ذلك الحارس الأمين الذي بدأ ليلة المبيت على فراش النبيّ قصد الفداء، وظلّ فدائياً لا يعرف لحياته ثمناً أو قيمةً بين يدي الرسالة والقائد حتّى مكّن الله تعالى لدينه في هذه الأرض فانتشر الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وقامت لهذا الدين الذي بنيت قواعده على الأرض بدم عليّ وعَرَق عليٍّ، وتضحيات عليٍّ، دولة تناطح السحاب. أجل إن كان للتضحية الإنسانية ـ الفاضلة ـ كتاب، فأعمال علي صلوات الله عليه عنوان لذلك الكتاب المشعّ بأضواء الخلود، وإن كان لمبادئ السماء التي جاء بها محمّد (صلى الله عليه وآله) تعبير عملي على وجه الأرض، فعليّ هو تعبيرها الحيّ على مدى الدهر والأجيال، وإن كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد خلّف في اُمّته علياً والقرآن، فإنّما جمع بينهما ليكون القرآن تفسيراً لفظياً لمعاني عليّ العظيم، ولتكون معاني عليّ اُنموذجاً لمثل القرآن الكريم، وإن كان الله تعالى قد جعل عليّاً نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آية المباهلة، فلأجل أن يفهم المسلمون أنّه امتداد طبيعي لمحمّد (صلى الله عليه وآله) وشعاع متألّق من روحه العظيمة. وإن كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد خرج من مكة مهاجراً خائفاً على نفسه، وخلّف عليّاً على فراشه ليموت بدلا عنه، فمعنى ذلك أنّ المبدأ المقدّس هو الذي كان يرسم للعظيمين خيوط حياتهما، وإن كان لابدّ للقضية الإلهيّة من شخص تَظهر به، وآخر يموت في سبيلها، فيلزم أن يبقى رجلها الأول لتحيى به، ويقدم رجلها الثاني نفسه قرباناً لتحيى به أيضاً. وإن كان عليّ هو الذي أباحت له السّماء خاصّة النوم في المسجد والدخول فيه جنباً، فمفهوم هذا الإختصاص أنّ في معانيه معنى المسجد; لأنّ المسجد رمز السّماء الصامت في دنيا المادّة، وعليّ هو الرمز الإلهيّ الحيّ في دنيا الروح والعقيدة. وإن كانت السماء قد امتدحت فتوّة عليّ وأعلنت عن رضاها عليه إذ قال المنادي: “لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ” فإنّها عنت بذلك أنّ فتوّة عليّ وحدها هي القوّة المعدّة لتركيز العقيدة القرآنية على وجه الأرض، وأنّها وحدها هي الرجولة الكاملة التي لا يرتفع إلى مداها إنسان، ولا ترقى إلى اُفقها بطولة الأبطال وإخلاص المخلصين. وبالتالي وإذا بهذا الفدائيّ الأوّل في تاريخ الإسلام يُقصى عن مركزه الطبيعي في قيادة هذه الاُمّة التي تتسَلسل في أيدي غيره، حتّى تصل بعد ربع قرن أو يزيد، إلى الطلقاء وأولاد الطلقاء، الذين سخّروا منابر الإسلام ومنائره ألف شهر لسبّ عليّ والانتقاص منه، فكانت هذه المنابر والمنائر التي أقامها جهاد عليّ وأشادتها تضحياته وإخلاصه أشدّ من ظلم عليّاً وأنكر فضله واستباح حرمته. وبالرغم من كلّ ما لاقاه هذا الإمام العظيم من غَبن وحَيف وظلم، فإنّه كان مستقرّ النفس مطمئن الضمير ثابت اليقين; لأنّه لم يعمل لأجل أمجاد الأرض وثناء هذه الأرض، وإنّما عمل لأجل أمجاد السماء ورضوان من الله أكبر، ولهذا خرّ صريعاً في بيت ربّه وهو يقول: “فُزت وربّ الكعبة” ولو كان يعمل لأمجاد الأرض لكان أتعس إنسان عليها. ولئن تعدّدت مظاهر المظلومية لهذا الإمام الممتحن، فلقد امتدّت بعض هذه المظاهر إلى مجالات البحث العلمي أيضاً، فلم يجد التراث العظيم الذي خلّفه هذا الإمام ما يستحقّ من ضبط واستيعاب وتنويه من قبل الباحثين. بينما سُلِّطَت الأضواء على ما أثر عن آخرين ممّن ليس لهم مثل عطاء الإمام وغزارة حكمته، حتّى بأن ختم جملة من أرباب الحديث أن ليس للإمام عليّ صلوات الله عليه إلاّ خمسمائة حديث فقط واُلّفت مسانيد جمّة: كمسند أحمد بن حنبل، ومسند أبي داود، ومسند أبي عاصم الشيباني، ومسند محمّد بن يحيى المدني، ومسند يعقوب الدوسي، ومسند أبي هريرة، ومسند القرطبي، ومسند أبي حنيفة، ومسند الحافظ بن أبي شيبة، إلى كثير وكثير من تلكم المسانيد، وقد استعرض أربابها نزراً يسيراً من أحاديث الإمام عليّ صلوات الله عليه لم يتجاوز تقديرهم لها عن بضع مئات، وأغفلوا الجزء الأكبر من تراثه الشريف، ولم يؤدّوا بذلك الأمانة العلمية، مع العلم بأنّ أحاديثه صلوات الله عليه قد بلغت عدداً أكبر لايبلغه الإحصاء إلاّ بمزيد من المشقّة والعناء، كما يعرف ذلك كلّ من أوغل في التتبّع والإستقراء، قال الشيخ محمود أبو رِيّة (خرّيج الأزهر) في كتابه “أضواء على السنّة المحمّدية” ص204 ط سنة 1958: قال العلامة محمّد جواد مغنية في كتابه “الحسين وبطلة كربلاء” ص112 ط سنة 1973: «عليّ بن أبي طالب الذي لازم النبيّ (صلى الله عليه وآله) منذ طفولته إلى آخر يوم من أيّام الرسول (صلى الله عليه وآله) لا يروى عنه إلاّ خمسون حديثاً!!… عليّ الذي تربّى في حجر الرسول، وكان منه بالمنزلة الخصيصة، يتّبعه اتّباع الفصيل إثر اُمّه ويرفع له كلّ يوم نميراً من علمه وأخلاقه، لا يروي عن النبي إلاّ خمسين حديثاً!! وأبو هريرة الذي لم يصحب النبي إلاّ نحو ثلاث سنوات لا يراه فيها إلاّ قليلا والحين بعد الحين، يروي عنه 5374 حديثاً!… ولو أخذنا بهذا القياس وجب أن يروي الإمام 18216 حديثاً; لأنّه لازم النبي (صلى الله عليه وآله) رشيداً أكثر من ثلث قرن. ومن هنا نعلم أنّ السرّ الوحيد لقلّة الرواية عن الإمام عليّ صلوات الله عليه هو ما أشار إليه الشيخ أبو زهرة، هو عداء الأمويين وموقفهم من الإمام وممّن يذكره بخير. فقد عاقبوا من يروي منقبة من مناقبه، أو ينقل حديثاً عنه، وتتّبعوا تلاميذه وخاصّته في كلّ مكان، كميثم التمّار، وعمرو بن الحمق الخزاعي، ورشيد الهجري، وحجر بن عدي، وكميل بن زياد وغيرهم وغيرهم، وقتلوهم الواحد بعد الآخر، ونكّلوا بهم شرّ التنكيل كي لا يتسرّب عن طريقهم أثر من آثار عليّ. أجل; لقد بذل الأمويون أقصى الجهود واستعملوا التقتيل والتنكيل، وسلكوا السبل ليقضوا القضاء الأخير على كلّ أثر يتّصل بعليّ من قريب أو بعيد إلاّ السبّ واللعن… وقتلوا خاصّته كي لا يرووا شيئاً عنه، ولكن يأبى الله إلاّ أن يُتمّ نوره”. إنتهى.» وبالتالي فقد رأيت أن أدفع بدوري وبقدر إمكاناتي المحدودة المتواضعة هذه الظلامة على الإمام صلوات الله عليه من بين ظلاماته الكثيرة، فقد بذلت كلّ طاقاتي وكلّ ما في وُسعي من التتّبع والإستقراء والتنقيب عن روايات الإمام عليّ وأحاديثه وأقواله وآرائه ونصائحه، معتمداً على أوثق المصادر التي نقلها أئمة الحديث والأثر من أصحابنا الإماميّة وغيرهم من العلماء الأماثل من السنّة. ملتقطاً جواهرها من معادنها، جامعاً لنصوصها الشريفة من مظانها، جاعلا لكلّ حديث باباً وعنواناً يختصّ به: ولم أزل على هذا ونحوه ـ أكثر من عشرين سنة ـ أضع خطط العمل ومناهجه حتّى استقامت السبل ووضح المنهج واستنار. فكان هذا الكتاب هو حصيلة ذلك الجهد، وقد سمّيته (والأسماء تنزل من السّماء) بـ “مسند الإمام علي (عليه السلام) ” واستهدفت فيه الجمع، تاركاً تمييز الصحيح والحسن والضعيف من الروايات والأحاديث إلى الباحثين. ولا أدّعي الإحاطة التامّة بكلّ ما صدر عن الإمام صلوات الله عليه فقد خفي عنّي الكثير وغاب ما هو أكثر، وإنّما هي محاولة أرجو أن تكون نواة لعمل أتمّ وبحث أوسع وأشمل في المستقبل، تضاعف فيه الجهود لإحراز نجاح أكبر في هذا السبيل. ومن الجدير بالذكر أنّي لم أستعرض ما صدر عنه صلوات الله عليه من خطب ورسائل وكلمات قصار; لأنّ السلف الصالح من علمائنا الأعلام رضوان الله عليهم قد كفونا مؤونة ذلك، فأفردوا لها كتباً خاصة بها، كما وأنّي أعرضت عن طائفة من الأحاديث التي لا تتناسب ومكانة الإمام صلوات الله عليه، وما أعطاه من مقاييس لقبول الحديث عنه وأحسبها من دسائس المناوئين له في عصره أو غير عصره للحطّ من كرامته، وهي بمنظر لكلّ بصير، وكما لا تخفى على الفطن الذي ينظر إليها بعين مجرّدة وقديماً قيل: الذنب في العين لا في الشمس مشرقة إن أنكرت مقلة الخفاش لئلاها هذا جهدي ومهما كان فيه من نقص أو خطأ فإنّ عبير الإمام وعطر نفحاته المنتشرة في هذا الكتاب يغلب ذلك، وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه اُنيب. كما وأنّي أعلم أيضاً: أنّ باب الانتقاد مفتوح، ورايات الاعتراض تلوح، فسبحان من تفرّد بالكمال، وتنزّه عن شوائب النقص. ونسأله تعالى أن يكفّ عنه ألسنة الحاسدين، وأقلام المغترين، إنّه على ذلك قدير. المؤلف |