أحمد مبلغي

منهجية التعامل الفقهي مع الماء .. عنوان كلمة الدكتور مبلغي في ندوة تطور العلوم الفقهية في عمان

الاجتهاد: إذا كان فقهاء الاسلام يريدون تفعيل فقه الماء بحيث ينكشف منطقه الفكري وتتبلور طاقاته وامكاناته الاصيلة في هذا المجال، وتظهر قدراته على حل قضايا المياه وتنظيم المسائل المتعلقة بها، يجب عليهم قبل كل شيء التركيز على معرفة “منهجية التعامل الفقهي مع الماء”، فطالما لم يتم التعرف على هذه المنهجية والتحقيق فيها ، فإن معالجتنا لقضايا المياه سوف تمر فقط من خلال المناقشات المتكررة دون أي نتائج.

وفي كلمته التي ألقى بالندوة الدولية حول “تطور العلوم الفقهية” المنعقدة فى سلطنة عمان، بعنوان منهجية التعامل الفقهي مع الماء قال رئيس مركز الدراسات الإسلامية التابع لمجلس شوری الإسلامي في إيران الشيخ الدكتور أحمد مبلغي ان الماء -الذي عكف هذا المؤتمر المبارك على دراسة وتحليل أبعاده الطبيعية والاجتماعية للوصول الى رؤى الشريعة ونظرياتها بالنسبة اليه- هو موضوع مهم يمتلك طابعا ثلاثي الأبعاد؛

أولاً: هو موضوع له مسار تطوري،
ثانياً: هو موضوع ذو نطاق واسع،
ثالثا: الماء قادر أن يلعب دورًا مهمًا في تأسيس الصلة بين السماء والأرض وبين المادية والمعنوية وبين الفيزياء والميتافيزيقيا.

▪منهجية التعامل الفقهي مع الماء:

إذا كان فقهاء الاسلام يريدون تفعيل فقه الماء بحيث ينكشف منطقه الفكري وتتبلور طاقاته وامكاناته الاصيلة في هذا المجال، وتظهر قدراته على حل قضايا المياه وتنظيم المسائل المتعلقة بها، يجب عليهم قبل كل شيء التركيز على معرفة “منهجية التعامل الفقهي مع الماء”، فطالما لم يتم التعرف على هذه المنهجية والتحقيق فيها ، فإن معالجتنا لقضايا المياه سوف تمر فقط من خلال المناقشات المتكررة دون أي نتائج.

وأشير إلى العناصر الرئيسية لمنهجية التعامل الفقهي مع الماء:

العنصر الأول: فهم موضوع الماء بشكل دقيق وأبعاده الاجتماعية والقانونية والدولية في العالم الجديد.
واقول في هذا المجال: هناك موضوعات تجد تغييراً اجتماعياً في سياق التحولات الاجتماعية، والماء هو أحد هذه الموضوعات.
في حين أن الماء هو القضية الأساسية الثابتة للبشرية (بل لا يوجد شيء مستقر مثل الماء في الحياة البشرية)، غير أن هناك الكثير من التحولات، طرئت على هذا الموضوع الثابت والمستمر بحيث بلوره كأنه موضوع جديد.

إن عملية توجيه الدراسات الفقهية نحو مثل هذه القضايا (التي رغم كونها مستقرة، عرضة لعروض الأبعاد الاجتماعية في صميم وسياق التغييرات الاجتماعية) هي ذات أهمية كبيرة، وبالطبع حساسة للغاية.

▪ الأبعاد المستجدة لموضوع الماء:

إذا أردنا تقديم محاور الأحداث والتحولات حول المياه التي حصلت في حياة الإنسان الحديثة، يجب أن نقول إن ظاهرة ندرة المياه ونقصها ، وظاهرة التوسع في حجم ومستوى وأنواع استخدام المياه في الساحات الحديثة وظاهرة التوسع في دائرة تلوث المياه، وظهور أنواع وألوان جديدة له، ظاهرة تطوير تكنولوجيا التحكم في المياه بهدف الحفاظ عليها وادخارها للاستخدامات الخاصة والمبرمجة، وظاهرة تجاوز ازدحام حقوق المياه من مستواها بين قريتين إلى مستوى أكبر وبين الدول وإثارة قضايا قانونية حساسة بين الأمم حول المياه المشتركة.

العنصر الثاني: تطعيم عملية الاستنباط برؤى شاملة ومتجهة نحو الماء للبشر:

لقد أعطى الإسلام طابعا بشريًا للماء ، خلق البشر من الماء ووضع الماء للإنسان
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا) و(الناس شركاء في الماء).

ليس صحيحا أن نضع الاستنباط الفقهي يجري في غياب النظر الى البشر كصاحب الماء وكشركاء فيه.
فطالما أن حركتنا الاجتهادية تتم من منصة القفز المحدودة أوالمتكونة من وجهات نظر عرقية ومقيدة وحصرية ، فنحن لسنا مستعدين لاستنباط أحكام الماء بمثابة موهبة اعطاها للبشر.

العنصر الثالث: تجهيز عملية الاستنباط الفقهي للمياه بالزوايا الحقوقية حولها، حتى لا يتم تشكيل استنباطاتنا الفقهية في الفراغ، بعيدة عن الواقع المعاش، ودون النظر إلى الحل المؤثر للجدل الحقوقي حول الماء في العالم الحالي.

العنصر الرابع: حقن النظريات الفقهيه في فقه الماء:

ليس من الصحيح تقديم وجهات النظر المتبعثرة وغير المتماسكة حول المياه، بل يجب أن نصل إلى عمق التفكير الفقهي عبر عملية التنظير الفقهي الدقيق، كي نستطيع التحرك من منطلق فكري قوي فقهي نحو تحقيق استنباط فاعل وذكي لاحكام قضايا المياه.

إن فقدان النظرية يسبب إحدى المشكلتين: إما نقع في مشکلة تکرار المباحث أو نصبح لا نتمكن من أن نعطي نظرة متماسكة إذا كنا دخلنا في قضايا جديدة.
إن حقن هذه النظريات في الاستنباط المرتبط بالمياه انما يجب لأن نتحرك بدقة وشفافية وترابط في فقه الماء.
وللتنظير الفقهي لابد من تفعيل مصادر الشريعة ومقاصد الشريعه وروح الشريعة.

العنصر الخامس: خلق ظلال واسعة من القواعد ونشرها على الاستنباط الفقهي للمياه:

هناك خطوات ثلاث یجب تحقیقها في مجال التركيز على القواعد الفقهية المتعلقة بالمياه:
أ) كشف وعرض القواعد الفقهية العامة القابلة للتطبيق على المياه.
ب) كشف وعرض القواعد الفقهية الخاصة التي تتعلق بالمياه.
ج) استكمال عملية توفير القواعد الفقهية المائية عبر وضع وتأسيس قواعد اكثر حول المياه على اساس روح الشريعة ومصادرها ومقاصدها.

2 تعليقات

  1. السلام عليكم
    احتاج التواصل معك

    • وعليكم السلام ورحمة الله
      يمكنكم التواصل مع مدير الموقع عبر التلجرام أو الفيسبوك أو التويتر أو الجي ميل للاجتهاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky